العدد 2520 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 07 شعبان 1430هـ

ما هو السر وراء مرض الرئيس (أبو عمار) المفاجئ!

الرئيس الفلسطيني – السيد ياسر عرفـات (أبو عمار) – رحمه الله - الذي حمل على عاتقه هم ومعاناة ومسئولية القضية الفلسطينية على مدى عقود من الزمن ، فهو – وإن اختلفنا معه – رمز جسد النضال والكفاح الفلسطيني في أجمل صوره، وكذلك بالجهود النضالية المخلصة لكبار المناضلين والقادة معه، وبنضال وتضحيات وصمود وشجاعة أبناء الشعب الفلسطيني، استطاع الوصول بالقضية الفلسطينية إلى أقبية هيئة الأمم المتحدة، وأجبر دول العالم بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وحقه المشروع للعيش في الوجود، وإعلان دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وإن كانت الدويلة الصهيونية تضع العراقيل والعقبات والصعاب، وتمارس أبشع أنواع القمع الوحشي والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتماطل وتراوغ وتتهرب من الالتزام بالعهود والاتفاقات الدولية، التي تمت بينها وبين السلطة الوطنية الفلسطينية تحت رعاية الدول الكبرى، إبتداء من أوسلو مرورا بمدريد وانتهاء بشرم الشيخ، وطرح مبادرة خريطة الطريق والتي دفنت على قارعة الطريق، وبين كل ما أعلن من وعود وتعهدات من قبل المجتمع الدولي لإقامة الدولة الموعودة، وعودة كل اللاجئين في الشتات، والذي يقدر عددهم بنحو أربعة ملايين مهجر يتواجدون في مختلف دول العالم.

ومرض الرئيس السيد ياسر عرفات (أبو عمار) المفاجئ وتدهور حالته الصحية، ومروره بمراحل متعددة من الأعراض المرضية الغريبة التي صعب تشخيصها على أشهر الأطباء في فرنسا، وإيجاد العلاج الناجع لها، يدل دلالة أكيدة على أن هناك في الأمر سرا خفيا، وأن هناك أيد أثمة عملت في الخفاء على التخطيط والتنفيذ ، وهي وراء مرض الرئيس (أبو عمار) الغريب الذي أعجز وأعيى الحاذقين من الأطباء العرب والفرنسيين.

أكد رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس حركة فتح السيد فاروق القدومي خلال مؤتمر صحافي في تونس حديثا أن السيد ياسر عرفات (أبو عمار) قد تعرض للتسمم من قبل أجهزة أمنية واستخباراتية في الكيان الصهيوني، عن طريق الغذاء أو الدواء، ويذكر أنه قد كشف النقاب بُعيد وفاة الرئيس عرفات، عن أن هناك مؤامرة كانت محبوكة من قبل أميركا والكيان الصهيوني وأطراف فلسطينية، للتخلص منه وإزاحته عن الساحة بأي ثمن كان، وتقريب شخصيات مقبولة من قبل أميركا والكيان الصهيوني، وخرجت تصريحات خجولة من هنا وهناك تلمح لذلك، ولكنه سرعان ما خفت صوتها، واختفت من الوجود وأسدل الستار عليها.

ولم يحصل الأطباء على المصل المضاد للسم الذي دس للسيد ياسر عرفات ليتمكنوا من حقنه به، وإبطال مفعوله، والذي دس إليه عنوة وغدرا.

وهذا الأمر الخطير الذي ارتكب بحق الرئيس (أبو عمار) يعتبر جريمة نكراء وانتهاكا صارخا لأبسط حقوق الإنسان في العالم، وكان الرئيس النيكاراغوي السانديني السابق - دانييل أورتيغا – قد صرح في تاريخ 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، بأن (أبو عمار) كثيرا ما كان يتعرض لتهديدات الكيان الصهيوني – رغم الحصار المفروض عليه لمغادرة مقره الرئاسي - من قبل ذلك الكيان الغاشم ومساندة أميركا بزعامة بوش، وبأن الصهاينة هم من سمم (أبو عمار) إلاّ أن وسائل الإعلام في العالم – بما فيها العربية منها – لزمت الصمت المقيت وغضت الطرف، وأسدلت الستارعلى تلك الجريمة النكراء المروعة بحق البشرية جمعاء، لكونها تدخل ضمن إرهاب الدولة، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

ولم تأتِ تصريحات السيد القدومي جزافا لتوجيه أصابع الاتهام إلى الكيان الصهيوني في تورطه بتسميم (أبو عمار)، ولكنها جاءت بعد دراسات ومباحثات ومشاورات، والتحقق من التقارير الطبية المختلفة التي صدرت عن حال الرئيس (أبو عمار) الصحية من بدأ مرضه وحتى وفاته في يوم الخميس المصادف 11 من نوفمبر العام 2004 ، والتي صدرت من قبل الأطباء الاختصاصيين العرب الذين أشرفوا على علاجه في مقر رئاسته، والأطباء الفرنسيين الذين تابعوا وواصلوا تشخيص حالته والإشراف على علاجه، وبات في حكم المؤكد أن (أبو عمار) قد قضى مسموما نتيجة دس السم له على أيدي الصهاينة المجرمين، وبعض المتواطئين في السلطة.

وما دامت الأدلة والإثباتات الدامغة والتقارير الطبية المؤكدة موجودة، ولكن تبقى هناك بعض العقبات والعراقيل التي ستوضع أمام المسئولين الفلسطينيين، وخاصة أن أميركا هي طرف مباشر في الموضوع، وهي من شاركت وخططت وشجعت وأعطت الكيان الصهيوني الضوء الأخضر، ليقوم بتلك المهمة العدوانية وغير الإنسانية، وكيف يمكن أن ترفع دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني؟ وهل ستلقى تلك الدعوى آذانا صاغية وتجاوبا من قبل منظمات حقوق الإنسان؟ والمنظمات العالمية المختصة في القانون الدولي؟ وهل ستتبنى هيئة الأمم المتحدة القضية - وترفعها إلى محكمة العدل الدولية؟ وقد تتعرض الأطراف المختلفة لضغوط أميركية، وخاصة السلطة الفلسطينية، وحتى لو وصلت القضية إلى مجلس الأمن الدولي فإنها بلا شك ستلقى مواجهة مباشرة من قبل أميركا، باستخدام قانون حق النقض (الفيتو).

وستحاول أميركا بكل ما أوتيت من قوة إفشال تلك القضية، وتهديد الدول والشخصيات التي ستساهم أو تتحرك دوليا للمضي قدما نحو رفع القضية إلى القضاء الدولي، ليأخذ الحق والعدالة طريقهما، لكشف الحقيقة أمام الرأي العام العالمي، وملاحقة الجناة والقتلة، لينالوا جزاءهم العادل وما يستحقون من عقاب، وليكونوا عبرة لكل من يعتبر، ولكنها ستبقى قضية خاسرة قد تثيرها وسائل الإعلام المختلفة فترة من الزمن، ولكن سرعان ما سيسدل عليها الستار، وستبقى طي الكتمان كغيرها من القضايا والجرائم الكثيرة التي يرتكبها الكيان الصهيوني.

محمد خليل الحوري

العدد 2520 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 07 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً