العدد 2520 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 07 شعبان 1430هـ

حرب أفغانستان المتصاعدة اختبار للناخبين الأميركيين والبريطانيين

أوهايو، ايمزبيري - رويترز 

30 يوليو 2009

يتضاءل التأييد الجماهيري للحرب في أفغانستان على جانبي الاطلسي في ظل ارتفاع الخسائر البشرية بعد بروز الصراع من الظلال الدموية للحرب في العراق. وفي حين لا يقترب الاستياء الشعبي من مستوياته في ذروة ست سنوات من الحرب في العراق فإن حصيلة القتلى المتزايدة في افغانستان والشعور بأن الحل لايزال بعيدا يثيران قلق الناخبين وهناك مؤشرات إلى أن هذا قد يتطور الى سخط ينتشر على نطاق واسع إذا لم يتم إحراز تقدم ملموس.

ويقول كيث هيكيتس، وهو ضابط متقاعد بالشرطة من منطقة بالقرب من بلدة ايمزبيري على مشارف سهل سالسبري في إنجلترا، إن الأميركيين موجودون هناك بقوة، لكن الدول الأخرى تبدو محجمة عن التواجد هناك. ليس هناك سوى نحن والأميركيين ولا أظن أنهم يستطيعون الفوز حقا».

وقد تجعل آثار الكساد العالمي التأييد الشعبي اكثر هشاشة على جانبي الاطلسي. ويقول لويس هوكينز، وهو قس في مدينة كليفلاند بوسط أميركا: «لماذا نخوض حربا يفصلنا عنها نصف العالم في حين أن الحرب الحقيقية هنا في أميركا؟ يجب أن نحارب التشرد والبطالة وليس عدوا ما في دولة اجنبية».

ويتركز الاهتمام بشكل متزايد على ارتفاع عدد الخسائر البشرية في أفغانستان حيث يفي الرئيس الأميركي باراك أوباما بوعده بالاهتمام بمكافحة «طالبان» من خلال زيادة أعداد القوات الى 68 ألف فرد بحلول نهاية العام مع الانسحاب تدريجيا من العراق.

وشهد شهر يوليو/ تموز أكبر عدد من القتلى في افغانستان للقوات الأميركية والبريطانية على حد سواء منذ غزو العام 2001 حيث يتجاوز عدد القتلى من الجنود البريطانيين هناك الآن عددهم في العراق.

والقوتان الأميركية والبريطانية هما الأكبر في أفغانستان. ويطالب منتقدون بمعرفة مستوى الالتزام الذي سيتطلبه الانتصار في افغانستان التي تشتهر بالحروب المطولة التي قهرت قوى عظمى فيما مضى فقد انسحب الاتحاد السوفياتي السابق العام 1989 بعد عشر سنوات بلا طائل نشر خلالها قوات على الارض اكثر من تلك التي تنشرها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الآن.

ويستدعي تاريخ أفغانستان كمستنقع عقد مقارنات مع حرب أميركا في فيتنام في الستينيات والتي تحول معظم الدعم لها الى احتجاجات عنيفة، لأن الحرب استمرت حتى السبعينيات.

في أوهايو، التي هي تقليديا ولاية حاسمة في الانتخابات الأميركية، تتزايد المخاوف من أن أفغانستان يمكن أن تصبح فيتنام التالية. ويقول رئيس بلدية توليدو، كارتي فينكباينر: «لا نسمع الكثير عن أفغانستان، لكننا لم نكن نسمع الكثير عن فيتنام في وقت مبكر... يساورني القلق من أن هذه ستكون نقطة ضعف أوباما. يساورني القلق من أن هذه حرب لا يمكن كسبها وفي نهاية المطاف سيعاقب الناخبون أوباما عليها».

وقاد الرئيس جورج بوش، سلف أوباما، الولايات المتحدة الى الحرب في العراق بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وانخفضت شعبيته على مدار الوقت. وكانت بريطانيا حليفا العام 2003 في غزو العراق وقد سحبت الآن جميع قواتها باستثناء 150 جنديا، لأنها تركز على الصراع الذي يتزايد عمقه في أفغانستان.

وفي ظل الارتفاع المطرد لعدد القتلى في افغانستان، حيث قتل 39 جنديا أميركيا و22 جنديا بريطانيا في يوليو، اكتوت عقول الجماهير بالصراع، ما يثير تساؤلات عما إذا كانت الحرب تستحق خوضها.

وقال أستاذ السياسة بجامعة ستراتكلايد في غلاسغو، جون كيرتيس: «بالنسبة إلى أفغانستان فإنها أصبحت حربا حقيقية في عيون الجماهير للتو. إذا كان ينظر اليها على أنها حرب ثم ينظر اليها على أنها حرب لا نستطيع الانتصار فيها فمن الواضح أن هذا لن يكون جيدا للحكومة وتستطيعون أن تروا الآن حتى كيف تحاول الحكومة تجنب أن يؤول الوضع الى هذا».

ويحتل حزب العمال الحاكم بزعامة رئيس الوزراء غوردون براون، الذي يجب أن يدعو الى إجراء انتخابات في غضون عام، مرتبة متأخرة عن حزب المحافظين المعارض في استطلاعات الرأي بسبب الكساد وفضائح الحزب والانتقادات بشأن كيفية شن الحرب.

وقالت بولا هاستينجز (27 عاما)، وهي ام شابة في ايمزبيري، ذكرت أن لها أصدقاء يخدمون في أفغانستان «أعتقد أن عددهم (الجنود البريطانيين) غير كافٍ بالتأكيد. أعتقد أنهم ليس لديهم ما يكفي من الجنود والمعدات. أعتقد أن هذا يمكن أن يغير الأسلوب الذي يصوت به الناس وسيغير الطريقة التي أصوت بها».

ونشرت صحيفة الـ «اندبندنت» البريطانية استطلاعا للرأي هذا الاسبوع وجد أن 52 في المئة من الناس يعتقدون بأنه يجب سحب القوات على الفور. وكان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «آي سي إم) في وقت سابق أظهر أن 46 في المئة يدعمون الحرب.

وتظهر استطلاعات أميركية للرأي، أن نحو نصف الأميركيين يؤيدون حرب أفغانستان. وأظهر استطلاع أجراه معهد «غالوب»، أن 54 في المئة قالوا إن الحرب تسير على ما يرام بينما قال 36 في المئة إنها كانت خطأ من البداية.

وكان هناك تأييد عالمي واسع النطاق للغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2001 لأفغانستان في ضوء الصلات بين حركة طالبان التي كانت تحكم البلاد وتنظيم القاعدة الذي نفذ هجمات 11 سبتمبر.

وكانت أفغانستان منسية الى حد كبير، لأن الاهتمام تركز على تأكيدات إدارة بوش أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين يمثل تهديدا وشيكا، ما عجل بالغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق العام 2003.

وفي ذروة الاحتجاجات على غزو الولايات المتحدة للعراق لم تكن أفغانستان تمثل اي أهمية تذكر لمعظم نشطاء السلام الأميركيين. وقال بريان روذنبرج، من جماعة بروجرس اوهايو، إن الناخبين الأميركيون لهم سمعة بأنهم متقلبون، لكنهم يفهمون الفرق بين العراق وأفغانستان.

وفي حين يهيمن إصلاح الاقتصاد والرعاية الصحية على الهموم الشعبية الأميركية فإن من الممكن أن ينقلب الناخبون ضد حرب أفغانستان وأوباما إذا استمر الصراع دون علامات واضحة على إحراز تقدم.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت حرب افغانستان ستكون عاملا مهما في انتخابات الكونغرس الأميركي العام 2010 حين يجري انتخاب كل أعضاء مجلس النواب وهم 435 فضلا عن ثلث مقاعد مجلس الشيوخ. وكان أعضاء بالكونغرس بل حتى بعض زملاء أوباما بالحزب الديمقراطي قد قالوا إنهم سيمهلونه عاما ليثبت نفسه.

وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، هذا الشهر، إنه يجب أن تكسب القوات التي تقودها الولايات المتحدة ارضا ضد المتمردين في غضون العام القادم لتجنب الاعتقاد الجماهيري بأن الحرب لا يمكن الفوز بها.

وقال غيتس، لصحيفة «لوس أنجليس تايمز»، إنه «بعد تجربة (حرب) العراق ليس هناك اي احد مستعد لكدح طويل، حيث لا يبدو أننا نحرز تقدما... القوات متعبة. والشعب الأميركي متعب الى حد كبير».

العدد 2520 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 07 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً