العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ

قوات الأمن الروسية تحت المجهر

اهتزت القيادة والشعب في الولايات المتحدة بسبب فشل محللي المخابرات في التقاط بعض الإشارات المهمة المحذرة من قرب حدوث هجمات 11 سبتمبر/ أيلول. وبعد قيام خمسين من الثوار الشيشان المزودين بالاسلحة والمتفجرات بالاستيلاء على أحد المسارح الغاصة بالمشاهدين، يُطرح على المسئولين الروس السؤال المحرج: كيف أمكن لقوة مجهزة بالكامل من جنود العدو أن تغزو العاصمة الروسية وتتغلغل إلى وسطها وتهاجم مبنى كبيرا من دون أن تواجهها ولو مرة واحدة قوات الأمن الروسية؟

يقول الخبير الأمني في مركز الخطط والتنبؤات الاستراتيجية في موسكو، ديميتري أولشانسكي: «ان أية فكرة عن وجود سيطرة أمنية في روسيا هي مجرد خرافة. فروسيا تحتفظ بعدد كبير من قوات الأمن، ولكن مستوى الاحتراف المهني منخفض. كما ان الفساد متفشٍ بين جميع الرتب. فعمليات التفجير وإطلاق النار وجرائم القتل في موسكو تحدث يوميا، اذ يتجول المجرمون المسلحون من دون التعرض لأية عقوبة، والشرطة غير قادرة على التعامل مع أي منهم».

وقبل أسبوعين فحسب اطلقت النار على حاكم مقاطعة روسية كبيرة وأردي قتيلا في أحد شوارع موسكو المزدحمة، كما انفجرت سيارة مفخخة خارج مطعم ماكدونالد ما أوقع ثمانية جرحى.

ويقول الخبراء إن الثوار الشيشان هم مواطنون روس يمكنهم أن يتسللوا الى موسكو في مجموعات صغيرة مستخدمين أماكن العبور العامة التي تكون المراقبة فيها ضعيفة، ويختارون أسلحتهم من متاجر محددة المواقع مسبقا. وربما لم يلاحظ رجال الشرطة سيارات الجيب الكثيرة والشاحنات المقفلة المليئة بالمسلحين المتجهين ناحية بيت الثقافة في شارع ملنيكوفا مساء وقوع العملية لأن مثل هذه المناظر ليست غير اعتيادية في موسكو.

يقول أولشانسكي «هناك عدد كبير من الرجال المسلحين نلقاهم في الشوارع كل يوم، وهناك الكثير من وكالات الأمن الخاصة التي تعمل لصالح أفراد أوشركات، كما ان قطّاع الطرق يجولون المدينة أيضا بكل سهولة ويرشون أي رجل شرطة يطرح عليهم أي سؤال».

وقد أثبت الشيشان الذين قاتلوا جنود موسكو في حربين خلال العقدين الماضيين قدرتهم على اختراق شبكات الأمن الروسية، وغالبا ما يتم ذلك عن طريق رشوة الشرطة. ويقول الخبراء ان معظم أسلحتهم يشترونها من جنود روس مرتشين أو من مصادر اجرامية.

ويقول مسئول في شرطة العاصمة موسكو رفض ذكر اسمه: «المسلحون الذين هاجموا المسرح لم يحضروا أسلحتهم الى هنا بل اشتروها من قطاع الطرق المحليين، فالأسلحة غير القانونية منتشرة من جميع الأنواع في المدينة ، ومن المستحيل تتبعها».

وفي العام 1995 قاد اللواء الشيشاني شاميل باساييف الكثير من رجاله وتوغلوا الى مسافة 200 كم داخل إحدى المقاطعات الروسية لمهاجمة مدينة بدينوفيسك. وقد أعلن باساييف بعدها أنه دفع ما يصل الى 10,000 دولار رشوة لتجتاز شاحناته المحملة بالمقاتلين المسلحين عبر عشر نقاط تفتيش تابعة للشرطة على طول الطريق.

وقد تم تشديد الاجراءات الأمنية في المدن الروسية، وتم احياء منظمات المراقبة الجماعية التي كانت موجودة في العهد السوفياتي وذلك بعد سلسلة من الحوادث الدامية التي أدت الى تفجير الكثير من الشقق في العام 1999.

وصرح المتحدث باسم الغرفة العليا في البرلمان سيرجي ميرونوف للتلفزيون الروسي: «ان حال اليقظة والحذر المتزايد استمرت لمدة اسبوعين فقط ثم استرخى الجميع، فمتى سنتعلم؟».

وقد تبخر ما كان يعرف بالبوليس السري الذي كان ضخما وقويا أيام الاتحاد السوفياتي منذ زمن طويل تاركا وراءه بعض البقايا ضعيفة المعنويات والتي لا تستلم ما يشجعها على الحفاظ على الأمن في الأراضي المترامية الأطراف لروسيا.

يقول مدير مركز الدراسات السياسية في موسكو سيرجي ماركوف: «في العقد الماضي دُمرت كل مؤسسات الدولة وانتقل كل الأشخاص الموهوبين الى القطاع الخاص. أعتقد أن هذا هو الثمن الذي ندفعه للحرية والديمقراطية»

العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً