العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في ذكر مشائخ آل مذكور جعلهم اللّه في دار السرور

الباب السادس

إن المشائخ المشهورين بآل مذكور كانوا طائفة من أكابر نجد وأعاظمهم، رحلوا إلى البحرين سنة عشرين بعد ال 

07 سبتمبر 2008

ومما قاله الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد: فبحر الهند يسمي بالبحر الحبشي، فهو من أعظم البحار، ويتشعب من هذا البحر خليجان عظيمان، أحدهما بحر فارس وفيه جزائر وشبه جزائر منها يظهر، وفيه قلعة من أعجب قلاع الدنيا يقال لها سلخ وهي من بناء الهراسيب الكناني ثم جدده سابور الأردشير، وكان أهاليه من اليونان، فتحه عثمان بن أبي العاص الثقفي، وهذه القطعة من شمالها إلى جنوبها ثلاثة فراسخ، وعلى طرفه الشمالي بساتين بديعة وقلاع غريبة أكثرها مخروبة، فهو قليل الماء كثير البساتين، والأشجار أكثرها القطن والعنب والتين.

وفي سنة خمسين ومائتين كثر المسلمون فيها، وكان فيها شجرة من العنب ثمرتها ثلاثمائة منا تبريزي، وهو من عجائب الدنيا، وكان عدد المقتولين من جنود الإسلام خمسا وعشرين ألفا، وفي تلك السنة وقعت الحرب بينهم وأهل البحرين، وهجر أغلب أهالي البحرين إلى ريظهر.

وعلى الجملة وفي هذه الشعبة من البحر وقعت جزائر وشبه جزائر مثل البحرين، وخارك، وخاركو، وهرمز، وقشم، وقيس، وام السلام، وجزيرة العتم، وجزيرة الفلم، وبو شعيب، وابو موسي، وشطرار، وتوقيع، وفرور، وهندراتي، وهنجام، وأبيض، وأم الكرم، وأم النخيلة، وأم الحطب، وأبو علي، وأبو سعفة، ودمام، ودلمة، وحالول، وعوبي، وفارس، وقرثين، وفران، وجزيرة الحسان، وغير ذلك من الجزائر الصغار.

واعلم يا سيدي إن بحر الصين والهند وفارس واليمن متصلة مياهها غير منفصلة، إلاّ أن هيجانها وركودها مختلف لإختلاف مهابّ رياحها وآثار ثورانها، فبحر فارس تكثر أمواجه ويصعب ركوبه عند لين بحر الهند واستقامة ركوبه وقلّة أمواجه، ويلين بحر فارس وتقل أمواجه عند إرتجاج بحر الهند وإضطراب أمواجه وظلمته وصعوبة ركوبه، فأول ما تبتديء صعوبة بحر فارس عند دخول الشمس السنبلة، وقرب الإستوائي الخريفي، ولا يزال في كلّ يوم تكثر أمواجه إلى أن تصير الشمس إلى برج الحوت، فأشدّ ما يكون ذلك في آخر الخريف عند كون الشمس في القوس، ثم تلين إلى أن تعود الشمس إلى السنبلة ـ إلى أن قال ـ: والغوص على اللؤلؤ في بحر فارس ـ أعني في البحرين وخارك ـ إنما يكون في أول نيسان إلى آخر أيلول، وما عدا ذلك من شهور السنة فلا غوص فيه، وما عداه من البحار لا لؤلؤ فيه، وهو خاص بالبحر الحبشي من بلاد خارك وقطر وعمان والبحرين.

فلما سمع الشاه هذا الكلام من الشيخ أكرمه وعظّمه وخلع عليه خلعة سنية، فلقّبه بالخان، وولاّه على البحرين وأمره بتصرف الجزاير، فجاء الشيخ عبد خان إلى البحرين وكتب كتابا إلى سلطان مسقط وهدّده بجنود العجم وعساكر الصفوية، ثم أمر بعض أقوامه بالمسير إلى مسقط، ومعه كتاب من عنده ما صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللّه وابن عبده إلى من أوتي الرئاسة من عنده، إمامنا الأعظم وسلطاننا الأفخم، وبعد

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، فالعروض إلى خدمتكم إنه قد وجهت إليكم رجلا من أعمامي عارفا حليما شكورا كريما، وله يد في السياسة وإنما أمرّته على جماعة الأعاجم والساكنين هناك من اولي الأعاظم لأمر قد وصل إلينا من سلطان المسلمين الخاقان الأعظم الشاه عباس الصفوي ، فإذا نزل بساحتكم فاكرموه وأمر أصحابك بتعظيمه وتكريمه، فإن في ذلك لك صلاحا وللعامة فلاحا والسلام.

فسار الشيخ خميس مع كتاب الشيخ عبيد خان إلى مسقط، فلمّا عرف سلطان مسقط ذلك الخطاب، كَتب إلى الشيخ:

بسم اللّه الرحمن الرحيم، ما كتبت إلينا قد فهمناه وعلمناه، ولكن القوم ما رضوا عنه لبغض الناس لسلاطين العجم، وإن لجماعة المسلمين حق معلوم، فإذا ما رضوا ما رضينا والسلام.

ثم إن الشيخ عبد الخان كتب الوقائع إلى الشاه عباس، ومما قال فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم أمّا ما أمرتم عبدكم في كتابة الوقائع، فما قصرت فبلغت أوامركم إلى الأمير والحقير، ونصحتهم حق النصيحة، فسلطان مسقط قد سقط عن مسقط رأسه، وزلزل بنيانه وأساسه، لإعتماده على مردة الشياطين، وركونه على سلطان البرتغالية الملاعين، وأنتم تعلمون من ضيق المسالك على المسلمين، واما أمر البحرين، فقد علمتم منافعها، وإطاعة أهلها فهم لكم مطيعون ولأمركم متبعون، إلا أنهم مقهورون بأيدي الكفرة، وقد بلغني من ظلمهم على المسلمين ما إن بلغتكم لبكيتم بدل الدموع دما، وأنتم ظل اللّه على خلقه، فما كفاهم مسقط والبحرين والسيراف حتى غلبوا على جزيرة خارك، طمعا لإخراج لئالئه وجواهره، أدركوا الإسلام وأهله والسلام.

وما كتبه الشاه عباس الصفوي إليه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، شيخنا المكرم الوقور، الشيخ عبيد خان آل مذكور، فقد وصلنا كتابك وعلمنا ما في خطابك، فجزاك اللّه عن الإسلام خير الجزاء، فاعلم إنا قد وجهنا إليكم جنودا لو وجهتهم إلى الجبال الشامخة لأزالوها، فبشر الذين إتبعك، وقل لهم إن فرج اللّه قريب، ثم انتقل من مكانك واستوطن الريظهر، حتى يجيء أمرنا إليك، فجد جهدك والسلام.

فجاء الشيخ عبيدخان المزبور إلى بوشهر، وعين السفن والمركب، وهيأ لهم المنازل والمراتب، فجاءت عساكره المنصورة، وهم عشرة آلاف من أهل الزنكنة والدشت والهولة، وكان الآمر لهم إمام قلي خان والي فارس، فركبوا السفن وحملوا أولا على الخارك فقتلوا من جماعة البرتغالية خلقا كثيرا وتصرفوا بالجزيرة.

ثم أتوا على البحرين فحاصروها وقتلوا نفوسا، فما بقي من مردة الشياطين إلاّ النساء والصبيان، ثم حملوا على القطيف والإحساء وباقي الجزائر فأخذوها أخذ عزيزٍ مقتدر، فولّي إمام قلي خان الشيخ عبد خان على القطيف والإحساء، فعظّمه وشرّفه غاية التشريف، فأخبر الشاه عباس بفتح البحرين والجزائر فأمرهم بمحاصرة مسقط، فما قدروا عليها لما فيه من الجبال الشامخة والقلاع المحكمة، ولما لمشايخ آل مذكور في تلك الجزائر من مقاتلين وتحكيمات.

إلى أن قام بالسلطنة نادر شاه في السنة الثانية والأربعين بعد المائة والألف، فارتحل جماعة من مشائخ آل مذكور من البحرين، منهم سيف العرب الشيخ غيث والشيخ نصر وكانا حاكمان على البحرين والقطيف، وبسبب القتال الذي وقع بينهم وبين الأباضية والخوارج، كُسروا واستوطنوا بوشهر والجزيرة، حتى سمعوا بخبر نادرشاه وعزمه على فارس، فكتبوا إليه وقائع ما صدر منهم مع إمام مسقط وجماعة البياضية، وغلبتهم على الجزائر والبحرين وسائر الأمكنة المتعلقة ببحر فارس.

ومما كتبه نادرشاه إلى الشيخ غيث والشيخ نصر من آل مذكور وغوث الملّة وناصر الدولة، قد فهمنا ملحمتكم مع إمام مسقط وجماعة البياضية، وغلبتهم على جزائر فارس، فسلطانكم ليس بغافل عمّا وقع عليكم، وفي عامنا هذا ننتقم منهم كانتقام ذو الأكتاف من الأعراب والأشراف، وإن لنا جيشا قد نزلوا في السيراف وبندر الصبية، وإنهم جاركم فلا تعجلوا بالمسير حتى يأتيكم أمرنا والسلام.

ومما كتبه السلطان نادرشاه، وهو من انشاء ميرزا مهدي خان صاحب الدرة ـ رحمة اللّه عليه ـ:

السلام على من نصرنا يدا ولسانا ورحمة اللّه وبركاته، وبعد فاعلم انه قد توجه إليكم لقتال عدوكم قوم معروفون بالنجدة والشدة، وأما ما ذكرتم من أمر سلطان مسقط وعدم تسليمه الجزائر، فليس بينه وبيننا إلاّ المحاكمة بالسيف، فإذا أتاكم كتابي فامر بالناس على قتال عدوهم، (إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون) .

ومما كتبه الشيخ نصر خان إلى مهدي خان صاحب الدرّة:

وأما ما كتبتم لعدوكم في أمر القتال وتعيين الرجال لإضمحلال مردة الشياطين فعلته وأطعته، فنحن بحمد اللّه غير مقصرين لأداء حقوق سلطاننا، وإن عساكر الدشت والهوله حاضرون منتظرون لأمركم، وإن عساكر الدشت والهوله على ما بلغني مقيمون في السيراف والسلام.

عبدكم نصر

ثم استولت عساكر نادرشاه على ساحل كرمان ـ يعني العباسي ـ وتصرفوا القلاع البرتغالية، فسار بعضهم إلى بندر السند، وبعضهم حملوا على البحرين وسائر الجزائر حتى قتلوا من البياضية خلقا كثيرا وتصرفوا البحرين، وولّي نادرشاه عليها الشيخ نصر خان وأخذ الشيخ غيث وأنضم معه عساكر الدشت والزنكنه فأمرهم بمحاصرة مسقط، فحاصروها خمسة عشر يوما حتى عجزوا، فلما عرف النادر عجزهم لما في مسقط من الجبال الشامخة والقلاع المحكمة التي بُنيت عليها، سار بنفسه مع أربعة آلاف فحاصروها حتى غلبوا عليها وفتحوها وقتلوا أخا السيف البياضي وبقية الخوارج، ثم ولّي الشيخ غيث خان.

هذا ما وجدت من فوائد بعض مشائخنا.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:34 م

      سلامه

      أسرة آل مذكور أسره قوية مذ القدم وهي اسرة جدي الكبير الفارسي

اقرأ ايضاً