العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ

مهندسة الديكور ميساء الغواص: في غرفنا... طاقة سلبية!

المهندسة ميساء الغواص
المهندسة ميساء الغواص

"طفلي في حالة نفسية سيئة.. هو يشعر بعدم الاستقرار والخوف والقلق، وشيئًا فشيئًا، بدأت ثقته في نفسه تضعف سواء في البيت أم في المدرسة أم في الحي.. ماذا أفعل؟ أريد أن أجعله يعيش سعيدًا.. ساعديني في إخراجه من هذا الجو".. كانت تلك قصة إحدى الأمهات مع مهندسة الديكور البحرينية ميساء الغواص حين لجأت لها طالبةً إحداث تغيير مؤثر في حياة طفلها، وكان الجزء الأول الذي بدأت به المهندسة الغواص هو الجلوس مع الطفل والحديث معه عن ميوله واهتمامته والبدء بغرفته الخاصة.

من هنا، تبدأ المحطة الأولى من لقائنا مع مؤسسة شركة PlayWorks المتخصصة في التصميم والديكور المهندسة ميساء الغواص التي عادت في حديثها إلى التأسيس، فحين بدأت عملها وأسست شركتها في العام 2006، كان المقربون منها يحيطونها بعبارات الإحباط من قبيل.. الشركة لن تنجح.. البحرينيون لا يصرفون مبالغ لتصميم غرف خاصة لأطفالهم.. هم يفضلون الغرف الكبيرة التي تبقى لسنين طويلة.. وهكذا، لكنني كنت أرى أمرًا آخر وهو قراءتي لميول البحرينيين حيث وجدت أن فئة كبيرة منهم يميلون إلى تخصيص غرف مميزة لعيالهم يعيشون فيها طفولتهم، وكنت أرى بعضهم يعتبر غرف أطفاله بمثابة السيارة الفاخرة أو الحقيبة ذات الماركة العالمية، ويريدون هذه الفخامة لأطفالهم.

أطفال يعيشون سعادة طفولتهم

وتواصل المهندسة الغواص بالقول إن الموضوع، منذ ذلك العام، شهد ارتفاعًا تصاعديًا تدريجيًا، والدليل على ما أقوله هو أن كل من يريدون الانتقال إلى منزل جديد، يخصصون موازنة لغرف أطفالهم قبل غرفهم، ويجمعون أموالًا ويضيفون إليها مدخرات لكي يجعلوا أطفالهم سعداء بغرفهم، وأنا في الواقع سعيدة جدًا بما أسمع وأرى لا سيما حين يعرف الناس قيمة ومكانة هذا الطفل الذي سيعيش طفولته لفترة من العمر، فلا يريدون الانتظار إلى أن يدخل مرحلة المراهقة ويكبر ثم يغادر البيت ويستقل بعد كم سنة، فمن حقه أن يعيش جمال طفولته وسعادتها.

ولاحظت أن الأطفال يتأثرون فعليًا بهذا الشيء، خصوصًا إذا وضعنا في الاعتبار أن الزبائن يحبون أن أجلس مع أطفالهم قبل تصميم الغرفة وأتعرف على شخصية الطفل وميوله، وهنا أتحدث عن الأطفال من عمر 3 سنوات فما فوق، وكذلك أحرص على معرفة هواياته، بل دعني أتعمق أكثر وأقول إن بعض الأطفال يعانون من مشاكل في حياتهم نتيجة انفصال الوالدين أو تعرضه لحادث عنف أو ضرب أو معاملة سيئة في المدرسة أو منطقة السكن أو قل لأي حادث أثر فيه بشكل سلبي، فتأتي بعض الأمهات لي ويتحدثن معي حول كيفية إخراج هذا الطفل من حالته لتغيير نفسيته وتقديم شيء جميل.

التأثير النفسي للغرفة

هذا الموضوع، جعلني أقرأ كثيرًا وأبحث وأجمع الأفكار حتى وجدت أن البحرينيين، بل والخليجيين عمومًا، تغير لديهم الميول في السنوات الماضية، فكما أصبحوا يهتمون بصحتهم الجسدية والنفسية من خلال تغيير أنماط الحياة إلى الأحسن والاشتراك في الأندية الصحية والدورات المتخصصة لتنمية القدرات الشخصية، وكل ما له علاقة بالصحة والغذاء الصحي والبحث عن أساليب العيش المتزنة والصحية، كذلك الحال بالنسبة لعيالهم، فهم بالطبع ونحن والجميع، نريد أن نرى أطفالنا سعداء، وطوال ثماني سنوات مضت، تكونت لدي خبرة كبيرة في تأثير الغرف التي صممتها للأطفال، ثم اتجهت لتصميم غرف الشباب من الجنسين، وبالمناسبة، وفي سياق حديثنا عن التأثير النفسي، فإن بعض الشباب لديهم أمنيات وتطلعات وأحلام وطموحات لكنهم لا يمتلكون القابلية والدافعية، ومن خلال تصميم غرف خاصة تناسب ميولهم ووضعهم النفسي، انعكس ذلك على حياتهم واتجه بعضهم للتغيير لأن محيطه الذي يعيش فيه منحه دافعية أقوى.

من القصص التي يمكن أن نستفيد منها، هي حالة طفل ضعيف الشخصية في محيطه الاجتماعي وفي مدرسته، وعندما صممت له غرفة ذات ديكورات وألوان لها تأثير إيجابي تبعث على الهدوء والسعادة، تغير كثيرًا.. لا يجب أن نستهين بتأثير الألوان السيئة والديكور المربك فمن الضروري أن نختار كل هذه الجوانب بدقة وبشكل صحيح.

ديكور بأبيات شاعرة

وتذكر أن من الأهمية تطابق ميول وشخصية الإنسان بل وحتى أهدافه في الحياة مع غرفته التي يعيش فيها، ففي بعض الأحيان، لا يريد الناس تصميم غرفة جميلة لهم، بل يريدونها كجزء من حل مشاكلهم النفسية، وكما تعلم فإننا في البحرين نعاني من الغرف التي تتكدس فيها قطع الأثاث والأسلاك الكهربية (الوايرات) المتناثرة هنا وهناك، وبعض الحاجيات أو المقتنيات التي لا يحتاجونها تجدها مكدسة على بعضها البعض في الغرف، وكل هذه الأمور لها انعكاس سيء على المشاعر والنفسية، على سبيل المثال، كانت إحدى البحرينيات تطمح لإصدار ديوان شعر خاص بها، فهي شاعرة ولديها إبداعات، لكنها تتعذر بالالتزامات الأسرية والوظيفية وشئون الحياة، وقد صممت لها غرفة تميزت جدرانها بأبيات شعر من القصائد التي كتبتها، والتقيت بها بعد عام واحد فوجدتها مسرورة لأنها أصدرت ديوانها الشعري الأول.

داخل غرف الزوجية

وحكاية ربة بيت بحرينية محبطة، وكانت ترغب في أن تنطلق وتتطور لكن الزوج والأهل لا يشجعونها في ذلك الأمر، وكثيرًا ما كانت تردد: "ما أعرف أسوي شي"، فجمعت نسخًا من شهاداتها الدراسية وخصصت لها مكانًا صغيرًا في بيتها لتذكرها بقيمة نفسها وترفع ثقتها بنفسها وقدراتها، وهي الآن تدير مشروعها التجاري وسعيدة بما حققت، وهذا الكلام أقوله بهدف أن قراء "بيللا" ينظرون إلى مضمون الفكرة، فحتى داخل غرف الزوجية، تنعدم المودة والعلاقة الحميمة والكلام الطيب في غرفة النوم، وحين تدخلها، تجدها ملأى بالفوضى وألوانها مأساة وكل شيء فيها مبعثر، فهذه الأمور تجعل الإنسان يشعر بالثقل والكآبة فتنعكس على كل شيء في حياته، وما أن نقوم بترتيب هذه الأمور ونرفع مزاج الألوان والديكور ولو ببساطة، فإن ذلك له أثر إيجابي رائع، خذ مثلًا، لماذا نحب غرف الفنادق؟ ذلك لأنها مرتبة وحلوة وبسيطة في قطعها، والنتيجة التي أريد الوصول إليها هي أن غرفنا قد تتسبب في سحب طاقتنا الروحية إلى الأسفل، فيما نحن نسعى لأن نرفع هذه الطاقة الإيجابية ونشحذ الهمم والمشاعر والبهجة، والأمر ببساطة: نهتم بالترتيب والتعديل ويصبح كل شيء في غرفنا مبعثًا للراحة.

العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً