العدد 4984 - الجمعة 29 أبريل 2016م الموافق 22 رجب 1437هـ

فيلم Rickie and the Flash: مفاجأة من ستريب وابنتها... فقط!

تبهر الفنانة ميريل ستريب جمهورها دائماً بمواهبها ومهاراتها الفنية والأدائية العالية التي لا حصر لها. إذ إنه وبالإضافة إلى كونها ممثلة قديرة متمكنة من تقمص أصعب الشخصيات وتقديمها بشكل مقنع للغاية، وهو ما أكسبها ما يقرب من 163 جائزة وتكريماً من مختلف المهرجانات والمحافل السينمائية الدولية المهمة وما يزيد على 300 ترشيح لجوائز أخرى، فإنها تفاجئ جمهورها بين الفينة والأخرى بمهارات وقدرات جديدة قد لا تخطر على بال أحد، وخصوصاً وهي تناهز عامها السادس والستين.

آخر مفاجآتها تلك، جاءت عبر واحد من آخر أفلامها هو فيلم Rickie and the Flash (2015) الذي تظهر فيه في دور مغنية روك، تعزف على الجيتار وتؤدي مختلف أغنيات الروك ومن بينها أغنية ليدي غاغا Bad Romance . نعم تؤدي ستريب نفسها الأغنيات وتعزف هي بنفسها على الغيتار. بالطبع هذه ليست المرة الأولى التي تغني فيها ستريب في أفلامها، شاهدناها مسبقاً في Mamma Mia (2008) الذي قدمت فيه استعراضات غنائية رائعة وبدت خفيفة ومرنة الحركة بشكل قد لا يتناسب مع عمرها حين أدت الدور، حيث كانت في نهاية خمسيناتها. كذلك غنت ستريب في فيلم Into the Woods (2014) وحصلت على جائزة عن أدائها في هذا الفيلم وعدد من الترشيحات لجوائز أخرى أهمها أوسكار أفضل ممثلة في دور مساعد. لكن في هذا الفيلم Rickie and the Flash تبدو ستريب أكثر إثارة وإبهاراً لجمهورها فهي لا تكتفي بالغناء لكنها تعزف الجيتار بشكل جيد أيضاً.

تؤدي ستريب في الفيلم الكوميدي الدرامي دور ريكي، نجمة الروك التي تترك عائلتها في شبابها لتلاحق حلم نجومتيها ذاك. بالطبع تخسر كل شيء بدءاً من زوجها بيت (كيفن كلاين)، وصولاً إلى أبنائها الثلاثة جولي (مامي غومر)، وجوشوا (سباستيان ستان) وآدم (نيك ويسترات). تنقطع العلاقة تماماً بينها وبين أفراد أسرتها لكنها تحصل يوماً على فرصة لتصحيح اخطائها.

ليس هناك الكثير للتحدث عنه في هذا الفيلم، بل ربما أفسدت كتابتي متعة الفيلم «القليلة» التي سيجدها مشاهده، لكن ما يميزه وما قد يعطيه وزناً هو أداء ميريل ستريب أولاً، الأداء القوي المتمكن الذي نتحدث عنه والإكتشاف الجديد في قدراتها اللانهائية، وثانيا الإكتشاف المبهر المتمثل في الممثلة مامي غومر التي تؤدي دور جولي ابنة ريكي في الفيلم.

الأمر المميز والطريف والذي ينبغي الإشارة إليه هو أن غومر هي في الواقع ابنة ستريب، كما هي في الفيلم. وعلى ما يبدو فقد ورثت غومر الكثير من موهبة والدتها وقدرتها على تقمص الشخصية مهما بلغت صعوبتها. فها هي هنا تؤدي دور ابنة ريكي التي تخسر زوجها بعد أن يتركها من أجل امرأة أخرى، فتصاب بحالة اكتئاب حادة، تتطلب أن يسعى والدها «بيت» إلى الاتصال بوالدتها ريكي التي هجرتها منذ طفولتها وسافرت لتعيش في كاليفورنيا وذلك لتحضر إلى انديانابوليس حيث تعيش أسرتها، ولتحاول انقاذ ابنتها ومساعدتها على تخطي أزمتها.

غومر لا تتمكن فحسب من أداء دور الفتاة المكتئبة التي لا تغير ملابسها ولا تمشط شعرها والتي تظهر أمام الكاميرا بوجه باهت خال من أي من مساحيق، كسيرة القلب الجريحة الغاضبة التي تود أن تصب جام غضبها على كل من حولها، لكنها تبرع أيضاً في إيصال مشاعرها العدائية تجاه والدتها الناتجة من غضب سنوات طويلة وجروح قديمة. بدت غومر مقنعة تماماً، قوية في أدائها مبهرة في تمكنها.

لكن في مقابل أداء ستريب وابنتها، وعلى رغم وجود مخرج قوي للفيلم هو جوناثان ديم وهو ذاته مخرج أفلام تركت أثرها مثل «صمت الحملان» Silence of the Lambs، فيلادلفيا Philadelphia، وفيلم The Manchurian Candidate وغيرها. على رغم ذلك لن نشاهد فيلماً قوياً يبقى الكثير منه في الذاكرة بعد انتهائه؛ ربما لأن حبكته السينمائية التي كتبتها ديابلو كودي ضعيفة، مهلهلة، ناهيك عن حواراته ومنطقه الكليشيهيالمبتذل الذي يذكر بأفلام المراهقين. ديابلو كتبت نصوص عدد من الأفلام لم ينل أي منها شهرة كبيرة، وعلى ما يبدو من نصها هذا فهي غير متمكنة من السيطرة على كتابتها السينمائية وإمساك خيوط الحبكة السينمائية. ففي الوقت الذي بدأ فيه النص يغوص عميقاً في تفاصيل مشاعر الأم وأبنائها والزوج وتأثيرات عودتها إلى حياة الأسرة، الأبناء خصوصاً، وما خلقه ذلك من ألم في نفوسهم ظهر في صورة عداء أو تنكر للأم، واعتقدنا اننا سنسير باتجاه معالجة درامية ناضجة، إذ بنا نجد الفيلم ينحو منحى سأسميه مضحكاً هزيلاً. لدينا ريكي مثلاً التي يرفضها الجميع حين تزور ابنتها في انديانابوليس، بدءاً من ابنتها وصولاً إلى جميع المدعوين في حفل زفاف ابنها، إلا أنها تتمكن بشكل غير منطقي من كسب قلب ابنتها التي بدت ماقتة لوالدتها في مشهد اللقاء الأول بينهما. والفيلم يبرر ذلك بأن «الابنة تحتاج والدتها في بعض الأحيان»!!.. وحتى الأبناء الذين بدا أحدهما معادياً بشكل كبير لوالدته فيما بدا الآخر خجلاً منها أمام خطيبته، تقبَّلاها بشكل سريع وغير مبرر ولا منطقي حين حضرت الزفاف مع صديقها وزميلها في الفرقة غريغ (يقوم بدوره ريك سبرنغفيلد). المضحك أن الفيلم يجعل حتى المدعوين في حفل الزفاف ممن بدوا متعالين على وجود ريكي بدايه، كارهين تواجدها وصديقها في حفل الزفاف، حتى هؤلاء انخرطوا في حفلة رقص جماعي استجابة لأغنية قدمتها ريكي كهدية لابنها وزوجته لأنها لا تملك شيئاً آخر تقدمه لهم!!

هذا الفيلم لا يملك الكثير، منطقه ضعيف وحبكته مهلهلة، لن تتذكر الكثير منه حال خروجك. حسنته الوحيد تتمثل في أنه قدم مفاجأة جديدة من ستريب هي العزف على الغيتار، وأبرز موهبة ابنتها وإبداعها وأثبت بأن «ابن الوز عوام»، والحق يقال فإنه لولاهما أي ميريل وابنتها، لما استحق الفيلم قضاء وقت لمشاهدته.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:06 ص

      بدون اي مجاملة, ابداع وتالق في التحليل. كل من يقرا مقالك, سيقوم بمشاهدة الفيلم.
      نقطة مهمة, من المفروض ان تقوم صحيفة الوسط باصدار قرص رقمي يحوي على كل كتاباتك والمواضيع الفنية و الثقافية ويهدى مجانا للمشتركين في نهاية كل عام. ويوزع للبيع بسعر رمزي لتغطية التكاليف.

    • زائر 1 | 3:52 ص

      السلام, شكرا على التحليل المثير. ان شفت الفيلم ولم اتوقع ان تكون ميرل ستريب ان تكون تعرف العزف, لانه في العادة, هم يقومون بتحريك الشفاه, الفيلم, عمومل مسلي ويستحق المشاهدة ولو لمرة واحدة. شكرا للكاتبة على تميزها في سرد ونقد الفيلم. انتي كنز للوسط

اقرأ ايضاً