يرى مصرفيون أن السياسة النقدية المتشددة التي انتهجتها دولة قطر تؤتي أُكلها؛ إذ تمخض عنها بحث المصارف العاملة في الدوحة عن شراكات مباشرة بدلا من استمرار فتحها قنوات التمويل سهلة المنال.
وقال مصرفيون لـ «الأسواق نت»: إن هذه السياسة المتبناة منذ ربيع العام الجاري قد نجحت في إعادة تفوّق كفة ودائع المصارف عن مستويات قروضها، كما قلّصت من السيولة الممنوحة لأغراض شراء الأسهم والأصول الثابتة.
وردوا أسباب انحسار قيم التداول في سوق المال القطرية إلى هذه السياسة التي أنهت حقبة ميزها سهولة الحصول على المال الرخيص لأغراض شراء الأسهم.
وعزز رفع مصرف قطر المركزي العام الجاري لاحتياطي المصارف الإلزامي وطرحه شهادات إيداع من دَور أقسام إدارة المخاطر ودراسات الجدوى في المؤسسات المالية المعنية، وذلك للمساعدة في تحقيق أفضل عوائد استثمارية وتمويلية ضمن هوامش السيولة المتاحة، بحسب الماليين.
ويرى مدير الأسواق في شركة «كي بي إم جي» العالمية للتدقيق، كريم نخلة أن المؤسسات المالية والاستثمارية باتت تعمد إلى تطبيق سياسة متحفظة عند إقدامها على تمويل مشروعات أو منح ائتمان، نتيجة تضييق مساحات السيولة النقدية التي تتحرك وفقها.
وتحرك مصرف قطر المركزي في النصف الأول من العام تجاه ضبط إيقاع عمليات التمويل، إذ رفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك العاملة في الدوحة إلى جانب طرحه شهادات إيداع بهدف سحب السيولة المتنامية في أغنى دولة خليجية بمصادر الغاز.
وأكد الخبير المالي حسام عنبرجي أن المؤسسات المالية في قطر قد تمكنت من العثور على طرق استثمارية أخرى تعوّضها عن التضييق الحاصل لعمليات التمويل؛ إذ لجأت إلى الدخول في مشاريع باعتبارها مساهما مباشرا أو عبر إبرامها اتفاقيات استراتيجية كشريك مع مستثمرين عوضا عن القيام بتمويلهم.
وبلغت أدنى نسبة ديون غير منتظمة إزاء مجمل محافظ التسهيلات المصرفية لدى بنك قطر الوطني الممول الرئيس للمؤسسات الحكومية ذات الضمان المرتفع، إذ لم ترق هذه القيمة إلى 0,5 في المئة من قيمة المحفظة.
وتبلغ نسبة التضخم في قطر نحو 14,7 في المئة في حين تصل نسبة العائد على الوديعة المصرفية 2,5 في المئة.
وتوقع تقرير صادر عن بنك قطر الدولي حلول اقتصاد البلاد في المرتبة الثانية خليجيا العام 2015 خلف السعودية - أكبر الاقتصادات العربية - حال استمرار نسب النمو فوق مستوى 10 في المئة.
ولن يقتصر التأثير على هذه المؤسسات، إنما سيطال الأفراد الذين قيدت السياسة النقدية من حرية اقتراضهم الأموال ذات الكلفة القليلة، بحسب عنبرجي.
وتجاوزت تعاملات بعض جلسات تداول السوق للنصف الأول من العام حاجز ملياري ريال، فيما تتراوح القيم حاليا عند مستويات مقاربة لـ 400 مليون ريال.
وفقد مؤشر الأسهم القطرية نحو 920 نقطة من قيمته منذ مطلع يوليو/ تموز، كما تخلى عن حاجر الدعم النفسي 11 ألف نقطة الأسبوع الجاري.
وقال عنبرجي: «كان البعض يقترض بكلفة تقل عن 5 في المئة سنويا، في حين كان العائد على سعر السهم بالسوق يزيد على النسبة المذكورة».
وبلغت تسهيلات المصارف التجارية 114 مليار ريال في النصف الأول من العام الجاري.
وبحسب الخبراء فإن «تعليمات مصرف قطر المركزي للمصارف المتصلة بنسبة التمويل تجاه مجمل الدخل أصبحت تأخذ بعين الاعتبار الدخل الأساسي الذي لا يشمل البدلات والتعويضات، وهو ما قلص من حجم التمويل الذي يستحقه الزبون».
وكان «المركزي» قد اشترط عدم تجاوز قيمة القسط الشهري المستحق عن قرض العميل عن 50 في المئة من الدخل عوضا عن 70 في المئة في وقت سابق.
وتجاوزت موجودات المصارف القطرية حجم الناتج المحلي للبلاد؛ إذ بلغت نحو 320 مليار ريال.
العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ