العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ

محطة ثقافية في سوق عكاظ... لماذا عكاظ؟

منصور القطري comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

سؤال وجدته يتردد في مسمعي بإلحاح شديد أثناء تواجدي بسوق عكاظ الثقافي بالطائف في دورته العاشرة كما وجدته يدفعني لتسجيل وقفة ثقافية أستهلها بالسؤال نفسه: لماذا عكاظ؟

عكاظ لها رمزيتها التاريخية والحضارية فهي كبرى أسواق العرب كانت تقام كل عام حتى سنة 129 بعد الهجرة إلى أن دمرتها فتنة الحرورية من الخوارج. تاريخياً كانت توجد في جزيرة العرب أسواق ثلاثة عكاظ واحدة منها بل ربما أكبرها وعكاظ لها أهميتها في المجتمع العربي وقد جرت العادة أن تقام سنوياً قبيل موسم الحج بمعنى آخر في الوقت نفسه الذي تقام فيه في هذا الشهر. ويقع المكان الذي تقام فيه على مسافة يوم من الطائف وثلاثة أيام عن مكة. وهي ليست سوقاً للشعر فقط كما قد يتبادر لذهن البعض بل للتجارة أيضاً وفيها مسرح يتبارى فيه الشعراء أمام حكام ونقاد يقرون القصيدة الفائزة. ومن المعروف تاريخياً أن سبعاً من أفضل القصائد الفائزة قد علقت على أستار الكعبة فسميت بالمعلقات.

اندثرت السوق وخفت صيتها فترة طويلة من الزمن إلى أن راودت فكرة إشعال جذوة الشعر والأدب في المكان نفسه وأن يتم إحياء عكاظ في موقعها القديم الشاعر والأديب الأمير خالد الفيصل الذي كان دوماً يردد «أريد رأيكم لا ثناءكم». وانسجاماً مع جماهير «تويتر» ورغبتها في الإيجاز المفيد... أقول اختصاراً: مهرجان هذا العام يعقد في دورته العاشرة. ومن بين الفعاليات التي يضمها مسابقات في:

الشعر العربي

والتصوير الضوئي

وشعر الشباب

والخط العربي

والتميز والإبداع العلمي

ومسابقة لوحة وقصيدة «يجب أن تعبر اللوحة عن القصيدة». ويحضر المهرجان ما يقارب من 2000 مفكر وأديب وشاعر ومثقف من الوطن العربي والعالم الإسلامي. و300 إعلامي و14 قناة تغطي فعاليات «عكاظ 10». وكان من بين أنشطة هذا العام: أمسيات شعرية في الخيمة الكبرى وندوات لتجارب كتاب متنوعة ومعرض الكتاب الإلكتروني بمشاركة وزارة الثقافة والإعلام وعرض فنون شعبية. وكذلك الابتكارات العلمية للشباب. كما تم إقرار مشروع إنشاء أكاديمية للشعر العربي بالتعاون بين وزارة الثقافة والإعلام وجامعة طيبة. 20 مؤسسة ثقافية وتنموية تنصب معارضها في فضاء «عكاظ 10» وعلى وقع نغمات اللغة العربية الفصيحة شعراً ونثراً تحيا في عكاظ عروض «مسرح الشارع» بحيث يقف بعض الشعراء والفصحاء لإلقاء الخطب على طريقة العرب في سوق عكاظ وهم يلبسون الملابس العربية القديمة من الرابعة عصراً وحتى الحادية عشرة مساءً. كما أن هناك عرضاً مسرحياً هو «عبس وذبيان حكايات الشعر والحرب» من أربعة فصول بعضها يرصد المروءة والشهامة العربية في القضاء على قطاع الطرق. كما توجد أيضاً عروض الخيل والإبل والحرف والصناعات اليدوية.

سألني صاحبي ولماذا تقدم البردة للشعراء؟ فقلت له: لقد اعتاد العرب على إهداء الأكسية برهاناً على الإعجاب والمكافأة واتصلت هذه العادة بالشعراء حيث قدمها الحكام والأمراء لمادحيهم. ولكنها أصبحت رمزاً حين وهب النبي (ص) الشاعر كعب بن زهير بردته إعجاباً بقصيدته الشهيرة التي قال في مطلعها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول.

كان ذلك السؤال على هامش فعاليات سوق عكاظ حيث يجري زخم من الحوارات والنقاشات تدور مع أكواب الشاي والقهوة في استراحات الفندقين الإنترنكوننتال وفندق اوالف بعيداً عن الأمسيات الرسمية. يقدم المتسامرون آراءهم ووجهات نظرهم حول مستقبل الثقافة والأدب والإبداع. هذا التثقف ضرورة لإشاعة ثقافة الفرح وثقافة الحياة والجمال بدلاً من ثقافة الموت والقتل وثقافة الكراهية والتكفير أو كما عبر ابن خلدون «على قدر المقروء والمسموع يأتي الفعل من بعده». نعم كان مهرجان سوق عكاظ مسكوناً بالشعر والمسرح والفكر والفن يُقبل فيه المشاركون وجنات الحروف ويعانقون ثغر الكلمات.

عكاظ من أجل ذلك كله بلا استثناء ولعل في ذلك جواباً على السؤال الذي طالما طرح نفسه بإلحاح: لماذا سوق عكاظ؟

إقرأ أيضا لـ "منصور القطري"

العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً