العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ

تحسين منظومة القوانين الاقتصادية أساس لمواكبة التطور

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

ترتفع بشكل ملحوظ وتيرة أو حركة الاستثمارات وما يواكبها من ظروف اقتصادية متغيرة على الصعيد الاقتصادي الدولي والإقليمي. ولعل هذا التسارع الشديد في التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية سواء كانت أزمات وتداعيات متعلقة بأسعار النفط أو العملات أو غيرها، يجب أن يواكبه محليا تحركات سريعة متعلقة بقوانين الاقتصاد والاستثمار في البحرين بما يتماشى مع حجم وسرعة هذه التغييرات.

ولعل من هذا المنطلق نتوجه بالدعوة إلى المسئولين في المملكة بضرورة تحديث منظومة القوانين الاقتصادية والاستثمارية، وخاصة تلك التي مر على صدورها والعمل بها سنوات قد تصل إلى 50 عاما أو يزيد، وهو أمر بات حتميا في ظل التطورات التكنولوجية والاقتصادية العديدة التي بات يعيشها المجتمع بشكل يومي.

ومن باب الانتماء الواضح لمنظومة العمل الخليجية، ربما يكون من الأكثر وجاهة وملاءمة أيضا، تشكيل لجنة من الخبراء الخليجيين لدراسة القوانين في المنطقة ومحاولة وضع قوانين مشتركة تراعي الخصوصيات؛ لأن مثل خطوة كهذه من شأنها توسيع مجالات التعاون والشراكة وصولاً للمواطنة الخليجية التي نسعى جميعا لتحقيقها، على أن تكون هذه اللجنة دائمة وتقوم بعملها بشكل مستمر مع تزويدها بالعناصر المناسبة كلما كان هناك احتياج لذلك؛ لأن إصدار وتجديد القوانين يعتبر مسألة ديناميكية مستمرة ومرتبطة بأوضاع المجتمعات ونمو وتجددها.

ولعلي أؤكد هنا أن الحاجة لتعزيز تنافسية البحرين في بيئة الأعمال والاستثمار بشكل يلبي متطلبات تحقيق أهداف الرؤية 2030 ويعزز من ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال المحلية، مع أهمية وضرورة ترابط القوانين مع بعضها بعضا ووضوحها وعدم تناقضها، وكذلك عدم اختلافها مع القرارات والسياسات المختلفة في أكثر من مجال، ومنها مراجعة رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ذاتها، وتقييم ما تحقق منها وما لم يتحقق من أهداف من اجل تهيئة الأرضية المناسبة لتحقيق هذه الأهداف وبشكل سليم، وأدعو في هذا الإطار إلى استكمال وإقرار منظومة تشريعية حديثة ومتطورة باتت الحاجة إليها ملحة لتدعم نمو الاقتصاد البحريني، وتجعل من البحرين مقصدا استثماريا بارزا في المنطقة.

ويجدر الذكر هنا إلى أن مرئيات المحور الاقتصادي من حوار التوافق الوطني -الذي جرى في نهايات عام 2011 - وعددها 85 مرئية ركزت على جوانب التعاون بين الوزارات والأجهزة الحكومية في تحقيق كل ما من شأنه تطوير الاقتصادي الوطني، وخاصة فيما يتعلق بمرئية استكمال وتحديث منظومة القوانين والتشريعات التجارية بما يتواكب مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد البحريني... وبدأت في حينها وزارة الصناعة والتجارة بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية في مراجعة تحديث مجموعة من القوانين والتشريعات التجارية؛ كمشروع قانون حماية المنافسة، مشروع قانون حماية البيانات، مشروع قانون جرائم الحاسب الآلي، مشروع قانون بشأن التحكيم، ومشروع قانون بشأن الشركات التجارية.

لعل الحديث عن منظومة القوانين يجرنا للحديث بشكل أو بآخر للحديث عن الرسوم والضرائب، ولعل من اللافت حاليا أن هناك موجات متتالية من عمليات فرض الرسوم وربما الضرائب أيضا في المستقبل القريب، هذه الموجات المتتالية تستدعي من القائمين على منظومة إصدار القرار الاقتصادي المزيد من التريث والحذر؛ لأن العديد من البلدان والتجارب في هذا الشأن تشير بوضوح إلى أن هناك علاقة طردية بين فرض الرسوم والضرائب بشكل مبالغ فيه والتهرب من سدادها.

بمعنى أنه عندما تكون الرسوم أو الضرائب معقولة ومتوازنة تدفع الممول أو المستثمر أو التاجر -ايا كان اسمه- إلى الالتزام بها والحرص عليها، أما في حال المزايدة والمبالغة في فرض هذه الرسوم تجعل من نفس هؤلاء الملتزمين أشخاصا أكثر حرصا على التلاعب أو التهرب أو ممارسة إجراءات غير قانونية لشعورهم بالمبالغة وعدم أحقية الدولة في فرض مثل هذه الرسوم.

ويعتقد البعض أن زيادة الضرائب والرسوم تعني بشكل مؤكد أو مباشر زيادة حصيلة الدولة ومدخولها، لكن التجربة أثبتت فعليا العكس، وأنه كلما كانت الضرائب معقولة ولم تخل بميزان الاعتدال في العلاقة بين الطرفين كلما ارتفعت الضريبة، وهناك العديد من البلدان التي سجلت فعليا معدل تحصيل أعلى عندما خفضت الضرائب والرسوم؛ لأن التجار والشركات بدأت تبتعد عن أساليب التهرب؛ لأنها مكلفة أيضا وأخطارها أكثر، واتجهت إلى الالتزام والدفع المباشر للدولة بعيدا عن اتجاه الرشاوى مثلا أو التلاعب في الحسابات والأوراق.

الغلو أو المبالغة تخلق بشكل مباشر «سوقا موازيا آخر غير ملتزم» يمتص أموالا كان من المفترض أن تذهب لخزائن الدولة.

الملتزمون أيضا يجب أن يكون لهم نصيب من حسابات الدولة أو متخذ القرار، فليس من العدل أو المنطق أن يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، والذين يسددون والذين لا يسددون، والذين يقدمون أوراقا صحيحة وبأسعار حقيقية بأولئك الذين يقدمون أوراقا «نصف صحيحة» وبأسعار غير حقيقية، اعتقد أنه من العدل أن يتم التفريق بين الجانبين.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:04 ص

      اشكر الأخ السلوم على ما طرحه من نقطتين في منتهى الحساسية لتحسين البيئة الإقتصادية من الشلل التجاري والبيروقراطية المميتة ومن كثرة الرسوم والضرائب في ظل ازدواجية في بعض القرارات الإقتصادية التى لا تصب في مصلحة الشارع التجاري وبالأخص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .لذا نحن أصحاب الأعمال نشيد على ما ذكر أعلاه ونتمنى من الجهات الرسمية الأخذ بعين الإعتبار ما ذكر وعدم فرض أي رسوم أو ضرائب جديدة وإلغاء بعض ما سبق منها كا رسوم الصحية للبحرينين فا هذا نموذج فيت تضارب على سبيل المثال ...هشام مطر

اقرأ ايضاً