العدد 2137 - السبت 12 يوليو 2008م الموافق 08 رجب 1429هـ

«أسطورة ويمبلدون» سقط في حديقته... فماذا بقي؟

كيف سيكون الرد في البطولات المقبلة؟

الدوحة - الجزيرة الرياضية 

12 يوليو 2008

بعد أن حسم الماتادور الإسباني رافاييل نادال الجدل بشأن سيطرته على الملاعب الترابية بتتويجه للمرة الرابعة بطلا على عرش رولان غاروس على حساب غريمه التقليدي «الساحر» السويسري روجيه فيدريه الذي سقط في السنوات الثلاث الماضية في النهائي أمام الإسباني. اعتبر الكثيرون من متابعي عالم الكرة الصفراء أن فيدريه هو ملك الملاعب العشبية إذا كان نادال ملك الترابية، لكن الأخير صعق العالم بأجمعه وعلى وجه الخصوص فيدريه حين تجرأ على خلعه عن عرش ويمبلدون، الذي تربع عليه طيلة السنوات الخمس الماضية.

ولم يكن أحد ليستوعب المستوى الذي وصل إليه «رافا» على الملاعب العشبية، وخصوصا أنه نشأ على الملاعب الترابية التي تنتشر بشكل واسع في بلاده إسبانيا التي تعتبر المدرسة الأفضل في العالم بهذا المجال.

واليوم لم يعد أمام فيدريه خيار غير الانتفاض بأسرع وقت ممكن إذا ما أراد البقاء مصنفا في المركز «الرقم واحد» على العالم بحسب تصنيف رابطة اللاعبين المحترفين لكرة المضرب، فهو بدأ بشكل متعثر في أستراليا إذ فقدَ لقبه مطلع الموسم، واعتقد المتابعون أنها كبوة جوادٍ وأن تركيز فيدريه ينصب على بطولة رولان غاروس التي ما زال لقبها غائب عن خزائنه إلا أنه وعلى رغم وصوله إلى المباراة النهائية لم يقو على الوقوف في وجه «التسونامي» الإسباني، ولم يكن بوسع محبي «فتى بال» الخجول سوى انتظار ويمبلدون لمشاهدته يرفع كأس إحدى الدورات الكبرى الذي طال انتظاره في الموسم الذي يعتبر الأسوأ له منذ سنوات، ولكنه لم يفعل.

وإذ أردنا أن نكون عادلين لا يمكننا أن ننكر فضل فيدريه في المباراة النهائية التي خاضها الأحد الماضي في ويمبلدون والتي وصفتها وسائل الإعلام العالمية بالملحمية، ذلك أن العرض والمستوى الفني الذي قدمه اللاعبان في المباراة فاق الخيال وكل التوقعات.

وعلى رغم تهنئة السويسري لخصمه نادال وإثنائه على مستواه، وكونه قدم مباراة جيدة و»تنس» رفيع المستوى إلا أن ذلك لم يعزيه بفقدان اللقب وهو أظهر سخطه في المؤتمر الصحافي بعد المباراة قائلا: «لست أفكر بالمستوى الذي قدمته، لقد كانت هزيمتي اليوم الأسوأ في مسيرتي على الإطلاق». مضيفا «هزيمتي في رولان غاروس كانت متوقعة، ولكن أن أهزم في ويمبلدون فهذه كارثة بالنسبة إلي».

وفعلا فقد كان فيدريه يعوّل على الفوز في ويمبلدون التي يعتبرها «حديقته الخاصة» لنسيان طعم الخسارة المذلة التي تلقاها على يد نادال في نهائي غاروس، لكن الحلم تبخر وازداد طعم المرارة الذي أصبح عالقا في حلقه وهو غير قادر على التخلص منه.

هول الكارثة

255 نقطة هي مجمل النقاط التي نتجت عن معركة الأحد الماضي والتي امتدت لـ4 ساعات و48 دقيقة استهلك فيها الرقم واحد على العالم بدنيا وذهنيا. وعلى رغم تحدث البعض عن أن العشب الجديد الذي اعتمد في ويمبلدون هذه السنة يعتبر بطيئا مقارنة بالسنوات الماضية ما عزز من حظوظ نادال، إلا أن فيدريه الذي خانته وكالعادة ضرباته الخلفية الأمامية «Backhand» والأمامية «Forehand» أيضا في بعض الأوقات الحساسة من المباراة اعترف بتفوق خصمه اللدود قائلا:»لقد حسّن طريقة لعبه بشكل مذهل. يقدم أداء مميزا منذ مطلع العام الجاري، كما أنه طور طريقة لعبه على الملاعب السريعة، وهو لم يكن بحاجة إلى هذا الفوز حتى نقول عنه هذا».

واليوم وبعد هذا الاعتراف أصبح فيدريه يدرك جيدا أنه لن يستطيع أن يتخطى نادال بسهولة لا على الملاعب السريعة ولا حتى على البطيئة منها، وما تفوق نادال بعدد المواجهات (12 مقابل 6) إلا دليل قاطع على قوة «الماتادور» الإسباني.

وماذا بعد...؟ ماذا تبقى من فرص لفيدريه أمام نادال؟ هل يكمن الحل بصعود فيدريه غالبا على الشباك؟ حل غير مجدي في مواجهة نادال الذي يمكنه إيجاد الزوايا المناسبة لتمرير الكرات «Passing shots» وإبطال مفعول هذا السلاح. أو أن تحسين لياقته البدنية مقابل قدرة نادال «الماراثونية» على خوض المباريات؟ يبدو ذلك أيضا مستحيلا وخصوصا في ظل فارق العمر الذي يصب أيضا لمصلحة الإسباني. هل يمكن للحل أن يكمن في إمكان تطوير فيدريه لضرباته الخلفية الأمامية؟ هنا يمكننا القول إن فيدريه عليه تحسين ضرباته الخلفية - الأمامية إضافة إلى تطوير إرساله وبشكل خاص الأول.

هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها ومحاولة الإجابة عليها في إطار البحث عن حل للسويسري في مواجهة نادال، لكن وعلى الأرجح فإن فيدريه نفسه لا يعرف الإجابة الصحيحة. وإذا كان على صاحب الـ12 لقب في البطولات الأربع الكبرى أن يحسن تقنياته ولياقته البدنية فإن الشق النفسي المتعلق بتخطيه الخسائر المتتالية سيكون بأصعب وخصوصا حين يكون المرء مصنفا رقم واحد على العالم.

545 نقطة تفصل بينهما

سؤال آخر يجد طريقه إلى عقل كل من يتابع شئون الكرة الصفراء بعد صدور التصنيف العالمي الجديد لرابطة لاعبي كرة المضرب المحترفين، هل سيتمكن فيدريه من البقاء على عرش كرة المضرب حتى نهاية الموسم الجاري؟

صحيح أن فيدريه ما زال في الصدارة ولكن لن يكون أمامه سوى الفوز ببطولة أميركا المفتوحة رابع وآخر الدورات الكبرى هذا الموسم للحفاظ على رأسه، علما أنه دائما ما يكون الحفاظ على اللقب أصعب من الفوز به. إذا يمكن اعتبار أن فيدريه يرزح تحت ضغط رهيب ليس فقط كونه حامل اللقب بل لاستعادة بريقه الذي محاه تألق نادال، أضف إلى البقاء في المركز الأول عالميا.

الكثير والكثير من الضغط على الساحر السويسري فهل سيتمكن من إيجاد «إكسير» خلاصه وإيقاف المد الإسباني؟ سؤال يستحيل الإجابة عليه، لكن ما أصبح مؤكدا أن نادال تقدم معنويا على فيدريه وصار من الصعب ردم الهوة بينه وبين الإسباني وخصوصا بعد فوز الأخير على ملك الملاعب العشبية وفي حديقته. وقد يكون الفوز «الملحمي» للإسباني في ويمبلدون نهاية حقبة العملاق السويسري وبداية حقبة أخرى يتزعمها الماتادور الإسباني القادم من جزيرة مايوركا.

العدد 2137 - السبت 12 يوليو 2008م الموافق 08 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً