العدد 2170 - الخميس 14 أغسطس 2008م الموافق 11 شعبان 1429هـ

أين المشكلة: في القوانين... أم في التطبيق؟

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ان مهنة القاضي من أصعب المهن الانسانية منذ القدم، ومهنة القاضي كذلك هي مهنة ضمير بالدرجة الأولى وفيها محاسبة للنفس عظيمة، ولكن للأسف هناك من يرى ان بعض القضاة الشرعيين ينسون بأنهم موجودون لراحة الناس والسهر على قضاء حاجاتهم. ولو توغلنا في التاريخ فإننا سنجد بأن الكثيرين من القدماء أتيحت لهم مهنة العمل في القضاء ورفضوها، لخوفهم من ظلم الناس، الذي يعتبر من أشد المظالم.

ومناسبة هذه الديباجة هو ما نقرأه في الصحف أو ما نسمعه من بعض الناس المتظلمين في أروقة القضاء. فتجد انتشار سِفاح المحارم الذي يرى بعض الناس انه لم يحصل على رادع قانوني قوي الى الآن، حيث الاعتداءات على الأطفال والنساء والتحرش بهم جنسيا وإساءة معاملتهم تزداد يوما بعد يوم، لعدم الأخذ بالعقوبات المشددة، مما أدى الى تراكم المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والسلوكية، بل وانتشارها في أرجاء المناطق المكتظة بالعائلات المحافظة، فأصبح الناس متخوفين وغير آمنين حتى داخل بيوتهم، بسبب غياب العنصر القانوني المشدد والرادع اتجاه هؤلاء الآفات الموجودين في مجتمعنا.

وهذا كله ينصب كذلك في الأحكام الوضعية الضعيفة والمتخبطة، وعدم الأخذ بعين الاعتبار افرازاتها المؤثرة على المجتمع، فهذا المتحرش على سبيل المثال بالطفل ذي الخامسة من العمر حكم عليه بستة أشهر في السجن، ومن ثم خرج بكفالة ليصطاد فريسة أخرى.

وأيضا ذلك الأب الذي اعتدى على ابنته وأُدين بالأدلة والبراهين الموجودة بهتك عرضه، فيخرج بكفالة ما مثلا بدون أي رادع يردعه عن ملاقاة ابنته مرة أخرى... وغيرها الكثير من القصص الموجودة وغير المنتهية على أبواب القضاة الشرعيين.

كذلك عندما يطرد قاضٍ امرأة ويتّهمها بالكفر لأنها لم ترتد الحجاب، ولا يأخذ قضيتها ولا حاجتها التي أتت من أجلها، ويحوّلها الى قاضٍ آخر عقابا لها لعدم لبس الحجاب، فإنه يدل على وجود خلل في النظام القضائي، وكلنا نعلم بأنه ليس هناك قانون يمنع امرأة أن تتظلم من زوجها وتقابل القاضي المسئول عن قضيتها اذا لم تلبس الحجاب، فالحجاب قضية أخرى بين المرأة وربها، وليس بين المرأة والقاضي الذي ستتظلم عنده في مشكلتها مع زوجها.

لابد لمن أقسم أمام الله أولا وأمام الملك ثانيا على الأمانة في حفظ حقوق الناس، أن يفكر مرة بعد مرة قبل أن يصدر أحكاما تجعلنا نخطي خطوات الى الوراء، وتجعلنا نجابه مشكلات متشعبة ومتفاقمة داخل المجتمع.

ولربما يعرف كل القضاة أن كلمة الحق «تويع»، لكنها دواء مفيد لاعادة النظر في الأحكام الصادرة، لحماية أنفسهم من الوقوع في الظلم ولحماية من يتظلم طالبا الانصاف.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2170 - الخميس 14 أغسطس 2008م الموافق 11 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً