على رغم الارتفاعات الكبيرة لمستلزمات مواد البناء في مصر من حديد وأسمنت ودهانات وأخشاب التي وصلت إلى 45 في المئة خلال العامين الماضيين، فإن قطاع البناء تجاهل هذه الزيادات وراح يسبح ضد التيار محققا طفرة كبيرة لم تشهدها مصر من قبل.
وتشير التقديرات الأولية إلى دخول 4,5 ملايين وحدة سكنية إلى سوق البناء في العام الأخير تتوزع بين القاهرة والمدن الجديدة والأقاليم، وبسبب هذه الطفرة التي حدثت في القطاع تشجع الكثير من الفئات التي لم يكن لها علاقة بهذا القطاع إلى اقتحامه، مثل المدرسين والأطباء وغيرهم الذين تركوا وظائفهم واتجهوا للاستثمار العقاري، ولكن الخبراء رجحوا خروج هذه الفئة من السوق قريبا.
وأرجع خبراء العقار - بحسب تقرير لـ«أسواق نت» - إقبال الناس في مصر على البناء حاليا على رغم ارتفاع الأسعار لخوفهم من مزيد من الارتفاعات، ووفود العرب إلى مصر بكثرة، والتسهيلات البنكية، مؤكدين أنه بعد بضع سنين ستحدث ردة عقارية بعد أن يتشبع السوق.
ظاهرة طبيعية
وأوضح عضو اتحاد المقاولين المصري وعضو لجنة الإسكان بمجلس الشعب السابق فتحي عمران لـ (أسواق نت) أن ظاهرة إقبال المستثمرين والمواطنين على البناء ترجع إلى الزيادات غير المبررة لمواد البناء إذ ارتفعت بمعدلات كبيرة، وأوجدت خوفا داخليا لدى المواطنين من ارتفاعات مستقبلية أخرى، فدخلوا في سباق مع الزمن، ما اضطر بعضهم للجوء إلى القروض للحاق بهذه الفرصة، ووجدوا أن فوائد البنوك أرخص من أن ينتظروا حتى تهدأ سوق العقار.
وأرجع رئيس شعبة الحديد باتحاد الصناعات المصرية سمير نعماني هذه الظاهرة إلى ثقافة المستهلك، لأنه يعتقد أن اليوم أوفر من الغد، مؤكدا لـ «العربية نت» أن هذه الظاهرة هي رد فعل طبيعي لموجة الغلاء وخصوصا في قطاع البناء.
من جهته أوضح المعماري معتز الحفناوى لـ (أسواق نت) أن سبب إقبال المواطنين المصريين عموما، والمستثمرين خصوصا يرجع إلى الارتفاعات الشديدة لمستلزمات مواد البناء إذ ارتفع سعر الحديد والأسمنت بنسبة 45 في المئة، وكذلك البلاط والدهانات بنسبة 35 في المئة، بالإضافة إلى أجور العمال التي ارتفعت بنسبة 50 في المئة، خلال العامين الماضيين، مشيرا إلى أن كل تلك الزيادات جاءت من دون وجه حق، ومن دون أن تضيف أي عائد في مستوى تحسن الخدمة في القطاع، وإنما جاءت لحساب المنتجين والمضاربين بسبب عدم رقابة الدولة.
ولفت الحفناوي إلى أن هناك شدة إقبال على قطاعات بعينها، وهى الإسكان السياحي والفاخر؛ لأن المستثمرين يحصلون على الأراضي رخيصة، وكذلك الخدمات، بالإضافة إلى الإعفاء الضريبي الذي يصل إلى 7 سنوات بشرط أن يكون رأس المال أكثر من 50 مليون جنيه.
سوق غير شرعية
وأوضح رئيس قطاع الشئون الهندسية والعقود باتحاد المقاولين مصطفى حجاب، أن عدد التراخيص التي صدرت ابتداء من 1 يناير/ كانون الثاني 2008 حتى 31 يونيو/ حزيران 2008 للمدن الجديدة والأحياء بلغ 15 ألف رخصة في القاهرة وحدها، وهذه التراخيص لا تتعدى 20 في المئة من العدد الحقيقي لمقاولات البناء، مشيرا إلى أن هناك من يبني من دون رخص مثل الأرياف والقرى والعشوائيات، ملفتا إلى أنه حتى في القاهرة والمحافظات والمدن الكبيرة هناك من يزور عقود المقاولات. وأوضح الخبير المعماري معتز الحفناوي أن عدد التراخيص الرسمية يبلغ على مستوى الدولة حوالي 150 ألف رخصة بناء سنويا، مشيرا إلى أن الرخص القانونية تمثل نسبة 20 في المئة فقط من سوق البناء، ما يعنى أن السوق يستقبل 750 ألف مبنى جديد، مضيفا أن متوسط عدد الوحدات في مبنى 6 وحدات سكنية، وذلك يعني أن السوق يستقبل 4,5 ملايين وحدة سكنية موزعة بين القاهرة والأقاليم.
ردة عقارية
وقد أجمع خبراء العقار والمتخصصون على حدوث ردة قريبة في سوق العقار خلال الأربع سنوات المقبلة، ومنهم من توقعها قبل ذلك، وأرجعوا ذلك إلى أن السوق العقارية سيحدث فيها تشبع، ويكون العرض أكثر من الطلب.
العدد 2145 - الأحد 20 يوليو 2008م الموافق 16 رجب 1429هـ