العدد 4813 - الثلثاء 10 نوفمبر 2015م الموافق 27 محرم 1437هـ

لماذا البرلمانات العربية غير؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الأسئلة الملحة في الساحة العربية: لماذا برلماناتنا ليست مثل بقية البرلمانات في الأرض؟

وهو سؤالٌ ملحٌ تطرحه الشعوب العربية في المشرق والمغرب، حيث تحوّلت برلماناتنا من مجالس تمثل الشعوب وتدافع عن مصالحها وحقوقها، إلى مجالس تمثل فئات وطبقات محدودة وحكومات، وكتل تدافع عن مصالحها الفردية بعيداً عن الشعوب وحقوقها ومصالحها العليا.

حتى في تلك البلدان العربية النادرة التي تتغنّى بتجربتها الطويلة مع «الديمقراطية»، مثل لبنان، رأينا كيف أصبح البرلمان أحد مظاهر الأزمة السياسية التي يعاني منها ذلك البلد الشقيق، بدل أن يكون بيتاً جامعاً للأمة بمختلف طوائفها وانتماءاتها ومصالحها. وهو برلمانٌ منقسمٌ على نفسه ومشلولٌ، ولا يبقيه غير اتفاق الفرقاء على أهمية بقائه لكي لا تنهار آخر مظاهر ومؤسسات الدولة التمثيلية.

والسؤال: لماذا نجحت الشعوب الأخرى في مختلف جهات الأرض، من أستراليا واليابان وماليزيا شرقاً، إلى فنزويلا والأرجنتين وبوليفيا غرباً، مروراً بدول أوروبا وكندا، بينما بقينا نتمنّع عن إعطاء شعوبنا العربية ديمقراطية حقيقية تدافع بها عن حقوقها وتقيم توازناً مع الحكومات والنخب الحاكمة التي تستفرد بالقرارات والثروات؟

إن الطبقات العربية الحاكمة تنظر إلى الشعوب كأتباعٍ ورعايا، والرعية تحتاج إلى راعٍ يقودها بالجزرة والعصا، ومن شأن هذه الشعوب أن تُقاد كالبهائم، لا أن تُعامَل كمخلوقات راشدة لها احترامها وصوتها. وحتّى حين شرعت الحكومات في إتاحة الفرصة لنوعٍ من التمثيل الشعبي يمنح سياساتها غطاءً شرعياً، تم تكوين أحزابٍ تابعةٍ مفصلة على قياس الحكومات.

حين تم اختيار حسني مبارك للحكم في مصر، قام بتحديد نسبة ضئيلة للمعارضة في أول انتخابات للبرلمان في عهده، لا تتجاوز 5 في المئة، مع قائمة طويلة من الممنوعين من الترشح، من بينهم أعضاء في حزبه (الوطني) نفسه، وفي مقدمتهم أخوه سامي مبارك. وحين اعترض وزير الداخلية حينها الذي يشرف على الانتخابات، وطالب برفع النسبة إلى 15 أو 20 في المئة، لكي تبدو معقولة نوعاً ما للرأي العام، علا صوت مبارك وخاطبه بحدة: «أنت ضغطت على أعصابي أكثر من اللازم، ولست في (Mood) يسمح لي بمواصلة الكلام معك»، وخرج من الغرفة وتركه وحده! وبعد الانتخابات أخرجه من الوزارة!

هذا ما كان يجري في مصر، أكبر الأقطار العربية وأكثرها سكاناً وثقلاً دولياً، وهذا ما كان يُُمارس فيها من «ديمقراطية»، في الربع الأخير من القرن العشرين، فكيف ستكون الممارسات في بقية الدول العربية التي لا يجرب بعضها حتى بإجراء انتخابات بلدية؟ وكيف ستكون هذه «الديمقراطية» إذا كانت مستنسَخةً من هناك، بعللها وأمراضها وطرق تفصيلها وتطريزها؟

في آخر انتخابات أجراها مبارك في عهده، قبل عامٍ من سقوطه، وكانت أحد أسباب زيادة النقمة على نظامه، نتذكّر كيف كان يحارب المعارضة، وكيف كانت الشرطة تستخدم الهراوات لمنع الناخبين من الدخول للمقرات الانتخابية في بعض المحافظات. وهي أمورٌ تحدّث عنها الإعلام الغربي بكثيرٍ من التندر والسخرية، لأنها كانت تمثل ظاهرةً غير مسبوقةً ولا مألوفة في تاريخ «الديمقراطيات» في العالم.

لا توجد منطقةٌ وسطى ما بين الديمقراطية واللاديمقراطية... فإمّا أن تنظّم الانتخابات أو تمنعها، أمّا أن تنظّمها وتمنع الناس من المشاركة في الإدلاء بأصواتهم بالقوة، فهذه إحدى المهازل التي تستعصي على العقل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4813 - الثلثاء 10 نوفمبر 2015م الموافق 27 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 1:16 م

      ثقافه و وعي

      عندهم ثقافة و وعي

    • زائر 25 | 7:12 ص

      ماادري ويش الجواب

      انا ماادري لكن بسأل لك عبدالمجيد وباشوف ويش يگول

    • زائر 24 | 6:41 ص

      لأن الحكومات غير..

      لأن الحكومات العربية معمرة و أصبحت هرمة و متصلبة دماءها و غير قادرة على الإنتاج و المحاسبة و لا يمكنها مواكبة الدول المتحضرة التي لا ترهن مصيرها لمجموعة تديرها مدى الحياة.

    • زائر 23 | 3:14 ص

      البرلمان

      البرلمانات العربية نسخة ثانية للسلطة التنفيذية فهي تمارس الدور الخفي للحكومات العربية.

    • زائر 22 | 1:53 ص

      احم احم

      لانهم مو مستوعبين واقعهم والدولة والعالم واشلون تمشي الامور

    • زائر 21 | 1:32 ص

      البرلمان للشعب .. و شعوبنا لا بد من ان تتطور بسرعة

      البرلمان في اكثر الدول العربية ضعيف و المشكلة في الشعب ..
      الشعب الواعي بمعنى الكلمة لا يقاطع و لا يحارب من يريد دخلو المنافسة
      الشعب المثقف يختار بارادتة و يعرف من الدي ينفع و من هو الدي لا ينفع
      الشعب المدرك لا يتهرب من الترشيح و اختيار الانسب
      البرلمان ليس بصلاحيات كاملة .. و لكن الصلاحيات لا تعطى بل تنتزع
      عدم الوعى و نقص البصيرة عند شعوبنا هي المشكلة..
      المشكلة هي عقلية لا تريد التطور مع الزمن و تطورنا كالسحلفاء

    • زائر 20 | 1:05 ص

      الشعوب الغربية شعوب حرة لا احد فوق القانون لاتمييز وحقوق المواطن اولا

      يقف البرلماني بجرأة عالية يطرح قضايا وطنه ويقدم المفسدين ويحاسبهم سريعا وبقضاء مستقل نزيه

    • زائر 19 | 1:01 ص

      حب الثروة والتفرد بها لذلك يخضعون الشعوب لان يكونوا رعايا واتباع تساق

      من اتوا الى البرلمان يدركون تماما عجزهم عن التحدث بحتياجات الشعب ومطالبه الحقه لذلك تبقى الديمقراطية فقط في كتب المواطنة تدرس بلا واقعية حقيقية

    • زائر 18 | 12:56 ص

      البرلمان العربي يخدم السلطة المتسلطة

      والحياة كتاب مكشوف

    • زائر 17 | 12:54 ص

      عندي الجواب

      لان السادة النواب يحصلون على اعلى الرواتب والبدلات من سيارة ومكتب وسفرات لا يحلمون بها في حياتهم وخاصة إذا كان من الطبقة المتوسطة .......ولن ننسى الجواز الأخضر الديبلوماسي.....هؤلاء يعبدون من أعطاهم هذه الحوافز...وقلعة الناخبين ال

    • زائر 16 | 12:54 ص

      البرلمان ماهو الا صورة وانما هو اداة الحكومة يصدر منه ماتريد

      كل مايطرحونه ضعيف لا يمس المواطن وحاجاته يخافون استجواب الحكومة في ملفات الفساد والامن وغيره يعرفون مصيرهم ان تكلموا وارتفع صوتهم

    • زائر 15 | 12:51 ص

      لا تسأل الطغاة لماذا طغوا بل إسأل العبيد لماذا ركعوا

      صنعوا لهم خراف يسوقونهم لذلك الديمقراطية لا تعرف الاماكن العربية ولاتعرف الا أبواب السجون فقط وفقط

    • زائر 12 | 12:29 ص

      ديكور يجمل الوجوه الكالحة

      البرلمانات العربية لا تعدو اكثر من ديكور تجميلي لحكومات ديكتاتورية

    • زائر 10 | 12:27 ص

      البرلمانات العريقة في الديمقراطيه نواتها الأحزاب المدنية

      البعيدة عن أي عنصرية إثنية أو قبلية الخ

    • زائر 9 | 12:21 ص

      سيد.. لماذا الحكومات العربية قامت ولم تقعد؟

      انها محاربة حقوق الشعوب العربية في المشاركة في القرارات وفي خيرات بلدها ومن اجل نهب ثروات البلاد والتعلاعب بها ومن يقل للحكومات العربية ثلث الثلاثة كم فالسجون كثيرة ولا تشكو من قلة او عدم

    • زائر 8 | 11:56 م

      الشعوب الأخرى ياسيد عملت أحزاب مدنية وطنية تجمع كل فئات الشعب

      ولم تختصر على فئة معينة هذا البسيط السهل هو سر نجاح الديمقراطيات في العالم المتحصر

    • زائر 11 زائر 8 | 12:27 ص

      فرز الحكومات الطائفي هو من انتج ذلك

      بلد جعلوا كل مفاصله قائمة على الطائفية ثم تريد انت محاسبة الجمعيات. انت روح عدل الوزارات والمؤسسات التي اقتصرت على طائفة معينة وبعدين اطلب من الجمعيات ان لا تكون طائفية. والا بس ممارساتكم يسكت عنها

    • زائر 7 | 11:44 م

      اسأل القائمة الإيمانية

      انتو قلتو قائمة إيمانية يعني من هذة وصاية شتبون وتدعون التحضر .. اقول لا تخلونا نتكلم اكثر بس

    • زائر 13 زائر 7 | 12:33 ص

      الله يرحم

      مصطلح (القائمة الإيمانية) قديم و لم يعد له و لا لشخوصة من وجود اليوم في المجلس الحالي فهل اصبح مثل مجلس العموم البريطاني!!!!

    • زائر 5 | 10:41 م

      السبب هو

      السبب هو أن الشعوب في أوروبا وغير أوروبا تعرف مصلحتها بينما في الدول العربية الشعوب لا تعرف مصلحتها! والسبب أيضاً أن هنا في الدول العربية من يخضع ولا يقول الحق خوفا على مصالحه وهنا أقصد(علماء ، صحافة ، وجهاء ،مثقفين ...ألخ) إلا ما رحم ربي ، وكل الخاضعين لمثل الأسباب ولكن هناك من يصرح بالسبب وهناك من يدي أسباب أخرى!

    • زائر 4 | 10:40 م

      لا الوا على أنفسهم إلا يكونوا ريموتات

      وأبوا إلا أن ينزعوا صلاحياتهم وجردوا أنفسهم وقدموا للحكومة كل ماتريد لبن طب لفلاس .

    • زائر 2 | 9:29 م

      السبب بسيط

      عندهم برلمان
      عندنا برطمان
      من اقوال بو شريف

    • زائر 1 | 9:28 م

      انا اقول

      لانه البرلمانات الاوربية لا احد يتدخل في اختيار النواب ولا احد يقول لك اذا ما اختارات الشخص الفلاني انت خارج الملة او جمعية سياسة واحدة تريد ان تسيطر على البرلمان كامل وللمواطن كامل الحرية في التصويت لا احد يقول له صوت ولا احد يمنعه او يسد عليه الطريق لكى لا يصوت

اقرأ ايضاً