العدد 2231 - الثلثاء 14 أكتوبر 2008م الموافق 13 شوال 1429هـ

الاتعاظ بدروس حرب أخرى

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بدأت الولايات المتحدة قبل نحو الأربعين سنة شن غارات داخل كمبوديا بهدف تقويض أركان حكومة الملك سيهانوك وذلك لقطع خطوط إمداد الفييتكونغ.

نتيجة لذلك، امتدت حرب أميركا ضد الشيوعية الفييتنامية إلى كمبوديا، ما أدى إلى فوز الخمير الحمر وجرائم القتل الجماعي في كمبوديا. إلا أن هذه الأعمال البشعة وقعت بعد أن انسحبت الولايات المتحدة نفسها من فيتنام، وبعد أن تداعى النظام الذي دعمته الولايات المتحدة في فيتنام الجنوبية.

لم تعد عملية توسيع الحرب التي قامت بها أميركا بالفائدة لا على أميركا ولا على حلفائها المحليين.

ترتكب الولايات المتحدة اليوم الغلطة نفسها في أفغانستان وباكستان. وإذا ما استمرت الغارات الأرضية من قبل قوات الولايات المتحدة عبر الحدود داخل باكستان لمطاردة الطالبان والقاعدة فإن ذلك سوف يعرّف بشكل كبير الدولة الباكستانية وكذلك مجتمعها وجيشها.

يقوم الكثير من الباكستانيين بتوبيخ حكومتهم المدنية الجديدة والجيش لفتورهم في الرد على الأعمال الأميركية. كذلك كانت هناك مناشدات جماهيرية لقطع خطوط إمداد قوات الناتو عبر باكستان، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى شلل الجهود العسكرية لقوات الناتو في أفغانستان.

وتظهر آخر عملية إرهابية رهيبة في إسلام أباد خطر حرب أوسع والثمن الذي تدفعه باكستان لدورها كحليف للولايات المتحدة.

المخاطر القائمة في باكستان أكبر وأشد حتى من كمبوديا، حيث تم احتواء الكوارث في دولة واحدة لقد جرى دفع الحرب الحالية إلى وسط الأراضي الباكستانية. وإذا ازداد الاضطراب في باكستان فستتم تقوية قوى التطرف في المنطقة والعالم. لذلك فإن المعاني الضمنية بعيدة المدى حول «فقدان» افغانستان ستصبح غير ذات أهمية عند مقارنتها بمخاطر «فقدان باكستان».

كذلك لن تساعد عملية تقويض أركان باكستان، عن قصد أو عن غير قصد، وبأي أسلوب، مهمة الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان. يبلغ عدد سكان باكستان ستة أضعاف سكان أفغانستان، وهي كذلك دولة نووية.

يفوق عدد السكان البشتون في باكستان عددهم في أفغانستان. وهو يوفر عددا كبيرا من الجنود البشتون الباكستانيين. لن تفعل استراتيجية الولايات المتحدة تجاه باكستان سوى تعريض أفغانستان للغرق وليس إنقاذها، في دوامة الفوضى الإقليمية.

بدلا من هذا التوجه يتوجب على الولايات المتحدة والناتو تبني استراتيجية أساسية جديدة لأفغانستان ترتكز على القوة اللطيفة إلى درجة أبعد. يجب أن يرتكز التوجه على إدراك أن أفغانستان لا يمكن تحويلها حسب الأساليب الغربية، وأن الولايات المتحدة لا تستطيع الحفاظ على وجود مفتوح في تلك الدولة من دون زعزعة أركان المنطقة بأكملها.

يجب ترك أفغانستان عاجلا أم آجلا للأفغانيين أنفسهم لإدارتها. يتوجب على اللاعبين المحليين أخذ زمام المبادرة في القيام بمواجهة التمرد، إذ إن القوى الغربية والاعتماد الكاسح على القوة العسكرية لن يحققا شيئا سوى مضاعفة الأعداء.

لقد أصبحت الآثار الرهيبة لقصف المدنيين عاملا قاتلا وراء رغبة العديد من الأفغان مقاومة ما يرونه احتلالا عسكريا غريبا.

لذلك يتوجب على الإدارة الأميركية المقبلة أن تعلن عودتها إلى أهداف أميركا الأصلية، وهي مطاردة شبكات الإرهاب الدولي ومنعها من إيجاد ملاذ أمين لها في أفغانستان. يجب أن يكون هذا في الواقع هدف أميركا الجوهري الوحيد. لقد بدأت محاولات الغرب «تحويل» أفغانستان تواجه المصير نفسه مثل محاولة السوفييات. إنها تعمل على تقوية التمرد من خلال إيجاد انطباع بتهديد موجه نحو أسلوب الحياة الإسلامي والعادات والتقاليد المحلية.

يتوجب على واشنطن بدلا من الاستمرار فيما هو فعليا توجه غربي محض، أن تعمل على إيجاد مبادرة إقليمية جادة في الحديث عن مستقبل أفغانستان.

تحتاج الولايات المتحدة والغرب أن يتذكرا أنه بغض النظر عن فترة بقاء قواتها في أفغانستان، فإنها ستترك سابقا أو لاحقا، بينما سيبقى جيران أفغانستان دائما. المأسوي أن سياساتهم في الماضي كانت وبشكل عام موجهة ضد بعضهم بعضا، ما أدى إلى نتائج كارثية لشعب أفغانستان.

يتوجب على الولايات المتحدة بدلا من ذلك أن تسعى لتشكيل اتفاق إقليمي لديه بعض الحظ في احتواء مشاكل أفغانستان على الأقل على المدى البعيد. لن يكون أي من هذه الأمور سهلا، ولكن استمرار استراتيجية الولايات المتحدة الحالية لا تعد إلا بتوسيع المشكلة في المنطقة، أو إلى حرب لا نهاية لها، في أحسن الأحوال.

*زميلة في هارفرد وسفيرة باكستان السابقة في الولايات المتحدة وإنجلترا.

*أستاذ في كنغز كوليدج بلندن وزميل رئيس في مؤسسة أميركا الجديدة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2231 - الثلثاء 14 أكتوبر 2008م الموافق 13 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً