العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ

المستثمرون الأجانب يغادرون بريطانيا

أعلنت «بلاك آند ديكر»، الشركة الاميركية المتخصصة في صناعة الادوات أنها ستقوم بنقل بعض عملياتها من شمال شرق انجلترا إلى جمهورية التشيك. ان هذا الاعلان هو الاخير في سلسلة اعلانات للشركات المتعددة الجنسية التي تترك مصانعها في المملكة المتحدة. وقد انحت بلاك آند ديكر باللائمة على المنافسة العالمية الشديدة والتي اجبرتها على اللجوء إلى بلد ارخص عمالة، ولكنها عمالة ماهرة ايضا.

اما الاسباب الاخرى للاغلاقات الاخيرة فهي قوة الجنيه والاغراء بالبقاء داخل منطقة اليورو بدلا من الذهاب إلى بلد ربما ينقصه الاهتمام بالامور التجارية.

ان السؤال المهم بالنسبة إلى مستقبل الاقتصاد الاميركي هو اذا كان رحيل الشركات المثير للاهتمام يشير إلى اتجاه مقلق على المدى البعيد. وان الاخبار التي تقول إن التصنيع يشهد تراجعا نسبيا غير منطقية، لأن حصة التصنيع من الاقتصاد كانت في هبوط منذ اواخر الستينات.

ومع ان المملكة المتحدة ترسل استثمارات مباشرة إلى الخارج اكثر مما تستقبل في الداخل، فإنها تبقى من اكبر مستقبلي الاستثمارات المباشرة الاجنبية (FDI).

ان مقدار القلق يمكن قياسه بالنظرة الدقيقة على اتجاه الارقام ودوافع الشركات للاستثمار عبر الحدود. ويلخص الدليل نشرتين صدرتا عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD (آفاق الاستثمار العالمي) وئة للتنمية (www oecdorg).

ان النقطة الاولى هي ان الاستثمارات عبر الحدود من المظاهر المميزة للتغيير الاقتصادي والعولمة في العقد أو العقدين الماضيين. وتبلغ قيمة الاسهم العالمية للاستثمارات المباشرة الاجنبية (FDI) حوالي 4 ترليونات دولار. وقد ارتفع التدفق السنوي من 200 بليون دولار (127 بليون جنيه) في العام 1993 ليصل إلى رقم قياسي وهو 1,3 ترليون دولار العام 2001 مع انه قد هبط بشكل حاد منذ ذلك الوقت.

وتقع معظم الاستثمارات المباشرة الاجنبية (FDI) بين الدول الاعضاء في منطقة التعاون الاقتصادي والتنمية(OCED)، أي الاقتصاديات الاغنى (بما في ذلك جمهورية التشيك).

وبعبارة اخرى فإن الدافع لا يمكن ان يكون مجرد ايجاد العمالة الرخيصة أو أن الدول النامية ستكون اكثر جذبا للاسثمارات وان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهولندا لن تكون اكبر مستقبلي الاستثمارات بشكل ثابت. ان اكبر التغييرات في انواع تدفق الاستثمارات لم تكن في الاقطار الموجهة إليها هذه الاستثمارات ولكن في الانواع المختلفة من الصناعات وطبيعة الاستثمار.

ففي أواخر التسعينات فقد التصنيع مركزه كقطاع رئيسي مشترك في الاستثمارات المباشرة الاجنبية (FDI) وقد سبقته الخدمات في الاهمية. كذلك فإن الشركات اصبحت تنظر وبشكل متزايد إلى اسواقها بوصفها أسواقا عالمية. فبدلا من انشاء مصانع تعتبر نسخة مطابقة لبعضها بعضا في عدة اقطار لتخدم كل سوق وطني، فإن الشركات بدأت في تشغيل مصانع متخصصة لتزويد بعضها بعضا. وتظهر هذه النتائج في ارقام التجارة العالمية اذ ان ثلث الاتجار بالمواد المصنعة يتكون الآن من اجزاء مركبة وليس بضائع تامة الصنع.

ان هذه العملية تأخذ التخصص المتزايد - والذي كان لب النمو الاقتصادي لأكثر من مئتي عام - إلى مستوى عالمي.

ان الانخفاض في تكلفة النقل والاتصالات وبدء زوال الحواجز التجارية من العوامل التي ساعدت على النمو الاقتصادي.

ان العولمة قد ادت إلى اعادة تنظيم انماط الانتاج بشكل جذري، وسيؤدي هذا التغيير الكبير في نهاية الامر إلى كفاءة اكبر في الانتاج.

ومع ذلك فإنها مازالت عملية تسبب المشكلات. فبالنسبة إلى المملكة المتحدة هناك خوف حقيقي بخصوص اذا ما كان المستثمرون يعتقدون بأن هذا هو المكان المعقول والطريقة السليمة لتطوير منتجاتهم ودخولها إلى الاسواق الاخرى.

ان العملة المنفردة قد بينت بوضوح ان الاسواق الاوروبية الرئيسية هي تلك التي تشهد نشاطا رائجا. ان بريطانيا تختلف عن مناطق اليورو التي أصبحت اكثر اندماجا.

ان هذه المشكلة يمكن ان تصبح اكبر واخطر. ان اعادة نقل الانتاج إلى اماكن جديدة سيعزز مكانته بشكل كبير. ان مثالا واحدا لا يثبت بأن هذا الشيء يحدث الآن. ولكن في العامي 2001 و2002 ذهبت اكبر الزيادات في الاستثمارات المباشرة الاجنبية إلى الاقتصاديات الاوروبية. ان هذه العلاقات البسيطة تنذر بالشؤم.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً