العدد 2177 - الخميس 21 أغسطس 2008م الموافق 18 شعبان 1429هـ

أزمة القوقاز تقتحم «الشرق الأوسط الكبير»

لم تمضِ أيام على المخاوف التي أبداها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من أن تكون منطقة الشرق الأوسط «وقودا أو ساحة للتوترات الروسية الأميركية الحالية» الناجمة عن نزاع القوقاز، حتى وقعت الكثير من التطورات التي تؤكد صدق حدسه.

فقد أعلنت روسيا التي يزورها حاليا الرئيس السوري بشار الأسد أنها على استعداد لمد دمشق بطرازات جديدة من السلاح الروسي، ردا على توقيع اتفاق «الدرع الصاروخية» بين أميركا وبولندا. كما استغلت موسكو تلك المناسبة لتوجيه تحذير إلى حلف شمال الأطلسي، على خلفية موقفه من النزاع بين روسيا وجورجيا، بأنه يحتاج إلى موسكو وخصوصا فيما يتعلق بالوضع في أفغانستان.

وقد أجبر أوار القتال المشتد في أفغانستان مع حركة «طالبان» الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون على زيارة كابول عقب مقتل 10 جنود فرنسيين في معركة واحدة مع عناصر الحركة أخيرا.

وغير بعيد عن الساحة الأفغانية شهدت باكستان خلال اليومين الماضيين هجمات دموية كان آخرها أمس، إذ هاجمت «طالبان» الباكستانية مجمعا للتصنيع العسكري وهددت بمواصلة التفجيرات إذا لم توقف الحكومة الباكستانية، التي تواجه أزمة ما بعد حكم برويز مشرف، الحملة العسكرية قرب الحدود مع أفغانستان.

الولايات المتحدة التي حشرت نفسها في مأزق القوقاز تبحث عن متنفس في العراق يعتمد جدولة زمنية للانسحاب في وقت تبدي خشيتها على وضع قوات الأطلسي في أفغانستان عقب سحب قوات «المارينز» من هناك.


«إسرائيل» تعرب عن قلقها وتدعو موسكو لعدم تزويد دمشق بصواريخ

روسيا مستعدة لبيع سورية طرازات جديدة من الأسلحة

موسكو، سوتشي - أ ف ب، رويترز

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده مستعدة لبيع سورية أنواعا جديدة من الأسلحة وذلك بحسب ما نقلت عنه وكالتا الأنباء الروسيتان ريا نوفوستي وانترفاكس.

وقال لافروف في سوتشي حيث التقى الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف نظيره السوري بشار الأسد «نحن مستعدون لبحث الطلب السوري المتعلق بشراء أنواع جديدة من الأسلحة».

وقال مصدر دبلوماسي في موسكو لانترفاكس إن روسيا وسورية تحضران لعدد من الصفقات تشمل نظم صواريخ مضادة للطائرات ومضادة للدبابات.

ونقلت الوكالة عن مصدرها الدبلوماسي قوله إن دمشق مهتمة بنظام الدفاع الجوي الصاروخي الروسي بانتسير-ا ونظام صواريخ بوك-أم1 أرض جو متوسطة المدى وطائرات عسكرية وغير ذلك من العتاد.

وأصبحت سورية ثاني دولة بعد روسيا البيضاء تعلن مساندتها للعملية الروسية في جورجيا. وقال الأسد لميدفيديف في بداية اجتماعهما في مقر إقامة زعيم الكرملين في البحر الأسود «نحن نفهم جوهر الموقف الروسي ورده العسكري». وأضاف «نحن نعتقد أن روسيا كانت ترد على استفزازات جورجيا».

وقال الأسد «أريد أن ابدي تأييدي للموقف الروسي في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية... ونحن نرفض محاولات تشويه الموقف الروسي». وأضاف «نقدر شجاعة روسيا التي قبلت المبادرات الدولية وقررت سحب قواتها من منطقة النزاع» في جورجيا.

من جهته، عبر مدفيديف عن شكره للأسد على دعمه «في مواجهة العدوان الجورجي»، وشدد على العلاقات المميزة التي تقيمها دمشق وموسكو منذ عهد السوفيات. وقال الرئيس الروسي في ختام المحادثات إن «علاقاتنا تشكل تقليديا عنصرا أساسيا في المشاكل الدولية الأكثر تعقيدا».

ومن جهتها، أشارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي تحدثت إلى الصحافيين في القدس المحتلة إلى علاقات سورية مع إيران وحركة «حماس» وحزب الله اللبناني وقالت «عدم إرسال صواريخ طويلة المدى إلى سورية مصلحة مشتركة لروسيا و(إسرائيل) والزعماء العمليين ودول المنطقة».

وعشية لقائه مع الأسد، أجرى مدفيديف اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بشأن التطورات الأخيرة في جورجيا وزيارة الرئيس السوري إلى روسيا، حسبما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي.

على صعيد آخر، لفت مدفيديف إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وسورية بلغ العام الفائت مليار دولار وتضاعف خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة عينها من العام 2007.

ودعا أولمرت الرئيس الروسي إلى الامتناع عن بيع الصواريخ لسورية. وقال إن «إمداد سورية بأسلحة روسية الصنع سيخل بالتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط».

كما قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس الخميس إن نصب صواريخ روسية في سورية سيشكل خطرا على العالم أجمع. كما دعا وزير المواصلات الإسرائيلي شاؤول موفاز إلى وجوب أن تعمل «إسرائيل» «بصرامة وبحزم» داخل المجتمع الدولي لمنع تزويد سورية بصواريخ روسية.


التوتر الروسي - الغربي يعيد إطلاق مبيعات السلاح إلى سورية

موسكو - ميشال فياتو

مع التوترات الجديدة بين موسكو والغرب قد يعمد الكرملين إلى تعزيز تعاونه مع سورية التي وصل رئيسها بشار الأسد مساء الأربعاء إلى روسيا ولا سيما عبر بيعها صواريخ ارض جو حديثة.

فقد أكد بشار الأسد صراحة رغبته في أن يبحث مع محاوريه الروس مشروعات شراء أسلحة معتبرا أن الوضع الناجم عن النزاع الروسي الجورجي يمكن أن يساعد مشاريعه هذه وذلك في حديث أدلى به عشية زيارته لصحيفة «كومرسانت» الروسية.

وقال الأسد إن «التعاون الفني والعسكري أمر أساسي ومشتريات الأسلحة في غاية الأهمية» مشيرا إلى أن «الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل» على روسيا لمنعها من بيع الأسلحة إلى سورية «لا تتوقف».

لكن الرئيس السوري اعتبر أنه «بما أن دور (إسرائيل) ومستشاريها العسكريين في الأزمة الجورجية أصبح الآن معروفا للجميع» فإن هذه الضغوط لن يكون لها تأثير على العلاقات بين موسكو ودمشق في هذا المجال.

وقال مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات رسلان بوخوف لفرانس برس إن «سورية تريد دائما شراء أحدث وأقوى الأسلحة الروسية سواء الهجومية منها أو الدفاعية».

وكانت الضغوط الأميركية والإسرائيلية السبب جزئيا في عدول موسكو عن بيع دمشق صواريخ اس-300 المضادة للطائرات والمماثلة لصواريخ باتريوت الأميركية وأيضا إلغاء عقد لبيعها صواريخ اسكندر الباليستية قصيرة المدى.

وقال المحلل إن «سورية تشتري منا أنظمة بانتسير المضادة للطائرات وتريد شراء أنظمة بوك-ام2 متوسطة المدى». واستنادا إلى وسائل الإعلام الروسية فإن صواريخ بوك من الطراز الأقدم (بوك-ام1) أثبتت فاعليتها خلال النزاع الجورجي الروسي القصير. فقد أتاحت هذه الصواريخ التي حصلت عليها جورجيا من أوكرانيا إسقاط أربع طائرات روسية.

وقال بوخوف «من الممكن في سياق التوتر المتفاقم بين روسيا والغرب أن تقرر موسكو أن تبيع لدمشق ما تريده» متوقعا أن يستخدم الأسد الاتفاق الأميركي البولندي بشأن الدرع المضادة للصواريخ كذريعة لإقناع محدثيه الروس.

وفي سياق تحسن العلاقات السورية الروسية في الأعوام الأخيرة والذي تجلى خاصة بإلغاء جزء من الديون السورية لموسكو أشارت وسائل الإعلام الروسية أيضا إلى بيع طائرات حربية روسية إلى دمشق. وقيل إن إيران هي الممول لصفقات الشراء هذه إلا أن السلطات الروسية نفت ذلك.

من جهة أخرى، يمكن أن تدفع القيود التي فرضتها أوكرانيا على تحركات السفن الروسية الراسية في ميناء سيباستوبول روسيا إلى التفكير في إقامة قاعدة بحرية في سورية حيث كان للاتحاد السوفياتي واحدة في ميناء طرطوس. إلا أن موسكو نفت دائما هذه المشروعات التي تتحدث عنها الصحف من حين لآخر.

وقال بوخوف «من المؤكد أن الأسد سيعرض علينا فكرة هذه القاعدة كما فعل(الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز)». لكن «روسيا ليست حقيقة في حاجة لذلك حيث أن إقامة قاعدة في سوخومي (على البحر الأسود في جمهورية أبخازيا الجورجية الانفصالية) تبدو أكثر واقعية وأكثر فائدة».

والرئيس الأسد، الذي وصل مساء الأربعاء إلى مدينة سوتشي السياحية الروسية على البحر الأسود، يرافقه وزير خارجيته وليد المعلم، ومن المقرر أن يجري مباحثات مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف.


من دمشق إلى كاراكاس... الخريطة الجديدة لداعمي موسكو

موسكو - لوك بيرو

من الرئيس السوري بشار الأسد إلى الفنزويلي هوغو تشافيز مرورا بالبيلاروسي الكسندر لوكاتشينكو حصلت موسكو على دعم يرسم خريطة جديدة لحلفائها في مواجهة الغرب في نزاعها مع جورجيا.

وقال الباحث في المعهد الأميركي الكندي في موسكو فيكتور كريمينيوك إن روسيا في صراعها مع الغرب «تريد الحصول على دعم تبدو على استعداد لدفع ثمنه الأمر الذي أسال لعاب الذين يقفون على هامش السياسة الكبرى».

فقد سعى رئيس بيلاروسيا المنبوذ من المجتمع الدولي الثلثاء الماضي إلى خطب ود نظيره الروسي مؤكدا أن التدخل العسكري في جورجيا كان «هادئا وحكيما وجميلا» وذلك في الوقت الذي نددت فيه دول الحلف الأطلسي بالرد الروسي «غير المتكافئ» على جورجيا.

أما الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي تربطه علاقة قديمة بفلاديمير بوتين والذي يتزعم اليسار المناهض للولايات المتحدة في المنطقة فقد أعلن الأحد الماضي أنه دعا البحرية الحربية الروسية لزيارة جزر الكاريبي.

وكان لهذا الإعلان صدى مدويا لا سيما وأنه من دولة ضاعفت شراء الأسلحة والطائرات المقاتلة والمروحيات من روسيا في الوقت الذي ألغت فيه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة مشاركتها في مناورات بحرية مع الأسطول الروسي.

واستدعى الإعلان عن زيارة السفن الحربية لهذه المنطقة، والتي ستكون الأولى من نوعها منذ أعوام طويلة، ردا فوريا من البيت الأبيض الذي وصف هذا المشروع بأنه مشروع «غريب».

وفي يوليو/ تموز الماضي نشرت الصحف خبرا عن مرور قاذفات استراتيجية روسية في كوبا تم نفيه على الأثر لكنه بدا وكأنه «تسريب» حقيقي- كاذب مقصود، ما ألقى بظلال فاترة في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين موسكو وهافانا تعزيزا.

ويرى رئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسة الشاملة» فيدور لوكيانوف أن الأزمة الجورجية «حفزت التغييرات على الساحة الدولية» والتي بدأت باستعادة الدب الروسي لقوته بفضل أسعار النفط.

وأضاف هذا المحلل أن موسكو في حاجة كبيرة إلى هذا الدعم حيث أنه من الصعب جدا عليها الحصول على دعم جاراتها في الاتحاد السوفياتي السابق التي «تخشى أن تلقى قريبا مصير جورجيا».

واعتبر لوكيانوف أن المنعطف الحقيقي يتوقف على مدى تصميم واشنطن والحلف الأطلسي على استمرار المواجهة مع روسيا، الأمر غير المؤكد «لأن أوروبا لا تريده»، وكذلك على موقف الصين.

من جانبه اعتبر فيكتور كريمينيوك أن روسيا معزولة لكن طموحها ليس تجديد أواصر العلاقة مع «الدول المارقة».

العدد 2177 - الخميس 21 أغسطس 2008م الموافق 18 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً