العدد 5152 - الجمعة 14 أكتوبر 2016م الموافق 13 محرم 1438هـ

صناعة البدود وسروج الحمير

المظهر الخارجي-منظر جانبي يظهر طبقات الليف المكونة لجزئي البدود
المظهر الخارجي-منظر جانبي يظهر طبقات الليف المكونة لجزئي البدود

من المهن القديمة والتي ارتبطت بمنتوجات النخلة، وبالتحديد الليف، هي صناعة سروج الحمير، وبالتحديد جزء معين من السرج يعرف محلياً باسم البدود أو البديد، والذي يعرف في دولة الإمارات العربية المتحدة باسم الجدية (uaepigeon.com)، وفي سورية يسمَّى جلال، مفردها جُل، وفي مصر يُسمَّى بردعة. وفي سورية يسمى صانع الجلال الجليلاتي. وحرفة صناعة البدود مازالت تمارس في البحرين على نطاق ضيق؛ لقلة الطلب عليها. هذا وقد تغير شكل البدود القديم، وأصبح بسيط التركيب وسهل الصنع. يذكر، أن مهنة صناعة البدود كانت من المهن الشاقة التي تحتاج إلى مهارة، وخاصة عملية فتل ليف النخيل وصنع الحبال منها.

والبدود، كما سبق أن ذكرنا، يمثل جزءاً من سرج الحمار، والذي تطلق عليه العامة اسم العِدة. فالعدة تتكون من الراسين، والبدود والحلوس والترگاگة، فماذا تعني هذه المكونات؟ وكيف تترتب؟ وما علاقتها بمنتوجات النخلة؟

1 - الراسين أو السرج الخشبي

ومن أسمائه الخليجية أيضاً، الچتب وفصيحها القتب، وهو سرج يصنع من الخشب، لم يعد يستخدم في الوقت الراهن. والراسين عبارة عن خشبتين مقوستين يتم ربطهما من الجوانب بأخشاب أو بقطع من الجريد، فيصبح أحد القوسين المقدمة والآخر المؤخرة. وقد يصنع الراسين من عراجين عذوق النخيل والتي تسميها العامة العسگ (العسق)؛ حيث يتم صف عيدان العسق بطريقة معينة حتى يستقر عليها الراكب.

2 - البدود أو البديد

يقال البدود أو البداد أو البديد ومفردها البد، وهو عبارة عن أكياس أو وسائد لتحمي الدابة من السرج الخشبي، ولفظة البدود من أصل عربي فصيح، جاء في تاج العروس (مادة بدد):

«بدَادُ السَّرْجِ والقَتَبِ... وبَدِيدُهما ذلك المَحشُّو الّذي تحتَهما وهو خَريطتان تُحشَيانِ فتجعلها تحْت الأَحناءِ لئلاّ يُدْبِرَ الخَشَبُ الفَرَسَ أَو البعيرَ. وقال أَبومنصور البِدَدانِ في القَتَبِ شِبْهُ مِخْلاَتَيْن تحْشَيَانِ وتُشدَّانِ بالخُيوط إِلى ظَلِفَاتِ القَتَب وأَحْنَائه. والجمْع بَدَائدُ وأَبِدَّةٌ تقول : بَدَّ قضتَبَه يَبُدّه. وقالَ غيره : البِدَادُ : بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تحتَ القَتَبِ وِقايةً لبعيرٍ أَن لا يُصيبَ ظَهْرَه القَتَبُ ومن الشِّقّ الآخرِ مثلُه وهما مُحيطانِ مع القَتب. وبِدَادُ السَّرْجِ مُشتقٌّ من قَولك: بَدّ الرَّجلُ رِجْلَيْه إِذا فرَّجَ ما بينهما كذا في الصّحاح. والبَدِيدُ كُأَمِيرٍ: الخُرْجُ بضمّ الخاءِ وسكون الراءِ»

والشكل الحديث للبدود عبارة عن كيسين مستطيلين مصنوعين من الصوف أو الجوت، والذي يعرف محلياً بالخيش. ويتراوح طول كل كيس بين قدم ونصف وقدمين، وعرضه لا يتعدى القدم، ويملأ كل كيس بطبقات من ليف النخيل. ويتم ربط الكيسين بحبال من النايلون. قديماً كان البدود يصنع بنفس الطريقة بخلاف أنه لا يوجد كيس من القماش، بل يصنع كل قسم من قسمي البدود بطبقات من الليف ويوضع معه نبات الأسل والخوص، ويتم ربط كل قسم بحبال مصنوعة من الليف بطريقة متداخلة، وبعدها يتم ربط كلا القسمين بحبال مصنوعة من الليف أيضاً.

3 - الترگاگة والحلوس

لا يتم وضع البدود مباشرة على ظهر الحمار بل يتم وضع قطعة قماش رقيقة على ظهر الحمار تعرف باسم الترگاگة (الترقاقة)، ويوضع فوق الترگاگة قطعة قماش مصنوعة من الصوف تسمى الحلوس، وهي جمع ومفردها حلس، وهي لفظة وردت في المعاجم العربية بالمعنى نفسه، جاء في معجم تاج العروس (مادة حلس): «الحِلْسُ بالكسْرِ: كُلُّ شيءٍ وَلِيَ ظهرَ البعيرِ والدَّابَّةِ تحتَ الرَّحْلِ والسَّرْجِ والقَتَبِ وهو بمنزلةِ المِرْشَحَةِ تكون تحتَ اللِّبْدِ وقيل: هو كِساءٌ رَقيقٌ على ظهر البعير يكون تحت البَرْذعَةِ».

ترتيب عدة الحمار

كانت عدة الحمار ترتب في السابق كما يأتي: يتم وضع الترگاگة على ظهر الحمار ومن فوقها يتم وضع الحلوس، ويوضع فوق الحلوس البدود. بعدها، يتم ربط البدود بحزام حول بطن الحمار، ويعرف هذا الحزام باسم البطان. ثم يوضع فوق البدود قطعة مصنوعة من الخيش، ويوضع فوقها الراسين. وكان صانع عدة الحمار يقوم بصنع الراسين والبدود، ولا يوجد اسم خاص لمن يعمل في هذه المهنة. وحالياً مازالت تمارس هذه الحرفة على نطاق ضيق، وقد اقتصر العمل على صناعة البدود البسيط الذي سبق ذكره.

عدة الحمار في الذاكرة الشعبية

لعدة الحمار حضور في الأمثال الشعبية، من تلك الأمثال «ما يقدر على الحمار حط روحه على العدة»، ويضرب هذا المثل للشخص الذي لا يستطيع أن يقتص حقه من شخص أقوى منه، فيفرغ غضبه على شخص آخر أضعف منه. ومن الأمثال الشعبية أيضاً «إنگلبت العدة احلوس؟»، وهذا المثل يرتبط بتركيب العدة وترتيبها؛ ففي العرف الشعبي، يطلق مسمى العدة على الراسين والبدود، وفي أسفل هذه العدة توجد الحلوس. هذا الترتيب المنطقي لمكونات العدة مرسوم في عقل العامة، مثلها مثل الطبقات الاجتماعية، فهناك طبقات دنيا وطبقات عليا، كما أن هناك أدواراً مختلفة للأفراد في المجتمع. فعندما يتم ملاحظة وضعية غير طبيعة أو غير منطقية في المجتمع، حينها يقال، في مورد الاستنكار، إنگلبت العدة احلوس؟؟؟ (الناصري، بدون تاريخ، ص181)، وهناك إضافات أخرى تضاف على هذا المثل، ويورد في موارد مختلفة.

الخلاصة، إن مهنة صناعة البدود، من المهن القديمة التي تغيرت حالياً وأصبحت نادرة. وقد كان صانع البدود، يمتلك مهارات التعامل مع الليف وطريقة فتله، فلذلك، كان صانع البدود يقوم كذلك بصناعات أخرى ترتبط بليف النخيل، وسنتناول ذلك بالتفصيل في الحلقة المقبلة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:03 ص

      الله يخليكم ساعدوني بقيت أسوي طلبية 22 واحد لي بعض الناس ولة خلوهة 23 لاني نسيت العود فيهم؟

اقرأ ايضاً