العدد 5052 - الأربعاء 06 يوليو 2016م الموافق 01 شوال 1437هـ

القوة والضعف بين الحركة والثبات

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

جميعنا لدينا جانب من القوة وجانب من الضعف، يزداد أحدهما عن الآخر، وتختلف درجتهما من شخص إلى آخر وبين فترة إلى أخرى، ولطالما هناك سؤال دائماً نوجهه لأنفسنا ولو سراً: هل نحن أقوياء أم ضعفاء؟ وهل لدينا من القوة ما يؤهلنا لنقرّر ونغيّر أم ضعفاء تأخذنا الرياح حيثما هبت؟ القوة والضعف كفتا ميزان، الإنسان وحده هو من يستطيع أن يحركهما كيفما يريد.

القوة هي نقيض الضعف، وجاءت لغوياً بمعنى الطاقة، وذكر ابن منظور بأن القوة هي الخصلة الواحدة من قوى الحبل، أما اصطلاحاً فالقوة هي: مبعث النشاط والنمو والحركة، وتنقسم إلى طبيعية وحيويّة وعقلية، كما تنقسم إِلى باعثة وفاعلة. وقد أطلقت القوة على تسميات متعددة منها كما يقال القوات المسلحة لفرق الجيش في البر والبحر والجو، والقوّة العاملة وتطلق على عدد القادرين على العمل في بلد ما أو مؤسسة.

وفي القرآن الكريم تكرّرت لفظة القوة نحو 32 مرة، إذ يقول عز وجل مخاطباً النبي يحيى: «يا يَحْيَى خُذِ الكتابَ بقُوَّةٍ» (سورة مريم، الآية 12). وقد شملت الآيات الكريمة القوى بجميع أنواعها، كما تطرّقت إلى مفاهيم القوى لدى الأمم السابقة، ومن هو القوي لديهم، كما أن القرآن الكريم عرض تصوراً جميلاً لمن ينهك قوته بحماقته ليعود لحالة الضعف والهشاشة من جديد، ويتضح ذلك في قوله تعالى «ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلَها من بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا...» (سورة النحل، الآية 92).

لكل إنسان منا نقاط قوة وضعف، وهي تعتبر معياراً ومقياساً يحدّد على أساسه جملة من السمات والخصائص التي تشكل شخصية الإنسان، فمنها ما هو عضلي ومنها ما هو عقلي. فقوة الشخص تعني إيمانه بذاته وثقته بنفسه وبقدراته وإمكانياته وذكائه، وبعضهم تكمن قوته في المرونة العالية على التكيّف مع الوضع من حوله مهما ساء أو اختلف مع درجة ما اعتاد عليه سابقاً، وربما تكون قوة المرء في ثباته على موقفه وعدم الضعف أو التردد في الاختيار واتخاذ القرار، أما الضعف فقد يكون التهرّب وعدم القدرة على المواجهة، أو عدم إبداء الرأي والتعبير عن الذات والخوف ممن حولنا، وعدم القدرة على التكيف مع الأوضاع المتقلبة في الحياة.

التفاوت بين الأفراد هو محل قلق لدى الناس، ولكن هل بإمكان كل واحد منهم أن يتقدّم ويزيد من نسبة قوته؟ الخبير الإداري تشارك مارتين قدّم إجابةً لسؤال: لماذا تبدو أحد المهام سهلة عند البعض وعسيرة عند آخرين؟ وقدّم عرضاً تفصيلياً عبر كتابه «المهارات التنفيذية» لمواطن القوة ومواطن الضعف للإنسان، وكيف يستثمر مهاراته القوية ويتجنب إضاعة الوقت في العمل على المهارات الأقل التي لا أمل من تطويرها. اثنتا عشرة مهارة أساسية قدّمها مارتين أبرزها التروي والتفكير قبل الفعل، القدرة على التعامل بهدوء تحت الضغوط المختلفة، التركيز والقدرة على إنهاء المهمات دون تشتت، التمتع بتنظيم ذهني ومادي، المرونة مع الاستعداد للتكيّف، والتخطيط والقدرة على ترتيب الأولويات، مع ذلك كله وضع مارتن تفاصيل لكل مهارة وطريقة لحل المشكلات العارضة.

لم يكن مارتن الوحيد الذي اشتغل بهذا الجانب؛ بل هناك الكثير ممن كتب، وفي عدة جوانب إدارية ونفسية وأخلاقية واجتماعية، لكن المسألة تبقى رهينة بالإنسان نفسه، وبالعرف الذي حوله، فمجتمعات تعطي القوة لمن يمتلك جسماً وعضلات، وبعضها لمن يملك عقلاً وحسن تدبير، وبعضها لمن يملك مالاً وجاهاً، لكن هل المجتمع هو من يفرض جانب القوة فينا أم هي ثقافة هي الأخرى بحاجةٍ لبلورة في عالم يضجّ بالقوى واختلاط المفاهيم؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 5052 - الأربعاء 06 يوليو 2016م الموافق 01 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً