العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ

ثقافة «ري الأرض»: الاحتياجات المائية وتصنيف الأراضي الزراعية

من أهم أنواع الأراضي الزراعية الكبيرة: الدولاب والزراعة والنخل
من أهم أنواع الأراضي الزراعية الكبيرة: الدولاب والزراعة والنخل

المنامة -حسين محمد حسين 

تحديث: 12 مايو 2017

ذكرنا في الحلقة السابقة، أن عملية ريّ الأراضي الزراعية بالماء تحتاج إلى العديد من المعارف الأساسية، منها عملية توقيت عمليات الريّ، التي سبق الحديث عنها. ومن العمليات المهمة أيضاً، اختيار طريقة الريّ، حيث أن الأراضي الزراعية في السابق لم تكن مستقلةً في الحصول على الماء، بل إن مصادر المياه تكون مشتركةً بين عدة أراضٍ، ويتم تقاسم الماء بين ملاك تلك الأراضي.

وقد وضعت عدة قوانين لتنظيم عملية تقسيم الماء على الأراضي الزراعية، كل أرض بحسب مساحتها واحتياجاتها. وكانت الأراضي الزراعية مقسّمة لعدة أنواع، ولكل نوع مسمى خاص به.

ومن المعايير المهمة لتصنيف الأرض، مساحتها ونوعية ما يزرع بها، والتي على أساسها تحدّد الاحتياجات المائية. ويضاف لهذا المعيار، معايير أخرى منها طريقة الري المستخدمة (وهي معتمدة في الغالب على المساحة)، ومدى قرب الأرض المزروعة من المناطق السكنية، ومدى تباعد أو تقارب الأشجار وتشابكها مع بعضها البعض. وعلى هذه الأسس أوجدت العامة عدداً من المصطلحات التي تستخدمها في وصف الأراضي المزروعة منها: جوبار، سطر، عكرة، صرمة، دالية، دولاب، رفض، نخل، برية، زراعة (Serjeant 1993)، (خوري 1983، ص 62 - 64).

ويضاف لهذه الأقسام، الأراضي غير المزروعة، وهي المضعن والبر. ولم يعد يُستخدم من هذه المصطلحات حالياً إلا القليل. ويمكننا أن نصنّف تلك الأنواع المختلفة من الأراضي، في ثلاث مجموعات أساسية وهي: أراضي لا تسقى، وأراضي زراعية صغيرة لا تحتاج لعيون أو آبار أو آلات ري معقدة، وأراضي زراعية كبيرة.

الأراضي الزراعية التي لا تُسقى

يمكننا تمييز أربعة أنواعٍ من الأراضي الزراعية التي لا تُسقى، وهي الرفض والجلحة والمغارس والبرية، وتتميّز هذه الأنواع الأربعة من الأراضي الزراعية بأنها لا تُسقى من أي مورد مائي وإنما تروى مباشرةً من المياه السطحية المتوفرة في الأرض، وذلك عن طريق حفر حفرة حتى تخرج المياه الجوفية (وتُعرف هذه الحفرة حينها بالمغرس)، وبعد ذلك تُوضع الفسيلة في الحفرة؛ وبذلك تستمد الفسائل مياهها من المياه السطحية مباشرةً. ويعتنى بالنخيل سنةً بعد سنةٍ، حتى يصل إلى سطح التربة. ويتأخر النخيل المزروع بهذه الطريقة ولكنه لا يحتاج إلى الريّ متى اكتمل نموه.

وتختلف هذه الأنواع الأربعة باختلافات طفيفة، وربما عُمّم اسمٌ واحدٌ على هذه الأنواع جميعها. فالرفض عبارةٌ عن قطعة أرضٍ صغيرةٍ مزروعةٍ لكنها غير مروية لارتفاعها عن مستوى المياه المحيطة بها. أما المغارس فهي أرض مستوية لكنها بعيدة عن مصادر المياه وتكون قريبةً من المنازل السكنية. أما الجدحة فهي قطعة أرضٍ في الغالب منخفضة تحيط بها مرتفعات وتكون نخيلها قريبة جداً ومتداخلة، بينما البرية تتميّز بكونها واسعة الأرجاء وأشجار نخيلها أكثر تفرقاً وانتشاراً من أشجار الأراضي الزراعية السالفة الذكر.

الأراضي الزراعية الصغيرة

ويمكننا تمييز خمسة أنواعٍ من الأراضي الزراعية الصغيرة وهي: العكرة والجوبار والسطر والصرمة والدالية، وتتميّز هذه الأنواع من الأراضي الزراعية بصغر مساحتها، وتتميّز الأنواع الثلاثة الأولى منها (أي الجوبار والسطر والعكرة) بأنها ذات أشكال غريبة ومساحات مختلفة، وقليلة القيمة الزراعية، وتتداخل بين قطع وبساتين كبيرة. ولكل نوعٍ من هذه الأنواع الثلاثة ميزةٌ تميّزها عن الأخرى، فالعكرة هي قطعةٌ صغيرةٌ جداً تترك عادةً دون زراعة لأنها تقع ضمن ممتلكات الغير. أما الجوبار والسطر فهي عبارةٌ عن شريطٍ ضيّقٍ من الأرض، يقع على مجرى مياه الري أو بين قطعتين كبيرتين.

أما الصرمة أو القطعة، فتختلف عن الأنواع الثلاثة السابقة في الشكل والقيمة، ولكن لازالت تعتبر من الأراضي الزراعية الصغيرة، فالصرمة عبارة عن بستان صغير عرضه 9 أمتار - 15 متراً، وطوله بين 15 و30 متراً، ويقع عادةً بالقرب من القرية، وكثيراً ما يستخدم لزراعة الخضار. وأما الدالية فهي بستانٌ من النخيل مربع الشكل، أكبر من الصرمة طوله بين 18 و30 متراً، والاسم مشتق من الدلو، وهو الوعاء المستخدم في الريّ، حيث تسقى الدالية باليد باستخدام الدلو، وهو وعاء يصنع من الجلد.

الأراضي الزراعية الكبيرة

من أهم أنواع الأراضي الزراعية الكبيرة: الدولاب والزراعة والنخل. أما الدولاب فهو بستانٌ كبيرٌ مخصّصٌ في الغالب لزراعة النخيل طوله بين 60 و122 متراً وعرضه بين 30 و60 متراً، وهو يسقى بالزاجرة. ومنه جاء اسمه دولاب حيث أشتق الاسم من الدولاب وهو العجلة التي تدور. وأما الزراعة فهي القطعة المخصصة لزراعة الخضار وعلف المواشي، ويتراوح طولها بين 183 و213 متراً وعرضها نحو 183 متراً. ويزرع أحياناً بها أشجار النخيل التي ما أن تبلغ نضجها حتى تسمى الأرض حينها «نخل» (أو أنخيل). و»النخل»، وهي الأنواع الأكثر انتشاراً، عبارةٌ عن أرض يتراوح طولها بين 300 و1524 متراً وعرضها بين 60 و153 متراً، وقد تكون مربعة الشكل أو مستطيلة أو دائرية أو نصف دائرية. ويوجد نوعان من النخل:

أ. نخل السيح، وهو النخل الذي يروى عن طريق «الساقية» أو «السيبان»، أي القنوات المائية العميقة التي تنقل المياه من أقرب الينابيع العذبة.

ب. نخل الغرافة، وهو النخل الذي يُسقى بالغرافة، وسنأتي على تفاصيل الغرافة لاحقاً.

وختاماً، بعد أن يتم تصنيف الأرض الزراعية يتم اختيار الاحتياجات المائية لها، وطريقة الريّ المناسبة لها، وهذه الاحتياجات كانت خاضعةً قديماً لعدة تشريعات عرفية سوف نتناولها بالتفصيل في الحلقات المقبلة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً