العدد 5306 - الجمعة 17 مارس 2017م الموافق 18 جمادى الآخرة 1438هـ

الفنان جلال العريض: استفزاز المتلقي هدفي.. و«ملاذ الفن» مفتوح للجميع

يستمر معرضه «مسمار في لوح» حتى 23 الجاري

تصوير عقيل الفردان
تصوير عقيل الفردان

«في هذا العالم المليء بالتناقضات هناك أشياء وأفكار تربط البشرية جمعاء، سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، ولو نظر كل منا بعمق في داخل نفسه لتفاجأ بأن الحب والحب وحده هو بطانة قلبه». بهذه العبارة يستقبل الفنان جلال العريض زوّار معرضه الشخصي الأول الذي انطلق مساء الإثنين (6 مارس/ آذار 2017)، ويستمر حتى 23 من الشهر نفسه.

يقيم الفنان معرضه في جاليري ملاذ الفن، الجاليري الخاص به، الواقع في منطقة مقابة، والذي يتمنى أن يصبح ملاذاً وواحةً لجميع الفنانين، مشيراً إلى أن الجاليري سيحتضن برامج وأمسيات فنية متنوعة ومتعددة، مؤكداً بأنه «ليست هناك قوانين كثيرة للإستفادة من الجاليري، فهو مفتوح لأي فنان، وجميعهم مدعوون لزيارته والاستفادة منه».

العريض أطلق معرضه، وهو الأول الذي يحتضنه الجاليري، تحت عنوان «مسمار في لوح»، وهو معرض تجريبي يضم 27 عملاً تجريدياً، معنونة بأسماء مثل «عباس» حيث الماء واللون الأزرق، «وثاق» حيث حيوانات مختلفة مقيدة في أحد أعمدة الجاليري، «آدم» وخارطة للعالم معلمة بصمغ أبيض، «شرق، غرب» التي تعيد تقديم لوحة الفنان الفرنسي كلود مونييه، الشهيرة «الجسر الياباني» (Japanese foot bridge).

يعطي أعماله الأخرى أسماء مثل «دخان»، «لا نهاية»، «خريف ال...»، «حياتنا»، «ندم»، «كساء»، «يوسف»، «صراع»، «خير وشر»، «فزع»، «سليمان»، «اختلاف ألوانكم»، «عيسى».

أسماء معبرة وفن مفاهيمي

يركز الفنان على أن تكون أسماء الأعمال معبرة عن هويته أولاً قبل أن تنقل أفكاراً هي خلاصة لتجربته الحياتية وتراكم لقراءات وخبرات متنوعة، يقول العريض أنها تمتد لما يزيد على الأربعين عاما، ويضيف: «يمكن تصنيف أعمالي على أنها تنتمي إلى الفن المعاصر أو المفاهيمي، استخدمت فيها خامات مختلفة، قدّمت فيها أفكاراً متنوعة وتركت للمتلقي مطلق الحرية في قراءة اللوحة».

يشير العريض إلى أن الفن المفاهيمي يعطيه حرية أكثر ومساحة أكبر وينقل أفكاراً أكثر، ويعطي مجالات أوسع لقراءات عديدة. ويمنح الفنان مساحة لأن ينقل أفكاره بشكل يفتح خيال المتلقي بحيث يكون له رؤية في أي عمل.

شارك جلال مسبقا في معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية، وهو مشارك دائم في جمعية المرسم الحسيني للفنون، ويوضح أنه أحد المؤسسين لهذا المرسم. ومنذ البدايات جرّب ممارسة مختلف الأساليب والتقنيات الفنية، وكان يشتغل أساساً على تكنيك السيلك سكرين، ويؤكد: «أنا متمكن نسبياً في هذا المجال». ومع الفن المفاهيمي قدّم عملاً واحداً منذ عشرين عاماً، يندرج تحت هذا الإطار، وها هو يعود إليه مع هذا المعرض.

المسامير قناعات وإيمان

جميع الأعمال المعروضة في «مسمار في لوح»، مقدّمة على ألواح خشبية، يستخدم فيها العريض المسامير والصمغ الأبيض، ومواد أخرى تختلف باختلاف الفكرة المراد نقلها، مثل الشمع أو أعقاب السجائر أو غير ذلك. يقول: «المسامير والصمغ الأبيض في الأعمال هما أداتا الرابط اللتان تتكرران في جميع أعمال هذا المعرض». كما يستخدم أساليب فنية متنوعة، أحدها تكنيك الايبرو (Turkish Marbling) الذي استخدمه في أكثر من عمل من أعمال المعرض، كما في عمل «شرق، غرب».

أسأله إن كان استخدام المسامير في أعمال المعرض، وهي أدوات حادة، يقصد منه الإشارة إلى أن التعلق بالأشياء أمر سلبي أو إيجابي فيرد: «للمتلقي حرية تقرير هذا الأمر»، ويضيف «الأفكار التي نتمسك بها ليست دائماً أفكاراً شريرة أو سلبية، والمسمار لا يمثل إشارةً سلبية، أنا استخدمه فقط لأنقل ثيمة التمسك والتعلق بالفكرة».

تسكن المعرض ثيمة واحدة، أعماله تناقش، كما يشير الفنان «فكرة القناعات الثابتة والإيمان الراسخ واليقين من خلال نماذج تصويرية مثبتة على لوح من الخشب، تدعو المتلقي للتساؤل عن الأمور التي يرتبط بها والمتعلقة بهويته ومشاعره وعاداته».

أعرض هويتي وللمتلقي قراءاته

عبر أعماله السبعة والعشرين، يلقي العريض بإشارات متنوعة، حول الهوية، الأفكار، الحب، السلام، الحرية، التدخين، الحب، السلام، وحدة أصول الأديان، وعن أفكار أخرى نقتنع بها، نؤمن بها، تحدد هويتنا وشخصياتنا، تربطنا كبشر وقد تفرّقنا. وهو يترك للمتلقي الحرية في قراءة عمله، وهي خلاصة تجاربة الحياتية المتراكمة. يقول «فكرة المعرض جاءت صدفة، كان كل شيء موجوداً لدي. التكنيك والخلفيات وغيرها وطريقة رص الخشب هي أمور مارستها في أعمال كثيرة، لكني الآن جمعت كل خلاصة تجربتي في معرض واحد، أما الأفكار المتضمنة في المعرض فهي خلاصة قراءاتي. أقول دائماً أنك حين تقرأ كتاباً حاول أن تملأ الفراغ بين كل سطر وآخر، ضع سطراً ثالثاً». العريض يضع سطره الثالث بهذا المعرض.

يقول: «إذا لم يكن في العمل الفني فكرة وبعد أو طابع محلي، وهوية فلن يكون سوى لون يسر الناظر، ولا يمكن للمتلقي حينها أن يكون رؤية حول العمل. يجب أن يستوقف العمل الفني المتلقي بسبب ما يقدمه من فرق يفتح خياله».

الإنطباعات السلبية تعني نجاحي

في أحد أعمال المعرض، يحوّل العريض شخصية المغامر الشهير جليفرز إلى شخصية نسائية، أسأله عن ذلك فيقول: «أريد أن أستفز المتلقي، أريد أن أجعله يتوقف أمام عملي، ويبقى عملي ذاك في ذهنه بعد أن يترك المعرض، ولن يكون مهماً إن كان الانطباع إيجابياً أم سلبياً، لأنني سأكون قد نجحت في أن أترك أثراً حتى مع من ينتقد معرضي».

واصل العزف.. غير موسيقاك

من أهم الأعمال التي تستوقف المتلقي هو عمل «موسيقى الكون» الذي يصوّر حدوة حصان مثبتة بمسامير، وعنه يقول جلال: «لا يعني القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. إذ إن ترك كل شيء للقدر وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مطلق، إن موسيقى الكون تعم كل مكان وتتألف من أربعين مستوى مختلفاً. إن قدرك هو المستوى الذي تعزف فيه لحنك فقد لا تغير آلتك الموسيقية بل تبدل الدرجة التي تجيد فيها العزف».

ويضيف: «جلال الدين الرومي يقول إن الدنيا مكونة من أربعين نوتة، وليس عليك تبديل الآلة وتشتكي من القدر، بل أن تواصل العزف واعزف على تون آخر تجيد العزف عليه».

وللتقنية التفاعلية مكانها

ولأن العريض يؤكد على ضرورة تفاعل متلقي معرضه مع أعماله، فقد ضمن المعرض إضافةً مميزة، تجعل من تفاعل زوار معرضه أمرا ممتعاً. العريض جعل دفتر زوار معرضه جهاز آيباد مثبت على لوح خشب، ومعلق على جدار الجاليري بين باقي الأعمال. يقول العريض: «يسجل زوار معرضي حضورهم بطريقة رقمية، ليظهر تسجيلهم مباشرة على صفحة الجاليري على موقع التواصل الاجتماعي الانستغرام».

نكسر القاعدة حين نعرفها

يركز العريض في أحد أعماله على توضيح إحدى القواعد الفنية المهمة، وهي القاعدة الذهبية Golden Ratio التي يقول بأنها أساس كل شيء في حياتنا، ويوضح: «إذا نظرتِ إلى الوجه البشري تجدين أن موضع الأذن في رأس الإنسان لا تأتي اعتباطية وإن كل شيء جاء بحسب قياسات محددة». ويواصل: «شعار شركة أبل جاء بناءً على هذه القاعدة. معابد الإغريق اعتمدت هذه القاعدة في بنائها. هذه القاعدة تدخل في الفن والعمارة وفي معظم شئون حياتنا». ويضيف: «جميع أعمال هذا المعرض وضعت قياساتها بناءً على هذه القاعدة. هناك قواعد فنية أخرى لم أضمنها في معرضي، لكن أعتقد أنه علينا جميعاً كفنانين أن نعرف هذه القواعد وننفذ أعمالنا بناءً عليها. لا يمكننا تجاهلها ثم إدعاء أننا نكسرها في أعمالنا، يجب أن يعرف الفنانون القواعد الفنية لكي يكسروها، لكن لا يمكن أن يكسروا قواعد دون أن يعرفوها».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:37 ص

      جميل ان تكون هناك أفكار جميله من أجل النهوض بالثقافه الفنيه
      شكراً للكاتبة

    • زائر 1 | 2:34 ص

      Well done aboHameed اعمالك ممتازة بتوفيق ابوحميد

اقرأ ايضاً