العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ

هبوط الأسواق المالية وانخفاض الانتاج الصناعي وإفلاس عدد من الشركات

عام 2002 مخيب للآمال

لقد كان العام 2002 عاما يستحق ان يُنسى من قبل الجالية المهتمة بالأمور التجارية. فقد واصلت الأسواق المالية هبوطها وشهد قطاع التصنيع انخفاضا في الإنتاج. كان النمو مخيبا للتوقعات. كما وجدت عدة شركات كبيرة نفسها في أزمة خطيرة، والأسوأ ان بعضها قد أفلس. ومع ذلك فقد كان عام انتعاش اقتصادي ليس بالجيد إلى حد كبير. وقد حققت الولايات المتحدة وبريطانيا بعض النمو، ويرجع الفضل في ذلك إلى تصميم المستهلكين في كلا البلدين على مبدأ الإنفاق حتى الارهاق. لقد استطاعت الولايات المتحدة الخروج من ركود العام 1002 بينما تجنبت المملكة المتحدة الركود كلية. وبقيت اقتصادات منطقة اليورو واليابان مخيبة للآمال مع معاناة ألمانيا على وجه الخصوص من أزمة ثقة في أعقاب إعادة انتخاب جيرهارد شرودر مستشارا. إن حقيقة ارتباط السنة الأولى لاستخدام اليورو بالفشل الاقتصادي في أكبر اقتصاد في أوروبا يمثل صدمة خطيرة خصوصا بعدما استطاع اليورو تحقيق انتعاش معقول مقابل الدولار مرتفعا فوق التعادل بالنسبة إلى قيمة الدولار ثانية. ولكن الصدمة الكبرى بالنسبة إلى غالبية العاملين في المجال التجاري والمالي هي استمرار هبوط أسعار الأسهم للعام الثالث على التوالي. فقط هبطت أسواق الأسهم بشدة طيلة العام مسجلة مستويات متدنية في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول. وإذا ما كانت ذلك يُمثل نقطة التحول، فإن سوق 0002 - 2002 الهابطة ستكون الأطول في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية والأشد هبوطا من القمة إلى القاع منذ مطلع السبعينات. وليس من الغرابة ان تُسبب هذه العواصف التي تحدث مرة في كل جيل ضررا كبيرا. لقد تأثرت صناديق التقاعد على جانبي الاطلسي بشدة ما أدى بدوره إلى خفض المعاشات التي تُدفع لكثير من الناس. وسيرى الكثير من الناس هبوطا حادا في قيمة مدخراتهم. ولكن يبدو ان النظام المالي ككل مع بعض الاستثناءات - قد نجا من العاصفة. فعلى سبيل المثال لم تحدث انهيارات مصرفية خطيرة حتى الآن - وكان أداء الاستثمارات في بعض السندات الشديد الأمان جيدا - وبشكل خاص السنوات الحكومية. وعلى رغم هذه الضغوط استمر المستهلكون في الولايات المتحدة وبريطانيا في الانفاق، إذ زاد الاستهلاك بنسبة 3 إلى 4 في المئة. أما في القارة الأوروبية واليابان فقد زاد الاستهلاك بأقل من 1 في المئة. لماذا يظل البريطانيون والأميركيون أكثر ثقة؟ إن الأمر يبدو محيرا ولكن يبدو ان هذه الثقة لها علاقة بأسواق العقارات التي مازالت قوية. لقد أدت أسعار الفائدة المنخفضة إلى انخفاض قيمة القروض، لذلك بقيت الرهونات الكبيرة عند حد معقول يمكن تحمله. ويبقى السؤال المهم إلى أي مدى يستطيع المستهلكون الاستمرار في الانفاق على هذا المستوى المرتفع نفسه. إن الكثير سيعتمد على مستوى الوظائف: ففي المملكة المتحدة استمرت الشركات في توظيف العاملين وكانت النتيجة ازدياد عدد العاملين - حوالي 8,72 مليون - أكثر من أي وقت مضى في تاريخ بريطانيا. وظلت البطالة منخفضة في بريطانيا - الأقل في دول المجموعة السبعة المتطورة. واستطاعت بعض الشركات انتهاز فرصة الزيادة المستمرة في الاستهلاك وعملت على إحداث انتعاش معقول. لقد كان أداء المحلات في الشارع التجاري الرئيسي في لندن جيدا. لقد شهدت محلات ماركس اند سبنسرز انتعاشا جيدا وقالت بعض محلات السوبرماركت إن مبيعاتها كانت جيدة. أما الشركات التي تعرضت للخسارة فكانت تلك التي تعمل في مجال الصناعات المعرضة إلى مخاطر الخسارة مثل شركات الطيران والاتصالات. وقد أعلنت يونايتد، ثاني أكبر شركة طيران في الولايات المتحدة افلاسها بينما انهارت أسعار أسهم أكبر شركتي اتصالات في القارة الأوروبية وهما ديوتس تليكوم وفرانس تليكوم وحدث تغيير في إدارتيهما نتيجة ذلك. وقد كان العام 2002 صعبا حتى بالنسبة للشركات الأكثر نجاحا. ومن أهم أسباب ذلك انهيار السلطة التسعيرية. وهبطت كل من أسعار التجزئة والمصنع بالنسبة للسلع في معظم أنحاء العالم خلال العام .2002 وكان ارتفاع سعر الخدمات العامل الوحيد الذي عمل على إبقاء مؤشرات الأسعار المختلفة مرتفعة. وقد أدى ذلك إلى خوف جديد: إمكان انتشار الانكماش على نطاق واسع، إذ يكمن القلق في امكان انتشار الوباء الياباني إلى إجزاء من أوروبا وألمانيا بشكل واضح. وبالنظر إلى الأمام تبقى المخاوف جدية. فقد وصلت أسعار الفائدة في كل من الولايات المتحدة واليابان إلى مستويات متدنية للغاية، وقد قام المصرف المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة ولكنه مقيّد بالاحتياجات المختلفة للدول الأخرى في منطقة اليورو، فبعض الأقطار مثل ألمانيا بحاجة إلى بأن تكون أسعار الفائدة منخفضة، أما دول أخرى مثل ايرلندا واسبانيا - التي تعاني من ارتفاع في نسبة التضخم - فهي بحاجة إلى أسعار فائدة مرتفعة. ويوجد إحساس في بريطانيا بأن مصرف انجلترا اتبع مسلكا متوازنا. ولكن مازالت هناك توترات خطيرة بين احتياجات صناعة المواد المصنعة - التي تريد أسعار فائدة متدنية - وسوق العقارات التي يمكن ان تظّل أكثر أمنا على المدى البعيد مع وجود أسعار فائدة مرتفعة. أما خارج الدول المتطورة فكانت الأمور مختلفة من دولة إلى أخرى. إذ كانت الأوضاع في أميركا اللاتينية عموما والارجنتين خصوصا مخيبة للآمال. وقد مثّل انهيار الاقتصاد الأرجنتيني أخطر ركود العام .2002 أما أداء الاقتصاد في افريقيا فكان مزعجا بشكل خطير لأسباب اقتصادية واجتماعية. ولكن الأمور كانت أكثر اشراقا في أماكن أخرى. بيد ان هناك نوعا من الانتعاش الاقتصادي في غالبية اقطار جنوب شرق آسيا بينما واصلت الصين النمو بخطوات سريعة. وقد شهدت روسيا ومعظم دول شرق ووسط أوروبا نموا مطردا خلال فترة الانكماش الاقتصادي العالمي، إذ كانت روسيا واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم العام .2002 وإذا ما نظرنا إلى الأمام تبقى القضية الحيوية هي إذا ما سيستمر الانتعاش المتواضع غير المؤكد خلال العام .3002 وهناك تهديدات واضحة وعلى الأخص من الحرب في الشرق الأوسط بالإضافة إلى القلق العام بالنسبة للانكماش العالمي. ولايزال الاقتصاد العالمي في غرفة الانعاش من منظور عالمي، ولكن علينا ان نأمل ألا يُصاب بنكسة تجعله يعود إلى العناية المركزة ثانية. ومن منظور بريطاني فإننا نأمل ان يستمر في الأداء بشكل أفضل بقليل من معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى. ومازال الوقت طويلا قبل ان نأمل في تنفيذ خططنا بنجاح تام.

* خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً