العدد 4942 - الجمعة 18 مارس 2016م الموافق 09 جمادى الآخرة 1437هـ

يوسف: أوصي المسرحيين بإغواء الفنانين التشكيليين... وزيتون: لا تغفلوا التكنولوجيا

خلال ندوة حول السينوغرافيا بمهرجان الفجيرة للفنون

عبدالله يوسف - شادية زيتون
عبدالله يوسف - شادية زيتون

الفجيرة - منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

قال المخرج الفنان البحريني عبدالله يوسف إن «الفنان التشكيلي هو الأجدر والأقدر والأحق على صياغة سينوغرافيا أي عمل مسرحي مهما يكن اعتياديّاً أو حداثيّاً»، مشيرا إلى أن «الهزالة البصرية الرتيبة في عموم عروضنا المسرحية، ناتجة عن عدم تحقق ارتباط عضوي فني مثمر ومبدع وخلاق بين الفن التشكيلي وفن المسرح إلا فيما ندر».

جاء ذلك في ورقة قدمها يوسف خلال ندوة ناقشت محور السينوغرافيا، أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون في دروته الأولى التي نظمتها هيئة الفجيرة للثقافة والاعلام في الفترة من (19-28 فبراير/ شباط 2016) في إمارة الفجيرة، واستعرض يوسف عبرها الرمز والتجريد في السينوغرافيا، والابتكار في الإطار المادي للعرض (ديكور، ملابس، إضاءة، موسيقى).

يوسف قدم توصية هامة للمعنيين بالمسرح «لإغواء وإغراء الفنانين التشكيليين بالتماهي مع فن المسرح ورفد فضاءاته بإبداعاتهم التشكيلية في ابتكار الفضاءات السينوغرافية للعروض المسرحية».

توصيات يوسف تلك، وتأكيداته، جاءت بناء على تجربة شخصية تحدث عنها مشيراً إلى أنه تعرف على الفنون التشكيلية في مطلع ستينات القرن الماضي، فمارسها وأدمن حضور المعارض التشكيلية محاولاً قراءة مضامين لوحات الفنانين الآخرين وتأمل تقنياتهم في صياغة اللوحات، والتعرف على الخامات المستخدمه»، مؤكداً أن تلك التجربة «أفادتني كثيراً في تصميم وصياغة الرؤى السينوغرافية»، موضحاً «المسرح بعوالمه الاسطورية الجميلة المثيرة جدير إلى أبعد الحدود أو هو بحاجة إلى أن يتم خلق شكل من التفاعل والتداخل والتجاذب والتحاور بين المسرحيين والمخرجين منهم خصوصاً مع الفنانين التشكيليين لاستقطابهم وترغيبهم في تأسيس علاقة مع فن المسرح؛ للإستفادة من إمكانياتهم التشكيلية في بلورة وابتكار وصياغة وتنفيذ الرؤى التخيلية الإخراجية وخلق الفضاءات السينوغرافية المتماهية معها والمعززة لها».

مخرج جسور وسينوغرافيا عالية

يوسف تحدث عن شروط ومقومات لتحقيق السينوغرافيا بجودة فنية عالية في العروض المسرحية، أهمها «امتلاك المخرج جسارة الفكر المفتوح الخلاق المتمتع بملكات القراءات المتعددة الأبعاد لمضامين النصوص، واجتراح الرؤى الإخراجية الجديرة بفتح الآفاق امام الخيال السينوغرافي القادر على ابتكار فضاءات تمتاز بالحيوية وتعدد الجماليات البصرية والتعبيرية للعروض المسرحية وتتفوق في ديناميكية أدائها على رتابة المعاد والمستلف والمكرر والمنسوج على منواله في الديكور المسرحي الاعتيادي».

وقال: إذن ذلك «يتطلب الاغتناء الروحي والمعرفي والبصري لدى المخرجين ومبدعي السينوغرافيا بفنون التشكيل ومجمل مدارسها وأساليبها»، مؤكداً أن «التنازل عن ذلك أو الاعتقاد بعدم أهميته يفضي إلى انتاج عروض مسرحية رتيبة مسطحة في مجمل عناصرها الفنية والموضوعية».

حضور السينوغرافيا ومضامين النصوص

وعودة إلى محوري «الرمز والتجريد في السينوغرافيا»، و»الابتكار في الإطار المادي للعرض»، أشار يوسف إلى أن «العنوانين يشرعان كل النوافذ كي نطل على مفهوم السينوغرافيا كمصطلح بدا للوهلة الأولى بديلاً لآخر استهلكه الزمن المسرحي العربي» وهو مصطلح «ديكور» وهو «خاضع في صياغته وتنفيذه لشروط وقوانين الهندسة المعمارية»، فيما السينوغرافيا تهرب «من مكبلات الهندسة وصرامة قوانينها إلى الآفاق الرحبة للخيال التشكيلي؛ كي يتسنى تحقيق الفرجة البصرية المنشودة بجدارة عالية».

وأضاف موضحاً أن «الفضاءات السينوغرافية في العروض المسرحية تعلن جدارة حضورها استناداً إلى طبيعة مضامين النصوص بوصفها مادة العرض، بين أن تكون مضامين واقعية صرفة أو نصوصاً حداثية المنحى»، فهي إما تتصف «بالوضوح والتقريرية والمباشرة»، أو «الابتكار في الشكل والمواربة والغموض والرمزية والتجريد»، مفيداً أن «حضور الرمز والتجريد في الصياغة السينوغرافية لأي عرض مسرحي مرهون بطبيعة العرض ومضمونه، وبالدرجة الأولى والأهم أسلوب إخراجه وطريقة تقديمه للجمهور، وبمدى مستوى وبلاغة الملكة الإخراجية المبدعة الجديرة بالابتكار والتحليل والتماهي الخلاق المثقف، مع مضامين النصوص وامتلاك قدرة تأويلها لدى المخرج مما سيتيح له حتماً المعرفة والبصيرة الجديرة القادرة على تزكية السينوغرافي القدير والقادر على ابتكار مشهدية بصرية محفزة وآسرة».

ومرة أخرى يستند يوسف إلى تجربته ليؤكد أن «الابتكار والرمزية والتجريد في اللوحة وفي الدواوين الشعرية والنصوص المسرحية وفي التفاصيل المادية للعرض المسرحي، تمثل قيماً فكرية جوهرية، ليس في الفنون المسرحية فقط، بل في مجمل الإبداعات وعموم الفنون»، مشدداً على ضرورة تقديم العرض المسرحي القادر على «استقطاب كل الفنون وأبرزها الفنون التشكيلية لما لها خاصية متفردة ومتاحة يتأسس منها وعليها الوعي عند المشتغلين بالمسرح بماهية السينوغرافيا وعمق مدلولاتها التجريدية والرمزية في العرض المسرحي»، بالإضافة إلى أنها «معنية أيضاً بالتماهي مع خيال الإخراج والتقاطع مع مضامين النصوص والقدرة على تأويلها وابتكار الدلالات التعبيرية البصرية الموصلة لمنظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والفلسفية التي يبذرها المؤلف في سياق نصه».

شادية زيتون: التكنولوجيا هي الأهم

من جانبها قدمت مصممة السينوغرافيا شادية زيتون دوغان ورقة عن «الابتكار في الإطار المادي للعرض المسرحي»، مشيرة إلى أن معظم الابتكارات في مجال المسرح، جاءت ممن عملوا في السينوغرافيا، إذ إنه «الفن الذي يبحث في ماهية كل ما هو قائم على خشبة المسرح بحس تشكيلي درامي عبر كتابة بصرية تنطلق من روح النص لابتكار رؤية مضافة عليه، تتشكل من عناصر الديكور والإضاءة والموسيقى والأزياء والماكياج».

وأيدت زيتون، يوسف، في أن الابتكار في الإطار المادي للعرض المسرحي «يتطلب مهارة في التصور البصري الذي يعتمد بدرجة عالية على حاسة الإبصار وعملية التخيل وإدراك المساحة وتقدير أبعاد الأشكال والتميز فيما بينها، وخلق التوازن والانسجام في تعادل الصورة المسرحية من حيث توزيع الحركة والظل والنور، إسهاما في تحقيق متعة التواصل مع المتلقي وتكوين صورة مسرحية ينتجها التوظيف الجمالي العلمي لمختلف عناصرها».

وخلصت زيتون إلى أن الابتكار في الإطار المادي للعرض المسرحي يتلازم مع الخيال الخصب واستخدام وسائط التكنولوجيا، مشيرة إلى أن المسرح العربي «يعاني بشكل عام من القصور في استخدام التقنيات التي يستوجبها العرض، مما ينسحب سلباً على العرض».

وقالت إن التكنولوجيا «فتحت آفاقاً جديدة للإبداع فأفسحت المجال للمسرح في الغرب أن يبقى قادرا على الصمود أمام وسيلتي التلفاز والسينما»، لكنها أكدت أن ما تضمنته ورقتها لا يعني أن أي عرض مسرحي ملزم باستخدام التقنيات، بل إنه «ليس المطلوب التركيز عليها إن لم يكن هناك مضمون وسياق فكري ينظمها، بل المهم أن يأتي استخدامها في نسق أساسي ضمن منظومة العرض في قيمته الجمالية والدلالية وابتكار الجماليات الدالة في الصور المرئية التي يجنيها مصمم السينوغرافيا بالإيقاع المتناغم بين عناصر الإطار المادي للعرض والتي لا يمكن تحقيقها ما لم يراعِ المصمم في قراءة معطيات العصر التقنية والتكنولوجيا شرط استخدامها وسيلة للتلقي الإيجابي في الأسلوب والشكل والمضمون، وليس غاية للإبهار والتشويش على الأفكار والرؤى التي يحملها العرض المسرحي».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً