العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ

أخطاء على شماعة المرض!

منذ أن خلقنا ولازمتنا دماؤنا المنجلية في السراء والضراء، عرفنا أن مرضنا نعمة من الخالق عز وجل، وحين جمعتنا ودماؤنا المنجلية مع بعضنا بعضا، صرنا نحمد الله أكثر على هذه النعمة، فهناك من يشعر بنا، من يتألم لألمنا، ويفرح لفرحنا... لكن ما لم نكن نتمناه هو أن يأتي هذا اليوم الذي نسطر فيه مدى المعاناة التي تتملكنا.

لم نكن نرغب في أن نكون محط عين الرقيب أو المحاسب الذي يلوم الأشخاص على تصرفاتهم، لكننا نكاد نموت غصة ونحن نرى شبابا يضيع تحت مسمى المرض، وأخطاء تعلق على شماعة مرض «فقر الدم المنجلي»، وما يؤلم أكثر أن تلك التصرفات غير المسئولة تعم بتأثيراتها جميع المرضى طبقا للمثل القائل: «الشر يعم، والخير يخص».

فاليوم نرى ثلة قليلة من المرضى الذين باتوا معروفين لدى الجميع، قد اتخذوا المرض شماعة يعلقون عليها أخطاءهم، ويهربون من حياتهم وكل ما يواجهونه فيها إلى أروقة السلمانية، ليكون الفراش الأبيض ملاذا لهم، يرمون بهمومهم وآلامهم عليه، لكن تصرفاتهم لا تدل على أنهم يتألمون أو يعانون من أي سوء، فأعراض مرضهم لا تظهر إلا في الصباح، وتحديدا في وقت الزيارة الدورية للطاقم الطبي، وما إن يخرج الأطباء من الجناح حتى تنتهي تمثيلية الألم ويبدأون اللعب والتجوال في المستشفى بين الأجنحة أو بين غرفة وأخرى في الجناح نفسه، وأحيانا لا يكفيهم التجول بين الأجنحة، فيخرجون لاستنشاق الهواء خارج المستشفى. ناهيك عن التدخين الذي صار موضة عند بعض المرضى الإناث!

نحن لا نختلف مع أحد بأن طول المكوث على السرير من دون تحرك قد يضر المريض، وأن المريض يحتاج إلى أن يتحرك قليلا، ولا نمنع أحدا من زيارة صديقه في الجناح الآخر، لكن كل شيء يكون باعتدال، فالتنقلات الكثيرة الخارجة عن المألوف تعطي الممرضات انطباعا بأن هؤلاء الأشخاص بصحة جيدة ولا يعانون من أي ألم، كيف لا، وهم يرون المرضى يتجولون من مكان لآخر من دون كلل أو ملل وعندما يحين موعد الإبر المهدئة والأدوية يجدون الجناح مليئا بالضجيج والصراخ!

وربما لا يعلم البعض أن كل تلك التصرفات تنقل بالحرف الواحد من الطاقم التمريضي إلى الطاقم الطبي.

قد يغضب الكثيرون لقراءة هذا المقال ويقولون إن من نتكلم عنهم هم مرضى يعانون كما نعاني، لكننا نتساءل هنا:

هل مريض «السكلر» لديه القدرة على السهر والضحك طوال الليل أثناء نوبة ألمه؟

هل مريض «السكلر» قادر على التدخين الذي يسبب له عجزا في خلايا الدم الحمراء ويفقده كميات من الأكسجين هو بحاجة إليها وخصوصا في وقت الألم؟

هل مريض «السكلر» قادر على أن يحمل حاسوبه الشخصي على كتفه ويتجول به وهو يعاني من الألم؟

هل يذهب المريض للمستشفى من أجل الحديث على هذا وذاك، و «الحش والعقرة» على المرضى الآخرين؟

هل يذهب المريض إلى المستشفى ليقرر علاجه كيفما يريد ووقتما يشاء؟!

هل يذهب المريض إلى المستشفى لينظر أين وجدوا مكانا لغرز إبرة المغذي في جسم المرضى الآخرين، ويحسب لهم وقت أدويتهم وكأنه مسئول عنهم؟

ربما لن نجد من يجيب على أسئلتنا هذه، وربما كان علينا أن نطالب وزارة الصحة بتحويل جناح 61 إلى مقهى للمرضى الذكور حتى يستطيعوا أن يدخنوا ويدخلوا إلى عالم الإنترنت من خلاله بحسب ما يشتهون، ولا ننسى أيضا المطالبة بتحويل جناح 63 إلى صالون للعناية بالشعر للمرضى الإناث، ليتسنى لهن تصفيف شعرهن والسهر وطلب الوجبات السريعة بحسب ما يبتغيه مزاجهن.

حقيقة إننا نشكر وزارة الصحة التي خصصت تلك الأجنحة لمرضى «السكلر»، بعدما كنا نذوق الأمرين بين مرضى لا يشعرون بمن حولهم، وبين مرضى يزداد مرضنا لألمهم. لكن للأسف هؤلاء الأشخاص غير المبالين أساءوا لنا ولأنفسهم بهذه التصرفات.

أما الأشخاص الذين تفترس جسدهم آلام «السكلر»، فيا لسوء حظهم، لأنهم سيعاقبون من قبل الأطباء بما ارتكبه أولئك الذين يدعون المرض.

ختاما... نحن لم نكتب تهجما، إنما كتبنا لنطالب أطباءنا الموقرين بأن لا يعاقبوا الكل بجرم البعض، وليصل هذا المقال إلى الجميع، فأنتم تسيئون لأنفسكم قبل أن تسيئوا للآخرين بهذه التصرفات، فهناك الكثير من المرضى يبقون في الطوارئ لأكثر من يوم بانتظار سرير شاغر وأنتم تقضون أوقاتكم على تلك الأسرة التي لستم بحاجة إليها فهم أحق منكم بها. لا نريدكم أن تندموا فيما بعد على شبابكم الذي أضعتموه بين أروقة مجمع السلمانية الطبي، وعلى أجسادكم التي هلكتموها بسبب الأدوية المهدئة، فنحن نعمل ونكافح من أجلكم، ومن دونكم لا نستطيع أن نبني حياة أفضل لمرضى «السكلر».

حميد المرهون

إيمان سبت

أعضاء جمعية البحرين لرعاية مرضى «السكلر»

العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً