العدد 5168 - الأحد 30 أكتوبر 2016م الموافق 29 محرم 1438هـ

فتيات اقتحمن عالم “معشوقة” الرجال!

المجتمع والحجاب لم يكونا عائقاً أمامهن

بيللا - خاص

مشهدٌ قد يبدو غير مألوف، أن ترى فتيات يزاحمن الرجال في ملاعب الكرة المحلية، فتواجد العنصر النسائي في الرياضة البحرينية يقتصر في الغالب على الملاعب المغلقة، إذ تفضل الفتيات ممارسة الرياضات التي تخلو في الغالب من الاحتكاك المباشر.

العديد من البحرينيات تألقن في مجال الرياضة، ووصلن للعالمية ولكن ليس من باب كرة القدم!.. التي تبقى حكراً على الذكور – في مجتمعاتنا على الأقل – فما بالك بمن اقتحمن عالم “معشوقة” الرجال، مؤكدين على أن المستديرة لا تختلف عن باقي الرياضات، وأن المرأة يمكن لها أن تبرع في الرياضة الشعبية الأولى على مستوى المعمورة.

“جوغا بونيتو” بالاسبانية، والتي تعني بالعربية “اللعب الجميل”.. هو فريق كرة قدم نسائي بحريني، أسسته كلٌ من آلاء الدرازي وقريبتها سارة العالي، بعد أن نشئتا معاً في بيئة مفعمة بهوى “الكرة”، حتى بدأن يمارسنها في إطار العائلة لسنوات طويلة، غير أن تجربة الدراسة في الخارج كما تقول الدرازي غيّر مفهومها ناحية كرة القدم كلياً!

من العائلة.. لـ "جوغا بونيتو"

وتقول آلاء الدرازي: “أثناء الدارسة في الخارج، اعتدنا لعب الكرة في الجامعة، وهي البداية التي خرجنا من خلالها من إطار العائلة، وبعد العودة للمملكة كان لابد لنا أن نواصل مع بدأناه هناك”، ما دفعها على حد تعبيرها إلى محاولة إطلاق فريق نسائي، الأمر الذي واجهت من أجل تحقيقه صعوبات عدة، اعتمدت فيه على وسائل التواصل الاجتماعي للبحث في المحيط المحلي عمن يشاطرونها شغف “المستديرة”.

البداية كما تشير كانت قبل 5 أعوام، بعد أن استطاعت الوصول لعدد من الفتيات الراغبات في تحقيق “الحلم”، ومعه بدأت عجلة “اللعب الجميل” في الدوران، وتتابع الدرازي: “استطعنا المشاركة في العديد من البطولات المحلية، علاوة عن تلك التي تقام في أرامكو بالسعودية، ولكن لم يكتب لنا في أيٍ من تلك البطولات الوصول للمركز الأول، دائماً ما كنا نأتي في مركز الوصيف، حتى بات فريقنا يعرف بصاحب المركز الثاني!”، في حين تؤكد على أن “جوغا بونيتو” يضم اليوم مختلف شرائح المجتمع من مهندسات وطالبات وموظفات، تتراوح أعمارهن بين 14 ولغاية 30 عاماً.

كما وأشادت آلاء الدرازي بخطوات الاتحاد البحريني لكرة القدم، الذي أطلق مؤخراً دوري خاص للفتيات، يقام على مدى 5 أشهر، معبرةً في الوقت ذاته عن أسفها على عدم قيام “جوغا بونيتو” المشاركة فيه كفريق، مستطرة: “ظروف الفريق والتزامات العديد من اللاعبات حالت دون ذلك، مما دفعنا للمشاركة بشكل فردي مع الفرق الأخرى، من أجل اكتساب الخبرة، نتمنى أن يكون لـ “جوغا بونيتو” حضور في الموسم المقبل”.

الاستمرار وما يؤرقه!

وتظهر آلاء وسارة فخرهما بما حققتاه طيلة هذه السنوات، غير أن ما يؤرق استمرار هذا النجاح مسألة الظروف التي تدفع بعض الفتيات للابتعاد عن الفريق، مما يجعل من المحافظة على عدد اللاعبات أمراً في الغاية الصعوبة، وتقول سارة العالي: “نفتقد للكثير من اللاعبات، لأسباب عدة من بينها الظروف الدراسية، إذ تضطر بعضهن للسفر للخارج أو التركيز على الدراسة الجامعية أو المدرسة، مما يجعل عددهن غير ثابت”.

كما تشير العالي إلى أن من بين الأمور التي تؤثر على استمرارية الفريق، الحالة الاجتماعية للكثير من اللاعبات، مثل الحمل والولادة التي تبعد اللاعب مدة تفوق العام الكامل من خوض المباريات، بل وتحتاج لتأهيل من نوع خاص حتى تستعيد لياقتها وحساسيتها على الكرة، غير أن الدرازي والعالي، أكدتا معاً على أن هذا الأمر لا يعد عائقاً أمامهن في طريق مواصلة ممارسة كرة القدم، إذ يمثل دعم العائلة بالنسبة لهما الدافع الأول في سبيل البقاء فوق العشب الأخضر، بالإضافة للإرادة التي يكون لها تأثير كبير نحو العودة للملاعب.

ويفتقد “جوغا بونيتو” إلى مقر أو مركز ثابت، إذ تبقى الفتيات تبحثن عن ملعب من وقت لآخر، بما يتناسب مع الإمكانات الذاتية المتواضعة التي يستطعن توفيرها، إذ تتمنى القائمات على الفريق أن تحظى الرياضة النسائية في المملكة بالمزيد من الدعم في المستقبل، من أجل فتح آفاق أمام المواهب الوطنية في هذا المجال.

الرياضة مفتاح مجتمع أفضل

بدورها استبعدت آلاء الدرازي أن يكون ارتداء الحجاب عائقاً أمام ممارسة كرة القدم بالنسبة لها على الأقل، مؤكداً على أن المجتمع بدأ يتقبل في السنوات الأخير فكرة ممارسة الفتيات للكرة، وأن هناك حالة من الوعي دفعت نحو هذا التغيير، متابعة: “واجهنا عدة مشكلات منها أن أهالي بعض الفتيات كانوا يرفضون مشاركتهن معنا في الفريق، بسبب نظرة المجتمع في ذلك الوقت لمن يمارسن الرياضة بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص”.

وتتابع: “أتمنى أن يوسع المجتمع من آفاقه اتجاه الرياضة، فهي مهمشة بشكل كبير، فالرياضة لا تختلف عن أهمية التعليم، فالكثير من مشكلات المجتمع ممكن أن يوجد لها حلول من باب الرياضة، إذ ما انخرط النشء في هذا المجال، أرى حقيقةُ بأن الرياضة ممكن أن تكون المفتاح لمجتمع أفضل، فهي تعلم قيماً مهمة من بينها التعاون وروح الفريق، علاوة عن تأثيرها على الصحة العامة”.

الطموح والآمال

خلق بيئة مناسبة تقنع المجتمع بفكرة ممارسة الفتيات لكرة القدم، هي ما تطمح القائمات على “جوغا بونيتو” لتحقيقه في المستقبل القريب، من خلال فتح المجال أمام رياضات أخرى، في حين كشفن عن سعيهن لإطلاق أكاديمية أو مركز رياضي خاص بالفتيات، يتمكن فيه من ممارسة مختلف الرياضات وليس كرة القدم فقط، إذ تعتقدن بأن البحرين زاخرة بالمواهب النسائية الرياضية القادرة على المنافسة في مختلف الألعاب في وكافة المحافل الأقليمية والقارية والعالمية كذلك، ولكن تلك المواهب تحتاج لمن يحتضنها ويتبناها لكي تصقل بالشكل السليم وتتطوّر.

العدد 5168 - الأحد 30 أكتوبر 2016م الموافق 29 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً