العدد 4914 - الجمعة 19 فبراير 2016م الموافق 11 جمادى الأولى 1437هـ

اتفاق تجميد مستوى إنتاج النفط لا يعيد الثقة المفقودة بين الدول المعنية

تشكل الصعوبات الاقتصادية الدافع للاتفاق الذي توصلت اليه اربع دول ابرزها السعودية وروسيا على تجميد مستوى انتاج النفط، الا ان هذا التقارب لا يعيد الثقة المفقودة بين المعنيين، وسط شكوك حول مدى الالتزام به، بحسب محللين.

واتفقت السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر اثر اجتماع في الدوحة الثلاثاء على تجميد الانتاج عند مستويات يناير/ كانون الثاني سعياً لاعادة بعض الاستقرار لسعر النفط المتهاوي، بشرط التزام منتجين بارزين آخرين بذلك.

ولقي الاتفاق دعم دول خليجية اخرى منضوية في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) كالكويت والامارات العربية المتحدة، في حين اعرب العراق، ثاني اكبر المنتجين في اوبك، عن استعداده للتجاوب.

واثر اجتماع ايراني- عراقي- قطري- فنزويلي في طهران الاربعاء، اعلنت الجمهورية الايرانية الاسلامية التي عادت حديثا الى سوق النفط العالمية بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، دعمها للاتفاق، من دون ان تلتزم صراحة به. ودفعت السعودية ودول خليجية بشكل رئيسي نحو رفض «اوبك» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 خفض انتاجها من النفط، خوفا من تراجع حصتها في الاسواق العالمية. الا ان تدهور الاسعار الى مستويات غير مسبوقة منذ 13 عاما، بدأ يلقي بثقله على ايرادات الدول النفطية، ولاسيما السعودية ودول اوبك، وروسيا، احد ابرز المنتجين من خارج اوبك.

ويقول المحلل في «كابيتال ايكونوميكس» جايسون توفاي لوكالة فرانس برس «ربما السعوديون... يشيرون الى ان انخفاض اسعار النفط بلغ مدى بعيدا. هم يشعرون بوضوح بآثار ذلك، ولاسيما مع اجراءات التقشف».

واتخذت الرياض في ديسمبر/ كانون الاول الماضي سلسلة اجراءات تقشف شملت خفض الدعم على مواد اساسية بينها الوقود، اثر تسجيل ميزانيتها لعام 2015 عجزا قياسيا بلغ 98 مليار دولار، وتوقع تسجيلها عجزا اضافيا يناهز 87 مليارا في موازنة 2016.

وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي الى 1,2 في المئة فقط هذه السنة، وهو المستوى الادنى في سبعة اعوام.

والاربعاء، اعلنت وكالة «ستاندرد اند بورز» خفض تصنيف المملكة الائتماني للمرة الثانية منذ أكتوبر/ تشرين الاول. ويرى المحلل الاقتصادي السعودي عبدالوهاب ابو داهش ان «المملكة العربية السعودية ودولا خليجية اخرى تعاني لا شك من اسعار النفط المنخفضة، على رغم امتلاكها احتياطات مالية قوية» تمكنها من التأقلم مع تراجع الايرادات النفطية.

ويضيف «الا انها تحتاج الى ايرادات نفطية اعلى لتخفيف الضغوط على عملاتها الوطنية، وعلى المستهلكين المحليين والانفاق العام».

وكان وزير النفط السعودي علي النعيمي قلل اثر اجتماع الثلاثاء من تأثر اقتصاد بلاده بانخفاض اسعار النفط، معتبرا ان الرياض التي تملك احتياطات اجنبية تفوق 600 مليار دولار، «ليس لديها مشكلة» بذلك.

وأثّر انخفاض الاسعار بشكل سلبي على دول منتجة ابرزها فنزويلا والجزائر، وروسيا التي يعاني اقتصادها من التباطؤ. وكان التأثير مضاعفا على ايران في الاشهر الماضية، اذ ان العقوبات الاقتصادية التي كانت لاتزال مفروضة عليها، قلصت صادراتها النفطية الى حد كبير. ويرى الخبير النفطي في جامعة جورج تاون جان-فرنسوا سيزنك ان «العجز المالي الضخم وخفض الدعم الذي نتج عنه، يوفر حوافز للتوصل الى اتفاق».

ويضيف «مجرد ان السعودية وروسيا تتحادثان هو اضافة كبيرة» لاسعار النفط التي كسبت زهاء 20 في المئة منذ بدء الحديث عن عقد اجتماع في الدوحة.

ثقة مفقودة

وشكل الاجتماع نوعا من المفاجأة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولاسيما في ظل التباين بين السعودية وروسيا حول ملفات اقليمية عدة بينها النزاع في سورية ومصير الرئيس بشار الاسد. كما ان اي تعاون او اتفاق نفطي يشمل ايران والسعودية سيشكل مفاجأة، لكون العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين الاقليميين اللدودين مقطوعة منذ مطلع السنة.

الا ان التقارب في مجال النفط لا يردم الهوة العميقة بين المعنيين.

ويقول ابو داهش «ببساطة المملكة العربية السعودية لا تثق بروسيا او ايران لاسباب متعلقة بالتنافس السياسي والاقتصادي. روسيا في السابق فشلت في الايفاء بوعود مماثلة، والسعوديون لديهم شكوك بانها ستقوم بذلك الآن». ويضيف «لكن المملكة لديها الارادة الجدية لخفض الانتاج اذا رأت ان الآخرين سيلتزمون. في الوقت الراهن، الرياض تعتقد ان الوقت لم يحن لاتخاذ قرارات حازمة».

ويعتبر سيزنك ان النزاعات الاقليمية لن تحول دون اتفاق نفطي، نظرا لان كل الاطراف المعنيين يحتاجون الى المال.

ويقول ان المعنيين «يمكنهم ان يخفضوا الانتاج ويزيدوا المداخيل ويستمروا في قتال بعضهم البعض»، معتبرا ان اتفاقا نفطيا ناجحا قد «يسهل الحديث عن تسوية في سورية» حيث تدعم روسيا وايران نظام الرئيس بشار الاسد، بينما تعد السعودية من ابرز الدول المؤيدة للمعارضة المطالبة برحيله.

ويرى توفاي وابو داهش ان السعودية قد تكون رغبت في الظهور بمظهر المتعاطف مع دول اخرى منضوية في منظمة اوبك.

ويقول «لا يريد السعوديون ربما الظهور بمظهر اللامبالاة بهواجس الاعضاء الآخرين في اوبك، ولاسيما في وقت يعتبر العديد من المعلقين ان اوبك انتهت عمليا».

ويعتبر ان الرياض لاتزال تراهن على التأثيرات المتوسطة والبعيدة المدى لقرارها عدم خفض الانتاج.

ويرى ابو داهش ان «السعودية ذهبت الى قطر بدافع اللباقة تجاه اعضاء آخرين في اوبك، وهي تدرك ان ايران وروسيا لن تلتزما».

ويضيف «لا اعتقد ان دول الخليج تريد التخلي عن حصتها في السوق لصالح ايران. اعتقد ان الصراع على الحصة في الاسواق بدأ بالاحتدام».

العدد 4914 - الجمعة 19 فبراير 2016م الموافق 11 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً