العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ

رحلة بالباص بين مدينتي رام الله ونابلس

تمكنت ايمان يونس (32 عاما ـ وهي أم لثلاثة أطفال) بصعوبة بالغة من مغادرة مدينة رام الله بعد ان انتظرت اكثر من نصف ساعة على حاجز قلنديا وهي تحمل هويتها الفلسطينية الخضراء في طريقها الى مدينة نابلس.

وقالت إيمان، وهي صيدلانية تعيش في مدينة رام الله: «آخر مرة زرت فيها عائلتي في مدينة نابلس كانت قبل ستة اشهر، وقمت بالرحلة وحدي من دون أطفالي، لأننا كنا نتنقل عبر الجبال ونركب الحمير والدواب ونمر في قرى عديدة».

وسمحت «إسرائيل» في 17 ديسمبر/كانون الاول الماضي للباصات الفلسطينية باستئناف نقل الركاب بشكل محدود بين مدن شمال الضفة الغربية، باستثناء فترات حظر التجوال، وفق ما افادت ناطقة باسم الإدارة المدنية الاسرائيلية في المنطقة.

وقالت الناطقة إن شركات الباصات والسائقين «تلقوا تصريحات خاصة، وسيجمعون الركاب عند الحاجز الإسرائيلي على مدخل مدينة الانطلاق، وينقلونهم الى الحاجز عند مدخل مدينة الوصول».

وبعد أن خرجت إيمان من مدينة رام الله عبر حاجز قلنديا العسكري شمال مدينة القدس والذي يبعد عنها نحو عشرة كيلومترات، صعدت إلى الباص المتجه الى نابلس على بعد 55 كلم.

انتظرت إيمان 45 دقيقة داخل الباص حتى تجمّع 20 مسافرا معظمهم من النساء والاطفال، وبعدها انطلق الباص وسار عبر طريق التفافي سريع شق خصيصا للمستوطنين بين جبال الضفة الغربية، وقسم قرى عربية الى قسمين.

وأوضحت إيمان «لم يتمكن أحد من أفراد عائلتي من زيارتي في العيد، وهي فرصة لي ولأولادي كي نزور أهلي الآن، وخصوصا أن مسافة عاطفية نشأت بين الاطفال الأقارب خلال السنتين الماضيتين بسبب ظروف الإغلاق والحواجز وعدم القدرة على التنقل».

وأضافت إيمان: «لم أعد أبالي فيما لو فرض في نابلس منع التجوال، لأننا لو فكرنا بكل المعوقات المحيطة بنا، لما كنا خطونا خطوة واحدة في حياتنا».

وبالقرب من قرية ترمسعيا (17 كلم شمال رام الله) نصب الجيش الإسرائيلي حاجزا عسكريا، وتوقف الباص حتى يصل دوره، إلا أن الجنود تغاضوا عن تفتيشه وركزوا على الاتجاه المعاكس.

وبعد مسيرة نصف ساعة توقف الباص على حاجز زعترة حيث وقف رتل من السيارات الفلسطينية ورجال على جانبي الطريق. وطلب الجنود من الرجال النزول من الباص للتدقيق في هوياتهم وتفتيش أمتعة المسافرين.

وعند هذا الحاجز ـ الذي يعتبر مفترق طرق لمستوطنة آرييل ولمدينة تل ابيب ـ وُضعت لافتات دعاية انتخابية لأحزاب اليمين المتطرف.

وقالت لبنى التميمي، التي كانت تجلس في الباص: «لم أزر أهلي منذ عام فكلما عقدت عزمي على القدوم إلى نابلس يحدث شيء» مضيفة «في أبريل/نيسان تم الاجتياح، وفي حزيران/يونيو فرض منع التجوال على مدينة نابلس». وقال ساهر ياسين الذي كان في الباص نفسه ايضا وهو موظف في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية: «كنت احضر إلى عملي في مدينة رام الله خلسة، وكانت الرحلة من نابلس الى رام الله تستغرق ما بين ست وثماني ساعات، فأمكث في رام الله أسبوعا كاملا قبل أن أعود الى نابلس عبر الطريق نفسها المحفوفة بالمخاطر والتي نركب خلالها الحمير في تنقلاتنا».

وبعد حوالى 20 دقيقة من التفتيش تحرك الباص إلى أن وصل الى مدخل مدينة نابلس عند حاجز حوارة، وهناك تجمع المواطنون ووقفوا في طوابير لأكثر من ساعة حاملين أمتعتهم عند الحاجز الذي احيط بسياج طويل لمرور المشاة.

وبعد التدقيق في الهويات سار المواطنون الذين سمح لهم بالمرور نحو 500 متر للوصول الى أقرب سيارة تنقلهم الى داخل المدينة.

وفي مدينة نابلس كان التوتر شديدا. وقال أحد الأطفال مستقبلا الواصلين بالباص: «منذ قليل استشهد شاب برصاص الجيش، ولقد رأينا دماغه يتطاير».

وبعد حوالي عشرين دقيقة أعلن مصدر طبي وفاة جمال زبارو في المدينة.

وعند مغادرة مدينة نابلس للعودة الى مدينة رام الله عبر حاجز حوارة الذي كان مكتظا بالناس، أوقف الجنود اثنين من الفلسطينيين، أحدهما ملتحٍ ويرتدي جلبابا وعمامة، وكان الجنود يصوبون بنادقهم نحو زوجته ويقولون لها «روخي من هون». وأجبر الرجلان على الركوع وهما مقيدان بقيود بلاستيكية، بينما كان الجنود يدققون ببطء في هويات المارة.

وقال حمدي التميمي مسئول خط سير باصات نابلس ـ رام الله لوكالة فرانس برس: «إن السلطات الإسرائيلية سمحت لنا قبل اسبوعين بتسيير ستة باصات يوميا على الخط بين المدينتين. ومنعت الرجال من عمر 16 حتى 45 عاما من الصعود إلى هذه الباصات». وأضاف حمدي التميمي «كانت حركة الباصات قبل الانتفاضة بين نابلس ورام الله من أقوى خطوط الشركة، فكنا ننطلق بثمانين رحلة يوميا والحافلة بكامل ركابها (أي نحو 3500 مسافر يوميا). وكانت الرحلة تستغرق 45 دقيقة أما الآن فتستغرق ساعتين». وختم التميمي: «إن عدد الركاب يصل في اليوم الى 150 مسافرا بين نابلس ورام الله».

وكالة الأنباء الفرنسية

العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً