العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ

كاميرا “بيللا” في ضيافة بيتونيا كرانة

في صباح يوم جميل رائع الطقس... بين نسمات باردة ودفء الشمس، زارت كاميرا "بيللا" المزرعة التي تعتبر نموذجًا لإصرار المزارع البحريني على النجاح في إحياء الأرض الطيبة، وكما كانت أشجار اللوز والكنار والنخيل والليمون تبث في النفس البهجة، علاوةً على مجموعة شجيرات قال عنها مضيفنا (بوحسن) إنها تجربة لإنتاج نوع من أنواع التفاح... قرمزية اللون كانت وحجمها صغير، لكن لها مذاق التفاح... أما نبتة "النعناع" فكانت تحيط ببعضها البعض وشذاها الزكي ينعش الروح.

نعناع وتوت وتين

"هذه نبتة النعناع... هل تعلم أن في مقدروك أن تزرعها في منزلك إن كان لديك حوض صغير مناسب؟"، قال المزارع العجيمي هذا وهو يشير إلى نبتة نعناع يانعة الخضرة، حيث يوضح أن النعناع ليس مرتبطًّا بموسم معين، لكن يجب أن تختار المكان الذي ستزرع فيه نبتة النعناع ومنها على سبيل المثال: حوض النخلة حين يكون شاغرًا، حتى في المنزل، تستطيع أن تزرع النعناع دون الحاجة لأن تشتريه من الخارج.

وبين العديد من الأشجار المثمرة كـ (التوت والتين)، تنتشر أصايص شجيرات نباتات الزينة.. منها: واشنطونيا، القرنفل، اللافندر، الكمكوات، الجاتروفا، الاسبرجس، ونسأل (بوحسن) :"كيف تتكاثر هذه النباتات؟"، فيجيب بالقول إن هناك طريقتين للتكاثر منها بالعقل (أي قطع الأجزاء وإعادة زراعتها بطريقة معينة)، ومنها بالجذور، أي غرس النبتة بجذورها، وبالنسبة للعقلة، فلها فترة محددة وحين تتعدى تلك الفترة ينتهي وقتها وتفشل في زراعتها، وعلى المزارع أو الهاوي أن يسعى لتحقيق نسبة نجاح أكثر من 90 في المئة بمواكبة التغيرات المناخية والمواسم، وهناك بالمناسبة أشجار قد تبدو ميتة، مثل أشجار التين أو الرمان، وهنا من المهم أن يتم تقليم أغصانها بشكل منتظم وإلا فإنها لن تنمو.

عشرون نوعًا من الكنار

ويواصل العجيمي حديثه بالقول :"لابد أن تتميز في عمل بقناعة أنك قادر على إنتاج نوعية محاصيل عالية الجودة، وتغير طريقة تفكيرك وعملك في الحقل، فعلى سبيل المثال، لدينا الكثير من أنواع الكنار المركب، قد تصل إلى 20 نوعًا، لكن لكل نوع فترة معينة تمامًا كمواسم رطب لخلاص والغرة والخنيزي.

ويحدثنا عن بداية عشقه للزراعة، فبدأت الفكرة منذ أن كنت صغيرًا ولي من العمر 6 سنوات وأكثر قليلًا، وكبرت الفكرة معي منذ ذلك الحين، وصرت أمارس الزراعة بشكل يومي في مزرعة جدي الكائنة بقرية كرانة وكان ذلك في مرحلة السبعينيات، وكنت أساعد والدي رحمه الله في بيع الخضروات، وأتذكر أن المرحوم جدي قال لي كلمة متنبئًا بمستقبلي حيث قال: "إن كان هناك واحد من أولاد الحاج حسن سيكون مزارعاً فهو (نبيل)".. أي أن جدي كان يتوقع أن أكون عاشقًا للزراعة.

في تلك الفترة، أي عندما كنت صبيًا، وحتى في مرحلة الشباب، تستطيع أن تصفني بمساعد (مبيعات)، وكان موقع البيع الخاص بنا في مدينة الحد بشكل يومي وكنا وقتها نذهب إلى الحد لمدة ساعة ونصف كل يوم ونختار مواقع محددة شمالًا وجنوبًا وهي مواقع تعرف عليها الناس، وهذه التجربة كونت لي علاقات مع أهالي الحد حتى يومنا هذا، وكنت أمارس هذا العمل من مرحلة الابتدائي إلى الثانوية.

تربة غير صالحة للزراعة

وبعد ذلك، توجهت إلى جمهورية مصر العربية للدراسة في جامعة عين شمس (كلية التجارة – تخصص إدارة ومحاسبة)، وبعد انتهاء الدراسة عدت بطريقة مختلفة، حيث تفاجأت بأن المزرعة تم تقسيمها لأنها كانت مستأجرة، ثم تجزأت وكانت المزرعة كبيرة جدًا تصل حدودها إلى قرية جد الحاج، وقد استأجرت قطعةً أخرى في كرانة وكنت في بداية الاستئجار أشرفت على زراعة الأشجار، وكنت في تلك الفترة أمارس الزراعة كهواية ولم يكن هناك توجه صحيح إلى مرحلة التسعينيات حيث بحثت عن قطعة أرض أكون أنا المسئول عنها بشكل كامل وتكون تحت إدارتي الكاملة، وقد زرعت بعض الأشجار، ففي البداية واجهت مشكلة، لأن التربة كانت غير صالحة للزراعة ففكرت في طريقة مختلفة، ومن خلال استخدام إعادة تدوير المخلفات من الذبائح والأسماك والمخلفات لعلاج مشكلة الأرض حتى أصبحت تنتج بجودة عالية، والطريقة المختلفة هي طريقة الري، فبدلًا من نظام التقطير، قمت بإعداد توصيلات جديدة واستخدمت الري الحكومي باستخدام الري بالتقطير وهو أفضل من النظام القديم لأن الأشجار يكون نموها أكثر وأكبر وإنتاجها أفضل، بعكس نظام الري الذي يستهلك كمية أكبر من المياه ولا يكون نمو الأشجار سليمًا.

تركيب الأشجار والتلقيح الهوائي

وخطوة بخطوة، شاركت في معارض داخل البحرين وخارجها وتغيرت النظرة لتكون من ناحية اقتصادية، وحين شاركت في تلك المعارض تغيرت خبرتي، وجاءتني الفكرة أن المنتجات التي تصل من الخارج، يمكن أن تنتج في البحرين، وأقصد بها بعض المنتجات المستوردة من الخارج بالإمكان إنتاجها في الداخل، وبعد انتهاء المعرض مباشرة، قمت بإنتاج الخضار من داخل المزرعة بمواصفات ذات جودة عالية وصرت أنتج أشجار الزينة والأشجار المثمرة.

ودخلت بعد ذلك تجربة تركيب الأشجار والتلقيح الهوائي لأشجار الليمون والحمضيات بشكل عام وتكون نسبة النجاح عالية، وكما تعلم السنة مقسم على 365 يومًا فوضعنا برنامجًّا سنويًّا وخطة لأن أنتج 20 ألف شجرة في السنة، بأحجام مختلفة، ونحن اليوم نتكلم خلال 4 إلى 5 سنوات تكون لديك 100 ألف شجرة إذا لم تقم ببيعها، والعملاء رغباتهم مختلفة، فهناك فرص اختيار الأشجار بين الصغيرة والمتوسطة بين أقل من متر لإلى 5 أمتار.

حين يمضي الموسم...

في كل عمل حين تأتي لتقييمه وتجده “صح أم خطأ” وهل هناك اختلاف، فكل ما أقوله لا يحدث دفعة واحدة وإنما هو على فترات ولابد من استغلاله الاستغلال الأمثل من أجل الوصول إلى طريق النجاح، فلكل فترة إنتاج موسم معين، وحين يمر الموسم فلابد من الانتظار إلى العام المقبل ولابد أن تقسم وقت وتنظمه وتنتج بحيث تستطيع أن تصل إلى أعلى استفادة ممكنة، وكل هذه الأشياء تتطلب رعاية بالشجر وكلما قلمتها كلما كانت درجة الثمر أعلى، حيث تقوم بقطع أطراف وأغصان من الأشجار، فطريقة التكاثر: البدور، العقل، التلقيح الهوائي، فإذا لم أستغل البدور ستسقط في الأرض، وقد علَّمت عيالي أن كل حبة يمكن أن تصبح شجرة... الجوافة فيها أكثر من 150 بدرة يمكن أن تشكل 100 إلى 150 شجرة.

وفي ختام الجولة بين قطعة الفردوس الجميلة، نودع (بوحسن) متسائلين عن العوائق التي تواجهه في عمله بالمزرعة فيقول: "هناك عوائق، لكنها طبيعية، ونواجه مشاكل ويتوجب أن نضع لها حلولًا... لو توقفت في نهاية الثمانينات بعد تقسيم الأرض، ولو وضعت تلك المشاكل عقبة ومنها ملوحة التربة وشح المياه لما وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم... مع الخبرة الكافية تستطيع أن تتغلب على كل تلك المشاكل... الري بالتقطير... ترشيد استهلاك الماء... الزراعة من غير تربة، والابتعاد عن سوء الاستخدام وكل زراعتي تتبع الأساليب الحديثة... كل شتلة موجودة يصل لها الماء لمدة ربع ساعة في اليوم.

العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً