العدد 2156 - الخميس 31 يوليو 2008م الموافق 27 رجب 1429هـ

فشل ماراثون محادثات التجارة العالمية (2/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تلك الميادئ البراقة التي أشرنا إليها في الحلقة الأولى، والتي تبدو عادلة هي التي تثير التساؤلات عن أسباب تعثر مفاوضات جنيف الأخيرة، وترفع علامات استفهام كبيرة بشأن الأسباب الحقيقية وراء فشل منظمة التجارة العالمية من أداء دورها ومن ثم تحقيق النجاحات المتوخاة منها.

لعل أولى الإجابات التي تفسر تلك الخلافات هي تلك الأرقام التي أوردها دليل «الأونكتاد» الذي صدر مؤخرا في جنيف عن التجارة العالمية، والذي يرى أنه على «رغم التقدم الحاصل على صعيد التجارة في ما بين بلدان الجنوب، تستمر البلدان المتقدمة في احتكار عمليات تصدير البضائع والخدمات التجارية».

العنصر المهم في ذلك التقرير هو تأكيده «أن البلدان الصناعية تسيطر على 71 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عالميا على رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 15 في المئة من عدد سكان العالم». هنا يبدو الهرم مقلوبا والمعادلة معكوسة، إذ كيف لمن يملك النسبة العظمى من الإنتاج العالمي، والنسبة الدنيا من عددالسكان أن يصل إلى علاقات تجارية عالمية عادله مع نقيضه. هنا تعارض المصالح في غاية الوضوح. الأمر هنا شبيه، الى حد بعيد، بالحديث عن مصالحة بين فئتين إجتماعيتين متناقضتين في مجتمع تحكمه قوانين النظم الرأسمالية.

تضارب المصالح كان هو «العقبة الكأداء» التي واجهها المفاوضون والتي تمحورت كما يقول عنها موقع هيئة الإذاعة البريطانية في «قوانين الاستيراد الزراعي التي تخول البلدان باتخاذ إجراءات لحماية الفقراء من مزارعيها، وذلك من خلال فرض تعرفة جمركية على بضائع محددة في حال انخفاض أسعار المحاصيل أو زيادة الواردات، وقد أخفقت كل من الصين والهند والولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القوانين والإجراءات المقترحة»

وقد وردت إشارة واضحة لهذه المسألة في تقرير التجارة العالمية السنوى للمنظمة، الذى يحمل عنوان «التجارة فى دنيا العولمة» الذي «حذر من أن الاندماج بشكل أعمق فى الاقتصاد العالمى لا يحظى دوما بتأييد شعبى، كما أن فوائد التجارة والعولمة لا تصل أحيانا إلى كل فئات المجتمع، (محذرا من أن) تحرير التجارة لم يؤد إلى انخفاض مناسب فى عدم المساواة».

العامل الثاني الذي يثير الشقاق في صفوف منظمة التجارة الدولية، هي بدء تشكيل تكتلات سياسية داخل المنظمة ذاتها، هذا ما أشار إليه وزير تجارة ليسوتو بوبان ليبيسا فى مؤتمر صحافى للمجموعة الإفريقية، عقده على هامش إجتماع جنيف حين قال: «إنه أمر مؤسف ومخيب للآمال ألا تذهب المفاوضات أبعد من حدود مجموعة السبع»، أي القوى التجارية الكبرى، مضيفا، أن أحد عناصر الأزمة الغذائية، أى الدعم، سيستمر فى ملاحقتنا».

ولم يكن بوبان ليبيسا الوحيد الذي ألمح إلى أن آلية قرارات المنظمة تقلصت لتصبح في نهاية الأمر في أيدي حفنة تعرف باسم «السبعة الكبار» وهي: الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبى اليابان والصين والهند والبرازيل وأستراليا، فعلى نحو مواز أعلن المتحدث باسم منظمة التجارة العالمية كيث راكويل أن الوضع «بالغ التوتر» في المفاوضات التي تجرى في منظمة التجارة العالمية في جنيف وأن «مفاوضي أكبر سبعة بلدان تجارية سيبدأون على الفور اجتماعا لحلحلة العقد، وأن وزراء مجموعة السبعة سيجتمعون في وقت قريب (لحل المشكلات التي) تمحورت بشأن مسألة آلية بند الحماية».

وعند تناول عوامل الخلاف داخل المنظمة، لايمكننا القفز فوق بند «الإغراق» كونه أحد النقاط الساخنة للحروب التجارية العالمية. ويقصد بالإغراق، في نطاق العلاقات التجارية العالمية، هو «أن البلد (أو المنطقة) المصدر يبيع منتجاته بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية إلى بلد (منطقة) أخرى، ما يهدد صناعة معينة في ذلك البلد (المنطقة)، ويعرقل إنتاج الصناعات الناشئة في البلد المستورد، ويعتبر الإغراق من نشاطات المنافسة غير العادلة والمخالفة، لذلك يواجه معارضة حكومة البلد المستورد وشركاته، كما يواجه استنكار مختلف الدول».

الأمر الملفت للنظر، أنه على امتداد تاريخ هذه المنظمة، ومنذ تأسيسها في العام 1995، لم تكف الولايات المتحدة عن مناكفة الأعضاء الآخرين، ولم تقتصر الخلافات التي تثيرها مع دول العالم النامي فحسب، أو الأسواق الصاعدة «»Emerging Markets فقط، فقد احتفظت على إمتداد ما يفوق عقد من الزمن بالشكوى من أن الإعانات المالية الحكومية التي تقدمها المجموعة الأوروبية إلى مصنّعي إنتاج الزيوت النباتية فيها، والتي تشجع على استعمالهم للبذور المزروعة لديها محليا، تلغي مفعول التزام المجموعة الأوروبية بتعرفة الصفر على الزيوت النباتية المستوردة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2156 - الخميس 31 يوليو 2008م الموافق 27 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً