العدد 4943 - السبت 19 مارس 2016م الموافق 10 جمادى الآخرة 1437هـ

عيد الأم بلا أم

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

قبل عام من الآن كنت وأشقائي وشقيقاتي شأننا شأن غيرنا من الأبناء والبنات نفكر في الطريقة التي نحتفل بها مع أمي بمناسبة عيد الأم الذي صار يأخذ مكانة كبيرة في الأسرة، وصارت الأمهات يأنسن بهذا اليوم فليس أسعد على الأم من رؤية أبنائها يحتفون بها، ويطلبون وُدّها بالمسامرة وتقديم الهدايا وهو غاية ما تتمناه الأمهات في زمن مكتظ بالمشاغل والمتاعب.

حينها اقترحت على أشقائي وشقيقاتي الاحتفال بهذه المناسبة بعيداً عن أبنائا وبناتنا، رغبةً في أن نعيش لحظات هذه المناسبة بمنأى عن صخب الروتين اليومي مع الأبناء، فنحن مشغولون بأبنائنا كل يوم، وكنت أريد أن يتأكد الشعور لدى والدتنا بأننا لازلنا تحت عباءتها صغاراً، وإن كان بعضنا أجداداً اليوم، وكنت أريد لقلبها أن يتحسس أن تحت قدميها تتصاغر الدنيا بما فيها، وينحدر الوجود بما فيه، وأن الدفء تحت عباءتها لا يضاهيه دفء، وأننا يمكن أن نترك كل شيء وراءنا حتى فلذات أكبادنا لنتسامر معها في ليلة أجزم أنها لن تفارق خلايا الذاكرة.

زعل الأحفاد والحفيدات من الفكرة، وتعقبوا مَن اقترحها باللوم والعتاب، بدافع الحب للجدة الطيبة، والتشرف بحضور الحفل، ولكن الإصرار على تنفيذ الفكرة كان أقوى من لومهم وعتابهم، فتم الحفل في منزل أحدنا، وشهدنا كيف أن فرحة الأم في تلك الليلة أقوى من وجع الورم الشرس الذي كانت تحمله في أحشائها، وكانت السعادة تنحدر من كلماتها، وأنفاسها، وكل حركاتها، بل حتى من نظراتها التي كانت تتوزع علينا برفق.

لا أعلم لماذا في ذلك العيد بالذات لم أكن أرغب في تقديم هدية ذات قيمة مادية، ولا أعلم لماذا كانت بداخلي كلمات تأسر حواسي وتفكيري ومشاعري، فقررت أن تكون هذه الكلمات هي الهدية فاخترت لأمي صورة كنت أرى فيها رحلتها في الحياة وكتبت على هامشها هذه الأبيات:

تجاعيدُ وجنتك أنهرُ

ومن بينِها الحبُ ينهمرُ

فيا غيمةِ الصيف عند الهجير

كقطر الندى فوقنا يقطرُ

رسمتك في مهجتي صورةً

تغيب بمحضرها الصورُ

فلو غبت عن خاطري لحظة

فــذنبي بك ليس يُغتفرُ

لأنك مستودعُ الذكرياتِ

على القلب غيرك لا يخطرُ

وقدمت الصورة مطرّزة بهذه الأبيات، وقرأتها لها أكثر من مرة وحاولت إيصال ما بها من مشاعر، وعندما قدمتها بين يديها وعانقتها كانت في صدري أمنية واحدة أردتها أن تتحقق وهي أن نعود أنا وأشقائي وشقيقاتي للاحتفال بها مجدداً العام القادم، وقبل أن تتحقق هذه الأمنية هذا العام بأسابيع ثلاثة، اختار الله لها ولنا أمراً آخر، وتوقف ذلك القلب عن النبض، ولم أعد أرى في مكانها الدافئ الذي نعتم فيه معها، سوى تلك الصورة الصامتة المطرزة بتلك الأبيات.

أعلم أن الحياة لن تقف بعد أن توقف قلبها عن النبض، ولكن وددت أن أبعث عبر هذا المقال رسالة لكل من له أمٌّ تتنفس، بأنّ اللحظات معها لا تقدر بثمن، وأنها لا تستحق عيداً واحداً وهو يوم 21 مارس فقط، بل تستحق 365 عيداً في السنة، قبل أن يصبح العيد معها من الذكريات.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 4943 - السبت 19 مارس 2016م الموافق 10 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 4:08 ص

      لطفاً بقلوب خسرت جنتها

    • زائر 32 | 4:42 م

      كلمات. مؤثرة ٌتبكي العيون. بالفعل عيد الأم لايقتصر ع ٢١ مارس وإنما كل يوم نجتمع فيه معها ونرى ابتسامتها الجميلة ونتشرف بتقبيل جبينها ونتسامر معها الأحداث فهو عيد وأحمل الأعياد

    • زائر 31 | 4:03 م

      كنت أخصص لأمي مبلغا من راتبي حيث أهديها كل نهاية شهر شيء ما وذلك بسبب ظروف عملي التي كانت تبعدني عنها طوال الشهر ، لازلت أذكر كيف كانت ترتقب هذا اليوم وكيف كانت تستقبلني حتى شاءت مشيئة الله وأخذ الحزن قلبي وبت لا اعرف ماذا افعل الا ان اقترح عليَّ صديق لي ان أتصدق باسمها وازور قبرها في مثل هذا اليوم فأهديها وأزورها كما لو كانت موجوده . أنا الان أشكر صديقي وأدعوا لوالدي ووالدي المؤمنين بالرحمه والمغفرة

    • زائر 29 | 1:26 م

      على الجرح اول سنة لا تكون والدتي بيننا لقد اختارها الله قبل 5 أشهر تركت جرح في قلبنا لا يزول رحمك الله يا أمي وجعل مثواك الجنة اكتب هذه الكلمات وعيناي مغرقتان بالدموع الأم لا تعوض بفلوس الدنيا
      نصيحتي إلى الي عنده أم قبل يدها كل وقت بيجي يوم تتندم على هاللحظه

    • زائر 28 | 11:48 ص

      آه على الأم

      أبكيتني وسالت دموعي حبا في الأم وشعورا بكلماتك ، الله يرحم والديك والمومنين والمومنات

    • زائر 27 | 10:29 ص

      زوجي كلما حن لأمه زار قبرها وقرأ الفاتحة لها , وبذلك تتحسن نفسيته وله الاجر.

    • زائر 34 زائر 27 | 10:24 ص

      رحمها الله

    • زائر 26 | 10:27 ص

      لا زال في الوقت بقية , أهل البيت سلام الله عليهم يوصونا ببر الوالدين حيين أو ميتيين , بأهدائهم ختمة قرآن أو سور أو التصدق بأسمهم فالهدايا للميت تصل على طبق تنير قبره حتما دون شك . اللهم صل على محمد وآل محمد . أم مروه

    • زائر 25 | 8:46 ص

      عيد الام

      وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ويرحم موتاكم وموتى. المؤمنين والمؤمنات

    • زائر 24 | 8:41 ص

      وبالعكس تماما فقد دعيت كل اَهلنا وصار عيد الام العام الماضي أكبر تجمع للعائلة وكأنه الوداع الأخير لست الحبايب أمي الله يرحمها
      والسنه هذي وحشه ومؤلمة جدا عيد الام بلا ام

    • زائر 23 | 8:32 ص

      ورحم الله غاليتنا ????وكأنك تعيد نفس السيناريو لنا مثلما حدث لكم حدث لنا _يارب العالمين ارحمهما وجازهما بالإحسان إحسانا وبالسيئات رحمة وغفرانا ????

    • زائر 22 | 8:28 ص

      رحم الله الفقيدة واسكنها فسيح جناته

    • زائر 21 | 8:19 ص

      بصراحة المقال ابكاني كثيرا
      ربي احفظ امي لنا بصحة و عافية اعوام مديدة يا رب

    • زائر 20 | 8:08 ص

      الله يرحمها ويرحم جنتي نفس موقفي العام الماضي وياي جنتي واليوم مكانها خالي

    • زائر 19 | 7:39 ص

      جزاك الله خيرا استاذي العزيز اجريت دمعي وانا اقراء ما يجول في مقالك الذي لا مسي احشاء قلبي الله يرحمها برحمته الواسعه ويغفر لها والي كل ام رحلت عن الدنيا

    • زائر 18 | 7:32 ص

      اللهم ارحم امي وامهات جميع المؤمنين وانر قبورهم

    • زائر 16 | 5:58 ص

      لي حكاية أخرى

      مارس شهر مميز في الذاكرة كنت وأختي نتقاسم الاستعداد لعيد الام وكل عام نقدم مفاجئة الحضور مختلفة للام التى تكرر لا داعي لكل ذلك ونجد دمعها ينحدر وتنظر للباب حينا وللهاتف أخرى علهم يحضرون تقولها لا اريد الورد والهدايا أريدكم حولي العام الماضي غادرت أختي بعد شهور صعبة مع السرطان ضيف البيوت الكريمة ولكنها حضرت هدية أمي قبل ٣ أشهر وحرصت ع التأكيد أعطيها أمي أخاف أنسى وكنت أبتسم لاني أعرف بأن الفرح سينساني في مارس وتحول لشهر حزن وألم واليوم لازالت تتذكر وتنتظر وتسأل هل خبأت أختك هدية هذا العام ????????

    • زائر 30 زائر 16 | 3:02 م

      أنت حقا قد

      أبكيتني لكن هديتي لأختك ثواب سورة الفاتحة المباركة نعم قد تلوت الفاتحة وأهديت ثوابها لروحها والتمس ممن يقرأون هذا التعليق بدء بالمحرر الكريم أن يفعلوا ما فعلت ولهم الأجر والثواب وإلى أمواتنا وأمواتكم وأموات المؤمنين الرحمة والمغفرة والرضوان .... اللهم صل على محمد وأل محمد .

    • زائر 15 | 5:33 ص

      اللهم ارحم الأمهات اللاتي بجوارك واحفظ الباقيات منهن واجعلنا من البارين بوالدينا والمتنفسين عبق الجنة من تحت أقدام امهاتنا. ...

    • زائر 14 | 4:55 ص

      رحمك الله جدتي الغالية ...
      وعيدك عن في الجنة اجمل ان شاء الله
      سلمت اناملك عمي العزيز

    • زائر 13 | 4:30 ص

      الله اساعد الامهات الي اولادهم قابعين فى السجون وساعد الامهات الي ازواجهم قابعين فى السجون المشتكى لله ولا عرفنا السعاده فى هاده البلد السعاده فقط الى الاجنبي والمواطن الجديد بعد المشتكى لله وقاتل الله الجهل

    • زائر 12 | 4:25 ص

      عمل خير عنها

      يمكنك التصدق. عنها في هاليوم او قرآة ختمة يشترك فيها افراد العائلة او اي عمل خير

    • زائر 11 | 3:28 ص

      رحمة الله عليها ،،،إذن لم يطل الوقت

      ولو أنني لم أرتب له على هذا النحو وأتمنى أن يكون جزائي من الله غير منقوص برياء أو منة لكني أقول لك يا أستاذ أنني لم ألتق معك شخصيا إنما كلمتك عبر الهاتف قبل بضع سنين وأنت في مقر الجريدة مع المحررين عندما أردت أن أكلم أي شخص حول خبر منشور في الصحيفة وتحينت الفرصة لأشكرك على ماتطرحه من مواضيع مختلفة، عموما أنا لا أعرف السبب ولكن هو تدبير الله إذ ما أن وقفت على خبر نعي والدتك حتى صرت إليه متعجلا بنسخه وتوزيعه على قائمتي في موقع التواصل لأخبر الأهل جميعا ليذكروا الفقيدة بالرحمة والدعاء والمغفرة.

    • زائر 10 | 2:50 ص

      اللهم أرحم الامهات الماضين ويطول عمر الباقين بالصحة يارب . اللهم صل على محمد وآل محمد.

    • زائر 9 | 1:57 ص

      آه .. كم تعودنا أن نحتفل بعيد الأم بحضور جدي وجدتي ..
      ليسرق العمر منا جدي قبل شهر وأنا التي كنت أفكر ماذا سنهدي جدنا هذا العام
      رحمك الله يا جدي .. أيتمتنا

    • زائر 8 | 1:49 ص

      الى رحمة الله

      عظم الله اجركم واسكنها فسيح جناته

    • زائر 7 | 1:35 ص

      الله يرحم الاموات ويطول فى عمر الاحياء منهن

    • زائر 6 | 1:23 ص

      اسعدوا وبروا امهاتمكم

      استغلوا اوقاتكم مع امكم سيأتي يوم تتحسفون على ضياع لحظه لم تكونوا فيها مع امكم كفى بها انها ام

    • زائر 5 | 12:38 ص

      إلى رحمة الله وغفرانه يا استاذ عقيل نعم سوف يضل هذا الفراغ الكبير تشعر به في كل ايام السنة وستتذكرها كما انا اتذكرها فمملكتها مبنية بيديها ونحن من تحت يديها نشأنا وترعرعنا في كنفها الدافئ الحنون الذي لم نعرفه حق المعرفة ولم نفها بل لم نكن نستطيع أن نفيها حقها
      ولكن هذه مشيئة رب العباد على العباد
      لروحها ولأروح المؤمنين والمؤمنات الفاتحة

    • زائر 4 | 11:50 م

      الله يرحم جدتي الغالية ويسكنه فسيه جناته والله المستعان

    • زائر 3 | 11:37 م

      مؤلم هذا المقال

      وخصوصا لمن يعيش موت الفراق .. بعد رحيل أمي وانا اتجنب هذا اليوم .. لا احب ذكره رغم ان لي ابناء.. اخترت موت الفراق على الم فراق الأحبة .. رحم الله موتى المؤمنين والمؤمنات واسكنهم فسيح جناته بحق محمد وال محمد

    • زائر 2 | 11:31 م

      ستراوي

      الله يرحمها برحمته الواسعة والخلف براسكم

    • زائر 1 | 11:14 م

      آه يا أماه

      ما أقسى الزهايمر يا رب ألطف بأمي كل سنة وأنت بألف خير

    • زائر 17 زائر 1 | 7:24 ص

      اللهم ارحم من في القبور .. ربي اجزل عليهم عظيم رحمتك يارحمن.. رحمك الله يا ام عبدالجبار..
      ثق اخي بان الميت احوج للهدية واكثر انس من الحي .. فلازالت هناك خيارات عديدة وطرق مختلفة لعدم اجحافها في مثل هذه المناسبة وادخال السرور على روحها من اقامة مجالس ذكر اهل بيت محمد(ع) وختمات قرآنية على روحها مستغلاً عدد افراد العائلة وتكون بذلك احييت المناسبة باسلوب مختلف ولكن بتواصل لعادة سنوية.
      شكرا

اقرأ ايضاً