العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ

سورية في ذكرى سقوط العراق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يتغير الرؤساء، ويتناوب الديمقراطيون والجمهوريون على الحكم، لكن يبقى كل منهم يمثل بسياساته خطراً محدقاً على دول وشعوب هذه المنطقة.

وتزداد الخطورة حين يتخذ قرار الحرب ضد بلد عربي أو إسلامي كالعراق أو سورية أو ليبيا، أو استخدام الطائرات بلا طيار كما فعلها أوباما لسنواتٍ في اليمن وأفغانستان فأوقعت آلاف القتلى، غالبية منهم من الأبرياء أطفالاً ونساءً، أو توجيه ضربات صاروخية كما فعلها بيل كلنتون في السودان وفعلها مؤخراً ترامب في سورية.

الأميركيون لديهم حساباتهم ومخططاتهم الإستراتيجية ومطامعهم في «ما تبقى» من ثروات بالمنطقة، وهم لا يكترثون بمذاهبنا ولا يهتمون بأشكال وجوهنا، فكلنا في عيونهم مجرد شعوب متخلفة، وأغنامٍ سائبة لا تمثل غير مشروعٍ للاستغلال والذبح الحلال.

جيلنا عاصر تجارب لأكثر من أربعين عاماً، مع عشرة رؤساء، منذ ليندون جونسون، كلهم تصرّف معنا بالطريقة ذاتها: سوق وحقل لتجارب الأسلحة، واستمرار تدفق النفط، وضمان الأمن المطلق لـ»إسرائيل».

الأميركيون لا يبرّرون سياساتهم الميكافيلية، ويعتبرونها شطارةً أن يبتزوا دول العالم، ويفرضوا عليها إرادتهم بالقوة، فأنت «إما معنا أو ضدنا»، حتى لو كان من أقرب حلفائهم الغربيين، أما الحلفاء والأصدقاء في الأقاليم الأخرى فيبقون مجرد مشاريع استثمار وابتزاز.

قبل 14 عاماً، احتلت الولايات المتحدة العراق، ودخلت القوات الغازية بغداد في مثل هذا اليوم من أبريل 2003. ووعد جورج بوش الابن العراقيين بتوفير الحرية والديمقراطية والأمن والرفاهية، وإذا كان العراقيون اليوم يتمتعون بحرية انتقاد وشتم كل زعاماتهم السياسية دون أن يتعرّضوا إلى تصفية أو اعتقال، إلا أن الأمن والرفاه ظلا بعيدين عن العراق، حيث حوّله الأميركيون خلال العقد الماضي إلى ثقبٍ أسود لاستدراج الحركات «الجهادية» من جبالها المحصنة في أفغانستان، إلى أرض العراق المنبسطة، وفق رؤية أميركية واضحة، أعلنها وزير الدفاع السابق الجنرال كولن باول بعد الغزو مباشرة.

هذه السياسة الأميركية في العراق، فتحت الباب للحركات التكفيرية لتنفيذ عمليات القتل والتفجيرات اليومية لعدة سنوات، وإزهاق أرواح عشرات الآلاف من العراقيين، وتوالد مختلف أنواع الحركات المتطرفة، من الزرقاوي الذي أعلن عن مشروع حرق العراق بفتنة طائفية بين السنة والشيعة، إلى البغدادي الذي أعلن دولة الخلافة حيث جرى استباحة دم الشعب العراقي وكرامته وحرماته، حتى تمدّد إلى سورية، ومدّ أذرعه إلى سيناء ودول شمال إفريقيا، وهدّد بغزو دول الخليج في صيف 2014.

التعامل مع الأخطار التي تحيق بالجميع بحسابات فئوية تدل على قصر نظر، وهو مرضٌ يلازم تاريخنا نحن العرب منذ قرون، وهو الذي أدى إلى سقوط الأندلس بعدما تحوّلت إلى دول متناحرة تحكمها الطوائف، ولا يجمعها دينٌ ولا لغةٌ ولا عقلٌ ولا تاريخ مشترك.

في الحالة الراهنة، الدول العربية ممزقة شر ممزق، والأميركيون الذين ورثوا النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط، يلعبون اليوم على تناقضات المنطقة، بعد أن فهموا أسرارها. لقد أمسكوا بمفاتيح اللعبة، بينما نحن لم نستوعب الدرس بعد، ومانزال نراهن على «نخوتهم» و»شهامتهم»، ودفاعهم عن أطفال خان شيخون الأبرياء، وننتظر أن يحلوا مشاكلنا وينصروا بعضنا على بعض!

الرئيس الجديد ترامب شخصيةٌ أثارت الكثير من الجدل في بلاده، وهو شخص مندفع ومتناقض، يتقلب من رأي لآخر خلال 24 ساعة، ففي مساء الأربعاء يغازل النظام السوري ويغرّد ببقائه، وفي فجر الجمعة يهاجمه بالصواريخ ويهدّد بإسقاطه، مستغلاً هذه الفوضى العارمة التي يغرق فيها الشرق الأوسط. ومن هنا لا يُستبعد أن تتحوّل هذه الغارات من خطوة مؤقتة إلى صدام دائم، يفتح فيه النيران في كل الاتجاهات. وفي هذه الحالة من الذي سيدفع الثمن؟

غزو العراق أدّى إلى سقوط نظام الأمن العربي، أما سقوط سورية فستكون آثاره أشد مأساويةً على العرب، دولاً وشعوباً وحكومات، وخصوصاً أن من سيملأ الفراغ «داعش» وأخواتها حيث ستتحوّل إلى أفغانستان عربية، تضخ من صحرائها المفتوحة قوافل «الجهاديين» في كل الاتجاهات. والعتبى على من لا يريد أن يستوعب الدرس بعد الدرس!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 45 | 9:11 ص

      سيخذلكم الله لا محالة

    • زائر 43 | 6:17 ص

      الايام بيننا وراح ينتصر الاسد ....

    • زائر 42 | 6:10 ص

      اليهود وامريكا ..... تم التخطيط للهجوم على سورية لتدميرها على ايدى وحووش يحملون الشر فى نفوسهم على الابرياء وهم تربو على هاده الشى ويعتقدون بهادى الافعال انهم سيدخلون الجنه الله يهلكهم والفترة الماضيه هم الذين قصفوا السوريين بالكيماوى ونجح اعلامهم بتلبيس التهمه على الجيش السورى .... لماذا اختارو سورية لتدميرها لانها واقفة ضد اليهود وامريكا ....

    • زائر 48 زائر 42 | 3:43 م

      اقول العب غيرها كل يعرف أن بشار هو اللى يقصف كيماوي بالطائرات

    • زائر 36 | 5:18 ص

      ما يحصل في سوريا والعراق من حرب وتقسيم مخطط له منذ سنين من قبل أمريكا وحلفائها ، فأمريكا لا تعترف بتعدد الأقطاب ولا تعرف إلا القتل وأخذ باقي دول العالم بالقوة .

    • زائر 34 | 4:38 ص

      تصحيح "سيهزم الجمع ويولون الدبر.بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وامر"

    • زائر 31 | 3:03 ص

      من حق الشعب السوري أن يفتخر برئيس كالدكتور بشار الأسد من مثله ؟
      هل يوجد لديكم رئيس عربي مثقف واكاديمي و شجاع ...كبشار حافظ الأسد ؟
      اجيبوني ؟

    • زائر 47 زائر 31 | 3:18 م

      الدكتور بشار وللا الدكتاتور قصدك؟

    • زائر 26 | 1:46 ص

      قبل يومين سمعت شريط للمقبور صدّام بعد انتهاء حربه مع ايران وكان كلامه أسف على كيف تمّ خداعه واستغلاله من بعض الدول الكبرى بالتعاون ....وأدخلوه في حرب طاحنة، وكأنه يتجرّع كأس المرارة لأنهم ضحكوا عليه وخدعوه وقدّموا له الطعم واغروه .... لأهداف خبيثة.
      ما يحصل الآن هو نفس السيناريو الدول الغربية تهدف لتدمير سوريا وشعب سوريا بحجة نظام الأسد. الاعلام الغربي والعربي كلّه مسخّر لاقناع الشعب العربي بصحة توجه الدول الغربية والضحك على شعوب المنطقة

    • زائر 24 | 1:38 ص

      رقم 12 الناس والله ملت منكم انتم الي ما عندكم إلا الدواعش والتكفيريين وتنسون او تتناسون حزب ....وعصائب الباطل وروسيا ....وطائراتها .ومن قال لك ان العراق تحرر انتم تنظرون إلى ذلك من زاويه واحده وكل همكم أن تحكموا بالطائفيه ....المقيته . قريبا انشاء الله "سيهزم القوم ويولون الدبر وموعدهم الساعه والساعه ادهى وامر"

    • زائر 20 | 1:24 ص

      اذا أردت ان تعرف الواقع العربي فانظر لبعض التعليقات المدفوعة الأجر والتي تستميت في الدفاع عن الارهاب والجماعات الإرهابية والتي تقوم بدعم الفبركات وكما فبركت اشرطة اسلحة الدمار الشامل العراقي وانكشف زيفها وفبركة افلام الكيماوي السوري وانكشف زيفها سريعا، هم مستميتون اليوم يشتمون فيك يا سيد لأنّك تضربهم على وترهم الحسّاس

    • زائر 19 | 1:21 ص

      امريكا وروسيا عندما يتدخلون في بلداننا العربية فهو لاجل مصالحهم وليس لصالحنا والحمقى فقط من يؤيد التدخل الاجنبي في شؤون الدول العربية
      لا نريد امريكا ولا روسيا ولا ايران ولا غيرهم نريد حل مشاكلنا الداخلية بانفسنا وليس تدويلها لتصبح عالمية

    • زائر 12 | 12:02 ص

      2

      2/ انت ما تمل من ها السخافات يوميا بهذا الكلام التافه ، الموضوع عن ذكرى تحرير العراق واشدخل بشار ولوكسمبورج وجزر سيشل ومالطا وبوتان !!! ليش ما تروح مع أقرانك الدواعش وتحرر دمشق وتسحب بشار من الحفرة نفس ما سحبوا "صدامك" من قاع المجاري ، بسك تفاهات الناس ملت منك.

    • زائر 11 | 11:54 م

      منامي

      سقوط سوريا وسقوط من يحكمها حتمي واتمناه اليوم وليس غدآ ، لم يكتوي شعب في الارض كما اكتوي الشعب السوري ، تشتت من تشتت وقتل من قتل وما زال يحكم بالنار والحديد ،،شكرآ

    • زائر 22 زائر 11 | 1:29 ص

      ههههه سقطت سوريا؟ ليش جايب شيء جديد كنّا نسمعكم من قبل 6 سنوات، ونرى فبركاتكم وتعاونكم مع العدوّ الصهيوني والامريكي والبريطاني ومعروف الهدف من هذا التعاون .
      لكن اقول لكم يا اتباع التضليل والتدليس انكشف زيفكم وكذبكم وتدليسكم رغم الضخ الاعلامي الهائل لم يستطع الوقوف امام الحقّ . انّ باطلكم زهوق مهما صرفتم عليه من افلام واموال وفبركات والحمد لله العالم يعرف الحقيقة

    • زائر 38 زائر 22 | 5:21 ص

      اقول ليش بشار ما يطلق رصاصة أو صاروخ على إسرائيل رغم أن إسرائيل كل يوم تخترق أجواء بلده و تهاجمه فى عقر داره وين المقاومة وين الممانعة بس بطل على شعبه الله يعلنه ويلعن من يايده هذا المحرم النصيرى الكافر

    • زائر 10 | 11:51 م

      يعنى بشار حلال يقتل في شعبه ويستخدام الكيماوي معاهم

    • زائر 9 | 11:16 م

      طرد أمريكا وبريطانيا والتواجد الأجنبي من المنطقة هي الخطوة الأولى في الأتجاه الصحيح لتنمية دولنا وحفظ أمنها وأستقرارها وبعد خطوات تصحيح من الداخل تجعل الشعوب العربية أكثر تمثيل في شتى المجالات ويجب العمل على هذه المسارات قبل أن تحترق المنطقة

    • زائر 8 | 10:39 م

      تهنئة للعراق

      في ذكرى تحرير العراق يوم أمس 9 أبريل ؛ أقول مبروك لشعب العراق يوم تحرره وشكرا لأمريكا وجيشها ورئيسها محرر العراق جورج دبليو بوش والقبض على (هدام العراق ) أكبر مجرم عرفه التاريخ البشري وهو مختبئ في قاع المجاري ومن ثم إعدامه.

    • زائر 14 زائر 8 | 12:19 ص

      الله يرحمه الاسد اسد حتي وانت ميت تخوف ومن بعد طلعت العصايص

    • زائر 2 | 8:53 م

      بشار يتنحى ويجنب بلده الويلات، ست سنوات وهو يطنطن على نغمة (السيادة و الإرهاب)، فأما السيادة فنتيجة عناده و تشبثه بالسلطة صارت أتفه دول أوربا من لوكسمبورج إلى بلجيكا و بلغاريا تقصف في سورية، و أما الإرهاب فأنا لا أعلم ماذا نسمي ما يحدث يوميا في سورية.
      خلاص بشار انتهى، حتى ترامب اللي كان يقول اسقاط بشار ليس أولوية غير رأيه، رئيس يريد تقديم نفسه على أنه علماني ليبرالي و تحصله مجمع لي ميليشيات طائفية من أفغانستان و العراق و ايران و لبنان لحكم شعبه بالحديد و النار، و الطيران الروسي فوقهم!

    • زائر 25 زائر 2 | 1:40 ص

      الي تتكلم عنه موحدث جديد في المنطقةلو عندك خلفية عن أحداث المنطقةبداية بالثورةفي إيران. إيران واجهت الحرب ثمان سنوات بأسلوب مختلف لكن بنفس الهدف وهو تغير النظام في ايران.اجتازت ايران المرحلة ونجحت.وابتدت المرحلةالجديدة على العراق وسوريا وبإذن الله النصر للشعوب المستضعفه.

اقرأ ايضاً