العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ

الغسرة: محتكرو الدين جرثومة ترهق الإنسانية

وصف الكاتب حسن صالح الغسرة مدعي حماية الدين بأنهم «جرثومة سرطانية ترهق الإنسانية وتسبب الفتنة بين الطوائف كلها» معتبرا أنهم ليسوا سوى محتكرين «يحتكرون الدين في شخوصهم... ويريدون السيادة على الخلق وأملاكهم».

ويرى الغسرة أن المشكلة تكمن في ما تجره هذه الممارسة أو الاعتقاد من «نرجسية وإحساس بالعصمة لدى هذه الفئة المحتكرة للدين من مسلمين وغير مسلمين».

ويقدم المؤلف في كتابه «الإسلام بين الهوس والاعتدال» الذي صدر حديثا عن «دار الحجة البيضاء» مجموعة من المآخذ على بعض الممارسات والاعتقادات التي تحيد بالمسلم عن طريق الإسلام الحقيقي، ومنها على الخصوص التطرف في الدين وتكفير الطوائف الأخرى أو التدقيق المفرط في الممارسات العبادية، وهو تدقيق لا يخلف سوى الهوس الذي يفقد المؤمن أجر التعبد.

ويدعو الكاتب في هذا السياق إلى الاقتداء باليابان التي وجّهت التطرف والتّعصب إلى العلم وذلك بخلافنا نحن المسلمين الذين «تجلّى فينا التّعصب والهوس لكن في الخلافات المذهبية والعقد الاجتماعية وما شابه ذلك».

ويتناول الغسرة في كتابه الذي يحتوي على 160 صفحة من الحجم المتوسط، 10 قضايا من وجهة نظر إسلامية معتدلة وهي على التوالي: كرامة الإنسان في التدين الفطري لا التكفيري، الثقافة الجنسية في روايات أهل البيت، الجيران وحدود البيوت في الإسلام، صراع الفقراء مع الأغنياء، سباق الحضارات، معجزة اليابان، حقوق المواطن، الاستخارة والاستشارة من وجهة نظر أخرى، المآتم الحسينية، وأخيرا قضية الاجتهاد والمجتهد.

ويؤكد الكاتب في باب سباق الحضارات أن المجتمعات العاقلة هي تلك التي تطعّم سلوكياتها «بالخلق المحمدي الأصيل حتى مع المخالفين لنا من الملّة» وتبتعد عن العنف والإرهاب الفكري وتكفير الآخرين، معتبرا أن «البشرية في تبدّل دائم» وأن كل الحضارات العظيمة هزلت واضمحلّت بفعل «الأمراض الاجتماعية الداخلية من قبيل الضرب على وتر الطائفية والعرقية والانغماس في الفساد الإداري والأخلاقي».

ويتساءل الغسرة عما قدّمه الحكام العرب لشعوبهم مقابل مطالبتهم لهم بالدفاع عن حكمهم، مشيرا إلى أنه حتى البلدان التي تتوافر على بعض الحريات من حرية تعبير ونشر، تعاني في جانبها الآخر من التمييز بين فئات الشعب الواحد، سواء كان تمييزا طائفيا أو عرقيا أو تمييزا بحسب اللون.

وفي الباب الثامن من كتابه، يبحث المؤلف في الفرق ما بين الاستخارة والاستشارة مقدّما طريقة لتطبيقهما، إذا ما كان المسلم في حاجة إلى الاستعانة بهما في حسم أموره الحياتية، ويوضّح في هذا الخصوص أنه من غير المنطقي أن يلجأ المسلم إلى الاستخارة في كل الموضوعات حتى الاعتيادي منها والبسيط، ذلك أن الخيرة ليست «شمّاعة نعلّق عليها كل مقاصدنا وأفعالنا»، مؤكدا أنها وسيلة «ترفع الحيرة والتردد لدى الإنسان» ويأتي بها المسلم في حال عجز عن الوصول إلى حل في ما يعتزم القيام به من أعمال.

ويخصص الكاتب المحور التاسع للخوض في موضوع المآتم الحسينية، إذ دعا إلى عدم جعل هذه المآتم ساحات للمشاحنات والمساجلات الشخصية والابتعاد عن الطرح الخطابي غير الدقيق، بالإضافة إلى ممارسة الشعائر العزائية وفق ما يفرضه الشرع وعدم إدخال ممارسات من شأنها أن تظهرها في صورة من شأنها أن تحيد بهذه الشعائر عن هدفها الأساسي، كما تطرق إلى بعض الخطباء ممن تصدر عنهم كلمات نابية لشخصيات تاريخية في المآتم، واعتبر الظاهرة نشازا يصدر عن بعض الخطباء ممن لا يدركون مغبة ما يتلفظون به من ألفاظ من شأنها أن تثير النعرات الطائفية.

العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً