العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ

أكينو جذوة تزداد توهجا بعد الرحيل

تسترجع ميرلي ديفيد ذكرياتها عندما صافحت زعيمة الفلبين الراحلة كورازون أكينو بيديها المتسختين خلال زيارتها لحي الفقراء في بلدة تاجويج (كانت تنطق تأجيج في السابق) التابعة لمدينة مانيلا، بعد وقت قصير من توليها رئاسة البلاد في العام 1986.

تقول ميرلي وهي أم لثمانية أطفال تبلغ من العمر 38 عاما، إن بساطة وتلقائية الزعيمة الراحلة التي يطلق عليها الشعب الفيلبيني اسم «تيتا كوري» أو العمة كوري، سحرتها.

وقالت وهي تنضم لما يزيد على مئة ألف شخص انتظروا لساعات ليلقوا نظرة وداع على تابوت أكينو: «وعدت أن توفر لنا الماء والكهرباء وأن تمهد الطرق... وقد أوفت بتلك الوعود». وأضافت ديفيد «كانت امرأة غاية في البساطة... شدت على أيدينا المتسخة بل وعانقتنا هناك في الطرقات كما لو كنا أبنائها».

أثار التوافد غير المسبوق من قبل الشعب الفيلبيني للالتفاف حول الزعيمة البالغة (76 عاما) قبيل وفاتها ذكريات ثورة «سلطة الشعب» التي استمرت طوال أربعة أيام عندما خرج الملايين من أبناء الفيلبين للشوارع في العام 1986 يهتفون باسم أكينو ويطلبون الإطاحة بالديكتاتور الراحل فرديناند ماركوس.

تقلدت أكينو أرملة عضو مجلس الشيوخ المغتال بينيجو أكينو رئاسة البلاد بعد فرار ماركوس وأسرته لمنفى اختياري. وحكمت الفلبين خلال الفترة بين العامين 1986 و1992. نفس ذلك السحر (سحر كوري) دفع الشعب مرة ثانية للخروج للشوارع في العام 2001 للإطاحة بالرئيس السابق جوزيف استرادا والذي اتهم بالفساد.

ويأمل المحللون أن يروا الحزن المخيم على كل طوائف الشعب وهم يودعون زعيمتهم الراحلة لمثواها الأخير، يدفع تلك الطوائف لنفس الوحدة التي ربطت بينهم عندما ساروا خلفها للوقوف في وجه ماركوس. تقول المعلقة السياسية فيرجيل دي ديوس: «الموت باعث تحريضي قوي للغاية... يبدو لي أن ذرف بعض الدموع والوقوف لإلقاء نظرة وداع أخيرة على جثمانها سيكون بمثابة محو لذلك الشعور الداخلي بالذنب. لا أظن أن ذلك هو ما كانت تنتظره كوري منا... أعتقد الآن أنه يتوقع منا النهوض مسلحين بتاريخها الشخصي... إنها لحظتنا المثالية، علينا أن نظهر لها أنها لم تمت لم ترحل سدى».

ولقد تملك الشعور بالذنب كيان رونالدو فيلوسو وهو يقف في صفوف المودعين أمس (الثلثاء) في كاتدرائية مانيلا ليلقوا نظرة الوداع الأخيرة على أكينو قبل أن توارى الثرى.

كان فيلوسو (45 عاما) طالبا عندما تزعمت أكينو ثورة «سلطة الشعب» في العام 1986 والتي أطاحت بالديكتاتور فيرديناند ماركوس. لكن فيلوسو يعترف أنه تجاهل نداءاتها الأخيرة التي وجهتها للشعب الفيلبيني للاحتجاج ضد جهود حكومة الرئيسة الحالية جلوريا ماكاباجال أرويو لإدخال تعديلات غير مدروسة على دستور 1987 لمد فترة رئاستها بحسب ما يتردد. وأضاف «لقد نفضت يدي من نظامنا السياسي... تخليت عن أحلامها برؤية حكومتنا تعمل لصالح الشعب... موتها الآن ينفث بداخلي باعث الحياة بأحلامها بطريقتي الخاصة والمحدودة».

وقال عضو مجلس الشيوخ السابق ووزير العدل في حكومة أكينو، فرانكلين دريلون: «إن ما خلفته الراحلة من ميراث لبلادها هو تلك الزعامة الأخلاقية وإخلاصها في خدمة البلاد». وأردف «كان الباعث الدافع لها في كل ما كانت تفعله هو رخاء شعبنا... قد يكون البعض قد اختلفوا معها... لكنني أؤكد للجميع أن الرئيسة كوري كانت أكثر من عرفتهم في حياتي وفاء وإخلاصا. حتى من وقفوا في وجه رمز الديمقراطية الراحلة، لم يكن لديهم سوى الإشادة بها والثناء عليها».

وترك قائد البحرية السابق ريكس روبلز دموعه تنهمر على وجنتيه وهو يعتذر لأكينو لأنه كان واحدا من سبعة قادة حاولوا قلب نظام الحكم في عهدها. وقال: «كنا كلنا رجالا... كنا نعتقد أننا يمكننا تحقيق النجاح لأنها كانت مجرد امرأة... غير أننا وقفنا وجها لوجه مع امرأة كانت تملك عزما لا يلين وقلبا نقيا... لذا فشلنا».

ويضيف روبلز أنه على رغم نقاط ضعفها كرئيسة فإن شخصيتها الأخلاقية يجب أن تذكر أبناء الفيلبين بأفضل ما يمكن أن يكونوا عليه. وقال «عشنا لحظات مضيئة في كنف أكينو الرئيسة... يمكننا محاكاتها... يمكننا استلهامها كنموذج للوقوف في وجه الفساد المتفشي والأكاذيب الصريحة التي تدلي بها الحكومة».

العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً