العدد 4 - الإثنين 09 سبتمبر 2002م الموافق 02 رجب 1423هـ

مجتمع البحرين التعددي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عدد من المجتمعات المتقدمة في عالم اليوم هي مجتمعات متعددة في أصولها، وتفخر هذه المجتمعات بأن مصادر مواهبها ترجع إلى تنوع مكوناتها الاثنية والدينية والقبلية. وفي المقابل هناك مجتمعات أحادية التشكيل، أو أنها لا تقبل بسهولة تعددية مكوناتها، مثل اليابان، ولهذا فهي تعاني من مشكلات عدة تحدُّ من نفوذها العالمي. فاليابان، وعلى رغم احتلالها المكانة الثانية، بعد الولايات المتحدة، من ناحية القوة الاقتصادية، فان آثارها الثقافية والسياسية أقل بكثير من ثقلها المالي.

اما الولايات المتحدة فلديها النفوذ الأوسع من الناحيتين الثقافية والسياسية على المستوى العالمي لأنها تستوعب مصادر متنوعة في مجتمعها الذي تسميه «البوتقة المنصهرة».

وفي الواقع فان تاريخ بلادنا الاسلامية هو تاريخ تعدد المجتمعات ومكوناتها، بدءا بالمدينة المنورة في عهد الرسول (ص) ومرورا ببغداد والاندلس وغيرها من حواضر العالم الاسلامي. والبحرين كانت منذ القدم مجتمعا متعددا في مكوناته. وحتى أتباع المذهب الواحد يرجعون إلى اصول اثنية وقبلية مختلفة استطاعت التعايش فيما بينها، بل انها كانت مصدر قوتها الأساس.

وهكذا البحرين اليوم... مجتمع تعددي في مكوناته وذو أصول وجذور مغروسة في تربته الطيبة. والمجتمع التعددي متوازن ويسعى دائما إلى العدالة بين فئاته المختلفة.

وقد أثبت شعب البحرين انه يتجه دائما إلى التوازن والاعتدال فيما لو ترك وحاله من دون تدخل سياسي.

وعلى رغم كل المشكلات السياسية التي مرت بها البحرين وحاولت التمييز بين المواطنين، فان البحرين - شعبا وأرضا - تعود إلى طبيعتها الطيبة بسرعة فائقة، وتستعيد نشاطها وتنطلق إلى الامام... وما علينا الا أن نسعى دائما إلى إبقاء الجسور ممدودة لكي نكتشف المزيد من قوتنا المتمثلة في «وحدتنا على رغم تعددنا».

لماذا يحتمي منتهكو حقوق الإنسان بالولايات المتحدة؟

أوردت صحيفة «كورير ـ ميل» الاسترالية بتاريخ 31 أغسطس/ آب الماضي تصريحا على لسان العقيد الهارب عادل فليفل قال فيه إنه حاصل على «ميدالية أميركية» مكافأة له على رئاسته للقسم الأمني المسئول عن «اكتشاف، التحقيق مع، واعتقال أفراد الحركة الإسلامية الشيعية» في البحرين. هذا التصريح الخطير نفته السفارة الأميركية حديثا، إلا أن مجرد ادعاء شخص متهم بانتهاك حقوق الإنسان بمثل هذا التصريح يثير التساؤلات.

فالولايات المتحدة كانت تقوم بكثير من الممارسات غير الإنسانية عبر وكالاتها الأمنية الخارجية، وبعد سلسلة من الفضائح في العقود الماضية فرض الكونغرس على الإدارة الأميركية إعداد ونشر تقارير سنوية عن حقوق الإنسان في بلدان العالم، لكي يمكن محاسبة بعض الدوائر عما تقوم به فيما يخص البلدان المصنفة في دائرة أصدقاء الولايات المتحدة.

وفي الحقيقة، فإن التقارير السنوية الصادرة عن الإدارة الأميركية عن حقوق الإنسان في كل بلد تحتوي على الكثير من المواد التوثيقية المهمة. ولكن الملاحظ أن هذه التقارير ليس لها أي أهمية في تحديد السياسة الخارجية الأميركية لا من قريب أو بعيد.

ولربما تستفيد الإدارة الأميركية من التقارير الخاصة بالدول «المغضوب عليها» ولكنها بالتأكيد لا ترجع ولا تستفيد من أي تقرير لتحديد ما تقوم به على المستوى الدولي.

وقد نتفهم ذلك لأن الولايات المتحدة دائما كانت ومازالت تكرر أن أهم شيء بالنسبة لها في الشرق الأوسط هو «مصالحها الحيوية» بمعنى استمرار تدفق النفط، و«حماية أمن إسرائيل»، بمعنى تغليب الكفة الإسرائيلية عسكريا وتركيع جميع الدول العربية والإسلامية لها. ولذا فلم ولن نستغرب إذا لم تستخدم تقارير حقوق الإنسان الصادرة من إدارتها في تحديد سياستها العالمية عموما والشرق أوسطية خصوصا.

ولكن ما يثير الاستغراب أن شخصا مثل العقيد الهارب يجد له مبررا لما كان يقوم به من أعمال ويتبجح بأن كل ذلك كان بدعم أميركي. وهذه العبارة (تأييد أميركا) كان يكررها دائما أمام مئات البحرينيين الذين كانوا يعانون من سوء معاملته لهم.

إن الولايات المتحدة مطالبة بإعادة صوغ سياستها الخارجية واعتماد مبادىء حقوق الإنسان والديمقراطية والتخلي عن الانتقائية ودعم الممارسات غير الإنسانية في أرجاء العالم بصورة ضمنية او علنية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4 - الإثنين 09 سبتمبر 2002م الموافق 02 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً