العدد 2228 - السبت 11 أكتوبر 2008م الموافق 10 شوال 1429هـ

التي تتوافق مع نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

التشريعات الوطنية

البحث الفائز بالجائزة التقديرية في جائزة الشيخ عبدالأمير الجمري للعطاء الوطني (البحوث والدراسات)  للعام 2008


المقدّمة

تكتسب المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان أهمية كبيرة في ظل الوضع الراهن الذي يعيشه العالم خاصة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وهذا ما جعل الكثير من الدول تتسابق إلى التصديق على هذه المعاهدات لتأكيد دعمها لها، وللعمل على خلق عرف دولي يقوّم حياة السلم والأمن الدوليين، ويكفل مكانة لحقوق الإنسان في مختلف المجالات التي تتصل بحياته.

ومما لا شك فيه أن مملكة البحرين - خاصة بعد العهد الإصلاحي - كانت سباقة إلى التصديق على عدد من هذه المعاهدات، كما أنها قد نصت في كثير من تشريعاتها على ما ورد في نصوص موادها. ونستعرض في هذه الدراسة تقييما موضوعيا لمدى وجود توافق بين تشريعاتنا الوطنية وما ورد في المادتين (9 و 14) منه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واللتان تتناولان جانبا من حقوق الإنسان خاصة حقه كمتهم في الدعوى الجنائية.


تمهيد

إن حقوق الإنسان بشكل عام هي حقوق متأصلة في الإنسان، ولا يتسنى للبشر الحياة بدونها؛ ولأجل ذلك كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أول بيان دولي أساسي يتناول حقوق كافة أعضاء الأسرة الإنسانية، وهي حقوق غير قابلة للتصرف أو الانتهاك.

وقد صدر هذا الإعـلان في قـرار للجمعية العامة مؤرخ في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 بوصفه -المعيار الأول لإنجازات جميع الشعوب وجميع الدول - فيما يتصل بحقوق الإنسان، وهو يتضمن حقوقا عديدة - مدنية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية - يستحقها الناس في كل مكان(1).

وتفعيلا لما ورد من مواد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عهدين هما:

- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو ما سنتناول فقرات المادتين (9 و 14) منه لتقييم مدى توافق تشريعات مملكة البحرين مع فقرات هاتين المادتين.

- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

ويتناول هذان العهدان إقرارا، وتعريفا، وتفصيلا لمعظم الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما يتناولان عددا من الحقوق الإضافية كذلك(2).

ويسمح العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن تقيّد الدولة التمتع بحقوق معينة، أو تعلقها في حالات الطوارئ العامة المعلن قيامها رسميا، والمنطوية على خطر يهدد حياة الأمة، ولكنه لا يسمح بهذا التقييد أو التعليق إلا - بالقدر اللازم تماما لمواجهة مقتضيات الحالة.

1- وقد خطت البحرين خطوات مهمة في مجال تحسين وإثراء وضع حقوق الإنسان في البلاد، وقد كان من أبرز هذه الخطوات مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية.(3)، وإصدار قانون الإجراءات الجنائية بموجب المرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002، والذي ألغي بناء على إصداره قانون أصول المحاكمات الجزائية لسنة 1966 (42).

ومن الاتفاقيات التي تسعى مملكة البحرين لإبرامها لتعزيز حقوق الإنسان في البلاد -العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمد وعرض للتوقيع، والتصديق، والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د - 21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966، وأعلن وقت بدء النفاذ لهذا العهد في 23 مارس /آذار 1976 وفقا لأحكام المادة 49.


الفصل الأول

التشريعات الوطنية التي تتوافق مع نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

يتضح لنا من خلال قراءتنا لكثير من التشريعات الوطنية أن هناك نصوصا كثيرة أكدت على ما أوردته المادتين (9 و 14) من العهد، وقد تمثلت هذه التشريعات بما يلي:

1- الدستور الصادر بتاريخ 2 ذو الحجة 1422، الموافق 14 فبراير 2002.

2- قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002.

3- قانون العقوبات الصادر بموجب المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976.

4- المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1976 في شأن الأحداث.

5- المرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية.

وقد قسمنا هذا الباب إلى أربعة فصول تناولنا في الأول النصوص الخاصة بحق الإنسان في الحرية وفي الأمان على شخصه، كما سلطنا الضوء في الفصل الثاني على النصوص الخاصة بحقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي، كما أوردنا في الفصل الثالث النصوص التي أثبتت حقوق المتهم أثناء المحاكمة، وأخيرا تناولنا في الفصل الرابع النصوص المتعلقة بالإجراءات المتعلقة بالأحداث، ذلك حسب ما أوردتها فقرات هاتين المادتين من العهد، وأوردت النص عليها تشريعاتنا الوطنية.

أولا: النصوص المتعلقة بحق الإنسان في الحرية وفي الأمان على شخصه.

تناول العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق الإنسان في الحرية، وحقه في الأمان على شخصه وفقا لنص المادة التي تؤكد على أن (لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه).(الفقرة رقم 1 من المادة 9 من العهد).

وقد أكد على هذه الفقرة عدد من النصوص الواردة في تشريعاتنا الوطنية نجملها كالتالي:

- (العدل أساس الحكم، والتعاون، والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية، والمساواة، والأمن، والطمأنينة، والعلم، والتضامن الاجتماعي، وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة).(نص المادة 4 من الدستور).

- (يعاقب بالحبس من قبض على شخص أو حجزه أو حرمه من حريته بأية وسيلة بغير وجه قانوني).(المادة 357 من قانون العقوبات).

ثانيا: النصوص المتعلقة بحقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي

-1 ضابط الاتهام: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا). (الفقرة الثانية من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذه الفقرة في مادة من الدستور تؤكد على أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق، والمحاكمة وفقا للقانون).(الفقرة ج من المادة 20 من الدستور).

-2 مشروعية التوقيف: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أنه (لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه).(الفقرة رقم 1 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذه الفقرة في الدستور حيث نص على أنه: (لا يجوز القبض على إنسان، أو توقيفه، أو حبسه، أو تفتيشه، أو تحديد إقامته، أو تقييد حريته في الإقامة والتنقل إلا وفق أحكام القانون، وبرقابة من القضـاء).(الفقرة ب من المادة 19 من الدستور).

-3 إبلاغ الموقوف بأسباب توقيفه: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أنه (يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه، كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه).(الفقرة رقم 2 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذه الفقرة في نصوص تشريعاتنا الوطنية في أنه:(يواجه كل من يقبض عليه بأسباب القبض عليه).(المادة 61 من قانون الإجراءات).

-4 التسريع في تقديم الموقوف للتحقيق والمحاكمة: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه).(الفقرة رقم 3 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذه الفقرة في نصوص تشريعاتنا الوطنية كالتالي:

- (يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورا أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله في مدى 48 ساعة إلى النيابة العامة.

ويجب على النيابة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة، ثم تأمر بحبسه أو إطلاق سراحه).(المادة 57 من قانون الإجراءات).

- وقد حددت مادة أخرى بعض المواعيد الإجرائية التي يلتزم بها قاضي التحقيق لضمان التسريع في إجراءات المتهم مفادها أن (يرسل قاضي التحقيق الأوراق إلى النيابة عقب انتهاء التحقيق مباشرة، وعليها أن تقدم له طلباتها كتابة خلال ثلاثة أيام من تسلمها أوراق التحقيق إذا كان المتهم محبوسا، وعشرة أيام إذا كان مفرجا عنه.

وعليه أن يخطر باقي الخصوم لإبداء ما قد يكون لديهم من أقوال خلال ثلاثة أيام من تاريخ إخطارهم إذا كان المتهم محبوسا، وعشرة أيام إذا كان مفرجا عنه). (المادة 176 من قانون الإجراءات).

-5 عدم اعتبار احتجاز المتهم أثناء انتظاره للمحاكمة قاعدة عامة: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أنه (لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء).(الفقرة رقم 3 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذه الفقرة في نصوص تشريعاتنا الوطنية كالتالي:

- (يجب على النيابة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة، ثم تأمر بحبسه أو إطلاق سراحه).(المادة 57 من قانون الإجراءات).

- (إذا تبين بعد استجواب المتهم احتياطيا أو في حالة هربه أن الدلائل كافية، وكانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر جاز لعضو النيابة أن يصدر أمرا بحبس المتهم احتياطيا).(المادة 142 من قانون الإجراءات).

-6 منح الوقت والتسهيلات لإعداد الدفاع والاستعانة بمحام يختاره بنفسه: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه).(البند ب من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على هذا البند في تشريعاتنا الوطنية كالتالي:

- (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق، والمحاكمة وفقا للقانون).(الفقرة ج من المادة 20 من الدستور).

- (يجب أن يمكّن محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة بيوم على الأقل، مالم يقرر عضو النيابة العامة غير ذلك ).( المادة 135 من قانون الإجراءات).

ثالثا: النصوص المتعلقة بحقوق المتهم في مرحلة المحاكمة

-1 المساواة أمام القضاء: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتـين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها أن (الناس جميعا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف، وعلني، من قبل محكمة مختصة مستقلة، حيادية، منشأة بحكم القانون).(الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على ما ورد في هذه الفقرة في نص المادة (104) من الدستور في الفقرتين (أ، ب) كالتالي:

أ- (شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الحكم، وضمان للحقوق والحريات).

ب- لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء، ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم).

-2 العلنية والسرية في جلسات المحاكمة: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (الناس جميعا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني، من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون).(الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد).

لقد اقتضت هذه الفقرة من المادة رقم 14 أن تكون المحاكمة كأصل في صورة علنية، إلا أنها أبدت كذلك بعض التحفظات تؤكد على أنه (يجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام، أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة).(الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص هذه المادة في قانون الإجراءات، مع ترك تقدير مدى الحاجة إلى جعل المحاكمة سرية إلى تقدير القاضي، ولم توردها كما أوردتها الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد، وقد جاء نص المادة في قانون الإجراءات على أنه (يجب أن تكون الجلسة علنية، ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها).(المادة 214 من قانون الإجراءات).

-3 ضابط الاتهام: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) على أن ضابط كون المتهم بريء حتى تثبت إدانته مستمر حتى النطق بالحكم، أي أنه مستمر كذلك في مرحلة المحاكمة بمادة مضمون نصها أن (من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا).(الفقرة رقم 2 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص هذه المادة في دستور مملكة البحرين في المادة التي يؤكد نصها أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق، والمحاكمة وفقا للقانون).(الفقرة ج من المادة 20 من الدستور).

-4 البت في قانونية الاعتقال أو الحبس الاحتياطي: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني).(الفقرة رقم 4 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص هذه المادة في قانون الإجراءات الجنائية بمادة يؤكد نصها على أنه (إذا أحيل المتهم إلى المحكمة يكون الإفراج عنه إن كان محبوسا، أو حبسه إن كان مفرجا عنه من اختصاص المحكمة المحال إليها).(المادة 156 من قانون الإجراءات).

-5 حضورية المحاكمة، وحق الدفاع والاستعانة بمحام: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (أن يحاكم حضوريا، وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك بحقه في محام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر).(البند د من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

كما جاء التأكيد على حق المتهم في الدفاع، وفي الاستعانة بمحام يختاره بنفسه في البند الذي يؤكد على (أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه).(البند ب من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

وقد ورد الاتفاق النصي مع ما ورد في هاتين الفقرتين في تشريعاتنا الوطنية في النصوص التالية:

- (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق، والمحاكمة وفقا للقانون).(الفقرة ج المادة 20 من الدستور).

- (يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه).(الفقرة (هـ) من المادة 20 من الدستور)، كما أكدت النصوص في قانون الإجراءات الجنائية على ما أكده نص الدستور فيما سبق في المادتين 199 و 216.

-6 عدم التأخير في المحاكمة: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له).(البند ج من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

ولا يوجد نص صريح يؤكد على هذا البند في التشريعات البحرينية، إلا أن هناك مادة في الدستور يمكن أن نستنتج منها ذلك ضمنا مفادها أن (ينشأ بقانون مجلس أعلى للقضاء يشرف على حسن سير العمل في المحاكم، وفي الأجهزة المعاونة لها، ويبين القانون صلاحياته في الشئون الوظيفية لرجال القضاء والنيابة العامة). (الفقرة د من المادة 20 من الدستور).

-7 تزويد المتهم بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة). (البند و من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص الفقرة السابقة في المادة التي يؤكد نصها على أن ( اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمحاكم، وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية بواسطة مترجم بعد حلف اليمين أو التصريح رسميا بقول الحق).(المادة رقم 4 من قانون السلطة القضائية).

بل إن هناك نصا في التشريعات الوطنية يؤكد على مبدأ الاستعانة بمترجم في مرحلة التحقيق، إضافة إلى مرحلة المحاكمة الآنفة الذكر، حيث يفيد بأنه (يجري التحقيق باللغة العربية، ولعضو النيابة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يمينا بأن يؤدي مهمته بالصدق والأمانة إذا كان المتهم أو الشاهد يجهل اللغة العربية).(المادة 88 من قانون الإجراءات).

-8 الحق في مناقشة الشهود: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها (أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام).( البند هـ من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

وقد أكدت التشريعات الوطنية بمادة يؤكد نصها على أن: (تسمع شهادة شهود الإثبات، ويكون توجيه الأسئلة للشهود من النيابة العامة أولا، ثم من المجني عليه، ثم من المدعي بالحقوق المدنية، ثم من المتهم، ثم من المسئول عن الحقوق المدنية).(المادة 220 من قانون الإجراءات).

-9 الحق في الاستئناف: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها أن (لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء وفقا للقانون إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه).(الفقرة رقم 5 من المادة 14 من العهد).

وقد أكدت التشريعات الوطنية على ذلك بمادة يؤكد نصها أنه (يجوز لكل من المتهم والنيابة العامة استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من محاكم أول درجة). (المادة 292 من قانون الإجراءات).

-10 عدم الإكراه على الشهادة أو الاعتراف: تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب).(البند ز من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

وقد أكد الدستور في إحدى مواده على ما يؤكد ذلك في مادة تقضي بـ (أنه يبطل كل قول، أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب، أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها).(الفقرة د من المادة 19 من الدستور).

رابعا: النصوص المتعلقة بإجراءات الأحداث في الدعوى الجنائية

إذا كانت الحقوق والضمانات السابقة جعلت لأجل كفالة محاكمة عادلة للمتهم في الدعوى الجنائية، فلابد من التأكيد على أن إحدى فقرات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصت على أنه (في حالة الأحداث يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم، ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم). (الفقرة رقم 4 من المادة 14 من العهد).

وعندما صدر قانون العقوبات بموجب المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 اقتصر تطبيق نصوصه على من جاوز الخامسة عشرة من عمره، حيث نص على مادة يؤكد نصها على أنه (لا مسئولية على من لم يجاوز الخامسة عشرة من عمره حين ارتكاب الفعل المكوّن للجريمة، وتتبع في شأنه الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث).(المادة 32 من قانون العقوبات).

وبناء على النص السابق فقد صدر قانون الأحداث بموجب المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1976، والذي نصت المادة الأولى في الباب الأول منه على (أن الحدث يقصد به من لم تتجاوز سنه خمسة عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكابه الجريمة، أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف)، وبناء على النص السابق فقد نص قانون الأحداث على عدد من النقاط في قانون الأحداث منها: عدم جواز حبسه احتياطيا، وجواز أن تأمر المحكمة بإيداعه في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو الجمعيات الاجتماعية المنصوص عليها في القانون، أو الإيداع في مراكز الأحداث.

كما نصت المادة 16 من قانون الأحداث على أنه يجب أن يكون للحدث محام يدافع عنه، فإذا لم يكن ندبت المحكمة له محاميا. ونصت المادة 25 على أن محكمة الأحداث تشكل من قاض واحد، هذا بالإضافة إلى ما نصت عليه المادة 27 من القانون من أن للمحكمة إعفاء الحدث من الحضور إذا رأت أن مصلحته تقتضي ذلك، ويكتفي بحضور وليه أو وصيه نيابة عنه، وفي هذه الحالة يعتبر الحكم حضوريا، هذا بالإضافة إلى أحكام أخرى تقرر خصوصية الإجراءات المتخذة في حال ارتكاب الحدث للجريمة.

المبحث الثاني

فقرات المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي لم ترد في تشريعاتنا الوطنية على النحو الذي وردت عليه في العهد، أو ورد بشأنها تحفظا، أو لم ترد على سبيل الإطلاق.

لا بد من التأكيد على أنه إذا كانت تشريعاتنا الوطنية قد تناولت كثيرا من البنود والفقرات التي وردت في المادة (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن ثمة بعض الفقرات والبنود لم تتناولها تشريعاتنا الوطنية على النحو الذي وردت عليه، وبعضها قد أوردت عليه بعض التحفظات، كما أن هناك ما ورد التحفظ عليه في العهد، وأكدت عليه التشريعات الوطنية دون تحفظ، هذا بالإضافة إلى أن هناك فقرة لم تنص عليها تشريعاتنا الوطنية لا بالتصريح ولا بالتعريض، ونورد في هذا المقام معالجة لهذه النصوص كالتالي:

أولا: نصت الفقرتان اللتان وردتا في المادتين (9 و 14) من العهد، ولم تتناولها تشريعاتنا الوطنية على النحو الذي وردتا عليه.

-1 تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو (أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها).(البند أ من الفقرة رقم 3 من المادة 14 من العهد).

ويؤخذ الإعلام الوارد في نص البند السابق على معنيين:

- أما المعنى الأول فهو المعنى الواسع المتمثل بالإخبار بطبيعة التهمة المنسوبة لمتهم وبأسبابها بأي وسيلة كانت.

- وبالنسبة للمعنى الثاني وهو المعنى الضيّق فيتمثل في الإعلام بورقة التكليف بالحضور، وأنها يجب أن تبيّن فيها التهمة المنسوبة وأسبابها بلغة يفهمها المتهم.

وقد جاء التأكيد على الإعلام للمتهم بمعناه الواسع، وذلك عند حضور المتهم لأول مرة للتحقيق في المادة التي يؤكد نصها على أنه (يجب على عضو النيابة العامة عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق أن يدوّن جميع البيانات الخاصة بشخصيته، ويحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه، ويثبت في المحضر ما قد يبديه من أقوال).(المادة 133 من قانون الإجراءات).

كما ورد التأكيد على الإعلام للمتهم بمعناه الواسع، وبلغة يفهمها في مرحلة التحقيق، وإن لم تدل هذه المادة دلالة صريحة على وجوب الأخذ بذلك على عضو النيابة، بل جعلت الأمر خاضع لتقديره في مادة يؤكّد نصّها على أن (يجري التحقيق باللغة العربية، ولعضو النيابة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يمينا بأن يؤدّي مهمته بالصدق والأمانة إذا كان المتهم أو الشاهد يجهل اللغة العربية).( المادة 88 من قانون الإجراءات ).

كما تم التأكيد على الإعلام السريع بالتهمة وتفاصيلها في أثناء المحاكمة كذلك، وذلك وفقا للمادة التي تنص على أن (يكون تكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة قبل انعقاد الجلسة بيوم كامل في المخالفات، وبثلاثة أيام على الأقل في الجنح، وبعشرة أيام في الجنايات).

وتذكر في ورقة التكليف بالحضور التهمة، ومواد القانون التي تنص على العقوبة).(المادة 195 من قانون الإجراءات).

كما ورد النص كذلك على أن المحاكمة قد تجري بلغة يفهمها المتهم في المادة التي يؤكد نصها على أن ( اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمحاكم، وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية بواسطة مترجم بعد حلف اليمين أو التصريح رسميا بقول الحق).(المادة رقم 4 من قانون السلطة القضائية).

وبناء على النص السابق فإن أخذ الإعلام بمعناه الواسع يؤكّد التوافق بين هذه البند من العهد ونصوص تشريعاتنا الوطنية، إلا أن هذا التوافق غير متحقق حال الأخذ بالإعلام بمعناه الضيّق.

-2 تؤكد إحدى الفقرات الواردة في نص المادتين (9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض).(الفقرة رقم 5 من المادة 9 من العهد).

فقد ورد في النصوص كما تناولنا سابقا أن التوقيف أو الحبس الاحتياطي ينبغي أن لا يكون قاعدة عامة، وأن ذلك قد أكدته تشريعاتنا الوطنية كما أكد عليه العهد، إلا أنه لا يوجد أي نص في تشريعاتنا الوطنية يؤكد على أن أي شخص كان ضحية لتوقيف أو اعتقال غير قانوني له حق في الحصول على تعويض.

ثانيا: نصت الفقرتان اللتان وردتا في المادة 14 من العهد، وتناولتهما تشريعاتنا الوطنية بتحفظ.

-1 تؤكد إحدى الفقرات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها أنه (لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد). (الفقرة رقم 7 من المادة 14 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص هذه المادة بتحفظ في قانون العقوبات البحريني، والتي أكدت على أنه (فيما عدا الجرائم الواردة بالمادة السادسة لا تجوز إقامة الدعوى على من ثبت أن المحاكم الأجنبية قد برأته مما اتهم به، أو حكمت عليه نهائيا واستـوفى جزاءه، أو كان الجزاء قد سقط بالتقادم).(المادة رقم 10 من قانون العقوبات).

وحتى نقف على التحفظات التي اتضحت لنا من نص المادة السابقة فقد أكدت المادة السادسة من قانون العقوبات، والمشار إليها في نص المادة العاشرة على أنه (تسري أحكام هذا القانون على كل مواطن أو أجنبي ارتكب خارج دولة البحرين عملا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة من الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي أو الداخلي المنصوص عليها في الفصلين الأول والثاني من الباب الأول من القسم الخاص، أو في جريمة تقليد الأختام والعلامات العامة، أو تزييف العملة وأوراق النقد المنصوص عليها في المواد (257)،(262)،(263).(المادة رقم 6 من قانون العقوبات، والمعدلة بالمرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1982، المنشور في الجريدة الرسمية -العدد 1477- الخميس 4/مارس/1982) .

وإذا كانت الفقرة السابقة من العهد قد أكدت على حظر إعادة المحاكمة في الأحوال التي نصت عليها، إلا أن المشرع البحريني قد أثار تحفظا وفق ما أكدته المادتان 6 و 10 من قانون العقوبات على بعض الجرائم التي تستثنى من هذا المبدأ العام.

-2 تؤكد إحدى الفقرات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة مضمون نصها هو أن (لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني).(الفقرة رقم 4 من المادة 9 من العهد).

وقد جاء التأكيد على نص هذه المادة في المادة 147 من قانون الإجراءات الجنائية.

وأعتقد أن إعطاء النيابة العامة حقا في الحبس الاحتياطي لمدة سبعة أيام وفقا لما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة السابقة لا يؤدي بأي حال من الأحوال إلى الإبطاء في عرض الأوراق على المحكمة للبت في مدى قانونية الاعتقال.

إلا أن الفقرة الثانية من المادة آنفة الذكر قد أثارت تحفظا على مسألة مد الحبس الاحتياطي بواسطة قاضي المحكمة الصغرى لمدة تجاوز السبعة الأيام التالية لتسليم المتهم للنيابة العامة من دون اللجوء للمحكمة بعرض الأوراق عليها، حيث أعطت هذه الفقرة للنيابة العامة اختصاص قاضي المحكمة الصغرى في مد الحبس الاحتياطي لمدة أو لمدد متعاقبة لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يوما، وذلك في الجرائم الواردة في الباب الأول من القسم الخاص من قانون العقوبات، والمتمثلة في الجرائم التي تمس أمن الدولة الخارجي والداخلي، وجرائم التجمهر والشغب.

وأرى وفقا لهذه الفقرة أن هناك تحفظا قد أثير في تشريعاتنا الوطنية بالنسبة لمسألة عرض الأوراق على المحكمة للبت في قانونية الاعتقال دون إبطاء، حيث أن إعطاء قانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة السلطة في مد الحبس الاحتياطي وفقا لاختصاص قاضي المحكمة الصغرى يخرق عمومية الفقرة رقم 4 من المادة 14 من العهد، والتي جاء النص فيها مؤكدا على وجوب عرض الأوراق للبت في قانونية التوقيف على المحكمة دون إبطاء، ولا شك أن عرضها بعد مدة تجاوز 45 يوما يؤدي إلى الإبطاء في البت في قانونية الاعتقال بواسطة المحكمة.

ولا بد من التأكيد على أن التحفظين اللذين أوردتهما البحرين هو حق أصيل لكل دولة تنضم إلى معاهدة دولية، وذلك وفقا لما أخذت به اتفاقيتي فينا لقانون المعاهدات لسنتي 1969 و 1986، واللتان تقضيان بحرية الدولة في وضع التحفظات على المعاهدات؛ وذلك لتوسيع رقعة الدول الأطراف فيها، هذا بالإضافة إلى أن هذا التحفظ لا يخالف موضوع المعاهدة، وهو تحفظ جائز وفق ما أكدت عليه الاستثناءات الواردة في المادة 19 من إقرار اتفاقية فينّا لحرية الدولة في إبداء التحفظات من حيث المبدأ، حيث أنه استثناء لا يخالف موضوع المعاهدة، ولا يتعارض مع الغرض منها، بل إن سبب إبداءه يتمثل في الصيانة والحفظ للأمن الداخلي والخارجي للدولة.

ثالثا: نص الفقرة التي وردت بتحفظ في المادة 14 من العهد، وتناولتها تشريعاتنا الوطنية دون تحفظ

أوردت الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد استثناء بالنسبة لعلانية الحكم لم تورده تشريعاتنا الوطنية، حيث أكدت أن علانية الحكم ليست هي الأصل في مادة مفاد نصها هو: (إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على الأطفال).(الفقرة رقم 1 من المادة 14 من العهد).

أما النص الذي ورد في تشريعاتنا الوطنية فقد أوجب إصدار الحكم في جلـسة علنية مطلقا في مادة تؤكد على أن (يصدر الحكم في جلسة علنية).

رابعا: نص الفقرة التي لم تتناولها تشريعاتنا الوطنية

هناك فقرة واحدة فقط لم تنص عليها تشريعاتنا الوطنية تؤكد على أنه (حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم ابطـل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة وفقا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل كليا أو جزئيا المسئولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب).(الفقرة رقم 6 من المادة 14 من العهد).

الخاتـمة

يتضح لنا من خلال القراءة التقييمية لمدى توافق تشريعاتنا الوطنية مع المادتين (9 و 14) من العهد عددا من النتائج هي:

- إن أغلب ما ورد في المادتين أكدت عليها تشريعاتنا الوطنية.

- هناك فقرتان في المادتين لم تردا في تشريعاتنا الوطنية على النحو الذي وردت عليه في هاتين الفقرتين، تتعلق الأولى بعدم النص على إعلان المتهم بلغة يفهمها في ورقة التكليف بالحضور، والثانية تتعلق بحق من كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني في التعويض.

- هناك فقرتان في المادة 14 تحفظت عليهما تشريعاتنا الوطنية، تتعلق الأولى بعدم جواز التعريض مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي، حيث تم التحفظ لبعض الجرائم.

أما الثانية فتتعلق بعدم الإبطاء بالنسبة لمن حرم من حريته من الرجوع إلى محكمة لكي تفصل في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان اعتقاله غير قانوني.

حيث أوردت تشريعاتنا الوطنية على ذلك تحفظا بالنسبة لبعض الجرائم، حيث يكون للنيابة العامة فيها اختصاص قاضي المحكمة الصغرى في مد الحبس لمدة تجاوز السبعة أيام.

- إن التحفظ حق أصيل للدولة التي تنوي التصديق على المعاهدة، وذلك وفقا لما أكدته اتفاقيتي فينا لقانون المعاهدات لسنتي 1969 و 1986، والاستثناءات الواردة في المادة 19 من إقرارها.

- هناك فقرة تتعلق بعلانية إصدار الحكم وردت في المادة 14 بتحفظ، وأوردتها تشريعاتنا الوطنية دون تحفظ.

- هناك فقرة لم ترد في تشريعاتنا الوطنية تتعلق بحق المتهم في التعويض إذا صدر عليه حكم نهائي يدينه بالجريمة في عدد من الحالات، وذلك ما لم يثبت أنه يتحمل كليا أو جزئيا المسئولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.

الهوامش:

(*) د. الطراونه - مخلد ... و الدكتور النوايسة - عبد الإله، التعريف بالمحكمة الجنائية وبيان حقوق المتهم أمامها، دراسة منشورة في مجلة الحقوق، المجلد الأول، العدد الثاني، ص 28.

قد نظرت في جلسة سرية، ويجب إثباته في محضر الجلسة، ويوقع عليه رئيس المحكمة والكاتب.(المادة 254 من قانون الإجراءات).

-1 حقوق الإنسان - أسئلة وأجوبة، من إصدارات الأمم المتحدة، نيويورك 1990، ص 3.

-2 حقوق الإنسان - أسئلة وأجوبة، مرجع سبق ذكره، ص 6.

-3 ملك وخمس سنوات من الإنجازات 2004-1999، صادر من وزارة الإعلام بمملكة البحرين، شئون الإعلام الخارجي، ص 70.

-4 قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، دائرة الشئون القانونية، مملكة البحرين، الطبعة الأولى، 2002 - 1423، ص 1.

العدد 2228 - السبت 11 أكتوبر 2008م الموافق 10 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً