العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

بو سلمان: يدي ممدودة لمصافحة الجميع

في لقاء شامل مع «الوسط»

قال عظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة إنه لا يعتمد على «الشكليات» في التشاور حول شئون الوطن، مؤكدا أن يده «ممدودة لكل البحرينيين» لإنجاح المشروع الاصلاحي. جاء ذلك في حواره الشامل مع هيئة تحرير «الوسط» التي زارت عظمته في قصر الصافرية واستمعت الى حديث مملوء بالعزم على مواصلة الطريق والاستمرار في الاصلاح وتذليل الصعاب.

وكان عظمة الملك وبحضور ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، قد استقبل في 3 سبتمبر/ أيلول الجاري في قصر الصافرية رئيس مجلس ادارة شركة دار الوسط للنشر والتوزيع فاروق المؤيد والوفد المرافق المكون من نائب الرئيس فيصل جواد ورئيس التحرير منصور الجمري والمحاسب القانوني «للوسط» جواد حبيب ومدير التحرير وليد نويهض ومحرر الاخبار والتحقيقات غسان الشهابي.

ووصف عاهل البلاد المفدى ما تمر به البحرين اليوم من انفتاح وأجواء ديمقراطية بأنه «استعادة لتجارب الماضي» التي استوعبها الشعب البحريني، وقال: «أتمنى أن يعينني الله على أن أبقى ميزان هذه الأمة وألا أنحاز إلى أية فئة».

وقال: إن ما يفتقده الإنسان العربي والمسلم ليس الحرية وإنما الديمقراطية، بمعنى المشاركة في صنع القرار والمشاركة في الثروة.

وأكد عاهل البلاد في لقائه، أنه يشجع قيام الأحزاب في البحرين على أسس قانونية، وان مشروع قانون أعد فعلا لقيام الأحزاب، غير أنه يفضل أن يترك هذا الأمر إلى رغبة الشعب نفسه من خلال نوابه في البرلمان الذي ستجرى الانتخابات له 24 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وأبدى رأيه في شأن الدعوات بمقاطعة الانتخابات، قائلا: «لا أود التدخل في شئون الجمعيات، إلا أنه من الأفضل للقوى الوطنية أن تشارك في الانتخابات وتعارض، خيرا من أن تقاطع، لأن المشاركة الإيجابية تمكنها من إيصال رأيها ومنظوراتها بشكل سليم، خير من بقاء هذه الآراء حبيسة المجالس» متمنيا مشاركة الجميع في هذه التجربة بدافع وطني حتى يتم التعرف على إيجابيات التجربة وسلبياتها.

وذكر أن السلطة استمعت إلى ما قيل عن توزيع الدوائر الانتخابية في الانتخابات البلدية الماضية، وبالتالي قامت بإجراء تعديلات بالنسبة إلى الانتخابات البرلمانية، ما يعني أنه ليس هناك أمر نهائي، واصفا الخطوات التي تسير بها البحرين في اتجاه تشكلها الديمقراطي بأنها سريعة جدا بالنسبة إلى بعض الدول العربية الشقيقة، ولكنه يفضل أن تؤخذ الأمور بروية حتى تتبين ملامح التجربة.

وأشار الملك إلى مسألة التعيين قائلا: «إنها فرصة للذين لم تسمح لهم كتلهم الانتخابية الصغيرة بالتمثيل في البرلمان المنتخب، إذ لابد من تمثيل أكبر قدر من الفئات والأفكار النيّرة الموجودة على أرض البحرين في صنع القرار السياسي»، مؤكدا: «لا أريد أن يشعر أي فرد على أرض البحرين بالظلم، لأن الشعور بالظلم قد يكون أقسى من الظلم نفسه، ولا يمكن أن يشعر المواطن بالاعتزاز في وطنه مادام ذليلا فيه».

وقال: «إنني أتقبّل النقد وجميع الآراء مادامت تستهدف المصلحة الوطنية، ولكن من الخطأ أن يصر الإنسان على رأيه على اعتبار أنه الرأي الوحيد والصحيح» مؤكدا أهمية النقاش ولا سيما في الأجواء المنفتحة التي يستطيع فيها المواطن البحريني الإدلاء برأيه بكل حرية، وأن الرأي الأصلح هو الذي سيثبت في النهاية.

وعلى المستوى الاقتصادي، أشار عاهل البلاد إلى أن هناك ما يربو على 16 مشروعا اقتصاديا ضخما جرى إنجازها خلال العامين الماضيين، ما بين مشروعات خدمية وسياحية وصناعية، وهذا يعطي مؤشرا واضحا على ما تسير إليه البحرين من نمو اقتصادي غير مسبوق يتماشى مع الحراك السياسي والاجتماعي الذي تشهده البلاد.

وعن الزيارات التي قام بها عظمته أخيرا قال: «إن البحرين تحظى بسمعة طيبة على أكثر من صعيد، وأن الزيارة الأخيرة التي قام بها لإيران أسفرت عن عدد من الإيجابيات والتفاهم على أكثر من موضوع، وخصوصا الجانب الاقتصادي، مؤكدا عظمته ان عددا من الاتفاقات الاقتصادية بين الجانبين ستوقع عمّا قريب»، قائلا: «إن المصالح المشتركة بين الدول هي التي تجعلها حريصة على سلامة بعضها بعضا».


لقاء «الوسط» مع الملك المفدى

ما يفتقده الإنسان العربي والمسلم ليس الحرية وإنما الديمقراطية

أكد الملك المفدى لهيئة تحرير «الوسط» ضرورة تنامي «تجربتنا الديمقراطية» عبر التعاون الايجابي «بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، مشيرا إلى أن اللقاءات مع «الفعاليات الوطنية» تأتي للاستئناس بآراء الفعاليات وأخذ «الصالح منها الذي ينعقد عليه التوافق الوطني».

وكرر عظمته مسئولية «كل فرد منا» عن نجاح التجربة «التي يتابعها الاشقاء والجيران والاصدقاء والعالم كله».

وعن موضوع التجنيس قال عظمته: «من تم تجنيسهم فقد جرى ذلك لاعتبارات إنسانية». وعن تمثيل المرأة أكد أهمية فكرة التوازن «في مشروعنا» فاذا «مالت كفة على كفة لأي اعتبارأعدنا التوازن»، وتمثيل المرأة «هذه مسئولية الناخب البحريني قبل كل شيء».

وتطرق عاهل البلاد إلى موضوع الجمعيات السياسية مؤكدا أن ما «طرحته من رؤى وطنية يمثل بصفة عامة مظهرا إيجابيا من مظاهر الحريات»، مشيرا إلى أن «التعددية المبالغ فيها» اثبتت أنها «تؤدي إلى تفتت قاعدة الديمقراطية وتشتت قواها».

وأكد عظمته أن مشروع الإصلاح هو«صفحة جديدة» و «لا نريد العودة إلى الوراء، فلا أحد منزه عن الخطأ». مشيرا إلى دور الاقتصاد في نجاح التجربة و«ليس بالسياسة وحدها يحيا الإنسان». وفيما يلي نص المقابلة:

* كيف ترون عظمتكم سير المشروع الإصلاحي منذ انطلاقته إلى اليوم؟

- يطيب لنا بداية الترحيب بصدور صحيفة «الوسط» البحرينية الجديدة بمساهمات مشتركة تعبّر عن نسيج مجتمعنا البحريني المتآلف. وأن نهنئ أصحابها وجميع العاملين فيها متطلعين إلى إسهامهم المتميز في تطوير صحافتنا البحرينية التي ننتظر المزيد من عطائها في مسيرة مشروعنا الإصلاحي الشامل، وبما يعبّر عن مكاسبه وما تحمله من إنجازات مقبلة للمواطنين في مختلف المجالات، وبما يستند إلى الحقائق، إيجابية كانت أو سلبية، مع الابتعاد عن التنظير والسجالات غير المجدية... أما كيف نرى سير مشروعنا الإصلاحي إلى اليوم، فإنا نراه كما يراه كل بحريني وبحرينية صوّتا على الميثاق، واستعدا للحياة الدستورية التحديثية بما تتضمنه من صمامات أمان لتنامي تجربتنا الديمقراطية بلا عثرات - هذه المرة - واستفادا مع ابنائهما واخوتهما من تسهيلات الإسكان وتخفيف الرسوم الجامعية، وهذه مجرد مؤشرات بسيطة لما نريده ونتمناه لجميع البحرينيين في حياتهم المعيشية، ولن يهدأ لنا بال إلا اذا شرعنا في تحقيق هذه التطلعات - معا - عبر تجربتنا البرلمانية بالتعاون الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فهذه المكاسب لا يمكن تحقيقها في وقت معقول وعلى الوجه الأكمل إلا إذا تعاونت السلطتان بإيجابية، ودعني أكون واضحا بهذا الشأن وأنبه إليه منذ هذه اللحظة، كما نبهت إليه من قبل بشأن تعاون السلطات واستقلالها طبقا لنص الدستور وروحه.

اللقاء مع الفعاليات الوطنية

* تلتقون الكثير من الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في البلاد إبان إصدار أي تغيير مفصلي مهم، فهل هذه اللقاءات بقصد الاستئناس بالآراء أم للأخذ بها؟

- نلتقي هذه الفعاليات الوطنية ضمن تقليد التشاور الوطني المتصل الذي درجنا عليه ودرج عليه الآباء والأجداد منذ البداية. ونريد اليوم مع مستجدات الزمن وتغييرات العصر اعطاءه بُعده الديمقراطي في إطار الميثاق والدستور، مع احتفاظنا بروح الأسرة الواحدة والتواصل الإنساني العفوي بين القائد ورجاله وشعبه بمنأى عن قيود الرسميات... وهذه اللقاءات بطبيعة الحال للأمرين معا: الاستئناس بآراء الفعاليات الوطنية ولأخذ الصالح منها الذي ينعقد عليه التوافق الوطني. لا تعارض بين الخيارين وهما في نظرنا متكاملان... فلكل رأي وطني مكانه في القلب والعقل، وعندما يأتي وقته المناسب فإنه قرارنا كما هو قرار المواطن... هذه هي روح مشروعنا الإصلاحي وأحد أسسه المهمة... سيبقى رأي المواطن البحريني هو المرجع وهو المعيار وهو ما نبحث عنه... وعلى جميع قوانا السياسية - أيضا - مراعاة ذلك من جانبها... وأي جهة - سلطة أو معارضة - تبتعد جذورها عن النبع الوطني الشامل معرضة للذبول والاضمحلال... إلا إذا عادت إلى النبع الحي أعني المواطن البحريني وهمومه وتطلعاته.

مسئولية نجاح التجربة

* هناك من يقول ان اللقاءات لمجرد إضفاء صيغة شكلية للتشاور بينما القرارات متخذة سلفا... هل تتفقون عظمتكم مع هذا القول؟ وهل جرى أي تعديل في القرارات نتيجة هذا التشاور؟

- لم نعتد في البحرين على هذه الشكليات ولا نقبل بها، والاحتكام إلى الشعب في استفتاء شعبي عام على مشهد من العالم كله هو ما راهنّا عليه، ومنه تقدمنا إلى الخطوات التالية. والتجربة خير برهان في حياتنا البرلمانية المقبلة حيث القرار قرار المؤسسات. وخطوات التطوير والتعديل من خلالها وحسب آلياتها الدستورية. لن تكون قرارات متخذة سلفا، إلا ما تتخذه هذه المؤسسات حسب صلاحياتها القانونية. وكل فرد منا - من القاعدة إلى القمة - مسئول مسئولية مباشرة عن نجاح هذه التجربة التي يتابعها الأشقاء والجيران والأصدقاء والعالم كله.

ان البحرين كلها - شعبا وحكومة - موضع الاختبار في هذه التجربة، وليس أمامها إلا أن تنجح بعون الله... بتكاتفنا جميعا... وستبقى يدي ممدودة لكل البحرينيين من أجل هذا النجاح الذي لا بديل لنا عنه...

* انتقادات كثيرة وُجهت إلى المراسيم الخاصة بمجلس النواب وعدد أعضاء المجلسين وسلطتيهما، ما السبل إلى مراجعة ما تم رسمه مسبقا؟

- المراجعة ممكنة في ضوء ما يمنحه الدستور من آلية لأي تعديلات قانونية.

موضوع التجنيس

* موضوع التجنيس... ألا ترون أنه قد يثقل البحرين، مساحة وخدمات، بالمزيد من السكان في حين أن الميزانية تعاني عجزا سنويا؟

- البحرين بلد محدود الإمكانات والمساحة، وهي لا تتحمل أي زيادة سكانية كبيرة من أي نوع. وعلينا أن نتعاون ليبقى التوازن بين الإمكانات والزيادة السكانية لصالح التنمية والرخاء الوطني. أما من تم تجنيسهم فقد جرى ذلك لاعتبارات إنسانية متعلقة بحقوق الإنسان قبل كل شيء وقد وجهنا الجهات المختصة للقيام بعمليات التجنيس بالسرعة الممكنة لإغلاق هذا الملف وتفادي استمرار آثاره ومضاعفاته، والتلاؤم مع مبادئ مشروعنا الإصلاحي الذي من أهم مقوماته شمول مفهوم المواطنة السليمة - حقوقا وواجبات - لكل مستحق لهذه المواطنة عملا وإخلاصا وولاء على أرض البحرين.

تمثيل المرأة

* هل هناك توجه لتخصيص مقاعد للمرأة في مجلس الشورى سواء فازت أم لم تفز في المجلس النيابي؟

- التوازن فكرة أساسية في مشروعنا، بل هي المنطلق في كل شيء. وإذا مالت كفة على كفة لأي اعتبار أعدنا التوازن حسب ميزان العدل الذي نذرنا النفس لنكون حاميه وحارسه في كل الأحوال. أما مسألة تعيين المرأة في مجلس الشورى، فهذا ما بدأت بممارسته في مجالس سابقة. ونحن بداية نتمنى أن تسفر الانتخابات النيابية عن تمثيل مختلف شرائح البحرين بالتوازن المنشود، بما في ذلك تمثيل المرأة... وهذه مسئولية الناخب البحريني قبل كل شيء... ومجلس الشورى، كما قلت، هو صمام الأمان للتجربة بالنسبة للمرأة وغيرها. ولكن دعنا لا نعبر الجسر قبل الوصول إليه. ونعتقد - فيما يتعلق بالمرأة وتمثيلها الطبيعي - ان مجتمعنا المدني البحريني بكافة قواه موضع الاختبار... وعليه إثبات تطوره ونضجه... فالقيادة تستطيع اتخاذ قرار أساسي بمنح المرأة حقوقها السياسية، أما كيف تتمكن المرأة من ممارسة هذه الحقوق فهذه مسألة اجتماعية أكثر مما هي سياسية.

* لا يزال هناك من يطالب بفتح باب التوظيف في وزارتي الدفاع والداخلية لجميع أصناف المجتمع البحريني، فهل هذا الباب مقفل حقيقة؟

- سياستنا الثابتة دعم مشاركة كل فئات المجتمع البحريني، ليس في القرار السياسي فحسب كما بادرنا إلى ذلك في الميثاق والدستور، ولكن في كل مستويات العمل والإنتاج وتأدية الواجب الوطني. هذا هدف نتطلع ونسعى إليه على امتداد المسيرة وقد حقق مجتمعنا البحريني عبر تجربته تلاحما في نسيجه الوطني في مؤسسات تربوية وسياسية واقتصادية وأمنية عديدة، وثقتي أنه سينجح بإذن الله في مواصلة هذا النهج التطوري المتحضر.

الجمعيات السياسية

* كيف تقيمون عمل الجمعيات السياسية في البحرين خلال الفترة التي تكونت فيها؟

- لا نريد لهذه الجمعيات المهتمة بالشأن العام والتي تم تصنيفها صحفيا كجمعيات «سياسية» بشكل غير دقيق، أن تتعرض للتأرجح بين كونها جمعيات حسب القانون الذي تم الترخيص لها بمقتضاه، وبين وضعية الأحزاب السياسية التي ينبغي أن يحكمها قانون مناسب لتطبيقها إذا تم اتخاذ القرار الوطني بشأنها عبر المؤسسات الدستورية.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن نشاط الجمعيات العامة فيما أقامته من ندوات، وطرحته من رؤى وطنية يمثل بصفة عامة مظهرا إيجابيا من مظاهر الحريات في مجتمعنا البحريني. متطلعين أن يتوازن خطابها في طرح معالم الصورة الوطنية العامة ومكاسبها ومنجزاتها، مع ما يراه البعض من سلبيات أو أمور لم تتحقق بعد. والحرية مسئولية في التحليل النهائي. وأملنا أن تمثل تعددية هذه الجمعيات الاتجاهات والاجتهادات الرئيسية في المجتمع البحريني ضمانا لتوازن الديمقراطية ونموها. أما التعددية المبالغ فيها فقد أثبتت تجارب عديدة في العالم أنها تؤدي إلى تفتت قاعدة الديمقراطية وتشتت قواها بما لا يخدم مسيرتها. وهنا أيضا فالتجربة خير برهان.

ملف «البدون»

* هناك وعود بإغلاق ملف تجنيس «البدون» إلى الأبد، فما المعوقات التي تقف حائلا دون الانتهاء من هذا الملف؟

- كما أشرنا في إجابة سابقة فإن قرارنا هو إغلاق هذا الملف. وإذا بقيت حالات فينبغي أن يحكمها قانون الجنسية البحرينية، وأن تستجيب لمتطلبات هذا القانون، وربما كانت بعض الحالات الفردية المعلقة لا تنطبق عليها بعض بنود القانون المذكور، أما المستحقون قانونا فليس هناك ما يمنع تجنيسهم وليس ثمة ما يدعو إلى تأخير هذا الإجراء اللازم.

* كيف تقرأون ما حدث من اضطرابات في المملكة في منتصف التسعينات؟

- نقرؤه إيجابيا، فيما أقدمنا عليه من إصلاحات شاملة بالتوافق مع إرادة شعبنا، ويسعدنا أن البحرين قيادة وشعبا أثبتت قدرتها على الرؤية المتجددة وتخطي ما واجهتها من عثرات، والحمد لله أنها جاءت في الوقت المناسب، قبل التطورات الأخيرة في العالم وما تحمله من محاذير. أما القراءة التاريخية الشاملة فهي مسئولية جميع البحرينيين، وجميع الباحثين عن الحقيقة. والعاقل من استفاد من تجاربه، بعد قراءتها القراءة الصحيحة، وأية قراءة لا تنتقل إلى تقديم البديل الصالح، فهي قراءة ناقصة بمعيار مستقبل الأجيال وحقها في حياة أفضل.

موضوع المحاسبة

* هناك (مرسوم بقانون) بعدم تطبيق المحاسبة في الحياة النيابية إلا من حين بدء الحياة النيابية وليس قبل ذلك، ولكن ماذا عن الذين ملفاتهم مثقلة بالكثير من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والذمم المالية في السنوات الماضية؟

- مشروعنا صفحة جديدة وبداية متجددة في حياتنا الوطنية، وكما قلنا لا نريد العودة إلى الوراء، فلا أحد منزه عن الخطأ. وإذا سمحنا لأخطاء الماضي المتبادلة أن تفسد مسيرتنا الجديدة فقد أصبحنا أسرى الماضي. عيوننا جميعا إلى الأمام. وقلوبنا مفتوحة على حب وأمل متبادل في المستقبل. ولكنا لن نتسامح مع أي خطأ يؤثر على المسيرة الجديدة، ولن نسمح بتكرار أخطاء الماضي، وأعتقد أن من يحسن قراءة مشروعنا الإصلاحي، بإمكانه أن يرى ذلك بجلاء.

الاستراتيجية الاقتصادية

* في ظل التطورات التي شهدتها البحرين، هل تم إعداد استراتيجية اقتصادية واضحة بعيدة المدى؟

- الاستراتيجية الاقتصادية الهادفة لرخاء المواطن وتوفير فرص العمل وجذب الاستثمارات هي نداء الحاضر والمستقبل. وليس بالسياسة وحدها يحيا الإنسان، وأي برنامج ديمقراطي لا يتضمن رؤية اقتصادية واضحة لن يحقق هدفه لخدمة الشعب وتحسين مستوى معيشته.

نستطيع أن نقول، إنه بموازاة الاستعداد للانتخابات النيابية، فإن أجهزة الدولة كلها معبأة لوضع الاستراتيجية الاقتصادية وتنفيذها. وهناك مشروعات استثمارية عديدة وكبيرة بدأت في رفد الاقتصاد الوطني بفضل سياسة الانفتاح الجديدة، ان الحكومة تعمل بهمة باتجاه هذا الهدف. ومجلس التنمية الاقتصادية يبذل أقصى الجهد لمواكبة ذلك، وندعو هيئاتنا الاقتصادية والتجارية الأهلية لاغتنام هذه الفرصة والدخول في دائرة الازدهار الجديد. وقد حرصنا على تضمين التعديلات الدستورية بندا لا يسمح بتأخير الإجراءات الاقتصادية اللازمة كي لا تتأثر مصلحة المواطن ببطء الإجراءات.

مسألة التخصيص

* يبدو أن الحكومة ستتخذ خطوات متسارعة نسبيا في مجال تخصيص بعض مرافقها الحيوية، بعد أن خصصت إدارة وتشغيل الموانئ وتتجه لتخصيص قطاع الكهرباء والماء، هل سيظل قطاع النفط الاستراتيجي وراء الخط الأحمر للتخصيص على المدى المنظور؟

- القانون هو الذي يحدد مصادر الثروة الوطنية وكيفية استثمارها وذلك هو المرجع لتقرير ما يتعلق بهذا الأمر، وحسب ما نص عليه الدستور.

* هل اتضحت أية مؤشرات عن وجود مكامن نفطية ضمن المناطق الحدودية البحرية والتي بدأ العمل على الاستكشاف فيها أخيرا؟

- المؤشرات مبشرة وتحمل الخير بإذن الله لمستقبل الوطن والمواطن. ولكنا بانتظار النتائج المختبرية للتنقيب والتقديرات العلمية الثابتة للإعلان عن ذلك في الوقت المناسب.

محاصرة الفساد

* تبدون اهتماما كبيرا في محاصرة الفساد المالي والإداري، ما النتائج المرتقبة بعد البدء في تطبيق القوانين وإنشاء ديوان الرقابة المالية والإدارية؟

- نؤمن أن وضع الأنظمة المناسبة للحيلولة دون ذلك هو الخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف. وبطبيعة الحال فإن وجود مسئولين ملتزمين بواجب الأمانة الوطنية في ظل هذه الأنظمة هو الكفيل بتحقيق ما نصبو إليه. ولا تراجع في ذلك، فالشفافية اليوم مطلب عالمي وهي شرط لابد منه لنمو الاقتصاد الاستثماري المزدهر.

* هل من انعكاسات واضحة على المستوى الاقتصادي بدأت تتحقق من كون البحرين «حليفا استراتيجيا» للولايات المتحدة الأميركية؟

- من حلفاء أميركا الاستراتيجيين دول مثل اليابان وسنغافورة واستراليا. وفي ظل الأمن الاستراتيجي والاستقرار ازدهر اقتصادها وتنامى، هذا أولا. أما من حيث العائد الاقتصادي المباشر من وراء ذلك فإن مختلف الفعاليات الاقتصادية من حكومية وأهلية عليها أن تدرس الآليات التي يمكن أن تستفيد منها بهذا الصدد باستكشاف الحالات المماثلة بين الولايات المتحدة وحلفائها الاستراتيجيين.

الشقيقة قطر

* كيف تقيّمون علاقة البحرين بالشقيقة قطر بعدما حلت القضية الحدودية في محكمة العدل؟

- علاقاتنا مع الشقيقة قطر طبيعية، ومن حسن الحظ فإن قرار المحكمة جاء لصالحنا ولصالح الأشقاء في قطر معا. وهذه فرصة تاريخية للبلدين والشعبين للانطلاق في مشروعات التعاون والتكامل فيما بينهما بلا تردد. والشعبان يتطلعان بأمل كبير إلى إنجاز هذه المشروعات. ونعتقد أن تفعيل اللجنة الثنائية المشتركة برئاسة ولييْ العهد في البلدين تمثل بداية طيبة لتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين. كما تضع البحرين كل خبراتها في الشئون الدستورية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني والتنظيم المهني والنقابي تحت تصرف الأشقاء في قطر فيما يرونه مناسبا لتطوير تجربتهم السياسية والديمقراطية.

مرحلة التفاهم مع إيران

* علاقات مملكة البحرين بالجمهورية الإسلامية الإيرانية تمر دائما بحركات مد وجزر وتتوتر أحيانا، ما السبل الكفيلة باستقرار هذه العلاقة مع الجار الشرقي للمملكة؟

- زيارتنا في الفترة الأخيرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعوة من الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي، وكذلك لقاؤنا بسماحة المرشد السيد خامنئي أثناء الزيارة مثلت حدثا تاريخيا هاما وصفحة جديدة في العلاقات بين بلدينا، البلدين الجارين المسلمين. لقد انتهت بفضل الله وجهد المسئولين في البلدين حالة المد والجزر، وانتقلنا إلى مرحلة التفاهم السياسي الجديد والتأييد المتبادل لمشروعات الإصلاح في البلدين على أساس العلاقات المتكافئة والاحترام المتبادل لخصوصية كل بلد.

مخاطر ضرب العراق

* ما موقف البحرين من مسألة ضرب وتقسيم العراق والإطاحة بالنظام القائم؟

- نحن مع السلم والاستقرار في المنطقة لصالح شعوبها، وأي تقسيم لبلد سيجلب اضطرابا مماثلا للبلدان الأخرى. كما لا يمكن القبول بضرب أي بلد إلا إذا توافرت المبررات الكافية وفي ظل الشرعية الدولية، ومن باب التناصح مع العراق الشقيق ومن أجل تجنيب شعبه مخاطر مثل هذه الضربة، فإنا نرى سرعة مبادرة القيادة العراقية إلى القبول بعودة المفتشين الدوليين حسب قرارات مجلس الأمن وصولا إلى رفع العقوبات المؤثرة على حياة شعبه، وتجنيب المنطقة مخاطر المواجهات العسكرية. ولا نعتقد أن هناك أي طرف عربي أو دولي يستطيع وقف هذه الضربة إذا تقررت. ويجب عدم مخادعة العراق بهذا الشأن.

تجربة مجلس التعاون

* كيف تقيّمون اليوم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد مرور أكثر من 20 عاما على قيامه؟

- إنها مسيرة إيجابية بفضل الله، ومنذ قمة الرياض، ثم قمة البحرين ومسقط ودوله الأعضاء تتخذ قرارات صائبة وتاريخية لإنشاء المنظومة الاقتصادية الخليجية باتحادها الجمركي وسوقها المشتركة وعملتها الموحدة، هذا فضلا عن التوصل إلى اتفاقية التنسيق الدفاعي المشترك في قمة البحرين سنة 2000.

إن الكثير من الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم يعتبرون تجربة مجلس التعاون أبرز التجارب العربية الناجحة في السنوات الأخيرة وذلك ما ينبغي أن نحافظ على استمراره تلبية لتطلعات شعوبنا.

* قمتم في الفترة الأخيرة بجملة من الزيارات لدول عربية وإسلامية وأوروبية، فما المحاور التي تم التركيز عليها؟ وما الحصيلة التي خرجتم بها من هذه الجولة؟

- المحور الثابت في هذه الزيارات إسماع صوت البحرين عربيا وإقليميا ودوليا وتنمية مصالحها لفائدة شعبها، وإيضاح أبعاد مشروعنا الإصلاحي الشامل وإعادة تأكيد الدور السلمي والحضاري والريادي لمملكة البحرين

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً