العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ

هجوم اليمن يثبت إعادة «القاعدة» لتنظيم صفوفها

قال محللون إنّ الهجوم الذي وقع الأسبوع الجاري على السفارة الأميركية في اليمن يظهر قدرة «القاعدة» على إعادة تنظيم صفوفها في دولة مهمّة استراتيجيا كما يبرز أنّ التنظيم حول تركيزه بعيدا عن العراق.

وكان هجوم الأربعاء الماضي بمثابة تذكرة للولايات المتحدة حتى تواصل معركتها مع «القاعدة» على عدّة جبهات حتى لو هدأ الموقف في العراق والذي تعتبره إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش محوريا في حربها ضد الإرهاب.

وقال مسئول أميركي معني بمكافحة الإرهاب «كبار زعماء القاعدة دعوا إلى شن هجمات في اليمن وفي أماكن أخرى من المنطقة كما أنّ الجماعات المتطرفة في اليمن أوضحت بالقول وبالفعل المروع أنها مستعدة لقتل المدنيين الأبرياء». وقال الأستاذ بكلية الدراسات البحرية العليا جون اركيلا «هجمات اليمن مثال على قدرتهم على الضرب في أيّ مكان في ساحة القتال وفي أيّ وقت». وذكر المسئول الأميركي أنّ «القاعدة» استهدفت طوال سنوات المصالح الأميركية في شبه الجزيرة العربية وبالقرب منها.

لكن الهجوم على السفارة الأميركية في اليمن الذي تقول الولايات المتحدة أنه يحمل «كل بصمات القاعدة» هو الأكبر ضد هدف حكومي أميركي في اليمن منذ التفجير الذي استهدف المدمرة الأميركية كول في ميناء عدن العام 2000 والذي أدّى إلى مقتل 17 بحارا أميركيا.

وقتل في الهجوم على السفارة الأميركية في صنعاء 17 شخصا أيضا من بينهم أميركية والمهاجمون الستة. واستخدم المهاجمون سيارتين ملغومتين أحدثتا سلسلة من التفجيرات أمام مقر السفارة. ويقول محللون أن ذلك يثبت انه هجوم مصقول.

ضعف تنظيم «القاعدة» في اليمن بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001 وبعد أنْ كثف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من تعاونه مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

ويقول مايكل شوار الرئيس السابق لوحدة تعقب زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.اي.ايه) إنّ الهجمات تركزت في غالبيتها على السياح الأجانب والشركات الخاصة.

وقال شوار الخميس «سقطت القاعدة سقطة كبيرة في اليمن لكنها منظمة قادرة على تحسين أوضاعها. والسفارات الأميركية متحصنة ويصعب مهاجمتها لكنهم أبلوا بلاء حسنا . «هذا هدف صعب. وبالنسبة لي هذا يظهر المزيد من الثقة وأنهم أعادوا بناء أنفسهم للدرجة التي يستطيعون بها القيام بشيء كهذا».

وقال المسئول الأميركي المعني بمكافحة الإرهاب «القاعدة في العراق هي بالقطع في موقف قتالي صعب ولذلك من المرجح تماما أن يتطلع كبار زعماء القاعدة إلى القيام بعمليات في أماكن أخرى». و ل «القاعدة» جذور عميقة في اليمن. فهو مسقط رأس أجداد ابن لادن وكان مصدرا رئيسيا للمقاتلين في الألوية الإسلامية المعادية للسوفيات في أفغانستان في الثمانينيات والتي فرخت «القاعدة». ونحو ثلث المحتجزين في سجن غوانتنامو الحربي الأميركي في كوبا وعددهم 250 تقريبا هم يمنيون.

كما يعد اليمن بموقعه الجغرافي عند أقصى الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية نقطة وصل مهمة بين معاقل «القاعدة» في شرق إفريقيا وطريق تسلل إلى داخل السعودية التي تريد «القاعدة» إسقاط حكومتها.

وقال شوار إنه على الرغم من أنّ الولايات المتحدة تعتبر اليمن حليفا لها ضد الإرهاب إلا أن المسئولين الأميركيين أبدوا مرارا خيبة أملهم من مستوى تعاون صالح. فسجناء «القاعدة» كانوا من بين 20 سجينا تمكنوا من الفرار من السجن العام 2006 وهو حادث أزعج واشنطن.

وذكر مصدر أمني في صنعاء أن اليمن اعتقل 30 شخصا يشتبه أنهم من «القاعدة» منذ الهجوم على السفارة الأميركية يوم الأربعاء. لكن شوار استخف بذلك قائلا: إنها اعتقالات «معتادة لمشتبه بهم» لمجرد التفاخر.

ووجهت الولايات المتحدة ضربة صاروخية قوية العام 2002 قتلت خلالها ستة من ناشطي «القاعدة» بمن فيهم مفجّر مشتبه به لكول لكن هذه الضربة لم تتكرر.

وقال اركيلا الذي يدعو إلى تشكيل «شبكة عالمية لمكافحة الإرهاب» إنّ إلحاق الهزيمة بـ»القاعدة» في اليمن والمناطق الأخرى يتطلب شبكات ذكية من الحلفاء المحليين ومساعدة مركّزة من الجيش الأميركي والمخابرات.

وقال «عليك أوّلا تشكيل هذه الشبكة ثم البدء في الهجوم».

صالح يتعهد بملاحقة مخططي الهجوم

الحديدة - د ب أ

قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في وقت متأخر من مساء الخميس إنّ بلاده ستتعقب المسئولين عن الهجوم «الإرهابي» الذي استهدف السفارة الأميركية وتقديمهم للعدالة. وأوضح الرئيس اليمني في كلمة ألقاها بمدينة الحديدة التي تطل على البحر الأحمر أنّ الهجوم «لم يستهدف السفارة الأميركية وإنما استهدف اليمن كلّه». وأضاف أنّ «البلاد مستهدفة من قبل الإرهاب...وأعدكم وأعد كل أبناء الوطن إن شاء الله أننا سنتتبع المجرمين أينما كانوا حتى يتم إلقاء القبض عليهم؛ ليمثلوا أمام العدالة».

وقال صالح إنّ «الهجمات ضد الأجانب ليست فقط ضدهم وإنما هذه الأعمال الإرهابية ضد كل أبناء الوطن ، بل ضد التنمية والاستقرار، وعقيدتنا الإسلامية، وكلّها مدانة ومرفوضة».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك أكّد أمس الأوّل أنّ امرأة أميركية هي سوزان إلبانيه (18 عاما) من بين مَنْ قتلوا خارج مبنى السفارة.

ونصحت الحكومة الأميركية مواطنيها بتجنب السفر إلى اليمن عقب أكثر الهجمات دموية ضد سفارة أميركية خلال أكثر من 10 سنوات. وكان مسلحون قد هاجموا مقر السفارة بسيارتين مفخختين فيما حاول مسلحون آخرون اقتحام جدران السفارة إلاّ أنهم فشلوا في ذلك.

وتوجه فريق أميركي إلى صنعاء للمشاركة في التحقيقات الجارية حول الهجوم.

العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً