العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ

توثيق سيرة قاضي الشرع الجعفري في القطيف والبحرين...الشيخ علي بن حسن آل موسى

إعداد الباحث: فؤاد جعفر عيسى 

16 يوليو 2008

أما بناته فقد بقي منهنّ قسم في القطيف وهنّ المتزوجات - ولن نأتي على ذكرهنّ - فأما الأرامل وغير المتزوجات فقد جئنَ بعد فترة إلى البحرين - بعد أن استقر بوالدهنَ المقام - وهن باختصار:

1. زهراء: (جدة الباحث من جهة الأم) وهي الراوي الأساسي لسيرة والدها المترجَم له - عندما جاءت إلى البحرين كانت أرملة وزوجها (الحاج علي بن إبراهيم العُماني) وهو من القطيف وقد لقب بهذا اللقب؛ لأنه كثير الترحال الى عُمان بسبب تجارته في التتن (التبغ) العُماني ولديها منه (أحمد) و (هاجر) وفي البحرين تزوّجت الثاني (السيد هاشم بن السيد شبر) من بلاد القديم وقد توفي بعد فترة قصيرة، ثم تزوّجت الثالث (السيد ماجد بن السيد حسن المختار) من المنامة وأعقب منها بنتا واحدة (شريفة) وكانت زهراء وهي كبرى بنات الشيخ قد عاشت بعد وفاة والدها فترة طويلة من الزمن، وهي سيّدة لها مكانة رفيعة عند النساء وكانت تعلّم القرآن الكريم والفخري (معلّمة) لأبناء وبنات ونساء فريق المخارقة وفريق الحمام وفريق الحطب مدة طويلة من السنين ومازال هؤلاء يذكرونها بالخير وصدق الرسول الأكرم (ص): إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وابن صالح يدعو له «ومن الذكريات التي يتذكرها كاتب هذه السطور أنه في شهر رمضان الفضيل كان هؤلاء الذين يتعلمون القرآن لديها يجلبون لها قبل أذان المغرب - كعادة الناس في هذا الشهر - أطباق الأكلات التي تطبخ عادة في شهر رمضان الكريم كالهريس والخبيص والساقو والبلاليط واللقيمات والمهلبية... الخ فيمتلأ البيت منها فنقوم بتوزيعها على بيوت الجيران؛ لأنه زائد عن الحاجة وكثيرا ما يصادف أن نعيد بعض هذه الأطباق بما فيها من الطعام إلى أصحابها من دون أن ندري أنهم أصحابها فتكون هذه المواقف الظريفة محل تعليقات النسوة اللائي كن يجتمعنَ كل ليلة في مجلسها وكنَ يقرأن - خصوصا في شهر رمضان الكريم - الأدعية والأذكار المأثورة كدعاء الافتتاح ودعاء كميل بالإضافة إلى قصص حلال المشاكل، وقصص الأنبياء، والسير والموالد والإسراء والمعراج وأحيانا كن يقرأنَ قصص التراث العربي مثل: الحمال والسبع بنات وقصة قمر الزمان وقصة حسن البصري وتودد الجارية... الخ وهكذا كانت مجالس النساء سابقا. وقد انتقلت إلى جوار ربها يرحمها الله بواسع رحمته العام 1990م ودفنت في مقبرة الحورة، ومن أحفادها (منذر الخور) الذي يمثل بحق الجيل الثالث وهو باحث ومترجم فقد ترجم كتاب (أرض النخيل) من اللغة الإنجليزية وترجم كتاب (صائدو اللؤلؤ) من اللغة الفرنسية وهو عضو بارز في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان.

2. صفية: زوجها المرحوم (الحاج منصور بن حسن النايم) من المحرّق وكان متزوجا من قبل وله أبناء وبنات وقد أنجب منها عددا من الأبناء والبنات منهم (أحمد) و(جعفر)

و(حسين) توفيت العام 1998 ودفنت في مقبرة المحرّق.

3. خاتون: زوجها المرحوم الحاج محمد بن منصور النايم (أحد أبناء زوج أختها من إحدى زوجاته السابقات) من المحرّق، وقد أنجبت عددا من الأبناء والبنات منهم عادل وعباس.

4. زكية: زوجها المرحوم الحاج حسن بن منصور النايم (أحد أبناء زوج أختها من إحدى زوجاته السابقات) من المحرّق، وقد أنجب عددا من الأبناء والبنات منهم منصور ومصطفى وعزيز وعلي. توفيت العام 2006م.

5- فهيمة: زوجها المرحوم (الحاج عيسى النخلاوي) وقد أنجبت عددا من الأبناء والبنات منهم عبدالمنعم وعبدالاله، وعزيز وجميل، لها شخصية قوية وكانت تقوم بنقل وتوصيل الكتب الدينية الى أهالي القطيف كالأدعية وسير أئمة أهل البيت (ع) ثم حظروا عليها ذلك. توفيت العام 2007م وهي آخر من توفاهنّ الله من بنات صاحب هذه الترجمة.

6. مريم: زوجها من جدحفص، وقد أنجبت عددا من الأبناء والبنات منهم محمد. توفيت العام 2005م.

7. زينب: زوجها (الحاج حسن بن حماد) من القطيف وتربطها به صلة قرابة وقد أنجبت بنتين توفيتا في الصغر، لها هيبة وحظوة عند النساء وكانت تقرأ مصائب أهل البيت (ع) في مأتمها المستأجر من الأوقاف بقرب مسجد مؤمن (خطيبة حسينية) كما أوقفت بيتها الكائن في السقية للمأتم الذي بنته في نفس المنطقة، وكانت تعلم القرآن الكريم معلمة) في فريق المخارقة، وقد انتقلت إلى جوار ربها العام 1997م ودفنت في مقبرة أبوعمبرة بوصيّة منها.

أوراق متناثرة

- كان الشيخ علي بن حسن يحرص على الذهاب إلى مأتم العجم عصرا للاستماع الى الملا حسن بن الشيخ - كاتبه في المحكمة - وكانت القراءة عصرا باللغة العربية وفي الصباح كانت القراءة في هذا المأتم باللغة الفارسية. وكان يعتمد على أحد الأشخاص للانتقال من مكان الى آخر بسبب تقدمه في العمر. كما كان يستمع صباحا الى المآتم القريبة من بيته في أيام الإجازات الرسمية مثل مأتم بن خلف الذي انتقلت منه القراءة - آنذاك - إلى مسجد خميس فترة من الزمن ومأتم الحاج عباس وكذلك مأتم بن زبر وكان يقرأ فيه الخطيب الحسيني الشهير الملا عطية الجمري.

- كان يؤم المصلين جماعة في مسجد الشيخ خميس القريب من منزله وأحيانا كان يصلي بأهل بيته في منزله، عندما لا يكون قادرا على ذلك.

- كان يبعث لعائلته مبلغا من المال شهريا للمعيشة بالإضافة إلى معاشه التقاعدي الذي يستلمه أحد أبنائه بالوكالة.

- كان المستشار (بلجريف) يزور القضاة في بيوتهم أيام الأعياد، وفي أحد الأعياد زار الشيخ علي بن حسن في بيته الكائن بفريق المخارقة للتهنئة بالعيد. ومن واجبات الضيافة صب القهوة العربية للضيف، إلا أنّ المستشار كما يذكر في يومياته شعر بأنّ أصحاب البيت يرمون الفنجان الذي شرب فيه في الزبالة بعد خروجه من البيت. وبالتحري عن ذلك تبين أنهم لا يرمون الفنجان في الزبالة كما ذكر المستشار ولكنهم كانوا يغسلونه عدّة مرات منها مرة واحدة بالتراب!

- يذكر المستشار في عموده الشخصي أنّ الحاج أحمد بن خميس قد التجأ إليه ذات ليلة في منزله طالبا منه حمايته من أحد الأشخاص الذين لهم سطوة ونفوذ بسبب مطالبات مالية وديون، وكان قد استشار الشيخ علي في الأمر - وهذا مما لم يذكره المستشار - فأشار إليه بذلك لأن المحكمة لن تستطيع أن توفر له الحماية كما يوفرها المستشار!

بيته ومسجده

بعدما رجع الشيخ علي إلى القطيف سكن في بيته الذي يقع خلف قلعة تاروت مباشرة - يبعد عنها مئة متر تقريبا - وهو في طريق يسمى عندهم (الرفعة) لأنّ الأرض ترتفع تدريجيا عن مستوى الشارع بمقدار عشرة أقدام تقريبا، ولهذا السبب بنيت القلعة في هذا الحي حي القلعة) وفي هذه المنطقة لأنها مرتفعة عن سطح البحر. وكان الأهالي يسمونها (القصر) وتذكر حفيدة المترجم له نقلا عن والدتها - عندما كانت صغيرة - انّ جزءا كبيرا من هذه القلعة التاريخية يقع قريبا من السوق القديم، وكان متهالكا فسقط على مساكن بعض الأهالي الذين كانوا يبنون هذا النوع من المساكن (برستجات) تحت أسوار هذه القلعة (نحو العام 1902م) وقد قضى كل من كان في هذه البيوت ما عدا طفلة صغيرة، قد أخرجوها وهي على قيد الحياة من تحت الأنقاض فقد كتب الله لها النجاة فعاشت وتزوجت وأنجبت. أما البيت فيتكون من دورين وهو مبني بالحجارة والجص وجذوع النخل على الطراز العربي القديم، ويوجد في أحد جوانبه (حوش) متوسط الحجم ومبانيه الداخلية كالليوان والغرف بنيت بأقواس وأعمدة وتيجان وزخارف ورواشن، أما أبوابه ونوافذه فمصنوعة من الخشب الساج.

- وعندما شاهدت هذا البيت أول مرة - بعد وفاة الشيخ علي بأربعة عقود - كان قد أصبح أطلالا (خربة) كما هو واضح في الصورة، أما حاليا فقد أزيل قسم كبير منه ولم يتبق إلا جزء منه بجدرانه الأساسية. وبالقرب من هذا البيت بنى مسجد صغير كان يتخذه الشيخ علي بن حسن صومعة يتعبد فيها وهو صغير الحجم ولكن من يصلي فيه يكتسي بالخشوع التام ربما بسبب طابعه القديم.

وكم شاهدنا مساجد كانت بالأمس صغيرة أصبحت اليوم كبيرة المساحة كمسجد الشيخ علي الحساني القريب من القلعة من الجهة الأخرى (تأسس العام 1200هـ) فإن الله يقيّض لمساجده من يوسعها ومن يعمرها.

وهنا - والشيء بالشيء يذكر كما يقال - ينبغي التنويه بضرورة الاهتمام بالذاكرة الشفوية للمعمرين وكبار السن وتحويلها إلى ذاكرة مدوّنة وصوتية سواء ما يتعلق منها بالأزمنة كالحوادث والمناسبات والمهن والعادات والتقاليد.. أو ما يتعلّق منها بالأمكنة (ذاكرة المكان) كالأسواق والعيون والمساجد والمآتم والمدارس والبيوت والقلاع والشوارع والمقاهي الشعبية... الخ فكل يوم نتأخر فيه يضيع علينا من التراث شيئا لا يقدر بثمن فلا يمكن تعويضه فيما بعد، فعلى سبيل المثال هل الأسواق في البحرين الآنَ هي الأسواق نفسها التي كانت في الخمسينات؟ أين سوق الصفافير وسوق الحدادة وسوق الأربعاء وسوق الخميس وسوق العجم وسوق الطواويش... الخ؟ كلّها تغيّرت وتآكلت أو اندثرت تماما بفعل التحوّلات الكبيرة في جميع المجالات، هل قام أحد من الباحثين بتوثيقها للأجيال القادمة بالكلمة والصورة والصوت...؟ وقليل ما هم، وممن أدرك هذه الحقيقة الباحث عبدالله سيف عندما قام بجهد مشكور في توثيق مآتم البحرين (الحسينيات) في كتابه المتميز (المأتم) الذي أصدره في جزءين، وياليته فعل هو أو غيره للمساجد أيضا. ربما يرجع السبب في عدم اهتمام الناس بذلك الى الاعتقاد بأنهم ما داموا يرون هذه الأمكنة كل يوم وليلة بصورة عادية ومتكررة فلا حاجة الى تسجيل تاريخها وتوثيقها، وكأنها بحسب هذه النظرة ثابتة على مر الزمن، مع أنّ الزمن يتحرك ويتغيّر يوما بعد يوم , فكم من (مكان) تمر به ليلا وما أن يطلع عليه النهار فإذا به قد أصبح أثرا بعد عين.

العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً