العدد 4865 - الجمعة 01 يناير 2016م الموافق 21 ربيع الاول 1437هـ

عن خالد البسام.... الذي ليس للنسيان

الآن سوف تبدأ المخطوطات والمراجع الصفراء والملفات القديمة، المحفوظة في زوايا المكتبات المحلية والدولية، المرصوصة بحرص وعناية على أرفف بيوت الباحثين، في الاشتياق إلى ذاك الكائن الودود والوديع، رفيق الأروقة والمقاهي، خدين المتاهات المحفورة في دهاليز التاريخ: خالد البسام.

سوف لن تراه بعد اليوم، مفتشاً بحدقتيه المرهقتين عن معلومات تاريخية مدوّنة في الخفاء بين غبار أرشيف هنا وأرشيف هناك.

سوف لن تشهد حضوره الخجول، المتواضع، باحثاً عن حكاية أو طرْفة من الماضي يسردها على حاضر فتيّ لا يعبأ كثيراً بالحكاية.

سوف لن تلمح بعد الآن ظله المتناثر بين رفٍّ ورف. ولن تشمّ افتتانه الصريح بالتاريخ، بالثقافة، بالحكاية، بالصحافة.

بين الحين والحين كان يطلّ عليك: هامساً يبثّ تحياته، وخافتاً ينثر ضحكاته. ولا ينسى، كما في كل مرّة، أن يعلن أنه يحبك كثيراً. ربما لكي لا تنسى. ويذكّرك بنادرةٍ أو مقلبٍ من نوادر ومقالب زمن مضى في البعيد. ويختتم الإطلالة بالسؤال عن أصدقاء الأمس، ويقول بصوت تتحشرج فيه الحسرة: كم أهفو إليهم وجهاً وجهاً. كلما لملمتُ الوجوه فجراً في شِباك واحد، تبعثرت مساءً في أزقة الأمس، بلا وعدٍ بلقاءٍ وشيك.

عرفته صغيراً في حيّ الفاضل، حيث يقيم مع أسرته الكريمة: وجهاء الحي.

لم يكن صديق الطفولة، فقد كان يصغرني بستة أعوام. لكننا التقينا في القاهرة، حيث يدرس، وحيث أتسكع... ومعاً شيّدنا صداقة حلوة وأليفة، لا شروط فيها ولا واجبات، لا قوانين لها ولا التزامات. صداقة حرّة ومرنة تتيح لنا الحضور والغياب وقتما نشاء.

حتماً سوف أفتقد خالد البسام. مثله ليس للنسيان. وقد أبكي قليلاً، لكن من المؤكد أنني سوف أضحك فجأة، عندما أتذكّر موقفاً ضاحكاً بيننا، وكم أودّ أن يقاسمني هذا الضحك.

العدد 4865 - الجمعة 01 يناير 2016م الموافق 21 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:23 م

      رحمه الله

      أمثال هؤلاء لا ينسون ...فقد كتب اسمه بكتابات ولن يغير رسمه عن قلوبنا

اقرأ ايضاً