العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ

توجهات لتعديل قانون الاستثمار في سورية

يتابع مكتب الاستثمار في رئاسة مجلس الوزراء في الجمهورية العربية السورية، وبالتعاون مع الجهات المعنية تعديل قانون الاستثمار رقم (01) ليتوافق مع متطلبات الاستثمار الحديثة ويتجاوز العراقيل التي مازالت تقف عائقا أمام تنفيذ عدد ليس بالقليل من المشروعات، الى جانب تكييف القانون بحيث تصبح الإجراءات والتراخيص المطلوبة من المستثمرين أكثر سهولة واختصارا للزمن.وعندما نتحدث عن التعديل لا بد من الإشارة إلى مشروع تم الترخيص له من قبل المجلس الأعلى للاستثمار، إلا انه مازال يناضل من أجل الخروج الى حيز التنفيذ، على رغم انه اعتبر عند الترخيص له انه من المشروعات الاستراتيجية، لكن هذا المشروع الاستراتيجي مازال على الورق منذ أكثر من عامين، والمشروع هو أكبر مصفاة لإنتاج السكر في العالم، تبلغ طاقته الإنتاجية مليون طن من السكر، ويغطي حاجة السوق السورية واللبنانية والأردنية وجزءا من السوق العراقية. والعائق الرئيسي أمام هذا المشروع هو حمايته ضد سياسات الإغراق التي تتبعها دول الاتحاد الأوروبي، لأن عدم حمايته يعني ان المشروع سيواجه صعوبات كبيرة، علما بأن أهم مشروعين حديثين في الدول العربية، في المملكة العربية السعودية والجزائر، فالسعودية تفرض رسم حماية (02%)، والجزائر (52%) للمصانع التي أنشئت حديثا، كما أن (51) دولة في العالم تفرض حماية لصناعة السكر باعتباره ردا على سياسة الاغراق التي تمارسها السوق الأوروبية، منها روسيا واليابان وكندا والصين، فهل من المعقول ان تنفرد سورية العربية في إجراء ليس له مماثل لا في الدول الأجنبية ولا في الدول العربية إذ ان الحماية تتراوح بين (02%) و(04%). إذن، ان عدم منح الحماية هو العائق الأساسي الذي يعوق التقدم بهذا المشروع، والذي يعود إلى مستثمرين سوريين، وذلك على رغم ان وزارة التموين والتجارة الداخلية وقبلها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية كانت قد أبدت موضوع الحماية. مع الإشارة الى ان اصحاب المشروع تعهدوا للمجلس الأعلى للاستثمار بأن الحماية سيكون أثرها على الكلفة الاستيرادية فقط لرفعها لعدم التأثير على نجاح المشروع، أما المشروع السوري فسيبيع السكر للمستهلك من دون أخذ هذه الحماية في الحساب، أي سيبيع على أساس التعرفة القديمة ما قبل الزيادة، وبالنتيجة سوف لن يتأثر المستهلك من هذه الحماية. أما من حيث تناقض الحماية مع اتفاق (الغات) والاتفاقات الأوروبية، فإن موضوع الحماية منصوص عليه بشكل واضح وصريح في آخر جولة من مفاوضات (الغات) في الأورغواي في 51 ابريل/نيسان ،4991 إذ ان اتفاق (الغات) يعطي حق الحماية لسببين، هما: أولا: حين تمارس سياسة الاغراق، فان حق الدولة التي تمارس عليها سياسة الإغراق ان تضع حماية عن طريق التعرفة الجمركية أو رسم الاغراق، وهذا ما هو متبع من قبل الدول الاجنبية والعربية. ثانيا: في حال قيام صناعة ناشئة في الدول المشتركة في الاتفاق من حقها ان تضع حماية لمدة سبع سنوات وتصل الى (21) سنة حماية لهذه الصناعة الناشئة. ولابد ان هذه النصوص متوافرة في الدولة لدى الجهات التي تقوم بمفاوضات (الغات) + اتفاق (برشلونة). أما بخصوص ان المشروع سيمارس سياسة الاحتكار، فهذا غير موجود وغير صحيح، لأن الدول العربية كافة تستطيع ان تدخل السوق السورية من دون رسوم، لذلك فان المنافسة حرة، كما ان الاستيراد سيبقى مسموحا به بعد أخذ الحماية بعين الاعتبار، ومؤسسات القطاع العام ستستمر في انتاجها بشكل طبيعي، ويؤكد أصحاب المشروع ان لا مانع لديهم من إلغاء الحماية الجمركية عن المشروع حين إيقاف سياسة الاغراق ودعم التصدير في الدول الأوروبية والمنتجة. ما يمكن قوله، لماذا يوقف هذا المشروع طالما ان المستهلك لن يتأثر، وإنما سيستفيد بتخفيض سعر السلعة، وهو ما أيدته وزارة التموين والتجارة الداخلية في سورية العربية، وسيوفر فرص عمل بحدود (0021) فرصة، الى جانب تحديث وسائل التفريغ والنقل، ويتيح تصدير (004) ألف طن للدول المجاورة، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد العربي السري بحدود (74) مليون دولار سنويا. ويبقي السؤال، ان مشروع استثمار بهدا الحجم كلفته (081) مليون دولار، ما عدا الاستثمارات الجانبية، وبطاقة مليون طن، وبهذه الميزات، لم يعالج موضوعه حتى الآن على رغم ان طلب الحماية مبرر من الجهات كافة،وهو ما اقتنعت به وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة المالية، وحتى مكتب الاستثمار، فهل يضيع مثل هذا المشروع ليقام في دولة مجاورة، وربما على حدود سورية العربية كما حصل مع مشروعات أخرى؟

العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً