العدد 57 - الجمعة 01 نوفمبر 2002م الموافق 25 شعبان 1423هـ

المنازل العائمة على النيل كانت أوكار جواسيس ومراتع لإجازات الأثرياء

الجواسيس الألمان الذين استعملوا المنازل العائمة على نهر النيل كمكان آمن للاختباء، والأديب الحائز على جائزة نوبل استخدمها كخلفية أدبية لجلسات التحشيش لشخصيات رواياته.

منازل القاهرة العائمة لها تاريخ غارق في أعماق الحقيقة والخرافة، والرومانسية. والتفرج على النيل، أطول أنهر العالم يزحف شمالا نحو البحر المتوسط - تحت أرفاف الطيور المهاجرة بعيدا عن ضجيج القاهرة - أغرى الكثيرين من أبناء البلد والأجانب بالعيش عائمين على مياه النيل.

مناظر النيل ونسائم النهر والحدائق الظليلة الطافحة بالزهور والعرائش وأشجار الغوافا تحجب تماما جماهير القاهرة وصخبها وتلوثها.

لقد أقامت شخصيات تاريخية، من كليوباترا إلى ضباط جيوش نابليون الغازية على النهر، وأبحرت على امتداده فعلت ملكة مصر بمحاذاة الضفاف المليئة بأشجار البردى، إما في اليخوت الملكية وإما في منازل مربوطة بحافة النيل.

الفلائك، التي تسمى «عوامة» أو ذهبية» في الكيت كات، وعددها حوالي 30 منزلا نهريا، هي أشبه بالواحات في أكبر مدن العالم العربي. والكيت كات هو المرسى الرئيسي لمثل هذه الفلائك في الضاحية التي تحمل الاسم نفسه المشتق من الملهى الذي كان يرتاده الملك فاروق والذي هدم لاحقا لبناء مسجد مكانه.

والكيت كات يجتذب اليوم الكثير من الناس، من الرحالة الذين يحملون أغراضهم في حقائب على ظهورهم إلى المعلمين البريطانيين الذين يأتون لقضاء إجازة قصيرة و«رخيصة» إلى الأثرياء العرب ونجوم التلفزيون.

بعد تغيير الموقع عدة مرات، تشكل مجموعة فلائك الكيت كات - التي تختلف من حيث النوعية والصلابة حسب العمر ورغبة اصحابها في الانفاق عليها - خطا فاصلا بين أغنياء مصر وفقرائها.

القوارب الراسية في الضفة الغربية تجاور الكيت كات وضاحية أمبابه السكنية للطبقة الكادحة - التي شهدت في العام 1798 «معركة الأهرام» التي هزم فيها جيش نابليون المؤلف من 25 ألف جندي فرنسي، الجيش المدافع عن مصر التي كانت آنذاك ولاية عثمانية.

وفي الضفة المقابلة يقع حي الزمالك، الحي الأخضر الفخم الذي يمكن منه مشاهدة صفوف العوامات الخشبية ذات الطابقين ـ وكل منها من لون وتصميم خاص ـ تتأرجح ببطء على صفحة الماء.

وخلال الحرب العالمية الثانية تحولت المنازل العائمة إلى محل إقامة لضباط الجيش البريطاني، وكذلك الجواسيس الألمان الذين هربهم إلى القاهرة وعبر الصحراء الغربية النبيل الهنغاري الكونت الالزلو الماسي. وقد لعب الممثل رالف فينس دور الماسي هذا في فيلم «المريض الانجليزي» الذي فاز بجائزة الأوسكار.

وفي الفيلم المصري «أيام السادات» الذي عرض في السنة الماضية نشاهد السادات، الضابط المصري المتمرد آنذاك، وقبل أكثر من 20 سنة من تسلمه مقاليد الرئاسة، مجتمعا مع الجواسيس في منزل عائم للتآمر ضد القوات البريطانية المرابطة في مصر. وقد تم تصوير هذا المشهد المستند إلى حوادث تاريخية حقيقية، وفي أحد قوارب الكيت كات. ولعب أحد سكان المنازل العائمة الحقيقيين دور أحد الجواسيس.

وتقول روايات تاريخية إن الراقصة حكمة فهمي التي كانت تعمل في ملهى «الكيت كات» كانت عميلة مزدوجة تساعد الجواسيس من المنزل العائم المجاور الذي كانت تقيم فيه

العدد 57 - الجمعة 01 نوفمبر 2002م الموافق 25 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً