العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في ذكر محاسن أهل البحرين وشعرائها وعلمائها ـ رضوان اللّه عليهم

الباب الحادي عشر(5)

68ـ السيد هاشم المعروف بالعلاّمة بن السيد سليمان الكتكاني:

نسبة إلى كتكان بفتح الكافين والتاء المثناة الفوقانية، ثم الواو الساكنة ثم الباء الموحدة، ثم الّلام والياء أخيرا، أحد أعمال البحرين، وكان السيد المذكور فاضلا محدّثا، جامعا متتبعا للأخبار، بما لم يسبق له سابق سوي شيخنا المجلسي، وقد صنّف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه وإطلاعه، إلاّ أني لم أقف له على كتاب فتاوي للاحكام الشرعية بالكلية، ولو في مسألة جزئية، وإنما جميع كتبه مجرد جمع وتأليف، ولم يتكلم في شيء مما وقفت عليه على ترجيح في الأقوال أو بحث أو إختيار مذهب وقول في ذلك المجال، ولا أدري أنه لقصور درجته عن مرتبة النظر والإستدلال، أم تورعا من ذلك كما نقل عن السيد الزاهد العابد رضي الدين بن طاووس ـ إلى أن قال ـ: وانتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد المتقدم إلى السيد المذكور، فقام بالقضاء في البلاد، وتولي الأمور الحسبية، أحسن قيام، وقمع أيدي الظلمة والحكام، ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالغ في ذلك وأكثر، ولم تأخذه لومة لائم في الدين، وكان من الأتقياء المتورعين، شديدا على الملوك والسلاطين، وتوفي ـ قدّس سرّه ـ في قرية نعيم في بيت الشيخ عبد اللّه بن الشيخ حسين بن علي بن كنبار، ولأنه كان متزوجا بمخلفة الشيخ علي بن الشيخ عبد اللّه المذكور، ونُقل إلى قرية توبلي ودفن في مقبرة هاتني من مساجد القرية المشهورة، وقبره مزار معروف.

وانتهت رئاسة البلد بعدُ إلى الشيخ سليمان بن عبداللّه المذكور، وكانت وفاته للسنة السابعة بعدالمائة والألف، وذكر بعض مشائخنا المعاصرين أن وفاته كانت بعد موت الشيخ محمد بن ماجد المتقدّم بأربع سنين، وعلى هذا تكون وفاته السنة التاسعة بعد المائة والألف سنة 1109.

ومن مصنفاته: كتاب البرهان في تفسير القرآن في ستة مجلدات، قد جمع فيه جملة الأخبار الواردة في التفسير من الكتب القديمة الغريبة وغيرها، وكتاب الهادي وضياء النادي في تفسير القرآن أيضا مجلدان وكتاب معالم الزلفي في النشأة الأخري في مجلد كبير، وكتاب مدينة المعجزات في النّص علي الأئمة الهداة مجلدان، وكتاب الدرّ النضيد في فضائل الحسين الشهيد مجلد، وكتاب في تفضيل الأئمة عليهم السلام على الأنبياء عليهم السلام، وكتاب في وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكتاب في وفاة الزهراء ي، وكتاب سلاسل الحديد في فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة عليهم السلام، وكتاب الإحتجاج، وكتاب نهاية الآمال فيما تتم به الأعمال، وكتاب نزهة التهذيب مجلدان قد رتّب الأخبار فيه كلٌّ في الباب المناسب له، وكتاب تنبيهات الأديب في رجال التهذيب وقد نبّه فيه على أغلاط عديدة لا تكاد تُحصر كثرة مما وقع للشيخ (رض) في أسانيد الكتاب المذكور، وكتاب حلية الأبرار وكتاب الرجال، وكتاب حلية النظر في نسب عمر، وكتاب تعريف من لايحضره الفقيه، وكتاب مولد القائم، ثم كتاب فضل الأئمة الأثني عشر، وكتاب البهجة المرضية في إثبات الخلافة والوصية، وكتاب مناقب الشيعة، وكتاب اليتيمة، وكتاب نزهة الأبرار ومنازل الأفكار في خلق الجنة والنار، وكتاب الحجة فيما نزل في الحجة، وكتاب تبصرة الولي فيمن رأي المهدي، وكتاب عمدة النظر في الأئمة الأثني عشر، وكتاب معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وغير ذلك من الكتب والأجوبة، وهو من مشائخ الإجازات كما هو مبرهن بين العلماء.

69ـ الشيخ صالح بن عبدالكريم الكرزكاني البحراني:

وكان هذا الشيخ فاضلا ورعا فقيها، شديدا في ذات اللّه سبحانه، انتهت إليه رئاسة شيراز، وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها أحسن قيام، وإنقادت إليه حكّامها، فضلا عن رعيتها لورعه وتقواه، ونشر العلم والتدريس فيها، ولا يكاد يوجد في جميع الفنون في شيراز إلاّ وعليه تبليغه والمقابلة عليه، تولّي القضاء بأمر الشاه سلطان سليمان، ولمّا أتته خلعة القضاء من السلطان المزبور ورقم القضاء، أمتنع من لبس الخلعة المذكورة، وبعد الإلتماس والتخويف من سطوة السلطان وغضبه لبسها.

وله من المصنّفات: رسالة في تفسير أسماء اللّه الحسني، والرسالة الخمرية، ورسالة في الجبائر، وغير ذلك من الفوائد، وقبره الشريف معروف بجوار بقعة الشاه چراغ.

70ـ الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني:

قال جدي في اللّؤلؤة: لم أقف للشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني على شيء من المصنفات، وقد توفي (ره) في حيدر آباد في السنة الثامنة بعد الألف، وكان منهلا عذبا للوارد، لايرجع القاصد إليه بالمطلوب والمراد، وللشيخ عيسي بن صالح عمّ جدّي الشيخ إبراهيم قصيدة في مدحه ـ إلى أن قال ـ: وبعد موته كان القائم مقامه في تلك البلاد الشيخ الزاهد العادل الشيخ أحمد بن صالح الدرازي من آل عصفور كما ستأتي ترجمته إن شاء اللّه.

71ـ الشيخ أحمد بن صالح الدرازي البحراني من آل عصفور:

قال جدي ـ قدّس سرّه ـ: فكان الشيخ أحمد مقيم في بلاد الهند إلى أن فتح تلك البلاد الشاه اوتكريت فأمر بإخراج الأصناف منهم، كلّ يقدمه، فكان الشيخ أحمد المذكور مقدم من فيها من صنف العلماء، فأمر له بألف روبية، ورجع الشيخ أحمد منها إلى ولاية العجم بعد أن حجّ بيت اللّه الحرام.

واستوطن في بلدة جهرم، وكان ـ قدّس سرّه ـ على غاية من الزهد، والورع والتقوي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يؤثر بماله الأضياف، وكان بيته لاينفك دائما عن جمع من الغرباء والواردين، سيما من أهل بلاده البحرين، إماما في الجمعة والجماعه وكانت مكاتباته ترد على الوالد (ره) في البحرين لبعض المطالب التي له فيها، وكانت تلحقه الغشية والصعقة في مقام ذكر شدائد الآخرة.

له من المصنّفات: كتاب الطب الأحمدي وهو عندي كلّه في الطب بطريقة الرواية، ورسالة في الإستخارة.

ونسبه على ما وجدته بخطه: أحمد بن صالح بن حاجي بن علي بن عبد الحسين بن شيبة الدرازي، نسبة إلى الدراز، وهي قريتنا آباءا وجدودا، وهو يتصل بنا في بعض الأجداد العالية، توفي في شهر صفر من السنة الرابعة والعشرين بعد المائة والألف، وكان مولده على ما رأيته بخطه ـ قدّس سرّه ـ في السنة الخامسة والسبعين بعد الألف، انتهي كلامه ـ أعلى اللّه مقامه ـ.

72ـ الشيخ عبد اللّه بن علي بن أحمد البحراني البلادي:

وكان فاضلا سيما في الحكمة والمعقولات، إلاّ أنه قليل الرغبة في التدريس والمطالعة في وقتنا الذي رأيناه فيه، له رسالة في علم الكلام، ورسالة أخري في علم الكلام أيضا، كتبها للشيخ أحمد بن شيخ الإسلام، ورسالة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ، ورسالة في تقسيم الكلمة إلى إسم وفعل وحرف، وشرح رسالة شيخه الشيخ سليمان في المنطق، إلاّ أنه لم يتمها، ورسالة في وجوب جهاد العدو في زمن الغيبة، ورسالة في عدم ثبوت الدعوي على الميت بالشاهد واليمين، وللوالد ـ قدّس سرّه ـ رسالة في الرد عليه في ذلك، وقد اختار ثبوت الدعوي المذكور بالشاهد واليمين كالدعوى على الحي.

توفي في شيراز في عام جلوس نادرشاه ودعواه السلطنة ـ إلى أن قال ـ: ودُفن في قبة السيد أحمد بن مولانا الكاظم (عليه السلام) المشهور بشاه چراغ، وأنا كنت يومئذ في شيراز إمام جمعتها وجماعتها ـ رحمة اللّه عليه ـ قاله جدي.

73ـ الشيخ عليّ بن الشيخ حسن بن يوسف البحراني البلادي:

قال في الّلؤلؤة: وكان الشيخ علي المذكور فاضلا جليلا، سيما في العربية والمعقولات، مدرسا إماما في الجمعة والجماعة ـ إلى أن قال ـ: وكان والد الشيخ علي المذكور فاضلا أيضا، وكذلك جده الشيخ يوسف قد ذكره في كتاب أمل الآمل، فقال: الشيخ يوسف بن حسن البلادي، فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين، انتهي.

وحكي والدي ـ قدّس سرّه ـ: أنه لما توفي الشيخ يوسف المذكور ودفن في مقبرة المشهد، اتفق أن إحدي منارتي المشهد انهدم رأسها فسقط على قبر الشيخ المذكور، وكان الشيخ عيسي بن صالح أحد أعمام جدي الشيخ إبراهيم ـ وقد تقدم ذكره ـ متوجها إلى قرية البلاد لتعزية الشيخ بموت أبيه الشيخ يوسف، فمر بإمرأة عجوز جالسة عند رأس المنارة تتعجب من سقوطها وإنهدامها، فلمّا وصل إلى بيت الشيخ حسن في مجلس التعزية أخبرهم بذلك فأنشأ في ذلك فقال:

مررت بأمرأة قاعدة

تحولق في سورة العابدة

وتسترجع اللّه في ذا المنار

فما بالها في الثري راقدة

فقلت لها يابنت الأكرمين

رأيت أمورا بلا فائدة

ثوي تحتها يوسفي الكمال

فخرّت لهيبته ساجدة

فقال له الشيخ حسن: ما جزاء هذه الأبيات إلاّ أن يملأ فمك لؤلؤا، هذا آخر ما نقلناه من كلام الجد.

74ـ السيد العلاّمة السيد ماجد بن السيد هاشم البحراني:

وقد أشرنا فيما مضي إلى نبذة من حالات هذا العلاّمة من كلام صاحب السلافة، وها أنا أقول: هو السيد ماجد بن السيد هاشم بن عليّ بن ماجد الحسين البحراني الجدّ حفصي، نسبة إلى جدّ حفص بتشديد الدال، قرية من قري تلك البلاد، هكذا ضبطه مولانا ملاّ محسن الكاشاني ، والسيد نعمة اللّه الجزائري والمجلسي.

قال جدي: وكان السيد محققا مدققا، شاعر الدنيا، ليس له نظير في جودة التصنيف، وبلاغة التحبير، إلى أن قال (قدّس سرّه): وهوأول من نشر الحديث في شيراز، وله مصنفات منها: كتاب سلاسل الحديد، ورسالة اليوسفية وجيزة بديعة، ورسالة في مقدمة الواجب، وغير ذلك من الرسائل، وهو من مشائخ المحدّث الكاشاني كما أنبأ عنه في كتاب الوافي، وكانت وفاته في شيراز في السنة الثانية والعشرين بعد الألف، ودفن في مشهد السيد أحمد بن مولانا الكاظم (عليه السلام) المشهور بشاه چراغ، وقبره هناك معروف، ومن تلامذته الشيخ محمد بن الحسن المقابي أصلا الرويسي منزلا، نسبة إلى قرية الرويس بالتصغير.

75ـ الشيخ محمد بن الحسن المقامي البحراني:

وكان هذا الشيخ فاضلا فقيها، إماما في الجمعة والجماعة، وهو أول من صلّي الجمعة في البحرين، بعد إفتتاحها في الدولة الصفوية، وله كتاب في الخطب لم يعمل مثله، قاله الحرّ في أمل الآمل.

76ـ الشيخ محمد بن يوسف بن سعيد المقشاعي البحراني:

قال جدّي في اللّؤلؤة: وهذا الشيخ أيضا من تلامذة السيد ماجد العلامة المتقدم ذكره، وكان فاضلا جليلا، له شرح على الباب الحادي عشر غير تام، وهو أحسن شروحه، ولهذا الشيخ إبن فاضل محقق، ذكره أيضا في اللّؤلؤة فقال: اسمه الشيخ أحمد، ثم وصفه ـ الي ان قال ـ: وللشيخ أحمد المذكور أخ يسمي الشيخ عبد الصمد، وهو جدّ الشيخ عليّ بن عبد اللّه بن عبد الصمد الذي تقدمت الإشارة إليه في ترجمة الوالد، وأنه كان حضر درسه، وجري البحث بينه وبينه، وكان الشيخ عليّ هذا فاضلا دقيق النظر، سيما في العلوم الأدبية والعقلية، قرأ على الشيخ سليمان الماحوزي الجزء الأول من الإستبصار، وحضر درسه جمع غفير من الفضلاء، وله مصنفات منها: ترتيب الفهرست للشيخ الطوسي، ومنها شرح رسالة شيخه الشيخ عليّ بن عبد اللّه الجد حاجي، وكان الشيخ عليّ الجد حاجي المذكور فاضلا فقيها أعجوبة في الحفظ، مع أنه كان مشتغلا في القراءة على القبور مثل تلميذه الشيخ عليّ، فإنهما كانا مشغولين بذلك، وكان الشيخ عليّ الجد الحاجي من تلامذة الشيخ محمد بن يوسف المقامي المتقدم، قرأ عليه العلوم الأدبية والعربية والعقلية والحسابية، وقرأ على الشيخ محمد بن أحمد ناصر الحجري البحراني بعض شرح اللمعة، وكان الشيخ المذكور فقيها أصوليا دقيق النظر، ظريفا لطيفا، متواضعا منصفا، ذكر الوالد أنه طلب منه درسا مدة كون شيخه الشيخ سليمان في بلاد العجم فلم يجبه تواضعا منه، وكان سنه يقرب من ثمانين سنّة، وكان يأتم بالصلاة بالشيخ حسين الحجري، وهو أفضل منه هضما لنفسه، وتواضعا وتورعا من تقليد الإمامية، قاله في اللّؤلؤة.

77ـ الشيخ محمد بن أبي جمهور الإحسائي:

ذكره في معالم العلماء وعظّمه، قال جدي في رجاله: هو الشيخ الزاهد العابد، العَلَم الكامل، زين الملّة والحق والدين، أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن إبي جمهور الإحسائي تغمده اللّه برضوانه، وأسكنه بحبوحة جنانه، وهو يروي عن قاضي قضاة الإسلام الشهير بالمطوع الجرياني الإحسائي عن الشيخ النحرير العلاّمة شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس الإحسائي، عن شيخه خاتم المجتهدين فخر الدين المشهور بإبن المستنبط البحراني.

وعلى الجملة: له كتب منيفة، ولم يحضرني تاريخ وفاته، ولعلّه يوجد في لؤلؤة البحرين.

78ـ الشيخ أحمد بن فهد الإحسائي:

هو العلاّمة شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس الإحسائي، أخذ علومه عن شيخه فخر الدين المعروف بابن المتوّج البحراني، وله كتب منيفة كما يعلم من معالم العلماء ورجال الشيخ ياسين ـ نوّر اللّه مضاجعهم ـ ولم يحضرني تاريخ وفاته ـ قدس سرّه الشريف ـ وله أيضا كتاب كفاية الطالبين في أصول الدين، وللشيخ أحمد هذا شعر جيد كثير، ومراثي على الحسين (عليه السلام) ، وله كتاب النهاية في خمسمائة آية التي عليها مدار الفقه، وكان هذا الشيخ معاصرا للشيخ المقداد صاحب كنز العرفان، صرّح به نظام الدين في نظامه بعد أن ذكر له كتبا منها كتاب الوسيلة في فتح مقفلات القواعد.

79ـ الشيخ كمال الدين المشهور بابن سعادة البحراني:

وهذا الشيخ كان معاصرا للخواجة نصير الدين الطوسي، ولكنه مات قبله، وقد قرأ عليه الشيخ جمال الدين أبو الحسن علي بن سليمان البحراني المعاصر أيضا للخواجة نصير الدين الطوسي، ومن مؤلفات كمال الدين المذكور: رسالة في مسألة العالم وما يناسبها من صفاته تعالى، ومجموع مسائلها أربعة وعشرون مسألة، وقد أرسلها تلميذه المذكور الي الخواجة نصير الدين بعد وفاة إستاذه ـ أعني هذا الشيخ ـ والتمس من الخواجة شرح مشكلاتها، وقد شرحها الخواجة وردّ عليه في مواضع منها، ثم أرسلها إليه.

ويروي هذا الشيخ عن نجيب الدين محمد السوراوي عن هبة اللّّه عن أبي علي ولد الشيخ الطوسي ـ رحمة اللّه عليهم ـ: وعليك بمجالس المؤمنين ولؤلؤة البحرين ومعالم العلماء حتى يعُرّفوك جلالة قدرهم وعظيم عظمتهم، وله ـ قدّس سرّه ـ مكاتبات بليغة نافعة مع علماء عصره،وله تصانيف عديدة يلاحظ منها: كتاب كتبه للعارف الرومي حين سأله عن القبض والبسط، ومن كلماته: القبض والبسط حالان شريفان لأهل المعرفة، إذ أقبضهم الحق أحشمهم عن تناول القوام والمناجات والأكل والشربِ والكلام، وإذا بسطهم ردّهم إلي هذه الاشياء، (واللّه يقبض ويبسط واليه ترجعون) ولهم فيهما تحقيقات ذوقية، قال قائلهم في حال العارف المنقبض والعارف المنبسط:

معارف الحق بجويها إذا انتشرت

ثلاثة بعها الأرواح تختلس

وعارف بولاء التمليك معترفا

يحثه الوجدُ ما وولي له الفلسُ

وعارفٌ غاب عنه العُرف فاعتشقت

منه السرائر مطويّ الذي شرس

حتى استلان وعاد الوهب في مهل

فصار شيئان عنه النطق والخرس

اعانه الحقُ عَمّا دُونَهُ فله

منهُ اليه سرارٌ وحيها خنسٌ

80ـ الشيخ قوام الدين محمد البحراني:

وهو العالم العامل، والفاضل الكامل، جامع المعقول والمنقول، حاوي الفروع والأصول، رئيس المتأخرين، قوام الدين الشيخ محمد البحراني، ذكره جدي في رجاله فأثني عليه وعرّفه بالمعالم حسن المكارم، وذكره صاحب البحار في فهرسته، وله كتاب في السنن والآداب وغير ذلك مما أحتوي وسطّر في المعالم، ولم يحضرني تاريخ وفاته.

81ـ السيد عبداللّه بن السيد علوي البلادي:

ذكره جدي في الّلؤلؤة، قال: وكان فاضلا ورعا، تقيا زاهدا عابدا، ليس له في وقته ثانٍ في التقوي والورع، قطن بلاد بهبهان بعد أخذِ الخوارج لها، وبها كان المحدّث الصالح الشيخ عبداللّه بن صالح البحراني، فبقي في خدمة الشيخ المزبور ملازما لسماع الدرس منه والإستفادة، ثم بعد موت الشيخ صار إمام البلد في الجمعة والجماعة، توفي بها ـ رحمة اللّه عليه ـ ولم أجد من تصنيفاته شيئا إلاّ أنه كان مجتهدا.

82ـ الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم آل عصفور:

وهذا الشيخ هو والد جدّي صاحب الحدائق، قال في اللّؤلؤة: الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم بن الحاج أحمد بن صالح بن عصفور بن أحمد بن عبدالحسين بن عطية بن شيبة، كذا وجدته بخطه في آخر كتاب قطر الندي، المكتوب بخطه في وقت إشتغاله بالنحو في أول عمره، وقد طلب له والده رجلا فاضلا يسمّي الشيخ أحمد بن إبراهيم المقابي، يجيء له في البيت كلّ يوم لتدريسه، وعين له وظيفة، هذا في أول إشتغاله بالطلب، ثم لما صارت له قوّة في علم الصرف والنحو إنتقل الي الشيخ محمد بن يوسف المتقدم ذكره الي شيخه الشيخ سليمان الماحوزي، وكان ـ قدّس سرّه ـ مجتهدا فاضلا جليلا، وفقيها نبيلا، لا يجاريه في البحث مجاري، ولا يباريه مباري، وكان لا يملّ من البحث ولايغتاظ، ولا يظهر الغضب والإنقباض، كما هو عادة جملة من العلماء الذين ليس لهم مقدرة ملكة البحث، ولقد كان يدرّس في خطبة كتاب الكافي، وكان في الحلقة جملة من الفضلاء، منهم الشيخ عليّ بن عبدالصمد الأصبعي الآتي ذكره وكان فاضلا دقيق النظر، فوقع البحث في قوله: احتجب بغير حجاب محجوب، وأستمر البحث من أول الدرس من الصبح الي وقت الظهر، وهما ينتقلان في البحث من علم الي علم، ومن مسألة الي أخري، وأنفصل المجلس بدخول وقت الظهر، وافترقوا ثم بعد العصر جلسوا للدرس، فعاد الشيخ عليّ في البحث، وأستمر الكلام الي المغرب الي أن قال ـ قدّس سرّه ـ نقلا عن المحدث الشيخ عبد اللّه السماهيجي في وصفه: أخي بالمؤاخاة، وصديقي بالمصافاة، الشيخ العلاّمة الفهامة، الأسعد الأمجد، شيخنا الشيخ أحمد بن المقدس الحكيم الكريم الشيخ إبراهيم البحراني ـ متّع اللّه المسلمين بوجوده ـ وشمل المتعلمين بإفاداة جوده، وهذا الشيخ ـ أعني الشيخ أحمد المزبورـ ماهر في أكثر العلوم، لا سيما العقلية والرياضية، وهو فقيه مجتهد محدّث، وله شأن كبير في بلادنا، وإعتبار عظيم، إمام في الجمعة والجماعة، ولي به إختصاص زائد دون سائر الإخوان والأقربون، وقد قرأت عليه شيئا من النحو في كتاب الرضي وأوائل الخلاصة في طريق السفر، وله لسان طلق، وسرعة في الجواب، حسن الإنشاء والعبارة، وهو أفضل أهل بلدِنا الآن في العلوم العقلية والنقلية والرياضية، إنتهي كلامه.

له من التصانيف جملة من الرسائل الرشيقة، والتحقيقات الدقيقة، وكانت تصانيفه مهذبة محررّة، وعباراته مع دقتها ظاهرة مشطرة، منها: رسالة في بيان القول بحياة الأموات بعد الموت، ورسالة في الجوهر والعرض، ورسالة في الجزء الذي لا يتجزأ، وقد إختار فيها مذهب الحكماء، ورسالة في الاذان، ورسالة شرح المحمدية لشيخه الشيخ سليمان بن عبداللّه المتقدّم ذكره، وقد مدحه في صدرها وأثني عليه غاية الثناء، ورسالة في بيان ثبوت الولاية على البكر البالغ الرشيد، ورسالة في مسألة القرعة حسنة، ورسالة في التقية عجيبة غريبة، إلاّ أن هاتين الرسالتين ذهبتا فيما وقع علينا في قصبة البحرين، مع جملة من الكتب، وقد كان ـ قدس سره - يتلهّف عليهما غاية التلهف، ويتأسف على عدم حفظهما تام التأسف، ورسالة في شرح عبارة شرح اللّمعة في مبحث الزوال، ورسالة في مسألة موت الزوج أو الزوجة قبل الدخول هل يوجب المهر كاملا أم لا، ورسالة في الدعوى على الميت هل تثبت بشاهد ويمين أم لا، ورسالة في الصلح، ورسالة في تحقيق غسالة النجاسة، ورسالة في العدول من سورة الي أخري، ورسالة في أجوبة مسائل الشيخ ناصر الخطي الجارودي، والرسالة العطاريّة وهي أجوبة جملة من المسائل للشيخ عليّ بن لطف اللّه الجدّحفصي تتعلق بالعطارة وتنظم في كتاب التجارة، ورسالة في أجوبة مسائل السيد يحيي بن السيد حسين الإحسائي، ورسالة في مسألة المتنجس بعد زوال عين النجاسة هل ينجس أم لا، وهي مسألة المحدّث الكاشاني التي تفرد بها، قد ردّ عليه فيها، ورسالة في أجوبة مسائل الشيخ عبدالإمام الإحسائي، ورسالة في دخول الرقبة في الرأس في الغسل، وقد كان الشيخ عبداللّه بن صالح كتب رسالة في عدم دخولها ـ الي أن قال ـ: توفي رحمة اللّه عليه في بلدة القطيف بعد أخذ الخوارج للبحرين، وخروج جميع أعيانها الي بلاد القطيف، وذلك بضحوة اليوم الثاني والعشرين من شهر صفر السنة الحادية والثلاثين بعد المائة والألف، ودفن في مقبرتها المعروفة بالحبّاكة، وعمره يومئذٍ يقرب من سبع وأربعين سنة.

83ـ الشيخ كمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني:

قال جدّي ـ قدس سره الشريف ـ نقلا عن شيخه الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته المسماة بالسلافة البهية في الترجمة الميثمية: هو الفيلسوف المحقق، والحكيم المدقق، قدوة المتكلمين، وزبدة الفقهاء والمحدّثين، العالم الرباني كمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني، غوّاص بحر المعارف، ومقتنص شوارد الحقائق واللّطائف، ضمّ الي الإحاطة بالعلوم الشرعية، وإحراز قصبات السبق في العلوم الحكمية، والفنون العقليّة، ذوقا جيدا في العلوم الحقيقية، والأسرار العرفانية ـ الي أن قال ـ: ويكفيك دليلا على جلالة شأنه، وسطوع برهانه، اتفاق كلمة أئمة الأعصار، وأساطين الفضلاء في جميع الأمصار على تسميته: بالعالم الربّاني، وشهادتهم بأنه لم يوجد مثله، محقق الحقائق، ومنقح المباني، والحكيم الفيلسوف، سلطان المحققين، وإستاد الحكماء والمتكلمين، نصير الملّة والدين محمد الطوسي، شهد له بالتبحر في الحكمة والكلام ـ الي أن قال ـ: استاد البشر والعقل الحادي عشر، ذكره سيد المحقق الشريف الجرجاني، على جلالة قدره في أوائل فن البيان من شرح المفتاح، قد نقل بعض تحقيقاته الأنيقة، عبّر عنه ببعض مشائخنا ناظما نفسه في سلك تلامذته، ومفتخرا بالإنخراط في سلك المستفيدين من حضرته.

والسيد السند، الفيلسوف الأوحد صدر الشيرازي أكثر النقل منه في حاشية شرح التجريد، سيما في مباحث الجواهر والأعراض، والتقط فوائد التحقيقات التي أبدعها ـ عطّر اللّه مرقده ـ في كتاب معراج السماوي وغيره من مؤلفاته التي لم تسمع بمثلها الأعصار ما دار الفلك الدّوار، وفي الحقيقة من أطلع على شرح نهج البلاغة الذي صنفه للسلطان خواجه عطا ملك الجويني وهو عدّة مجلدات، شهد له بالتبريز في جميع الفنون الإسلامية والأدبية والحكمية، والأسرار العرفانية، ومن مآثر طبعه اللّطيف، وخلقه الشريف، على ما حكاه في مجالس المؤمنين، أنه عطّر اللّه مرقده في أوائل الحال كان معتكفا في زاوية العزلة والخمول، مشتغلا بتحقيق حقائق الفروع والأصول، فكتب اليه فضلاء الحلة والعراق صحيفة تحتوي على ملامته على هذه الأخلاق، وقالوا: العجب منك أنك مع شدّة مهارتك في جميع العلوم والمعارف، وحذاقتك في تحقيق الحقائق، وإبداع اللّطائف، قاطن في الإعتزال ومقيم في زاوية الخمول الموجب لخمود الكمال، فكتب في جوابهم هذه الأبيات:

طلبتُ فنون العلم أبغي بها العلا

فقصرّني عمّا سموت به القل

تبين لي أن المحاسن كلّها

فروع وأن المال هو الأصل

فلما وصلت هذه الأبيات اليهم كتبوا اليه:

أنك أخطأت خطأ ظاهرا، وحكمك بأصالة المال عجب، بل إقلب تصب.

فكتب في جوابهم هذه الأبيات، وهي لبعض الشعراء المتقدمين:

قد قال :

قوم بغير علم

ما المرء إلاّ بأكبريه

فقلت:

قول امرء حكيما

ما المرء إلاّ بدرهميه

من لم يكن درهم لديه

لم تلتفت عرسه اليه

ثم إنه ـ عطّر اللّه مرقده ـ لما علم أن مجرد المراسلات والمكاتبات لا تنفع الغليل، ولا تشفي العليل توجّه الي العراق لزيارة الأئمة المعصومين، وأقامة الحجة على الطاغين.

ثم أنه بعد الوصول الي تلك المشاهد العليه، لبس ثيابا خشنة خلقة، ودخل بعض مدارس العراق المشحون بالعلماء والحذّاق، فسلّم عليهم فردّ بعضهم عليه السلام بالإشتغال والإمتناع التام، فجلس ـ عطّر اللّه مرقده ـ في صف النعال، ولم يلتفت إليه أحد منهم ولم يقضوا واجبه، وفي أثناء المباحثة وقعت بينهم مسألة مشكلة دقيقة، تكلست فيها أفهامهم، وزلّت فيها أقدامهم، فأجاب ـ روّح اللّه روحه وتابع فتوحه ـ بتسعة أجوبة في غاية الجودة والدقّة، فقال له بعضهم بطريق السخرية والتهكم: مرحبا يا طويلب العلم، ثم بعد ذلك أحضر الطعام فلم يواكلوه ـ قدس سره - بل أفردوه بشيء قليل على حدة، وأجتمعوا هم على المائدة، فلمّا انقضي المجلس قام - قدس سره ـ ثم إنه عاد في اليوم الثاني اليهم وقد لبس ملابس فاخرة بهيئة الأكمام الواسعة، والعمامة الكبيرة، والهيئة العظيمة، فلمّا قرب وسلّم عليهم، قاموا تعظيما له، وأستقبلوه تكريما، وبالغوا في ملاحظته ومطايبته، وأجتهدوا في تكريمه وتوقيره، وأجلسوه في صدر ذلك المجلس المشحون بالأفاضل والمحققين، والأكابر المدققين، ولمّا شرعوا في المباحثة والمذاكرة، تكلّم معهم بكلمات عليلة، لا وجه لها عقلا ولا شرعا، فقابلوا كلماته العليلة بالتحسين والتسليم والإذعان على وجه التعظيم، فلمّا حضرت مائدة الطعام بادروا معه بأنواع الأدب، فألقي الشيخ ـ قدّس سرّه ـ كمّه في ذلك الطعام مستعتبا على أولئك الأعلام، وقال: كلي يا كمي، فلمّا شاهدوا تلك الحال العجيبة، أخذوا في التعجب وأستفسروه عن معني هذا الخطاب، فاجاب ـ عطّر اللّه مرقده ـ: بأنكم اتيتم بهذه الأطعمة النفيسة لأجل أكمامي الواسعة لا للنفس القدسية اللاّمعة، وإلاّ فأنا صاحبكم بالأمس وما رايت تكريما ولا تعظيما، مع أني جئتكم بالأمس بهيئة الفقراء، وسجية العلماء، واليوم جئتكم بلباس الجبارين، وتكلّمت بكلام الجاهلين، فقد رجحتم الجهالة على العلم، والغني على الفقر، وأنا صاحب الأبيات التي في أصالة المال وفرعية الكمال التي أرسلتها اليكم، وعرضتها عليكم وقابلتموها بالتخطئة، وزعمتم إنعكاس القضية، فاعترف الجماعة بالخطأ في تخطئتهم، وأعتذروا بما صدر منهم من التقصير في شأنه.

ـ الي أن قال ـ: له من المصنفات البديعة مالم ليسمح بمثلها الزمان، ولم يظفر بمثلها أحد من الأعيان، منها: كتاب شرح نهج البلاغة وهو حقيق بأن يكتب بالنور على الأحداق لا بالحبر على الأوراق، وهو عدّة مجلدات، ومنها شرحه الصغير على نهج البلاغة جيد مفيد، وكتاب الإستغاثة في بدع الثلاثة لم يعمل مثله، وكتاب شرح إشارات إستاذه العالم قدوّة العلماء وإمام الفضلاء الشيخ سعيد الشيخ علي بن سليمان البحراني وهو في غاية المتانة على قواعد الحكماء المتألهين، وله كتاب القواعد في علم الكلام، وكتاب معراج السماوي، وكتاب البحر الخضم، ورسالة في الوحي والإلهام، وله شرحا ثالثا على نهج البلاغة.

مات ـ غفر اللّه له ـ سنة تسع وسبعين وستمائة، ذكر ذلك الشيخ البهائي في المجلد الثالث من الكشكول، ومن مصنفاته شرح المائة كلمة، وله أيضا كما ذكره الشهيد الثاني في كتاب الدّر المنثور، وكتاب النجاة في القيامة، في تحقيق الإمامة، وله أيضا كتاب إستقصاء النظر في إمامة الأئمة الإثني عشر.

وفي حواشي الخلاصة: أن ميثم حيثما وجد فهو بكسر الميم، إلا ّميثم البحراني فإنه بفتح الميم، وقبر الشيخ المذكور الآن في بلادنا البحرين في قرية الدونج، وقبر شيخنا الشيخ سليمان بن عبداللّه البحراني هناك.

84ـ الشيخ حسين بن الشيخ عليّ بن سليمان البحراني:

قال العلاّمة الحليّ (رض) في إجازته لبني زهرة: إنه يروي عنه عن أبيه الشيخ عليّ المذكور جميع كتب أبيه، وأما أبوه الشيخ عليّ الملقب بجمال الدين ـ الي أن قال ـ: إن الشيخ حسين المزبور، كان عالما بالعلوم العقلية والنقلية، عارفا بقواعد الحكماء، له مصنفات حسنة انتهي.

وقال الشيخ حسن بن الشهيد الثاني في إجازته: وأنا رأيت من مصنفاته كتاب مفتاح الخير في شرح ديباجة رسالة الطير للشيخ أبي علي بن سينا، وشرح قصيدة إبن سينا في النفس، وفيهما دلالة واضحة على ما وصفه العلاّمة انتهي.

وله الرسالة المشهورة التي شرحها المحقق الطوسي بإلتماس تلميذه الشيخ ميثم البحراني، وقبره الشريف الآن في قرية سترة من قري بلادنا البحرين الي جنب قبر شيخه أبي سعادة ـ رحمة اللّه عليهم ـ.

85ـ كمال الدين بن سعادة الستراوي البحراني:

وهو من مشائخ زين الملّة والدين الشيخ عليّ بن سليمان الستراوي البحراني، قال الشيخ ميثم البحراني في كتابه النجاة في القيامة في تحقيق الأمامة: ولإثبات ذلك ـ أي الإمامة ـ دليل عقلي لمولانا كمال الدين بن سعادة البحراني، وذكره العلاّمة فأثني عليه، فتوفي ـ قدّس سرّه ـ السنة الخامسة والخمسين والخمسمائة.

86ـ الشيخ نصرالدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني:

كذا وصفه أيضا شيخنا المذكور في الإجازة المشار اليه، وهذا الشيخ الذي أثني عليه العلاّمة في إجازته لإبن زهرة، قبره الآن معروف في القرية المشهورة بجزيرة البوصالح في الناحية الجنوبية المقابلة للشمال من حضرة النبي صالح (عليه السلام) .

وقال في كتاب أمل الآمل الشيخ نصير الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني الفقيه، عالم فاضل متكلم، أديب شاعر.

آل عصفور...:

وجدت في بعض الكتب الموضوعة في قبائل العرب أن بني عصفور هم بنو عقيل بطن من عامر بن صعصعة من العدنانية وهم بنو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عمر بن صعصعة ومنهم مجنون بني عامر الشاعر الإسلامي واسمه قيس بن معاوية، كانوا ملوك البحرين وغلبهم عليها بنو تغلب فساروا الي العراق، وكانوا ملوك الكوفة والبلاد الغربية، وتغلّبوا على الجزائرة والموصل وملكوها زمانا طويلا، ثم غلبوهم عليها ملوك السلجوقية فرجعوا الي البحرين وتغلّبوا على بني تغلب فملكوا البحرين سنة 651 احدي وخمسين وستمائه ودار المملكة يومئذٍ لهم الأحساء.

87ـ الشيخ يوسف صاحب الحدايق (رض):

قال في كتابه المسمّي بلؤلؤة البحرين: إن مولدي كان في السنة السابعة بعد المائة والالف 1107، وكان مولد أخي الشيخ محمد ـ مد في بقائه ـ سنة الثانية عشر بعد المائة والالف 1112في قرية الماحوز، حيث أن الوالد كان هناك ساكنا، لملازمة الدرس عن شيخه الشيخ سليمان المتقدم ذكره، وأنا يومئذ إبن خمس سنين تقريبا، وفي هذه السنة صارت الواقعة بين الهولة والعتوب، حيث أن العتّوب عاثوا بالبحرين فسادا، ويد الحاكم قاصرة عنهم فكاتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الله بن ماجد الهولة وعساكر الدشت ليأتوا على العتّوب، فجاءت طائفة من الهولة ووقعت الحرب وانكسرت البلد الي القلعة أكابر وأصاغر، حتى كسر الله تعالي العتّوب، وللوالد أبيات في ذكر هذه الواقعة وتأريخها، لم تحضرني.

وربيت في حجر جدي المرحوم الشيخ إبراهيم (رض) وكان مشغولا بأمر الغوص والتجارة في اللّؤلؤة، وكان كريما دينا خيرا رحيما، ينفق جميع ما يجيء في يده على الضيوف والأرحام، ومن يقصده من الأنام، لايدّخر شيئا، ولايحرص على شيء، ورباني حيث أنه لم يكن لأبي ولد قبلي، وجعل لي معلما في البيت للقرآن، وعلمني الكتابة، وكان خطّه وخطّ والدي في غاية الجودة والحُسن، ثم بعد ذلك لازمت الدرس عند الوالد (رض) الاّ أنه لم يكن لي يومئذ رغبة تامة لغلبة جهالة الصبا، وقرأت على الوالد كتاب قطر الندا وأكثر إبن الناظم وأكثر النظّام في التصريف، واول القطبي، إلي ان اتفق مجيء الخوارج لأخذ بلاد البحرين، فحصل العطال والزلزال بالتأهب لحرب أولئك الأندال.

وفي أول سنة وردوا لأخذها ورجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها، وكذلك في المرة الثانية بعد سنة مع معاضدة جميع الأعراب والنصّاب لهم، وفي الثالثة حصروا البلد لتسلّطهم على البحر حيث انها جزيرة، حتى أضعفوا أهلها وأفتتحوها قهرا، وكانت واقعة عظيمة، وداهية دهماء، لما وقع من عظم القتل والسلّب والنهب وسفك الدماء، وبعد أن أخذوها وأمّنوا اَهلها هربت الناس ـ سيما أكابر البلد ـ منها الي القطيف والي غيرها من الاَقطار، ومن جملتهم الوالد مع جملة العيال والأولاد، فإنه سافربهم الي القطيف وتركني في البحرين في البيت الذي لنا في قرية الشاخورة حيث إن في البيت بعض الخزائن المربوط فيها على بعض الأسباب من كتب وصفر وثياب وغير ذلك، فإنه نقل جملة معه الي القلعة التي قصدوا الحصار فيها، وأبقي بعضا في البيت مربوطا عليه في أماكن خفية، فأما ما نُقل الي القلعة فإنه ذهب بعد أخذهم القلعة قهرا، وخرجنا جميعا بمجرد الثياب التي علينا، ولمّا سافر الي القطيف بقيت أنا في البلد، وقد أمرني بإلتقاط ما يوجد من الكتب التي اُنتهبت في القلعة واستنقاذها من أيدي الشراة، فاستنقذت جملة مما وجدته منها، وأرسلت به اليه مع جملة ما في البيت شيئا فشيئا، ومرّت هذه السنين كلّها بالعطال، ثم إني سافرت الي القطيف لزيارة الوالد، وبقيت شهرين أو ثلاثة وضاق بالوالد الجلوس في القطيف لكثرة العيال وضعف الحال وقلّة ما في اليد، فعزم على الرجوع الي البحرين وإن كانت في يد الخوارج الاّ أن القضاء والقدر حال بينه وبين ما جري في باله وخطر، فاتفق أن عسكر العجم مع جملة من الأعراب جاءوا لإستخلاص البحرين من أيدي الخوارج في تلك الأيام، فصرنا نرقب ما يصير من أمر ذلك وما ينتهي اليه الحال من هذه المهالك، حتى صارت الدائرة على العجم فقتلوا جميعا، وحرقت البلاد، وكان في جملة ما اُحرق بالنار بيتنا في القرية المتقدمة، فازداد الوالد غصة لذلك، حيث إنه أخرج في بنائه مبلغا خطيرا، وصار هذا سبب موته، فمرض وطال به المرض شهرين حتى توفي بالتاريخ المتقدم ذكره، ولمّا حضره الموت لزمني وقال لا أبري لك ذمة إن جلست على سفرة وليس إخوتك حولك ومعك، وذلك لأن اخوتي كانوا من أمهات اُخر وأكثرهم أطفال، وأكثرهم قد توفيت امهاتهم، ولم يكن لهم مرجع ولا علاج، اني ابتليت بالعيال وهذا الحمل الثقيل، وهؤلاء الاخوان من كبار وأطفال، وبقيت في القطيف بعد موت الوالد ما يقرب من سنتين أقرأ على شيخنا الشيخ حسين الماحوزي المتقدم ذكره، فقرأت عليه جملة من القطي وجملة وافره من أول كتاب الشرح القديم للتجريد، وأنا فيما بين ذلك اتردد الي البحرين لأجل مالنا فيها من النخيل لإصلاحها وجمع حواصلها، وأرجع الي القطيف وأشتغل بالدرس الي أن اُخذت البحرين من أيدي الخوارج صلحا بعد دفع مبلغ خطير لإمام الخوارج، لعجز ملك العجم وضعفه وإدبار دولته بسوء تدبيره، فرجعت الي البحرين وبقيت فيها مدة خمس أوست سنين وانا مشتغل بالتحصيل درسا ومقابلة عند شيخنا الأوحد الشيخ أحمد بن عبد الله البلادي المتقدّم ذكره، ثم بعده عند الشيخ عبد الله بن علي وسافرت في ضمن تلك المده الي بيت الله الحرام وتشرّفت بزيارة سيد الأنام وأبنائه الكرام ـ عليهم صلوات الملك العلاّم ـ وسافرت الي القطيف لأجل تحقيق الحديث على شيخنا الشيخ حسين المتقدم ذكره، حيث إنه بقي في قطيف ولم يأتِ الي البحرين في جملة من أتي، فاشتغلت عليه بقراءة جملة من أول التهذيب مع المقابلة لغيره ممن يقرأ عليه، ثم رجعت الي البحرين وضاق بي الحال لما ركبني من الديون التي أوجبت لي الهموم بسبب كثرة العيال وقلّة ذات اليد، واتفق خراب البلد باستيلاء الأعراب من الهولة عليها حيث جار حكامها لأسباب يطول شرحها، ففررت الي ولاية العجم وبقيت مدة في كرمان ثم رجعت الي شيراز، فوفق الله سبحانه فيها بالإكرام والإعزاز وعطّف الله سبحانه علىَّ قلب سلطانها وحاكمها يومئذ وهو ميرزا محمد تقي الدين ترقي الي أن صار تقي خان فأكرم وأنعم جزاه الله تعالي بالإحسان.

وبقيت مدة في ظل دولته مشغولا بالتدريس في مدرسته، وإقامة الجمعة والجماعة في تلك البلاد، وصنّفت في تلك المدّة جملة من الرسائل وشطرا من أجوبة المسائل، وتفرغت للمطالعة حتى قصفت بتلك البلاد عواصف الأيام التي لا تنيم ولا تنام، ففرقت شملها وبددت أهلها وأنتهبت اموالها، وهتكت نسائها، ولعب الزمان بأحوالها، فخرجت منها الي بعض القري وأستوطنت قصبة فسا وأرسلت العيال الي البحرين، وجددت عيالا من تلك البلاد، فبقيت فيها مشتغلا بالمطالعة، وصنفت هناك كتاب الحدائق الناظرة الي باب الأغسال، وأنا مع ذلك مشتغل بالزراعة لأجل المعاش والكفّ عن الحاجة الي الناس، وكان متولّيها الميرزا محمد علي في غاية المحبة لي والمراعاة والإحسان معي، ولم يأخذ علىّ خراجا في تلك المدة حتى نزل بتلك البلاد من حوادث الأقدار ما أوجبت تفرقة أهلها الي الأقطار، وقُتل المتولي لها وهو الميرزا محمد علي المذكور، فبقي الكتاب المذكور وقد نسجت عليه مناكب النسيان، ووقع علىَّ فيها من البلاد بسبب ذلك الخراب ما أوجب ذهاب أكثر كتبي وجملة أموالي، ففررت منها إلي الاصطهبانات، وبقيت مدة اُعالج مرارات الأوقات وأنا في ذلك أحاول الفرصة الي التشرف بالعتبات العاليات والمجاورة في جوار الائمة السادات، حتى مَنّ الله سبحانه علىَّ بالتوفيق الي الشرب بذلك الكأس الرحيق، فقدمت العراق وجلست في كربلاء المعلا على مشرفها وآبائه وابنائه أفضل صلوات ذي العلا، عازماّ على الجلوس بها الي الممات، غير نادم بعد التشرف بها على ماذهب مني وفات، صابرا على ما تجري به الأقدار من يسار أو أعسار حسبما قيل:

فقربكم مع قلّة المال لي غني

وبعدكم مع كثرة المال لي فقر

فوفق الله سبحانه بمزيد كرمه وفضله العميم، وحُسن عوائده القديمه على عبده الخاطئ الأثيم بانفتاح أبواب الأرزاق من جميع الآفاق، فصرت بحمد الله فارغ البال مرفه الحال، فاشتغلت بالمطالعة والتدريس والتصنيف، وشرعت في إتمام كتاب الحدائق المتقدم ذكره، فخرج منه من المجلدات كتاب الطهارة، يشتمل على مجلدين، وكتاب الزكاة، وكتاب الحج في مجلد.

وكتابنا هذا بحمد الله سبحانه لم يعمل مثله في كتب الأصحاب، ولم يسبق اليه سابق في هذا الباب، لإشتماله على جميع النصوص المتعلّقة بكلّ مسألة وجميع الأقوال وجملة الفروع التي ترتبط بكلّ مسألة، الاّ مازاغ عنه البصر وحسر عنه النظر، وهذا الإلزام إنما حصل فيما صُنّف في هذا الكتاب، والاّ فالأول الذي صنف في العجم، وإن كان مستوفيا لتحقيق المسائل وربطها بالدلائل، الاّ أنه لم يستوفِ جملة الأخبار تفصيلا، وإن أشير اليها إجمالا، وكذلك الأقوال.

وبالجمله فإنّا قصدنا فيه الي أن الناظر فيه لا يحتاج الي مراجعة غيره من كتب الأخبار ولا كتب الإستدلال، ولهذا صار كبيرا واسعا كالبحر الزاخر باللؤلؤ الفاخر وفي اثناء كتابته صنفت أيضا جملة من الرسائل في أجوبة المسائل الآتي ذكرها، وكتاب سلاسل الحديد في تقييد إبن أبي الحديد.

وها أنا أذكر ما خرج مني من المصنفات أولا وآخرا، فمنها: كتاب الحدائق المذكور الي كتاب الحج وانا الآن في الإشتغال بكتاب المتاجر، وأعرضت عن ذكر كتاب الجهاد وما يتّبعه لقلّة النفع المتعلّق به الآن تبعا لبعض علمائنا الأعيان، وإيثارا لصرف الوقت فيما هو أحوج وأعز لأبناء الزمان، ومنها كتاب: سلاسل الحديد في تقييد إبن أبي الحديد والردّ عليه في شرحه لكتاب نهج البلاغة الذي رام فيه أنه شرح على رأي المعتزلة وأصولهم ومذهبهم وقواعدهم، وذكرت في أوله مقدمة شافية في الإمامة تصلح لأن تكون كتابا مستقلا، ثم نقلت من كلامه في الشرح المذكور ما يتعلّق بالإمامة وأحوال الخلفاء والصحابة وما يناسب ذلك ويدخل تحته، وبينت ما فيه من الخلل والمفاسد الظاهرة لكلّ طالب وقاصد، خرج منه مجلد ومن المجلد الثاني ما يقرب من ثلث مجلد، وعاق الإشتغال بكتاب الحدائق عن إتمامه، ومنها: كتاب الشهاب الثاقب في بيان معني الناصب وما يترتب عليه من المطالب، ومنها: كتاب الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية، وهو كتاب لم يعمل مثله في فنّه مشتمل على تحقيقات رائقة، وأبحاث فائقة، وكتاب: عقد الجواهر النورانية في أجوبة المسائل البحرانية، ورسالة الصلاة متنا وشرحا ورسالة في الصلاة أخري منتخبة منها بعبارات واضحة لسائر الناس، والرسالة المحمدية في أحكام الميراث الأبدية، وكتاب: جليس الحاضر وأنيس المسافر، يجري مجري الكشكول، ورسالة: ميزان الترجيح في أفضلية القول فيما عدا الأولين بالتسبيح، ورسالة: منسك الحج، ورسالة: في تحقيق معني الإسلام والايمان، وأن الإيمان عبارة عن الإقرار باللّسان والإعتقاد بالجنان والعمل بالأركان، ورسالة: اللئالي الزواهر في تتمة عقد الجواهر، تشتمل على أجوبة مسائل لتلك المسائل، وكتاب النفحات الملكوتية في الرّد على الصوفية، وكتاب: تدارك المدارك يشتمل على البحث معه في مواضيع أخطأ فيها قلمة أوتساهل في تحقيقها، قد خرج منه جلد مشتمل على كتاب الطهارة والصلاة وحصل الإشتغال عنه بكتاب الحدائق لإشتماله على البحث معه في تلك المواضع وأمثالها من كتب العبارات، وكتاب: المسائل الشيرازية، وكتاب: أعلام القاصدين الي مناهج أصول الدين خرج منه الباب الأول في التوحيد، الاّ أنه والذي قبله ذهبا فيما وقع على كتبي من حوادث الزمان في قصبة فسا كما تقدمت الأشارة اليه، ورسالة: قاطعة القال والقيل في نجاسة الماء القليل، تعرضنا فيها للرّد على المحدّث الكاشاني حيث إنه اختار القول بالطهارة، وسجّل عليه وتبعه جمع ممن تأخر عنه ومال اليه، ورسالة: كشف القناع عن صريح الدليل في الرّد على من قال في الرضاع بالتنزيل، قد تضمنت أبحاثا شافية مع المولي العماد مير محمد باقر الداماد حيث إنه ممن اختار القول بالتنزيل وكتب فيه رسالة، نقلنا جملة من كلامه وبينا ما فيه مما يكشف عن ضعف باطنه وخافيه، ورسالة: الكنوز المودعة في إتمام الصلاة في الحرم الأربعة، ورسالة: الصوارم القاصمة للجامعين بين البنتين من ولد فاطمة مشتملة على تحقيق تحريم الجمع بين الفاطميتين، كتاب: المعراج البينة في شرح من لا يحضره الفقيه قد خرج منه قليل من أوله ولم يتم، كتاب: أجوبة المسائل البهبهانية الواردة من المرحوم المقدس السيد عبد الله بن السيد علوي البحراني القاطن ببهبهان حيا وميتا، وأجوبة المسائل الكازرونية من الشيخ ابراهيم بن الشيخ عبد النبي البحراني، وأجوبة مسائل الشيخ الأمجد الشيخ أحمد بن المقدس الشيخ حسن الدمستاني، وأجوبة مسائل السيد عبد الله بن السيد حسين الشاخوري بين دفعات متعددة، وكتاب: الخطب قد اشتمل على خطب الجمعة من أول السنة الي آخرها، وخُطب العيدين، وكتاب: الانوار الحيرية والأقمار البدرية في أجوبة المسائل الأحمدية قد سمّي الكتاب بذلك لوقوع الأجوبة في جوار سيد الشهداء وإمام السعداء فنُسبتُ الي الحائر الشريف، وهي تبلغ قريبا عن مائة مسألة، قد خرج الأن منها ما يقرب من خمس وخمسين مسألة، وفق الله سبحانه لإتمامها والفوز بسعادة ختامها، وأجوبة مسائل الشيخ محمد بن الشيخ عليّ بن حيدر النعيمي ـ رض ـ وغير ذلك مما جري به قلمي من حواشي وأجوبة الي آخر كلامه فكان ميلاده ـ على ما صرح في غير موضع ـ سنة 1107، ووفاته في رابع ربيع الأول سنة 1186 في كربلاء المعلاّ، ودفن في سرادب قريب الي الشهداء ـ رحمة الله ورضوانه عليه ـ.

رؤيا صادقة عن عالم واثق في مكان لائق:

قال خادم محيي أحاديث الشريف النبوي محمد المدعو بحسن الشريف السبزواري:

رأيت في عالم رؤياي مولانا الصاحب ـ عجل الله فرجه ـ في ليلة السادس من شهر شعبان المعظم سنة إحدي وثمانين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية، بأوصاف وصف وزبّر وسطّر في كتبنا فسلّمت عليه وردّ الجواب بأحسن ما سلّمت عليه، وهو مشغول بوضوء الصلاة في كمال الخضوع والخشوع، فلما فرغ من الوضوء أقبل اليّ وأخذ يتكلم معي، قلت: يا سيدي تفضّل علي بحق الله الذي لا إله الاّ هو وقل حسبك ونسبك، ما رأيت مثلك فينا قط بهذه الفصاحة والبلاغة، من انت؟

قال لي: أنا حجّة الله عليكم وإمامكم.

لمّا سمعت هذا الكلام من الإمام أخذت اُقبل يده ورجليه.

قلت: جعلني الله فداك فما سبب اختفائكم من الناس وهم محتاجون اليكم؟

قال: من الله لمصلحة، استأثر الله بعلمها، أو من العدو وقلّّة الناصر، اللهم عجل فرجه.

قلت: جعلت فداك أقريب ظهور دولتكم ورفاه شيعتكم.

قالا: لا

قلت: لِمَ.

قال: الوقت لا يصلح، والعصر لا يقتضي.

قلت: نحن في ضلالة وحيرة من أمور ديننا، وما رجل عالم فينا يستقيم رأيه في المسائل، كلّ من لاقاه يقول على خلاف غيره، وما نعلم بقول من نعمل في أمور ديننا، ومن الاتفاقات الحسنة كان في يدي كتاب الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة من جملة مصنفات العالم العامل والفقيه الكامل الباذل شيخ المشائخ العظام ومرجع الناس في هذه الأعصار والإمام علي الأنام من عند الملك العزيز العّلامة شيخنا المقدم وأستاذنا المفخم الشيخ يوسف الدرازي البحراني ـ ادام الله تعالي وجوده بمنه وجودهاـ.

قلت : جعلت فداك هذا كتاب مشتمل على أخبار وأحكام من أخبار الأئمة الأعلام ـ عليهم صلوات الملك العلاّم ـ تصنيف الشيخ يوسف البحراني، وأنا الآن مشغول بكتابته.

لمّا سمع مني هذا الكلام التفت الي الكتاب المزبور غاية الإلتفات، وأخذ الكتاب من يدي وطفق ينظر فيه، ولمّا نظر فيه مدة مديدة أقبل نحوي وقال:

اعمل به ولا تتحير، ولما انتبهت أيقنت أن التصنيف على درجة القبول بهذا التأليف، ويجب علينا العمل، وللمصنف مرتبة عظيمة جليلة.

هذا ما رأيت في عالم الرؤيا في كربلاء المعلّي وفي جوار سيد الشهداء (عليه السلام).

88ـ الشيخ يحيى بن عشيرة البحراني:

عماد الملّة والدين، ركن الإسلام والمسلمين، أفضل العلماء على الإطلاق، وأكمل الفضلاء في الآفاق، وهذا الإمام النحرير قد صنّف في علوم شتّي ومجاز عن شيخه العّلامة الشيخ عليّ بن عبد العال الكركي، وله شرح على رسالة الجعفرية المنسوبة الي شيخه كما يعلم من جوامع الكلام، وكتاب في جوازتقليد الأموات، ولم يحضرني تاريخ وفاته ـ أعلى الله مقامه ـ.

89ـ الشيخ جعفر بن الشيخ محمد الإحسائي:

صوفيّ حكيم أخذ الحكمة عن ملاّ صدرا الشيرازي، والفقه عن المحدّث الكاشاني، وغلب عليه الإعتزال فلذا لم يشتهر.

له كتاب في علم الأخلاق، وكتاب في الحكمة، مات سنة 1106، وقبره في شيراز في المصلّي.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً