العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ

دورة مخيبة وأفلام غير متميزة في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي

اختتم فيلم الأميركي دارين ارونوفسكي «المصارع» عروض أفلام المسابقة الرسمية للدورة السادسة والخمسين من مهرجان البندقية السينمائي التي بدت باهتة وخلت من المفاجآت بغياب إنتاجات هوليود الضخمة.

واعتبر عدد من النقاد هذه الدورة أسوأ دورات السنوات الماضية وانتقدوا قلة جودة الكثير من الأفلام التي دخلت المسابقة.

ويروي فيلم «المصارع» قصة مصارع (ميكي رورك الحاضر في البندقية) انقضى شبابه وذهب أوان مجده فيضطر بعد أن مجده الإعلام إلى الوقوف على الحلبة مهما كلف الأمر بهدف كسب المال.

ويركز الفيلم على صراع ذلك الرجل مع الوحدة والمرض والعوز لكن بطريقة كلاسيكية لا تخلو من إشارات سياسية إذ يجعل المخرج البطل الأميركي ينتصر على المصارع المتنكر بزي عراقي في لعبة الكترونية كما تجعل المصارع الكهل ينتصر على مصارع آخر يحمل العلم الإيراني.

لكن إلى أبعد من ذلك بكثير ذهب الفيلم الأميركي ما قبل الأخير الذي دخل السباق على الأسد الذهبي فقد عرض «هيرت لوكر» الخميس وقدم حياة مجموعة من الجنود الأميركيين المكلفين نزع الألغام في العراق.

والفيلم الذي أنجزته المخرجة كاثرين بيغلو بدا أقرب إلى الشريط الدعائي منه إلى العمل الفني وظل قائما في عالم خال من العراقيين الذين صوروا بطريقة كاريكاتورية على أنهم جبناء ومثيرون للسخرية.

وشارك في كتابة سيناريو الفيلم الذي لا ينفتح أبدا على واقع الأزمة في العراق اريك بول الذي كان صحافيّا ورافق الجيش الأميركي خلال غزو العراق.

وعلى عكس ما فعله بريان دي بالما في «ريداكت» الذي قدم أيضا في دورة العام الماضي في البندقية حين صور ممارسات الجنود الأميركيين في العراق مجدت بيغلو بطولات الجنود الأميركيين ليأتي فيلمها مخيبا ويظل فقيرا في لغته السينمائية.

بدوره بدا الأميركي المكسيكي غييرمو ارياغا في تجربته الإخراجية الأولى بعيدا عن لياقته ككاتب سيناريو وجاء فيلمه «ذي بيرننغ بلين» لهذا الكاتب الذي شارك في وضع سيناريو «بابل» وأعمال أخرى جميلة أقل من التوقعات.

وحتى المخرج الكبير جوناثان ديم مخرج الفيلمين الماثورين «صمت الحملان» و»فيلادلفيا» الذي رسم في شريطه «راشيل تتزوج» بورتريه لعائلة أميركية تعيش مع ماض درامي بطريقة واقعية أقرب إلى العمل الوثائقي فهو أدخل الملل إلى نفس المشاهد.

وبدا شريط «فيغاس» للمخرج الأميركي من أصل إيراني أمير نادري أفضل الأفلام الأميركية الخمسة المشاركة في المسابقة الرسمية وتدور أحداث الشريط في العمق الأميركي ناقلة انهيار أسرة يقضي عليها إيمانها بالحلم الأميركي.

ويمكن الاستنتاج أنه ومن بين الأفلام الـ 21 التي قدمت اعتبارا من 27 أغسطس/ آب ضمن المسابقة الرسمية لم يحقق أي فيلم المفاجأة ويتفوق على الآخرين بل إن الأفلام التي قدمت ضمن العروض الرسمية خارج المسابقة بدت أهم وأكثر قدرة على نيل الإعجاب مثل فيلم «شيرين» لمعلم السينما الإيراني عباس كياروستامي و»شواطئ انييس» الوثائقي للمخرجة الفرنسية انييس فاردا.

ولعل المفارقة تكمن في كون أجمل أفلام المسابقة فيلم تحريك ياباني وقد انفتح مهرجان البندقية في مسابقته للمرة الأولى هذا العام على أفلام النوع وحقق شريط «السَّمكة بونيو» لمعلم التحريك الياباني هياو ميازاكي كامل الإعجاب.

وسبق لميازاكي أن نال كل الجوائز وبينها اوسكار أفضل فيلم تحريك وجائزة الأسد الذهبي عن مجمل أعماله في الدورة الثانية والستين من مهرجان البندقية وجائزة الدب الذهبي في برلين العام 2002.

ولفت الجزائري طارق تقية في فيلمه «قبلة» الاهتمام لكن هذا الشريط المفعم بلغة سينمائية متأنية خاصة ومختلفة عن السائد لدى العرب شكا من تطويل غير مبرر سينمائيّا وخاصة في جزئه الأخير.

أما فيلم الفرنسي باربيت شوردر فقد أضاع هدفه وسقط تماما كما فيلم الألماني ورنر شرويتر الذي جاء مخيبا أيضا فيما ظل «بلاستيك سيتي» للمخرج الصيني البرازيلي يو ليك وي عسيرا على الفهم.

أما الألماني كريستيان بيتزولد مخرج «كوبا حرة» فهو لم يحلق بدوره لكنه ظهر أفضل من غيره في تصويره قصة حب ثلاثية بين ألمانيين ومهاجر تركي في فيلم يعيد صياغة معنى الحب.

وبدا اثنان من الأفلام الايطالية الثلاثة المشاركة في المسابقة هزيلين فيما أثار الايطالي ماركو بيكيس الاهتمام في شريطه «مشاهدة العصافير» الذي صور قصة سكان أصليين في البرازيل يريدون استعادة أرضهم التي كانت غابات أصلا وحولت إلى أرض فلاحية بينما نقلوا إلى العيش في محمية.

وبخصوص السينما الفرنسية احتل فيلم «الآخر» للمخرجين باتريك ماريو برنار وبيلر تريفيديك مكانة خاصة لبراعته في معالجة موضوع الغيرة والوحدة لامرأة جسدت دورها دومينيك بلان في أحد أجمل الأدوار النسائية في البندقية هذا العام وأحد أهم أدوارها في السنوات الأخيرة.

وبانتظار إعلان جوائز الدورة قدم الإثيوبي هايلي جيريما في «تيزا» فيلما ضروريّا عن الحرب وصراع السلطة في السبعينيات والثمانينيات في بلده في حين اختار الروسي جيرمان جينيور في «جندي من ورق» محاكمة لسنوات الستينيات في الاتحاد السوفياتي السابق من خلال تصوير العامل النفسي لفرد يجسده طبيب أمام مشاريع النظام والتقدم واكتشاف الفضاء.

العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً