العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ

اليمنيون مطالبون بنبذ الانفصال والتقسيم

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في حمأة الزيارات المتوالية للوزراء والمسئولين والمبعوثين الأميركيين إلى الكيان الغاصب، يواصل العدوّ زحفه الاستيطاني المدروس، فقد بدأت الهجرة اليهودية من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948 إلى تلك المحتلة في العام 1967، للاستيطان هناك وفق ما يسمّونه «الهجرة الأيديولوجية» التي تتوالى فيها عمليات القضم التدريجي للقدس والضفة الغربية، فيما تقف الأمم المتحدة، في الذكرى الخامسة لصدور قرار محكمة العدل الدولية حيال جدار الفصل، والذي قالت إنه يتعارض مع القانون الدولي، متفرجة وصامتة حيال ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من ظلم وقهر واضطهاد، فيما يواصل العدو بناءه للجدار، ويقدّم فرصة أخرى للمستوطنين للهجوم على بيوت الفلسطينيين لطردهم منها، كما حصل في القدس مؤخرا.

أما الإدارة الأميركية التي تلوّح للعرب بخيار التسوية، في سياق خديعة رسمت تفاصيلها بدقة مع حكومة العدوّ، فقد أذعنت إلى فكرة أن «الاستيطان لا يمكن أن يتوقف»، كما قال أحد الوزراء الصهاينة، ولذلك فهي تعكف على بدء المرحلة الثانية من مراحل خطتها الجهنمية، والتي تتفق فيها مع العدوّ على تجميد مؤقت للاستيطان يهلل له العرب وتصفّق له دول الاتحاد الأوروبي، وتبدأ بعدها مرحلة التطبيع الفعلي التي يُشارك فيها رئيس حكومة العدوّ ورئيس الكيان بالذهاب إلى مبنى سفارة عربية جديدة في كيانه ليقطع قالب الحلوى في ذكرى ثورة أُريد تدنيسها، أو في يوم وطني أُريد له أن يتحوّل إلى يوم تتجسّد فيه كل معاني التبعية والظلم والاغتصاب.

إننا نحذّر المسلمين جميعا، ولاسيّما الفلسطينيين، من أن العدوّ يتصرف وكأن هذه المرحلة تمثل المرحلة المثالية له لكي يقضي نهائيا على القضيّة كلّها، ويجرّد الفلسطينيّين من حقوقهم الأساسية في مسألة الدولة وحق العودة، وكذلك في مسألة القدس التي استباح العدوّ فيها كل شيء من دون أن تنطلق صرخة عربية وإسلامية ذات فعالية وتأثير.

أيّها الفلسطينيّون، لقد اجتمعت أمم الأرض عليكم، وغدر بكم أقرب الناس إليكم، وكادت المرجعيات التي تحمل عناوين الإفتاء والمفاتيح الرسمية للحلال والحرام أن تصرّح علنا بالتنازل عن قدس الأقداس، وعن الأقصى الشريف، ولم يبقَ أمامكم إلا أن تستعيدوا وحدتكم، وتنتصروا على الذات، وتعودوا إلى خط المواجهة الحقيقية مع العدوّ، لأن العالم لم ولن يرف له جفن أمام كلّ مآسيكم، وهو العالم الذي غطّى كلّ مسيرة الاغتصاب للأرض والمقدّسات منذ أكثر من نصف قرنٍ، ولا يزال يتحرّك في نفس الاتّجاه.

أمّا الإدارة الأميركية التي تستعيد شيئا فشيئا صورتها السابقة في عهد بوش، فنجدها لا تزال تتعامل مع الملفّ النووي الإيراني في سياق ما يفرضه الاحتضان الدائم للكيان الإسرائيلي الغاصب الذي يضرب بعرض الجدار كلّ الأعراف والقوانين الدوليّة، ولاسيّما المتعلّقة بامتلاك السلاح النووي، ونسمع تصريحات وزير الدفاع الأميركي وهو يضرب لإيران موعدا، أقصاه الخريف المقبل، للدخول في حوار، مع أنّ رئيسه كان قد طرح قبل أشهر التخلّص من كل السلاح النووي في العالم، وبالتالي كان عليه أن يطلب من المسئولين الصهاينة الاستجابة لهذا الطرح، إذا كان إدارته جادّة في معالجة ملف عالمي شائك يُراد له أن يتحوّل إلى قيد يهدد سيادة دولة أظهرت كل الدراسات الدولية أنها لم تخرج قيد أنملة عن الشروط التي حددتها الوكالة الدولية للطاقة، في مسألة استثمار الطاقة النووية لأغراض سلمية.

إننا نقول للأميركيين الذين يأتون إلى القدس المحتلة زرافات ووحدانا لطمأنة العدوّ، ولحثّ العرب «على اتخاذ خطوات جوهرية في اتجاه التطبيع مع «إسرائيل» على حدّ تعبير المبعوث الأميركي للمنطقة، إنّنا نقول لهم: لقد أوشكتم وفي فترة زمنية محدودة أن تُسقطوا كل الأهداف التي حاول رئيسكم أن يحصدها في خطاباته المدروسة والمحسوبة للعالم العربي والإسلامي، كما أوشكتم على رفع منسوب الكراهية لإدارتكم إلى أعلى المستويات، تماما كما تدنّت شعبية رئيسكم في بلادكم إلى أدنى المستويات في فترة زمنية قياسية مما لم يحدث لبوش نفسه، ولذلك فعليكم أن تبحثوا عن وسائل أخرى للحوار مع دول المنطقة وشعوبها، بعد استخدامكم الفاشل لكل أساليب الحصار والمقاطعة وفرض العقوبات، وصولا إلى الحروب التي أحرقت أيديكم.

وإلى جانب ذلك كلّه، نشعر بالخطورة حيال تطوّر الأوضاع في اليمن، ونخشى من أن يكون اليمن قد دخل في دوّامة من الفوضى والعنف، بفعل أسباب داخليّة وتدخّلات خارجيّة تريد للبلد أن يعيش الاهتزاز الأمني إلى جانب الاهتزاز السياسي، بما يفسح المجال لتطوّرات جديدة خطيرة تدخله في متاهات المجهول.

إنّنا نريد لجميع مكوّنات الشعب اليمني العزيز أن تعمل لاستقرار البلد ووحدته، وتنبذ كلّ دعوة للانفصال والتقسيم، كما نريد للدولة أن تنفتح على الحركة المطلبيّة بما يعيد الأوضاع إلى جادّة الهدوء والاستقرار، ويعيد اليمن سعيدا بطوائفه ومذاهبه وفئاته المتعدّدة.

أمّا نيجيريا التي غرقت في بحر من الدماء بفعل جهات متعصّبة لا تخلص للإسلام أو للمسيحية، فإنّ جميع المسئولين، بما فيهم علماء الدين، مدعوّون لتطويق هؤلاء وقطع الطريق على أعمالهم الإجراميّة التي أكّدت أنّ هؤلاء لا يحترمون الإنسان ولا يحملون قيم الرسالات والأديان.

وأمّا في لبنان، فإنّنا نؤكّد أنّ على اللبنانيّين الذين يحاولون أن تكون حكومتهم المقبلة حكومة وحدة وطنيّة، أن يعملوا على إزالة كلّ العوائق التي نصبها ولا يزال ينصبها اللاعبون الدوليّون والإقليميون أمام وحدتهم الحقيقيّة، ولاسيّما تجاه قضاياهم الكبرى والتحدّيات المقبلة والمصيريّة، بحيث لا تكون الوحدة الوطنيّة في الحكومة المقبلة حالة انتقاليّة نحو انتكاسات جديدة، بل أن تكون انعكاسا للإرادة الحقيقيّة لدى المسئولين في الارتفاع إلى مستوى تطلّعات الشعب اللبناني كلّه، في الانتقال بلبنان من حالة الفرقة إلى التلاقي، ومن حالة المناكفات إلى التعاون، ومن حالة التمزّق إلى الوحدة، لقطع الطريق على كلّ الذين يحاولون أن يحرّكوا اللعبة لإدخال البلد مجدّدا في الاهتزازات الأمنيّة والكهوف السياسيّة والفتن المذهبيّة والطائفيّة.

أيّها اللبنانيّون، لقد جرّبتم تقديس كلّ اللا مقدّس في بلدكم، حتّى جعلتم من أطركم الحزبيّة والطائفيّة والمذهبيّة أصناما تعبدونها، فلماذا لا تجرّبون ـ ولو لمرّة واحدة ـ أن تقدّسوا إنسان هذا البلد، في عزّته وكرامته وحرّيته المسئولة واستقلاليّة إرادته، وتأكيد القيم الروحيّة والأخلاقيّة في كلّ مفردات الحياة...

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:38 ص

      معرفه العدو اولا

      ما زال الفلسطينيين لم يعرفو العدو وهو الفرقه والثاني ما سكي طرفي حبل المشنقه بعدين علمهم كيف ينتصرو

اقرأ ايضاً