العدد 10 - الأحد 15 سبتمبر 2002م الموافق 08 رجب 1423هـ

التحدي السكاني يفرض انتهاج سياسة سكانية واضحة ومعلنة

الوسط - عبدالحميد عبدالغفار 

15 سبتمبر 2002

إن صغر مساحة مملكة البحرين وارتفاع كثافتها السكانية يجعلانها ذات حساسية خاصة تجاه نمو السكان الذي نجم عنه ضغط شديد على مجمل الموارد الطبيعية، بما فيها الأرض والمياه والمساحات الزراعية والبيئة، وغيرها، بجانب الضغط الشديد على المرافق العامة. لذا تفرض الضرورة تبني استراتيجية واضحة، تستهدف بجانب صيانة الموارد، إيجاد سياسة سكانية واضحة ومعلنة تراعي التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، حيث انه يمكن القول بقدر كبير من الثقة أن الندرة السكانية وان تعدها بعض الدول مشكلة إقليمية، فان الكثافة السكانية في البحرين مشكلة قُطْرِية دون أدنى ريب، حيث ستتعاظم لا محالة التحديات ما استمر نمو السكان في صورته الراهنة.

من هذا المدخل يبرز بنفور موضوع السكان باعتباره تحديا حقيقيا لا مناص من مواجهته مواجهة علمية رصينة. ولتعزيز هذه القناعة (الحقيقة) عنينا هنا بإظهار التحدي السكاني في مملكة البحرين.

تشخيص الوضع السكاني

بلغ سكان البحرين 650,604 نسمة في العام 2001 مقارنة بـ 508,037 في العام 1991، مسجلا نموا بـ 2,5، وهو بذلك يقل كثيرا عن مثيله في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يقدر متوسطه بـ 4، بيد انه ما برح يزيد كثيرا عن المعدل العالمي البالغ كمتوسط للفترة 1995 - 2000 حوالي 0,3 في الدول المتقدمة، و1,7 في الدول النامية وفقا لمعهد الموارد العالمية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والبنك الدولي (موارد العالم 1998 - 1999، صفحة 245)، بينما بلغ 2,5 للبحرينيين، مقابل 3,1 للوافدين.

تأتي البحرين في الترتيب الرابع على مستوى قارة آسيا من حيث الكثافة السكانية، فبوصولها إلى 915 نسمة للكيلومتر في العام 2001، فإنها بذلك تزيد بأكثر من مائة ضعف مقارنة بمتوسط الكثافة السكانية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بينما تزيد بحوالي 6,9 ضعف ما هي عليه في الصين. إن محدودية المساحة وارتفاع حجم السكان نجم عنه ضغط شديد على الموارد الطبيعية والخدمات العامة، الأمر الذي يجعل المملكة ذات حساسية خاصة تجاه نمو السكان. وعليه فستستمر المتطلبات الإنمائية وتلبية الحاجات المتواصلة للخدمات العامة، ما استمر نمو السكان في صورته الراهنة.

بالنتيجة، تضاعف عدد السكان 7,2 مرة في العام 2001 مقارنة بالعام 1941، حيث ارتفع من 89,970 ألف نسمة في العام 1941 إلى 650,604 نسمة العام 2001 بيد أن العقود القليلة الماضية شهدت طفرات عالية في السكان بسبب الارتفاع العالي لوتيرة استقدام العمالة الوافدة بالدرجة الأولى، نظرا لحاجة البلاد لها وقتذاك لتلبية متطلبات إرساء البنية الأساسية والمرافق الخدماتية ومسايرة وتيرة النمو العالية في الاقتصاد. ولهذا تضاعف حجم السكان الوافدين بحوالي 11,6 مرة في العام 1991 مقابل 4,4 مرة للبحرينيين، بيد أن عدد السكان الوافدين استمر في التضاعف ليبلغ 15,4 ضعفا في العام 2001 مقارنة بالعام 1941 مقابل 5,5 ضعف فقط للبحرينيين خلال الفترة نفسها.

الآفاق المستقبلية

إذا اعتمدنا معدل نمو السكان البحرينيين والوافدين وفقا للنتائج التي تمخض عنها التعداد الأخير للسكان (2001) والبالغة 2,5 للبحرينيين و3,1 لغير البحرينيين، ودون التدخل في متغيرات السكان، بما في ذلك التحكم في عنصر الهجرة السكانية، فإننا بذلك سنجد أن عدد السكان سيتجاوز المليون نسمة في عام 2017، ببلوغه 1,001,417 نسمة، بينما سيبلغ 0,83 مليون و1,1 مليون في العام 2010 و2020 على التوالي.

وحيث إن نمو السكان الوافدين يتجاوز نمو السكان البحرينيين، حيث يبلغ للوافدين 3,1 مقابل 2,5 للبحرينيين، لذا، يتوقع أن يتضاعف عدد السكان غير البحرينيين بحوالي 24,5 ضعفا في العام 2020 مقارنة بعام 1941 مقابل 8,8 ضعف للبحرينيين في العام، بينما سيبلغ للوافدين 68,6 ضعفا في العام 2050 مقابل 18,4 ضعفا للبحرينيين. ووفقا لهذه المنهجية، يتوقع أن يتجاوز عدد السكان غير البحرينيين عدد السكان البحرينيين في عام 2088، حيث سيبلغ جملة السكان في تلك السنة حوالي 7 مليون نسمة موزعة إلى 3,48 مليون بحريني، مقابل 3,49 غير بحريني!.

تجدر الإشارة إلى أن عنصر المجازفة في توقعات السكان يزداد كلما طالت فترة التوقع، لذا، ليس مصادفة أن نرى الجهات المعنية بالسكان تتحاشى الوقوع في هذا المطب، وتكتفي بإجراء توقعات لا تتجاوز العقدين في افضل الأحوال. لذا تظهر الحاجة لانتهاج سيناريوهات مختلفة للتوقع، وحيث إنه بالإمكان إعداد عدد لا حصر له من السيناريوهات، اكتفينا هنا بإعداد ما يدعى بـ «السيناريو المرجعي» الذي يفترض عدم التدخل في المتغيرات السكانية. إن مأخذ ومثلب هذا السيناريو افتراضه ثبات معدلات نمو السكان البحرينيين والوافدين لفترة طويلة نسبيا، وهذا ما لا يرجحه كاتب هذه الأسطر، حيث يؤمل أن تشهد معدلات الخصوبة المزيد من التغيرات خلال العقود المقبلة، كما يؤمل أن تشهد البحرين تدخلا قويا باتجاه انتهاج سياسة سكانية من شأنها التأثير بقوة على عنصر الهجرة السكانية. وما تلك النتائج سوى استعراض لواقع حال السيناريو المرجعي الذي يستهدف الاستئناس بالنتائج في حال عدم التدخل بقوة للتأثير في المتغيرات السكانية وعلى الأخص عنصر الهجرة التي يمثلها تدفق العمالة الأجنبية

العدد 10 - الأحد 15 سبتمبر 2002م الموافق 08 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً