تعتبر الصحة المهنية بمثابة النشاط المتعدّد الوجوه الذي يهتم بوقاية المستخدمين (عمال و موظفين) من الأمراض التي يتعرضون لها أثناء فترة مزاولتهم العمل، واضعة بعين الاعتبار للعلاقة المزدوجة بين العمل والصحة. فبالإضافة لاختصاصها بتأثيرات بيئة العملِ على صحةِ العمّال، فإنها أيضا تتعلق بتأثير حالة العمّال الصحية على قدرتِهم لأداء المهامِ التي استخدموا من أجلها. لذا فإن هدفها الرئيسي هو منع، بدلاً من معالَجة، أي مرض يظهر في موقعِ العمل.

وقد عرّفت اللجنة المشتركة بين منظمة العمل الدولية و منظمة الصحة العالمية في العام 1950م الصحة المهنية بما يلي: “ الحفاظ على أعلى درجة من الصحة الجسدية و النفسية و الاجتماعية للعمال في جميع الأعمال التي يقومون بها، وقايتهم من الأمراض الناتجة عن ظروف العمل، و وضع العامل في بيئة عمل تتناسب و حالته الجسدية و النفسية، أي باختصار: أقلمة العمل للعامل و تأقلم العامل للعمل».

أهداف الخدمات الصحية المهنية :

تهدف الصحة المهنية إلى تحقيق السلامة الصحية البدنية والطمأنينة المعنوية النفسية والاجتماعية للعاملين في المهن المختلفة وفي شتى الصناعات وتأمين عدم تأثير صحة العاملين بسبب المهن التي يزاولونها ويتأتى هذا من خلال تحقيق الآتي:

- التأكد من ملائمة العمل لصحة العامل أي ملائمة الحالة الجسمانية والعقلية للعامل المرشح لأدائه وإتباع مبدأ العمل المناسب للعامل المناسب .

- الحماية والحفاظ المستمر والمنظم على العامل وعلى صحته من المخاطر والمؤثرات الطبيعية والكيماوية والصناعية والبيولوجية في مكان عمله وعلاج إصابات العمل

- الاكتشاف المبكر والعلاج الفوري للأمراض والعلل التي تصيب العامل أثناء قيامه بعمله وتأكيد مبدأ العناية والكشف الروتيني للعاملين.

- محاولة تعميق وزيادة المعرفة الطبية في مجال الطب الصناعي وذلك بالقيام بكل الدراسات العلمية الطبية وتتبع دراسة كل نتائج الأزمات والكوارث التي وقعت و التي قد تقع للاستفادة منها في مستقبل الخدمات الصحية الصناعية.

بهذه الأهداف تستطيع الصحة المهنية أن تحقق الفوائد الجمة للمجتمع وهي الحفاظ على صحة المنتج والزيادة من قدرته على الكسب والإنتاجية وكذلك المكاسب العديدة التي تعود على جهة العمل من حفاظ على مكان العمل والتقليل من غياب المرضى والانقطاع عن العمل وزيادة الخبرة والمهارة والثقة.

كيفية تحقيق أهداف الصحة المهنية:

أولاً: الفحص الطبي قبل التسكين في العمل

من الضروري فحص المتقدم للعمل طبياً والتأكد من قدرته ولياقته البدنية والعقلية التي تلائم نوع العمل الذي سيقوم به.

ويجرى هذا الفحص الطبي تحت إشراف طبيب ذو خبرة ومعرفة في مجال الصحة المهنية ومن ثم يجب وضع العامل المناسب في العمل الملائم لقدراته الجسمية والعقلية

إن معرفة الأمراض الموجودة عند العامل قبل بداية العمل له فوائد عدة للعامل وجهة العمل:-

- فهي تحمي جهة العمل من دفع تعويضات مالية ومعنوية ليست مسئولة عنها

- وهي تحمي المنتج حيث يوضع في المكان والعمل المناسب له وهذا ما يمنع استفحال وزيادة المرض والضرر الممكن له .

- وهي تحمي بقية العاملين من إمكانية انتقال أي عدوى في حالة وجود أمراض معدية.

ثانياً: حماية العاملين من تأثيرات بيئة العمل السيئة

يتعرض العاملون في مختلف الصناعات لأخطار مختلفة في بيئة العمل يمكن أن تؤثر على صحتهم مثل الغبار والمعادن والأبخرة والدخان والغازات وانتقال العدوى والإشعاعات وتغيرات الحرارة والرطوبة والضغط الجوي والإضاءة والضجيج المزعج وتهيجات الجلد والإصابات المختلفة فلابد من متابعة كل هذه المؤثرات وإتباع الأساليب العلمية الصحية لحماية العاملين منها.

ثالثاً: الوقاية من الإصابات

إن حدوث الإصابات بمختلف أنواعها البسيطة نسبياً إلى أصعب وأشد الإصابات الممكنة يعد خسارة مستمرة وغير مردودة لهذا من الضروري تطبيق كل الإجراءات الوقائية والفنية للتقليل منها وتجنب حدوثها.

رابعاً: الفحص الطبي الدوري

إن الكشف الطبي الدوري والمستمر أمر بالغ الأهمية من جميع الجوانب وهو يشمل إعادة تقييم اللياقة البدنية والنفسية للعامل كذلك الاكتشاف المبكر للأضرار المزمنة والتأثيرات المتوقعة على صحة العامل و تتوقف فترات الفحص الروتيني على نوعية وشروط وظروف العمل والعامل وسن العامل .. الخ.

وتعتبر هذه الفحوص الطبية الدورية في كثير من بلدان العالم النامي وسيلة هامة لتعزيز استراتيجية الرعاية الصحية الأولية في المجتمع عامة وتكون له قيمة للعاملين الذين يواجهون أخطاراً صحية بسبب التعرض لغبار معدني قابل للتنفس أو مواد سامة مؤثرة.