ذكر تقرير اقتصادي بثه موقع «أسواق نت» الإلكتروني أن الارتفاع المتواصل في أسعار البناء يشكل التحدي الأكبر أمام القطاع العقاري، الذي قال خبير سعودي إنه «يواجه هذه الأيام كارثة حقيقية قد تؤدي إلى انهياره»، فيما تتعطل حاليا عشرات المشاريع العقارية في منطقة الخليج، وتتزايد شكاوى المستثمرين والمشترين من تأخير تسليم وحداتٍ ومشاريع تجاوزت مواعيدها المحددة.
وسجلت أسعار مواد البناء في منطقة الخليج ارتفاعات قياسية تجاوزت 300 في المئة بالنسبة لبعضها، وكان من أبرزها مادتا الحديد والأسمنت إذ تشكلان العصب الرئيس لقطاعي العقارات والمقاولات.
وقال الخبير العقاري السعودي علي بوخمسين لـ (الأسواق نت): «إن أفضل مواد البناء حاليا هي التي سجلت ارتفاعا بنسبة 50 في المئة خلال العامين الأخيرين، لكن موادَّ وسلعا أخرى عديدة تستخدم في البناء ارتفعت مؤخرا بنسبة وصلت إلى 300 في المئة أو تجاوزت هذه النسبة، كما هي حال الحديد الذي ارتفع في السعودية من 1200 ريال قبل عامين إلى 5000 ريال حاليا».
وأضاف بوخمسين «نحن أمام كارثة حقيقية نمر بها، وأنا أخشى أن تتوقف أو تُشل أو تضعف مسيرة التنمية الاقتصادية والنهضة العقارية»، مشيرا إلى أن في السعودية وحدها سبع مدن اقتصادية تحت الإنشاء، وهذه المدن هي أكبر متضرر من ارتفاع مواد البناء، إذ ستضعف بالضرورة حركة الإنشاءات والاستثمارات فيها بسبب أن مواد البناء لم ترتفع أسعارها فقط، وإنما أصبحت مفقودة أو شحيحة أيضا.
ويرى بوخمسين أن ما تشهده سوق مواد البناء أدى بالفعل إلى تأخير تسليم المشروعات، ومن المتوقع أن تشهد المشروعات العقارية مزيدا من التأخير، سواء في السعودية أو في دول الخليج الأخرى.
ويؤكد بوخمسين أن «المحاكم والجهات القضائية المختصة في الخليج بانتظار مئات المنازعات التي ستنشب بسبب هذه الارتفاعات غير المتوقعة في أسعار مواد البناء».
وعلى رغم التحديات التي تواجهها السوق العقارية في منطقة الخليج فإن بوخمسين يتوقع أن تتمكن السوق العقارية الخليجية من التأقلم مع هذه المتغيرات، إذ إن غلاء الأسعار يمثل ظاهرة عامة تشمل السلع والمواد الأساسية كافة، وهو ما يعني أن المستهلك سيكون مضطرا في النهاية إلى التعامل مع الواقع الجديد والقبول به، بحسب بوخمسين.
ويدعو بوخمسين إلى تأسيس مخازن استراتيجية على مستوى الدول لمواد البناء، بما يضمن تحقيق الاستقرار النسبي لأسعار مواد البناء، ويقول «هذه المخازن يمكن أن تكون في بلد المنشأ ذاته، أو على شكل عقود طويلة الأجل نضمن من خلالها استيراد مواد البناء بأسعار معقولة ولو لمدة زمنية محدودة».
على الحكومة التدخل
ويطالب الرئيس التنفيذي لشركة العارف الإماراتية للمقاولات حمد العارف الحكومة بالتدخل لوقف الارتفاعات المتلاحقة وغير المنطقية في أسعار مواد البناء، مؤكدا في حديثه لـ «الأسواق. نت» أن «خسائر شركات المقاولات أصبحت بالملايين، وأن مئات العقود يتم فسخها حاليا بين المقاولين والمطورين العقاريين». وقال العارف: «على وزارة الاقتصاد أن تتدخل وتضع شروطا لزيادة الأسعار، كما عليها أن تضع حدا للتصدير إلى الخارج ما دامت السوق المحلية بحاجة لهذه السلع». وأضاف «كل يوم نواجه زيادة جديدة في أسعار مواد البناء، ونحن أصبحنا غير قادرين على تحديد نسب الارتفاع في الأسعار»، واستشهد على ذلك بسعر طن الحديد الذي كان في نهاية العام الماضي بـ2800 درهم، ليرتفع في شهر مارس/آذار الماضي إلى 4 آلاف درهم، أما الآن فسعره يتجاوز الـ 6 آلاف درهم إماراتي.
شكاوى متزايدة
وتتزايد شكاوى مشتري الوحدات العقارية وصغار المستثمرين من عدم التزام بعض المطورين العقاريين بمواعيد التسليم، أو لجوء بعضهم إلى محاولة فرض زيادات في الأسعار التي تم البيع بها عند طرح المشاريع. وقال مشتري إحدى الوحدات العقارية في دبي إنه «سدد على مدى عامين عددا من الدفعات المالية المترتبة عليه لتملك شقة صغيرة في مشروع «جميرا فيليج»، إلا أنه فوجئ بأن المطور العقاري لم يبدأ بحفر الأساسات بعد، فضلا عن بناء أي شيء في المشروع، وأبلغه بأن المشروع من المستحيل أن يتم إنهاؤه في موعده. وبحسب المشتري الذي ينتظر منذ عامين، فإن الشركة المطورة عرضت عليه إعادة كامل أمواله له، مع زيادة نسبتها 15 في المئة كبدل فائدة أو أرباح، أو كتعويض له عن الانتظار، لكنه يقول إن سعر الأرض وحده ارتفع خلال العامين بأكثر من 100 في المئة، ما يدفعه للمطالبة بتعويض أكبر من الـ 15 في المئة.
العدد 2145 - الأحد 20 يوليو 2008م الموافق 16 رجب 1429هـ