العدد 71 - الجمعة 15 نوفمبر 2002م الموافق 10 رمضان 1423هـ

قلعة البحرين بين الترميم والاندثار

قرية القلعة - ريم الخليفة 

15 نوفمبر 2002

مازالت منازل أهالي قرية القلعة خاضعة لقرارات تمنعهم من القيام بأعمال إنشاء في الوقت الذي تجرى فيه أعمال ردم وإنشاءات على ساحل القرية التي تحتوي على أهم معلم أثري في البحرين والخليج العربي يبلغ عمره الزمني 4500 سنة.

ومنذ نشر موضوع «قلعة البحرين» وردود الفعل تزداد من أطراف مختلفة في محاولة للحفاظ على المعالم الأثرية. وبينما قال خبير الآثار البحريني علي أكبر بوشهري: ان ترميم قلعة البحرين أدى الى تشويهها وتغيير ملامحها، قالت مهندسة الترميم خاتون الانصاري «ان الترميم يجرى على أسس علمية بحسب التوجيهات الصادرة عن وزارة الإعلام».

--------------------------


قلعة البحرين بين الترميم والإندثار

علي بوشهري: الترميم شوّه القلعة خاتون الأنصاري: ترميم القلعة يجري على أسس علمية

قرية القلعة - ريم خليفة

قال العضو البلدي جمعة الأسود إن الاتصالات بشأن حماية موقع قلعة البحرين ستجرى مع المسئولين والمختصين للحد من التخريب والآثار السلبية التي خلفها ردم ساحل البحر العشوائي المحاذي لجدران وأساسات القلعة.

وأضاف أنه تمت مناقشة واستعراض القضية بأكملها خلال الاجتماع الأخير مع رئيس المجلس البلدي للمحافظة الشمالية مجيد سيد علي. وأوضح الأسود أنه خلال الأسبوع المقبل سيتم الاطلاع على الوثائق الخاصة بالقلعة وذلك بحضور المختصين في هذا الجانب من دون أن يشير إلى الموعد المقرر.

وعن التحفظات التي أبدتها خبيرة الآثار الفرنسية مونيك كارفان على أسلوب ترميم القلعة الحالي علقت مهندسة الترميم خاتون الأنصاري بالقول: «إن الترميم جاء على أسس علمية وقد تم إطلاع عدد من المختصين بمنظمة اليونسكو على ذلك ومن ثم قمت بتنفيذ ما طلب إليّ بحسب سياسة وزارة الإعلام التي تتبع إدارتي إليها وبناء على تقارير اليونسكو الإيجابية!».

وأضافت: «انه تم استخدام أحجار بحرية وهي ذاتها التي تم استخدامها في مواد بناء القلعة قديما، ثم إنني لست خبيرة آثار، كل ما في الأمر أنني أقوم بعملية الترميم الخاصة بالمواقع الأثرية ومن بينها قلعة البحرين».

كما أوضحت الأنصاري أنها بصدد حماية القلعة من الاندثار وليست بصدد الدخول في تفاصيل أخرى عن أملاك الأراضي القريبة من القلعة، فالقضية كانت معلقة منذ أيام وزير الإعلام الراحل طارق المؤيد. وقالت: «هذا خارج حدود مهمتي التي كلفت بها».

وعن تسجيل القلعة على قائمة التراث الإنساني الخاصة باليونسكو قالت الأنصاري: «إن هناك جهودا من اليونسكو لتسجيل موقعين أثريين من بينها قلعة البحرين، ولكن حتى الآن لم تسجل بسبب الإجراءات الخاصة بالمعاينة، غير أن الموقع يعتبر من أقدم وأهم المواقع الأثرية لشبه الجزيرة العربية».

أما باحث الآثار علي أكبر بوشهري فقد تحدث ونبرة التحسر غلبت على كلامه في سرد للحوادث والفترات المختلفة ذكر فيها الجرائم التي اقترفت بحق المواقع الأثرية في أرجاء البحرين ومن بينها موقع الدراز الأثري الذي يبلغ عمره 3800 سنة وهو الموقع الذي هدمته جرافات أحد المقاولين في أواخر الثمانينات، وما تبقى منه سوى بقايا لايزال هذا الباحث يتحسر عليها.

أما عن قلعة البحرين فقد أشار بوشهري إلى أنه تمت إثارة موضوع أراضي القلعة وردم البحر في منتصف الثمانينات عبر الصحافة المحلية، غير أنه تم منع نشر أي مقال عن هذا الموضوع. وأضاف: لقد حاولت مع مونيك حماية هذا الموقع وحماية الشاطئ المقابل له، لكن جهودنا باءت بالفشل.

وللعلم فإن أقدم المدن الدلمونية ليست المدينة القريبة من القلعة حاليا، بل أكثر الاحتمالات بحسب ما جاء في تقارير الباحثين في البعثات السابقة من بينهم برونو ومحمد رفيق مغول وجان فرانسو وتبير لومبارد ومونيك كارفان كلها أشارت إلى أن مدينة دلمون الأولى موجودة تحت مياه البحر المقابلة للقلعة.

وأوضح بوشهري أن الشاطئ المقابل للقلعة كان يبعد بمسافة 200 متر تقريبا، أما المدينة الأولى فبنيت على الشاطئ القديم والتي لاتزال أنقاضها موجودة تحت البحر، مشيرا إلى أن خبراء الآثار أصروا في السنوات الماضية على عدم ردم هذه المنطقة لأنها تحتاج إلى الدراسة والبحث والتنقيب المختص بعلم «الآثار البحرية».

وأضاف أن الدليل على ذلك هو العثور على بقايا أثرية محروقة قريبة من الشاطئ القديم من قبل علماء وباحثي الآثار في منتصف الثمانينات.

وعن المشكلة التي سببها ردم البحر العشوائي لموقع القلعة قال بوشهري: إن الردم سبب نوعا من الضغط على أرض البحر بسبب دفنه بالكميات الثقيلة من الرمل والأحجار، مما أدى إلى ارتفاع مستوى المياه الموجودة تحت القلعة، إذ ارتفعت عدة أمتار وهو ما أدى إلى أن يتحول الموقع الأثري المدفون بالأحجار وغيرها من أحجار جافة إلى أحجار رطبة.

وأوضح أن ذلك قد يؤدي في المستقبل القريب إلى انهيار القلعة بالكامل، وهو ما أكدته البعثات الأجنبية في تقاريرها في فترات مختلفة.

وهنا يتساءل بوشهري: لماذا تم ردم البحر؟

لقد كان بالإمكان الاستغناء عن هذا الجانب، فببساطة «نحمي القلعة وندع ذلك للدراسة والبحث لخبراء الآثار». وأضاف معلقا: «إزالة أو انهيار القلعة معناه القضاء على تاريخ بلادنا بأيدينا... وهو ما حدث لأكثر من موقع في البحرين، الصغير والكبير منها... لابد من حماية هذا التاريخ، ولابد من تشكيل هيئة وطنية ولفت نظر المسئولين إلى أن هذه المشكلة التي يصل عمرها إلى حوالي عشرين سنة... هي ليست قضية اليوم».

كما أوضح بوشهري أن الترميم شوّه شكل القلعة، فقد تم تغيير ملامحها. وهو ما أشارت إليه الخبيرة الفرنسية كارفان أيضا. ليس هذا فحسب، بل من بين الأشياء التي خسرتها البحرين ذلك «الحجر البازيلي» (البركاني) الذي كانت عليه كتابة ارامية ـ كتابة الآشوريين القديمة ـ فقد تحطمت بفعل الجرافات وما عاد هذا الحجر موجودا... وهي حادثة يبلغ عمرها أكثر من 15 سنة

العدد 71 - الجمعة 15 نوفمبر 2002م الموافق 10 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً