العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

القيادة العراقية دفنت رأسها في الرمال

كان يوم أمس يوما لمشابك الورق. بالعودة إلى العام 1945، عندما دخلت الدبابات السوفياتية الاولى بندلستراسي في برلين، كان موظفو الخدمة المدنية في ألمانيا في البناية المجاورة يعملون لإعداد حصة المشابك للجيش الالماني الثالث للعام 1946 ولم ينظر احد عبر النوافذ إلى ما يحدث في الخارج.

وفي بغداد امس، كانت مشابك الورق ملقاة فعلا بأعداد لا حصر لها في أدراج المكاتب بجانب الدبابيس واللواصق والمعلومات الكمبيوترية والكتب والفنون الحكومية التي تزين مكاتب اعضاء حزب البعث.

بجانب الطريق هناك منظر نوافذ بناية لوزارة التخطيط العراقية وملحقاتها مازالت تحترق بعد تدميرها بصواريخ كروز قبل ساعات قليلة سابقة لمؤتمر صحافي.

ولكن وزراء صدام يعرفون كيف يتعاملون مع يوم مشابك الاوراق هذا. يقولون: «العراق سيقاتل، والقوات الغازية أوغاد» و«لم يستسلم جندي عراقي واحد». حاول الاميركيون اغتيال اسرة صدام ولكنهم فشلوا، ستلقى القوات الاميركية - البريطانية المعتدية هزيمة نكراء وفي الواقع منح صدام نفسه مجموعة جوائز للأفراد الذين يبدون شجاعة في قواته.

دعونا نشاهد المنظر الآخر: ملحق بناية تابعة لوزارة الاعلام على شاطئ نهر دجلة وعلى قمتها صورة كبيرة لصدام حسين. الوقت: الواحدة بعد الظهر. وبينما شبكات التلفزة تعلن الاحتلال الوشيك لميناء ام قصر وتحطم مروحية اميركية وتعرض استسلام رجال للقوات البريطانية، ينفي وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف ووزير الداخلية العراقي محمود دياب احتلال الاميركيين لأم قصر وأنه ليس هناك جندي عراقي استسلم.

وقال الصحاف اننا دمرنا طائرتين منهم. نحن نعرف المعتدين جيدا منذ العام 1991. نعرف خدعهم وتكتيكاتهم. وكان الحديث الأكثر اهمية والمرعب ان الاميركيين حاولوا اغتيال صدام صباح الخميس الماضي. وعرض صورا لمدنيين عراقيين جرحى. نحن ضحايا لهؤلاء المجرمين في واشنطن ولندن.

كان وزير الداخلية يحمل سلاح كلاشنكوف وقد حزم ذخائره في خصره. وردد ان الغزاة حاولوا اغتيال أسرة القائد العظيم صدام حسين ولكن ربنا حماها وهي الآن سالمة وآمنة. هذا هو الشيطان. بوش طاغي أميركا. الشيطان في البيت الابيض. سنستمر في التصدي للمجرمين والعصابات. سيواجه بوش هذه الكارثة. ومضى الرجلان في وصف ما اعلنه العدو بأنه حديث سخيف. ميناء ام قصر عراقي وسيظل عراقيا. ومن حين إلى آخر يرفع وزير الداخلية بندقيته ويصوبها نحو الكاميرا قائلا: «نحن ليست لدينا مشكلة مع الشعب الاميركي او البريطاني» ولكنهم ذاقوا فقدان نحو 12 شخصا من ابنائهم الاميركيين و4 بريطانيين.

ثم جاءت البشارة بان الزعيم العراقي سيمنح جائزة تقدر بنحو 100 مليون دينار عراقي (30810 جنيهات استرلينية) لمن يسقط طائرة اميركية او بريطانية. ولمن يأسر جنديا اميركيا او بريطانيا جائزة تقدر بنحو 15405 دنانير عراقي اي 7703 جنيهات استرلينية. وهناك دعاية وتعبئة بالنصر العراقي. إذ دعا الائمة الامة الاسلامية والعربية إلى مقاومة ومهاجمة الاميركيين في كل مكان إذ تتعرض ارض المؤمنين والايمان إلى اعتداء لا مثيل له في التاريخ.

والحقيقة غير ذلك. إذ نتساءل ونحن بجانب الطريق إذ المبنى الضخم لوزارة التخطي: هل يوجد مكتب فيها لطارق عزيز؟

كلا فهي مازال ينبعث دخان كثيف من أعمدتها. طبعا ليست هناك دبابات على الارع حتى الآن.

ارى هناك شاحنة وقد اخذت جزءا من المعدات للبناية المحترقة بجانب نهر دجلة المستسلم ولكن مشابك الورق مازالت بداخل البناية.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً