العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ

المرأة الأفغانية... في صراع على قبول ورفض وجودها في الساحة السياسية

مرت المرأة الأفغانية بعدة مراحل في افغانستان. ففي فترة الملكية كانت الحياة السياسية حكرا على الرجال. ثم تلاها الحكم الشيوعي الشمولي وكانت فترة انفتاح سلبي اذ خرجت المرأة الى الشارع السياسي بفكر ماركسي اباحي وانتشرت الرذيلة وفتيات الهوى والخمور وكثرت العشيقات والعشاق ولعبت المرأة دورا سياسيا وعسكريا وثقافيا كبير مستندة على ارضية الفكر والنهج الماركسي، وذكر احد الزملاء الذين درسوا في فترة الحقبة الشيوعية بكابل وحدثنا يومها عن مدى الانفتاح في افغانستان ودور المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامتيازات التي حصلت عليها من قبل الدولة، ثم جاءت ثورة المجاهدين للانقلاب على النظام الشيوعي وسقط النظام الشيوعي ودخل المجاهدون في اقتتال داخلي وفي تلك الفترة سمحت حكومة برهان الدين رباني للنساء بالعمل لكن لم يدخلن المعترك السياسي، ثم جاءت فترة طالبان ولم تجد النساء فرصة للعمل او الولوج في الحياة السياسية، وبعد فترة طالبان وسيطرة قوات تحالف الشمال على افغانستان عادت المرأة من جديد لتمارس عملها وتوظفن في قطاعات مختلفة في الاذاعة والتلفزيون والتدريس، وقمن بالمشاركة السياسية وفق متطلبات مؤتمر بون، ولكن مازالت هناك عقبات تواجه المرأة فهناك خط ديني مازال يعارض مشاركة المرأة وتيار آخر يؤيد مشاركتها، فعلى سبيل المثال حاولت المحكمة الدستورية قبل ستة اشهر منع امرأة افغانية من تقلد منصب وزيرة اذ قرر كبير قضاة المحكمة العليا في افغانستان فاضل هادي شنواري منع وزيرة شئون المرأة الافغانية سيما سمر من تولي أي منصب حكومي بسبب تصريحات أدلت بها لوسائل الاعلام يصفها شنواري بانها ضد مصالح البلاد، وذلك بسبب تصريحات لها فيها اساءة للاسلام ولكن سمر اعتذرت ونفت هذه التصريحات، والمعروف ان سيما سمر من دعاة تحرر المرأة الافغانية على الطريقة الغربية، فهذا النموذج احد مناهج التحرر النسائي في افغانستان، على النقيض من حركة طالبان التي غالت في منع عمل المرأة واصبح الامر بين افراط وتفريط، المختصون في الشأن الافغاني لهم وجهة نظر في عمل المرأة ودورها في افغانستان، فالاستاذ جان الله هاشم الخبير في الشئون الافغانية يرى ان الشعب الافغاني بشكل عام لا يحبذ عمل المرأة وقال لـ «الوسط»: «ان المجتمع الافغاني محافظ وذلك وفق تعاليم دينه وعاداته وتقاليده، ان عمل المرأة غير مرغوب فيه لدى الشعب الافغاني وخصوصا في القرى والارياف اما في المدن فان فكرة عمل المرأة تجد بعض القبول وخصوصا في ظل الحكومة الافغانية ومعظم اعضاء الحكومة الافغانية بحكم العادات والتقاليد يرون ان عملها يجب الا يخرج عن الحشمة والالتزام والتدين وفق عادات الشعب الافغاني، اما النساء اللاتي شاركن في المناصب الحكومية والوزارية فقد تم وضعهن ديكورا ليس اكثر اذ هناك ضغوط خارجية طالبت بمشاركة المرأة وتم تعيين النساء لإرضاء الغرب الذي يطالب بتحرير المرأة الافغانية ومشركتها في الحكم، وعلينا ان نعي ان عمل المرأة يجد قبولا قويا لدى قوات تحالف الشمال فهي تعمل في الاذاعة والتلفزيون وتشارك في المناصب الحكومية» اما البرفيسور عبيدالله برهاني فيرى ان المرأة الافغانية تواجه عقبات أمام الولوج في العمل وتقلد المناصب وقال لـ «الوسط»: «ان المجتمع الافغاني ذكوري ولا يرحب بعمل النساء بشكل عام، ولكن المرأة حصلت في ظل الحكومة الحالية على تمثيل جيد ان كان في المناصب الحكومية او الادارات الحكومية، فهناك وزيرة فاطمة جلال وهي تعنى بحقوق المرأة الافغانية ولكن على الحكومة والنساء العاملات مراعاة الضوابط الشرعية كالحجاب والحشمة لكي تجد قضية عمل النساء قبولا لدى الشعب الافغاني» ولا تزال قضية عمل المرأة والقواعد التي يجب ان تسير عليها موطن خلاف بين قطاعات الشعب الأفغاني، فالحكومة الافغانية تضم تيارات مختلفة منها المتحرر ذو ميول فكرية غربية امثال كرزاي وتيارات اصولية امثال الجنرال فهيم وسياف وبرهان الدين رباني وهم تيار اصولي معتدل يسمح بمشاركة المرأة ولكن وفق قواعد الشرع، ولكن التيار الغربي يبدو انه المسيطر وذلك بسبب السيطرة السياسية الاميركية والغربية على نظام الحكم في كابل، ويظهر هذا الاختلاف والتباين بين الحين والآخر بين التيارين، فحادثة منع المدير العام لمؤسسة التلفزيون الافغاني النساء من الغناء كانت اكبر شاهد على ذلك ولكن سرعان ما تدخل رئيس الحكومة كرزاي وقام بعزله لتعود النساء إلى الغناء من جديد وهذا مثال يدل على مدى الخلاف القائم على عمل النساء وظهورهن والمساحة المسموح لهن بالتحرك فيها، وسيبقى الزمن كفيلا ليحسم أي التيارين سينجح في فرض آرائه على الوجود النسائي في الدولة ولكن لاشك في ان قضية المنع الكلي لعمل النساء ليست موجودة لدى الطرفين لكن كل له قواعد وضوابط بحسب توجهاته السياسية

العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً