تبدأ الدكتورة ألكا جوبتا كل يوم العمل بشغف، وتقول بابتسامة واصرار: «لو عاد الزمن 30 سنة للوراء، واستطعت أن أبدأ مشواري المهني من جديد، وأختار أي وظيفة تروق لي، أو أي تخصص فرعي في الطب، لأخترت الطريق نفسه».

ألكا طبيبة وجراحة أمراض النساء في المستشفى الإرسالية الأمريكية، وتزوال مهنة الطب في البحرين منذ حوالي 26 سنة، وسبق أن عملت في مستشفى السلمانية و المستشفى العسكري أيضاً. وقالت د. ألكا: «أمي كانت طبيبة أمراض النساء وأختاي الأكبر مني سناً يزاولان التخصص نفسه، فهذا نهج العائلة».

عندما تقارن د.ألكا وضع طب النساء الحالي بالأوضاع في الربع القرن الماضي، ترى تطوراً في علاج العقم، وتوضح بالقول أن الأطباء في متناولهم أدوات متخصصة وطرق علاجية أكثر، مثل الموجات الفوق الصوتية للمهبل Vaginal Ultrasound، والتخصيب في المختبر (أطفال الأنابيب) المتوفر في بعض مستشفيات البحرين. وهذه خطوة هامة تمنح الأمل للكثير من العوائل التي تتحرق شوقاً للإنجاب.

ومن أكبر المشاكل الصحية التي تواجه مرضى عيادتها ، السمنة، وتوضح د.ألكا بأن: «ارتفاع ضغط الدم، وخمول الغدة الدرقية والعقم، شائع جداً (..) وهناك الكثير من المشاكل الصحية تسببها السمنة».

قبل الدخول لإجراء اللقاء، لاحظت أسرة “الوسط الطبي” لافتات بقرب مقاعد الإنتظار تحث على سؤال الطبيب وتقترح بعض الأسئلة الأساسية التي يستطيع المريض الإستعانة بها للإستفادة بشكل أكبر من زيارة الطبيب.

في ما يتعلق بهذا الموضوع، تقول د.ألكا إن ذلك يدخل في إطار علاقة المريض بالطبيب وأهمية الحوار أثناء الزيارة وتلقي العلاج. وتضيف: «دائماً أقول لمرتادي العيادة أكتبوا (الأسئلة التي تخطر على بالكم)، واستعينوا بالهاتف الذكي لأنه يسهل عملية الكتابة، ويغني من الورقة والقلم. فالسؤال باب من أبواب المعرفة ومن شأن ذلك إلمام المريض بحالته الصحية وبالأدوية التي يتناولها وتأثيرها على الجسد». وأكملت أن علاقة الطبيب بالمريض لا تقتصر على الأسئلة فحسب، فالتثقيف الطبي في غاية الأهمية.

وتبيّن د. ألكا: «عندما تأتي مريضة لزيارتي، بالإضافة لتقديم الاستشارة الطبية أحب تثقيفها وتوعيتها صحياً بأساليب مختلفة ومنها رسم أمثلة توضيحية. والممرضات في المستشفى يتبعن نفس النهج، ويحاولن تعليم المرضى كيفية فحص الثدي، والرضاعة الطبيعية، وطرق التعامل مع المشكلات الصغيرة التي قد يواجهنها».

ورأت أن الحوارية بين المريض وطبيبه عن طريق الأسئلة رفع من مستوى المعرفة والتثقيف الصحي بين المرضى، وقالت: «أعتقد أنه كل 8 من 10 مرضى يكتبون أسئلتهم، ومن دواعي سرورنا الجواب عليها، فنحن نتخذها فرصة لتثقيف المريض، ومساعدتهم التخلي عن العادات الخاطئة، كالإستعمال المفرط للمضادات الحيوية، أو إستعمال المضاد عند الاصابة بالفيروس، والذي لايؤثر فيه هذا النوع من الأدوية».

وترى د.ألكا أن نسبة استخدام المضادات الحيوية في المستشفى الأمريكي انخفض وبقوة، والآن تتساوى مع المستويات والضوابط الدولية.

بالإضافة الى ذلك تشير د.ألكا للمزيد من الاعتقادات الخاطئة الشائعة في البحرين، مثل وضعية الحامل أثناء النوم ( تغيير الوضعية بالتحديد). فالبعض يظن أن تغيير الوضعية يحرك الحبل السري ويجعله يطوق رقبة الجنين. ومعتقد آخر يتعلق بالنظام الغذائي للحامل، فتقول: «تناول الباباي أو الأناناس لا يسببان الإجهاض، فكل شي مأخوذ بالإتزان لا يضر الأم وجنينها. فهما نوعان من الفاكهة وتأثيرهما كغيرهما من أنواع الفواكه الأخرى».

كما تنصح د.ألكا جميع مرضاها بالالتزام بالنظام الصحي، وتقول: «حتى ننعم بصحة مثالية يجب أن يكون لدينا نظام غذائي متزن، وأن تصبح مزاولة الرياضة جزء من حياتنا اليومية، بغض النظر عن انشغالاتنا. وليس من الأهمية الاشتراك في نادي صحي باهظ الثمن، ولكن الرياضة الخفيفة الروتينية، كالمشي السريع لمدة 30 دقيقة يومياً تفي بالغرض». وتؤكد: «نحن دائماً بحاجة الى تخصيص وقت لأنفسنا».

عندما تسترجع الدكتورة مشوارها مع الطب، تتيقن بأن الشغف وحب المهنة عامل هام للتطور والنجاح، ولذلك تنصح أولادها دائماً باختيار ما يشغفون به، مضيفة بأنها مازالت تحب الاستيقاظ في الصباح والتوجه الى العمل.

وختمت اللقاء معبرة عن حبها لمهنتها، قائلة: «عمري فاق الخمسين، ولكنني لازلت مليئة بالحماس. أعرف بأن القليل من الناس يحب وظيفته ، وأنا من الأقلية المحظوظة».